13 أبريل 2022

نورة الطنيجي: أعمالي تناقش قضايا اجتماعية وتحمل مشاعر إنسانية

محررة في مجلة كل الأسرة

نورة الطنيجي: أعمالي تناقش قضايا اجتماعية وتحمل مشاعر إنسانية

استطاعت الجمع بين هوايتين تسخرهما لتوظيف الكلمة والشكل، فهي مبدعة في الكتابة والفن التشكيلي، ومنذ نعومة أظفارها كانت تكتب المسرحيات والقصص القصيرة للمشاركات المدرسية وتعزز كتاباتها بالرسم، فهي من مواليد إمارة رأس الخيمة والتي ساعدت طبيعتها الخلابة في بلورة أفكارها وإنتاجها لأعمال معبرة عن الواقع.

تعتبر والدتها ملهمتها الأولى والتي استمدت منها شغفها للقراءة وتعلم فن الإلقاء والخطابة.. هي الكاتبة والفنانة التشكيلية نورة عبدالله الطنيجي، والحاصلة على درجة الماجستير في القيادة التربوية، التقيناها لنتعرف إليها عن قرب، وكان الحوار التالي:

نورة الطنيجي: أعمالي تناقش قضايا اجتماعية وتحمل مشاعر إنسانية

رُشحت روايتك والتي حملت عنوان «سجية غسق» لجائزة الشيخ زايد للكتاب، ما الذي تضمنته من قيمة أهلتها لذلك؟

أعتز بهذا الإنجاز الذي حققته أول رواية لي، بترشحها لجائزة الشيخ زايد للكتاب، لأنها تتضمن قصة مجتمعية هادفة تحمل مشاعر إنسانية مثل معظم أعمالي، إذ تعرض حالة من أصحاب متلازمة داون متمثلة في شخصية «حمد» وهو الأخ الأصغر للشخصية الرئيسية «غسق»، وتم عرض حالة داون من الجانب النفسي وتحليل سلوكها من خلال البيئة المحيطة مع الإخوة والجيران والمجتمع، كما أعطى السرد القصصي للرواية قيمة للتأهل، إذ استخدمت أسلوب التشويق بصيغة «الأنا» متحدثة باسم الشخصية الرئيسية وكيفية محاكاتها لذاتها لطرح المتعة للقارئ أو المتلقي.

ما أهم الأعمال القريبة إلى قلبك، وما الذي تعكسه كتاباتك بشكل عام؟

أحب الأعمال الأدبية بمختلف أشكالها وأنواعها وخاصة النثرية، وأميل لكتابة الروايات لأنها تُمكن الكاتب من صناعة الإبداع، من خلال استخدام أكثر من حبكة في سرد القصة ورسم المشاهد والأحداث، وفي قراءاتي للأعمال الأدبية الأخرى والتي ليست لي، فأنا أعشق الأدب بمختلف ثقافاته، ففي مجال الرعب مثلاً أميل لقراءة الأدب الروسي، وفي الأدب الهندي أتعمق في معرفة الموروث الشعبي والطقوس المتوارثة لدى هذا البلد، وأقرأ في الأدب الصيني عن فضاءات الموت والروحانيات القديمة.

أما كتاباتي فهي تناقش قضايا مجتمعية وتتميز بمحاكاة النفس البشرية، فمثلاً في «ذواتا أفنان» كانت الصفحات تتضمن تكريم المرأة ودورها في المجتمع، وفي «بريق الأفق»، نجد أن الكلمات تبوح بما يجول في الخواطر من إدراك ومشاعر، أمّا «سجية غسق» فالصفحات تتضمن مدى اختلاف أفكارنا وقناعاتنا كبشر ونتعايش بها جميعاً لتمضي الحياة، وأخيراً في «حضارة لوكاس» فإن الرواية تفضفض عن فضاء الموت بصورة «فانتازية» أشبه بخيال الواقع.

نورة الطنيجي: أعمالي تناقش قضايا اجتماعية وتحمل مشاعر إنسانية

هل تتضمن مكتبتك الخاصة مجالات محددة، أم تتنوع الكتب التي تفضلين قراءتها؟

مكتبتي متنوعة وتحتوي على مختلف الإصدارات العربية والإنجليزية والمترجمة، وتتضمن كتباً في الأدب، والتنمية البشرية، وتنمية الذات وأشعار مختلفة، وكتباً علمية، ومعاجم وموسوعات، ولا أستخدم أسلوب التصنيف، لأنني بطبعي عشوائية الطباع والمزاج فلا أحب ترتيب الكتب وتصنيفها، بل أضع ما قرأته في أرفف معينة، وما لم أقرأه بعد في أرفف أخرى.

