10 يناير 2022

شاشات تروج للدجل والشعوذة بحجة «فك السحر وجلب الحبيب»

محررة متعاونة

شاشات تروج للدجل والشعوذة بحجة «فك السحر وجلب الحبيب»

جلب الحبيب خلال ساعات.. المحبة والقبول.. حل الخلافات الزوجية.. فك السحر السفلي.. التفريق بين الزوجين.. تعويذة سفلية تجعل الرجال يقعون في حبك..

أمور ليست جديدة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فهي من أقدم الممارسات التي عرفتها البشرية على مر العصور. لكن في عصر الـ«سوشيال ميديا» أصبحت تحاصرنا إعلانات «علماء الروح» بل إن صفحات سحر المحبة وجلب الحبيب يزداد روادها يوماً بعد يوم من فتيات وزوجات يطلبن المساعدة من «الخبير الروحاني» هذا أو ذاك لطلب المساعدة في استرجاع الحبيب وحل الخلافات.

فتحت «كل الأسرة» ملف الدجل والشعوذة وأعمال السحر عبر صفحات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وسألت عدداً من خبراء الصحة النفسية وعلاج الخلافات الزوجية: كيف يقع الشباب فريسة لمثل هذه الصفحات الروحية؟ لماذا النساء أكثر إقبالاً عليها؟ وما هي التأثيرات النفسية للوقوع في براثن المشعوذين والسحرة عبر الـ«سوشيال ميديا»؟

أغلب المشعوذين يضحكون على ضحاياهم بتدين زائف واستخدامهم للنصوص الدينية والآيات القرآنية

في البداية تؤكد الدكتورة غادة فكري، استشاري العلاقات الأسرية والزوجية بالقاهرة، أن الأجيال الجديدة تعاني القلق بدرجات متفاوتة مما يجعلهم دائماً يفكرون كثيراً في المستقبل بتوتر ويشكون في قدراتهم الشخصية على النجاح وتحقيق ما يريدون، حتى أن الدراسات الحديثة تؤكد أن الكثير من الشباب أصبحوا يعتمدون على المهدئات والأدوية المضادة للاكتئاب والمنومات في عمر صغير.

وتقول «مؤخراً أجريت دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية وكشفت أن أكثر من 64% من المصريين يؤمنون بالدجل وغالبيتهم من المتعلمين ونحو 50% من النساء المصريات يعتقدن بقدرة الدجالين على حل مشاكله وقالت الدراسة إن 66% من المصريين يعتقدون في الخرافات المتعلقة بجلب الحبيب وسحر المحبة وحل مشاكل الإنجاب، ومن أجل ذلك ينفقون مليارات الجنيهات سنوياً على الدجالين والمشعوذين.

كما قالت الدراسة إن أغلب هؤلاء المشعوذين يضحكون على ضحاياهم بتدين زائف واستخدامهم للنصوص الدينية والآيات القرآنية وبعضهم يتقاضى آلاف الجنيهات والبعض يكتفي بالعشرات كل حسب منطقته ونوعية العلاج الذي يستخدمه».

وترى خبيرة العلاقات الأسرية أن الكذب والتضليل على الضحايا باسم الرقية وفك السحر والأعمال السفلية للأسف لا يتم التركيز عليه من قبل الإعلام، بل إن بعض هؤلاء الدجالين أصبحت لهم إعلانات وبرامج مدفوعة في القنوات الفضائية مما يزيد من شهرتهم ويعمل على انتشارها على مدى أوسع ويعطيهم مصداقية مزيفة، بل تقوم أيضاً هذه القنوات باستضافة هؤلاء الدجالين يتحدثون عن قدراتهم الرهيبة في علاج السحر وهذا طبعاً كذب وتضليل وتجارة رابحة من بعض القنوات يدفع ثمنها المشاهدون البسطاء وضعاف النفوس الذين يلهثون وراء هذه الإعلانات بحجة استعادة الحبيب أو جلب الرزق ولا يجنون من وراء ذلك سوى الخسارة المادية والنفسية وتدمير بعض البيوت والأسر.

وتلفت استشارية العلاقات الإنسانية إلى أن الشخصية التي تنساق خلف السحرة تكون غالباً من ضعاف النفوس ومحدودي الثقافة ومعدومي الإيمان ومنقوصي الرضا بقضاء الله وقدره.

