حصة آل مالك: رسالتي لكل امرأة إماراتية تتلخص في عبارة «أنت كدها»
بعد أن أسرها البحر وأمضت سنوات من العمل فيه تحقق الإنجاز تلو الإنجاز، تسعى اليوم لتسهيل التحاق المرأة في القطاع البحري كاقتصاد داعم للدولة ومستدام مملوء بفرص العمل والاستثمار.
هي المهندسة حصة آل مالك، مستشار الوزير لشؤون النقل البحري في وزارة الطاقة والبنية التحتية، أول سفير إقليمي لدى «ماريتايم جلوبال كلوب» التابع لـ «إنفورما ماركتس» في منطقة الشرق، والمشرفة على جميع الأعمال والأنشطة التحضيرية للإدارة البحرية في دولة الإمارات فيما يتعلق بنظام التدقيق الإلزامي على الدول الأعضاء في المنطقة البحرية الدولية.
كان لنا معها هذا اللقاء المميز:
من بين جميع الخيارات المتاحة، ما سبب اختيارك دراسة الهندسة المعمارية؟
منذ طفولتي وأنا أعشق الرسم والتصميم، كنت دائمًا أهوى ترتيب ديكور المنزل وإعادة توزيع أثاث البيت، من جهة أخرى كان والداي دائماً ما يحفزانني على الاهتمام بالتحصيل العلمي لأعلى التخصصات والشهادات، فوجدت مرادي في تخصص الهندسة المعمارية التي أرضت شغفي بالفن والجمال، وأرضت والديّ في اختيار مجال علم مرموق، تخرجت في جامعة الإمارات من كلية الهندسة سنة 2000، عام انطلاق الطفرة العمرانية والتطوير العقاري، حيث نشأت معظم شركات التطوير العقاري والمشاريع الكبرى في الدولة.e
بمسيرة عمل تجاوزت العشرين عاماً، هل لك أن تضيئي لنا أهم محطاتها؟
ابتدأت مسيرتي المهنية بأول إنجاز حققته عندما انتقلت إلى إدارة التطوير الحضري في وزارة التخطيط، ليتم تكليفي بالإشراف على خطة الإمارات الشاملة للتطوير الحضري في المناطق النائية، حيث مثل هذا المشروع نقلة نوعية ومحطة مهمة في مسيرتي المهنية، برزت فيه قدراتي ومهاراتي النوعية وأتاح لي التعامل مع مشاريع تطوير البنية التحتية على كامل مستوى الدولة، وبفضل الله حققت نجاحًا استثنائيًا في إنجاز هذا المشروع. على إثر ذلك تم تكليفي بمسؤولية قطاع تطوير وتخطيط الطرق في الوزارة، ولكونه من القطاعات الأكبر والأعلى موازنةً شعرت بمسؤولية كبرى، لكني تمكنت من مواصلة مسيرتي في تحقيق النجاح، حيث ركزت بشكل كبير على تبني التقنيات الرقمية وكلي فخر بفوز المشروع الذي أشرفت عليه مع فريقي المتميز بربط جميع إمارات الدولة بالنظام الرقمي لإدارة الأصول الموحد للطرق وكل ما يتعلق ببنيتها التحتية، الذي حاز جائزة أفضل مشروع في العالم في هذا المجال. كما تمكنا من ربط جميع الجهات الحكومية المعنية بالعمل في مجال الطرق وتطويرها مع النظام الاتحادي لنظم المعلومات الجغرافية، الذي يشكل أكبر قاعدة بيانات مكانية معززة بالخرائط التفصيلية للبنية التحتية لشبكة الطرق.
خلال مشاركتها ضمن مؤتمر بريك بلك الشرق الأوسط
ما أهم مهام عملكم كمستشار ومدير تنفيذي لقطاع النقل البحري؟
سرعان ما تعلقت بالبحر ووقعت أسيرة لعشقه بعد أن كان المخطط أن أتولى منصب المدير التنفيذي لقطاع النقل البحري لفترة مؤقتة، مضت السنوات دون أن أشعر بها ونحن نحقق الإنجاز تلو الآخر، كان من أهمها النجاح في الترشح لعضوية المكتب التنفيذي للمنظمة البحرية الدولية، في الفئة ب، والعمل على إطلاق القانون البحري الاتحادي الجديد، الذي سيساهم في تمكين القطاع البحري للسنوات القادمة، إضافة إلى قائمة طويلة من المشاريع التي أطلقناها على صعيد تطوير البنية التحتية البحرية في الدولة، والتي تعد من بين الأفضل من نوعها في العالم، لتحتل الإمارات مكانها ضمن المراكز البحرية العشرة الأولى عالميًا.
اتبعت الإمارات استراتيجية ثلاثية المحاور للتغلب على «كوفيد-19» وآثاره وبفضل توجيهات القيادة الحكيمة كانت من بين أسرع دول العالم تعافيًا
في الوقت الذي كادت فيه الحركة التجارية العالمية أن تتوقف بشكل تام خلال أزمة «كوفيد 19»، حافظت دولة الإمارات على حركة التجارة العالمية في موانئها، كيف تمكنتم من تحقيق ذلك؟
اتبعت دولة الإمارات استراتيجية ثلاثية المحاور للتغلب على «كوفيد-19» وآثاره، تمثل المحور الأول في المحافظة على استدامة العمليات التشغيلية في موانئ الدولة، والتي تعتبر موانئ إقليمية تخدم دولاً متعددة يبلغ تعداد سكانها 3.5 مليار مستهلك، جميعهم يعتمدون على إمدادات المواد الغذائية والدوائية التي تتم مناولتها في موانئ الدولة الكبرى.
