28 نوفمبر 2021

حكيمة غيث وخولة البلوشي: سباق الهجن مدرسة في تعلم الصبر

محررة في مجلة كل الأسرة

حكيمة غيث وخولة البلوشي: سباق الهجن مدرسة في تعلم الصبر

مسيرة خمسة عقود، انطلقت خلالها دولة الإمارات، من ماض عريق لتبني حاضراً ومستقبلاً زاهراً يلامس عنان السماء، والفتاة الإماراتية كانت وما زالت شريكاً ومساهماً في صناعة هذا النجاح، من خلال حرصها على حفظ التراث وعلى هويتها الإماراتية.

واليوم يلهم الحديث عن خولة البلوشي وحكيمة غيث محبات المغامرة والرياضات التراثية، كونهما أول فتاتين إماراتيتين تشاركان في منافسة رسمية لركوب الهجن، ضمن السباق التمهيدي الأول لماراثون اليوم الوطني، الذي نظمه مؤخراً مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث في دورة المرموم، بنادي دبي للهجن لتتصدران المشهد في افتتاحية الموسم، بمشاركتهما النسوية الأولى من نوعها على الإطلاق في السباقات الرسمية لامتطاء الهجن.

حاورنا خولة البلوشي وحكيمة غيث حول البصمة الأولى التي وضعتاها في عالم سباقات الهجن:

حكيمة غيث وخولة البلوشي: سباق الهجن مدرسة في تعلم الصبر

أشارك بشكل يومي بتدريبات لمسافة 8 كلم بإشراف مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث

تقول خولة البلوشي التي ارتدت القميص رقم «1» في السباق، وتعمل محللاً أول في قسم الاستراتيجية في دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي: «أحمل شهادة الماجستير في تخصص البيئة والتنمية الدولية، أحب الطبيعة، المسيرات الجبلية، الغوص وأعشق ركوب الهجن، وأشارك بشكل يومي بتدريبات لمسافة 8 كلم بإشراف مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، ولقد أخبرت زملائي في العمل أنني سأشارك في رحلة الهجن التي ينظمها المركز، فكانت تلك مفاجأة كبيرة لهم، وأنا فخورة للغاية بهذا الأمر وأتطلع للعودة في السباقين التمهيدي الثاني والرئيسي.»

حكيمة غيث وخولة البلوشي: سباق الهجن مدرسة في تعلم الصبر

مشاركتي في السباق جاءت لتؤكد أن المرأة الإماراتية قادرة على التفوق في جميع المجالات

أما حكيمة غيث، التي تخرجت في كليات التقنية العليا، وتعمل في مجال الطيران كموظفة أرضية، فإن هذا النوع من الرياضات التراثية يمنحها الكثير من الطاقة الإيجابية، «مشاركتي في السباق جاءت لتؤكد أن المرأة الإماراتية قادرة على التفوق في جميع المجالات، حتى في هذا النوع من الرياضات التراثية، فقد تدربنا جيداً بإشراف مدربين يمتلكون خبرة في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، تعلمنا الكثير من الأمور حول كيفية تركيب الشداد، والتعامل مع الناقة وأيضاً كيفية السباق بها مع مراعاة جوانب السلامة.»

حكيمة غيث وخولة البلوشي: سباق الهجن مدرسة في تعلم الصبر

بدأ الأمر بالنسبة لخولة ببساطة على حد قولها، «عندما سجلت في موقع مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث لأتعلم أكثر عن رياضة ركوب الهجن، لاحظت تلقائياً أنني أذهب لأتدرب بشكل يومي تقريباً، ورحت أشعر باشتياق كبير للإبل كلما غبت عنها.

أما حكيمة فتقول بهذا الخصوص: «بدأت رحلة التدريبات عندما فتح الباب للتسجيل في المركز، وقد تحمست وأختي لتعلم رياضة جديدة كعنصر نسائي إماراتي، خصوصاً أن ركوب الهجن مرتبط بتاريخنا وتراثنا، ولم أصدق تفاعلنا الكبير مع الجِمال منذ بداية انطلاقنا في التدريبات».

حكيمة غيث وخولة البلوشي: سباق الهجن مدرسة في تعلم الصبر

وحول التدريبات في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، تقول خولة: «تجربتي فريدة من نوعها، ولا أستطيع مقارنتها بأي تجربة أخرى، وأحمد الله، أنني أتدرب وأتسابق من خلال مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، فهو داعم كبير للمرأة في هذا المجال، خصوصاً أن مشاركتي في السباق هي الأولى من نوعها، وأشعر بالفخر لأنني أنا وحكيمة أول مواطنتين تشاركان في سباق الهجن الرسمي في الوطن العربي، الأمر الذي جعلني أشعر بفخر وثقة، وأبتسم من الفرح قبل السباق وأثناءه. وأتمنى أن تكون هناك مشاركات لمواطنات أكثر في المستقبل إن شاء الله».