شاشات تروج للدجل والشعوذة بحجة «فك السحر وجلب الحبيب»

النساء أكثر هوساً بالسحر والأعمال السحرية لأنهن أكثر تعلقاً واعتقاداً بهذه الأفكار من الرجال

ويتفق معها الدكتور محمد الوصيفي، أستاذ الطب النفسي وعلاج الإدمان واضطرابات النوم بالقاهرة، في أن للأسف بعض النساء والرجال على حد سواء يقعون فريسة للدجالين والمشعوذين لأننا منذ قديم الأزل نعاني ظاهرة الإيمان بالخرافات والدجل وبالطبع الظاهرة تتطور معنا بتطور الزمن، فمن الوارد أن نجد لهؤلاء الدجالين صفحات على الـ«سوشيال ميديا» يروجون فيها لأفكارهم ويصطادون من خلالها ضعاف النفوس من المرضى الذين هم بالفعل ما أحوجهم للعلاج النفسي.

ويوضح «للأسف هؤلاء الدجالون يلعبون على أوتار حساسة لدى البشر مثل العنوسة وجلب الحبيب وجلب الميت وجلب الرزق وفك السحر وإخراج الجان والأعمال السفلية التي يعتقد فيها البعض».

ويؤكد الدكتور الوصيفي أن مرتادي السحر والشعوذة من الضحايا لا يقتصر على الدجالين والجهلاء فقط بل إن أغلب الدراسات تؤكد تقدم المتعلمين وأصحاب المستويات الثقافية الرفيعة ضمن الفئات الأكثر تردداً على هؤلاء الدجالين حتى أصبح المعدل كبيراً جداً.

ولكن استشاري الصحة النفسية يؤكد أن النساء أكثر هوساً بالسحر والأعمال السحرية لأنهن أكثر تعلقاً واعتقاداً بهذه الأفكار من الرجال ومن الطبيعي أن تنتقل صفوف النساء من جلسات إخراج الجن من المساجد والكنائس إلى عالم الـ«فيسبوك والسوشيال ميديا واليوتيوب» حيث بدأ هؤلاء المشعوذون يستدرجون شرائح جديدة ومختلفة وعلى نطاق أوسع وذلك من خلال جلسات مجانية كبداية لصيد زبائنهم ولا تتوقف جرائم الدجالين عند النصب والتحرش والاغتصاب للضحايا ولكن تصل أحياناً إلى التعذيب والقتل.

ويحذر استشاري الطب النفسي النساء من الجري وراء هذه الخرافات التي قد تنتهي بها إلى مشاكل اجتماعية وزوجية وخراب للبيوت وتشويه للسمعة، مؤكداً أن المرأة بطبعها كائن عاطفي وضعيف لذلك دائماً ما تنتظر شيئاً خارجياً يحقق لها ما تريد وتتمنى، لأن إحساسها بالضعف يدفعها لاستجلاب ما تعتقده قوة إضافية من خلال السحر والشعوذة.

شاشات تروج للدجل والشعوذة بحجة «فك السحر وجلب الحبيب»

فشل البعض في التداوي بالطب يجعله يسلك طريق الشعوذة بحثاً عن ضالته بالإضافة إلى ضعف النضج العلمي والتدين الضعيف

وكذلك يؤكد الدكتور محمد الششتاوي، استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان والاكتئاب والقلق لدى الشباب والمراهقين، أن هؤلاء المشعوذين يتلاعبون بأحلام الرجال والنساء على حد سواء بالخلاص من مشاكلهم وهذا بقدر ما يدخل الاطمئنان الوهمي إلى نفس الإنسان ويجعله ينتظر تغير أحواله فهو ينقلب وبالاً عليه في النهاية بعد أن تتحطم أحلامه.

ويرى استشاري الصحة النفسية أنه يجب على الأسر توعية الشباب بعدم الإيمان بهذه الخرافات حتى يصبح الجيل الجديد قوياً نفسياً ولديه ثقة في قدراته ونفسه حتى لا يقع فريسة لأفكار الدجالين والمشعوذين.

أما عن دور الإعلام، فيجب عليه التركيز على حالات النصب والتدليس والفخاخ التي وقع فيها الشباب والنساء وتسببت في مشاكل لهم حتى يكون الأمر عبرة وعظة للآخرين. ويوضح الدكتور الششتاوي أن فشل البعض في التداوي بالطب يجعله يسلك طريق الشعوذة بحثاً عن ضالته بالإضافة إلى ضعف النضج العلمي والتدين الضعيف، كل ذلك يدفع الإنسان إلى الدخول في هذا العالم لإنهاء جميع مشاكله، كما يظن.