أما المحور الثاني فتمثل في التركيز على البحارة الذين هم عصب التجارة العالمية، فكانت الإمارات من أوائل دول العالم التي أعلنت عن اعتبارهم من العمال ذوي الأولوية، وعلى قدم المساواة مع الكوادر الطبية وغيرها من الوظائف التي تعتمد عليها حياة الناس خلال الجائحة، وكانت الإمارات أيضاً الدولة الأولى عالميًا التي تسمح بتبديل البحارة وتسهيل عودتهم إلى بلدانهم بعد أن قضى العديد منهم شهورًا طويلة في البحر وتقطعت بهم السبل بسبب الإغلاقات والحجر الصحي.
كما جاء أخيرًا محور تحفيز شركات الشحن والقطاع البحري والخدمات اللوجستية عبر باقات متعددة أطلقتها الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية وموانئ الدولة الكبرى، لمساعدة قطاع الأعمال على الاستمرارية وتجاوز الصدمة التي تسببت بها الأزمة، وبفضل توجيهات القيادة الحكيمة كانت الإمارات من بين أسرع دول العالم تعافيًا كما نرى اليوم، وها هي تبهر العالم بافتتاح فعاليات إكسبو 2020 دبي التاريخي.
ما الأثر الذي تركه اختياركم سفيراً إقليمياً لنادي «جلوبال ماريتايم كلوب»، وما الذي يمكن أن تقدموه للقطاع البحري بهذا التكليف؟
كان من دواعي سروري أن يتم تعييني سفيرة إقليمية لنادي «جلوبال ماريتايم كلوب»، الذي ساعد على مدى سنوات في تنمية القطاع البحري من خلال إجراء البحوث الضرورية في القطاع البحري، وتوفير فرص تواصل مبتكرة للأعضاء، ويشرفني أن أكون عضواً في هذا الكيان المتميز، وسأسعى لاستخدام خبراتي لمواصلة رسالة النادي في تعزيز نمو القطاع البحري الذي صمد أمام التحديات على الرغم من الجائحة.
كما أثبتت الإمارات بشكل خاص مرونتها في هذا الإطار، فجهوزيتنا للاستجابة السريعة والتكيف مع تحديات العالم الجديد ساهمت بشكل كبير في تقليل تأثير التداعيات الاقتصادية في هذا المجال، إضافة إلى هدفي الرئيسي في تسهيل التحاق المرأة بشكل أكبر في القطاع البحري الإقليمي ودعم الجيل القادم من المهنيين. فعلى الرغم من تضافر جهود المنظمة البحرية الدولية والأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية والحكومات في جميع أنحاء العالم إلا أن البحارة يواجهون صعوبات، تقع أيضاً على عاتقنا مسؤولية ضمان حياة كريمة لهم، فهم يمثلون شريان الحياة في الصناعة البحرية العالمية بدونهم ستتوقف هذه الصناعة عن العمل.
وما الإنجاز الذي تفخر به المهندسة حصة آل مالك؟
الإنجاز الأبرز الذي حققته في بداية «كورونا» كان مولودتي الثالثة التي رزقني الله بها مع بداية الجائحة وذروة الإغلاق والحجر الصحي، وهو تحدّ لا يدرك مداه إلا الأمهات، لاسيما ممن توجب عليهن متابعة التعليم عن بعد، وأداء واجباتهن المنزلية، في ذات الوقت الذي يعملن فيه عن بعد خلال الجائحة.
أما على صعيد العمل المهني، فقد كان الحفاظ على استمرارية العمليات البحرية في موانئ الدولة، في ذات الوقت الذي نواجه به انتشار الجائحة، تحديًا كبيرًا، حيث ارتبك المشهد العالمي لقطاع الشحن البحري بشكل كبير، وكادت الحركة التجارية العالمية وسلسلة الإمداد والتوريد أن تتعرض للشلل التام، لكننا في دولة الإمارات تمكنّا من ابتكار حلول إبداعية سمحت لنا بالتغلب على تلك الأزمة،. نفخر بأننا كنّا الدولة الأولى في العالم التي تسمح بتغيير الطواقم البحرية، ومساعدة الآلاف من البحارة الذين تقطعت بهم السبل على متن سفنهم في عرض البحر، كما كانت الإمارات ملاذًا للآلاف من السيّاح الذي علقوا في سفن الرحلات البحرية المحيطية، وسمحت لهم بالمغادرة إلى بلدانهم في عملية شاركت فيها جميع الجهات الحكومية المعنية بإمارة دبي.
نحن نعيش اليوم زمان تمكين المرأة الإماراتية، وهو التزام تفرضه قيادة الدولة، وتكرس له جميع قدراتها ومرافقها الحكومية والخاصة
تؤمنين وتدعين إلى أهمية تفعيل دور المرأة بشكل أكبر في القطاع البحري الإقليمي؟
رسالتي لكل امرأة إماراتية تتلخص في عبارة «أنت كدها»، فنحن نعيش اليوم زمان تمكين المرأة الإماراتية، وهو التزام تفرضه قيادة الدولة، وتكرس له جميع قدراتها ومرافقها الحكومية والخاصة، لذا، يجب ألا تفوت المرأة الإماراتية هذه الفرصة التاريخية، ويتوجب على الجميع الإقبال بكل حماس ومثابرة لتحقيق التميز والنجاح.