تؤكد حكيمة احترافية مدربي المركز خلال فترة تدريبها، «مرحلة التعرف بالهجن كانت ممتعة للغاية، خصوصاً أن المدرب حمدان الرميثي حرص على تدريبنا بطريقة سلسة واحترافية، تعلمنا خلالها العديد من المهارات في التعامل مع الجمال، مثل طريقة المشي والركض وخوض السابقات القصيرة، وما يميز تلك السباقات أنها شائقة، خصوصاً أثناء تجهيز المتسابقين في الصف الأول، فقد غلبت علينا حالة من الحماس والتشويق والفخر، لأنني فتاة إماراتية تشارك للمرة الأولى في هذا السباق».

حكيمة غيث وخولة البلوشي: سباق الهجن مدرسة في تعلم الصبر

اجتمعت حكيمة وخولة على نوعية الصعوبات التي تواجههما أثناء التدريب: «في بداية تعلمنا ركوب الهجن، كان لدينا صعوبة في التوازن، وكيفية الجلوس، والعمل على جعل الإبل تنصاع إلينا، وهي صعوبات تواجه الجميع، ولقد صرنا قادرتين على التوازن والجلوس من دون أن نمسك الشداد أو الخطام، فمع الوقت والاستماع لنصائح المدربين، يمكن اجتياز هذه الصعوبات بسرعة، وهي تتلاشى بالتدريج من خلال التدريبات المستمرة». الواقع أن خولة قد تعلمت الكثير من المهارات مثل الجلوس على الإبل بتوازن، وهي تقول: «اكتسبت خبرة في كيفية الجلوس إذا الإبل كان واقفاً، وفي إعداد الشداد والتأكد من الخطام. وأهم شيء تعلمته هو بناء علاقة جميلة مع الإبل من خلال الحديث معها، وتقديم الطعام لها، والنظر إليها بحب، كما أصبح لدي ملابس محببة عند امتطاء الجمال، وقفازات لحماية اليدين، وعصا للتحكم بالإبل، و رباط للرأس لتفادي ما يمكن أن يصيب العينين».

حكيمة غيث وخولة البلوشي: سباق الهجن مدرسة في تعلم الصبر

أما حكيمة، فقد اكتسبت خبرات مختلفة، «خوضي لهذه المغامرة أكسبني مهارات كثيرة؛ فهي من الناحية السلوكية تجعل الذهن صافياً، وتعلم الصبر من الجمال، أما من الناحية الرياضية فتزيد من اللياقة البدنية، و من الناحية الثقافية، يكفي أنها تجعلنا نمارس جانباً من تراثنا وثقافتنا، وتعلمنا المزيد عن ماضينا العريق».

أتمنى لكل شباب الإمارات يوماً وطنياً سعيداً، وأقول للفتيات الإماراتيات إن المرأة الإماراتية سباقة في كل المجالات، سواء في الفضاء أم في التراث

توجه خولة رسالة لشباب الوطن، فتقول:«أتمنى لكل شباب الإمارات يوماً وطنياً سعيداً، وأقول للفتيات الإماراتيات إن المرأة الإماراتية سباقة في كل المجالات، سواء في الفضاء أم في التراث، وإذا أحببت أيتها الفتاة هواية معينة، فاجعلي من خوفك من ممارستها دافعاً لك لتعلم مهارات جديدة، فلقد غيرت الإبل حياتي للأفضل، وأصبحت أكثر سعادة وأتشوق لرؤيتها الإبل دائماً، خصوصاً أن العمل مرهق، ورؤية وركوب الإبل يخففان من هذه الأعباء. وأكثر من ذلك، أصبحت أكثر إيجابية، وصرت أنشر النشاط والحيوية بين كل الناس من حولي».

ومن جهتها تقول حكيمة: «نحن شباب الوطن يجب أن نتسلح بالعلم ونكتسب مهارات العصر، ولكن علينا في الوقت ذاته ألا ننسى ماضينا، بل يجب أن نعزز علاقتنا بثقافتنا وتراثنا، وأن نستلهم الخبرة والعبرة من خلال هذا التراث، وممارستنا للهوايات العريقة يمكننا من الاحتكاك بذوي الخبرة في المجالين الثقافي والتراثي، ويساعدنا على الانطلاق للمئوية القادمة تحت قيادة شيوخنا ودولة الإمارات».