بجانب عشقك للكتابة لديك شغف بالفن التشكيلي، كيف تستطيعين الجمع بين هوايتين مختلفتين؟

كنت آمل أن أتخذ نهج الفن التشكيلي كتخصص علمي أدرسه أكاديمياً، ولكن لم تسمح لي الظروف بدراسته واقتصر الفن التشكيلي كهواية أمارسها في أغلب الأوقات، واستطعت أن أنمي مهارة الفن من خلال التعلم الذاتي، فلا أستطيع ممارسة حياتي دون علبة ألوان وفرشاة، وعادة ما تخرج الإبداعات الكتابية لدي من خلال الرسومات وهو ما جعل من السهل الجمع بين الهوايتين، فعندما أكتب عن شخصية مكروهة أو شريرة ينتابني الحماس لرسم شيء سوداوي وأخرج بلوحة فانتازية أو العكس مثلاً، فأحياناً أرسم شيئاً كوردة أو مظلة ويأتيني وحي الإلهام الكتابي فأستنبط من الرسمة واللون مشهداً في رواية، لذا أجمع بين الاثنين أحياناً لتوظيف الكلمة والشكل.

«مفكرو الإمارات» مشروع مهم وتوجهاته تدعم الكوادر البشرية ممن يهتمون بالمجالات الأكاديمية، والأبحاث العلمية، والفن والاقتصاد

لإمارة رأس الخيمة طبيعة خلابة وساحرة، حدثينا عن تأثير تلك البيئة في بلورة مواهبك، وما الذي أضافته لك.

لكوني متوغلة في عالم التأمل ومصادقة الطبيعة، فإنني أجد في طبيعة رأس الخيمة ما يسحر الأنظار من جبل وساحل وبحر وهواء شجي، وبلا شك الطبيعة الساحرة تساعدني على الإبداع في الكتابة وفي تشكيل لوحة، وما زلت أذكر أنني اخترت رأس الخيمة كمكان يتم ذكره في «سجية غسق»، لما تتمتع به من أحياء صغيرة تتلاصق بها البيوت وتفصلها الشوارع الضيقة، وبهذا تميزت الرواية بوصف جمال رأس الخيمة عبر صفحاتها.

تفرض طبيعة عملك بجامعة الإمارات الاحتكاك المباشر بالطلاب، ما الذي يعانيه أبناء هذا الجيل ويجعل لديهم تشويش في تحديد أهدافهم وتطلعاتهم؟

يختلف أبناء هذا الجيل عنا وعن جيل من سبقونا، وبالنسبة لي أجدهم الجيل الأذكى والأكثر تمكناً في استيعاب الأمور المنهجية والتعليمية بصورة فائقة، فهم ولدوا في زمن التكنولوجيا واحتكاكهم بالعالم الرقمي والاصطناعي يسهل عليهم النجاة من مطبات تأخير الوقت أو تعقيدات الحياة، ولكن ما يشوشهم هو اتصالهم بالأجهزة أكثر من اتصالهم بعقول البشر، ونقطة أخرى أيضاً أتمنى أن تُعالج تربوياً تتمثل في ضرورة أن يعرف الطالب ما يريد أن يدرسه قبل التحاقه بالجامعة، فإن أغلب المشكلات التي يواجهها الآن هو التحاقه بالجامعة دون درايته عن نفسه أو ماذا يرغب أو ما هي ميوله، وأتعجب من بعض الطلبة الذين ما زالوا مترددين في اختيارهم للتخصص العلمي وهذا إن دل فقد يدل على أن الطالب لا يستطيع التعرف إلى ذاته، أو أن الأسرة وهي النواة الأساسية للتربية قد ابتعدت بفكرها عما يشغل أبناءها.

نورة الطنيجي: أعمالي تناقش قضايا اجتماعية وتحمل مشاعر إنسانية

وصفت «مفكرو الإمارات» الذي انطلق مؤخراً بأنه منصة القوة الناعمة، برأيك ما الذي يضيفه هذا المشروع للدولة؟

«مفكرو الإمارات» مشروع مهم وتوجهاته تدعم الكوادر البشرية ممن يهتمون بالمجالات الأكاديمية، والأبحاث العلمية، والفن والاقتصاد، وهذا ما يُعرف بسلاح القوة الناعمة للوطن، ويضيف فكراً تنموياً للأبناء الواعدين الذين يطمحون لصناعة الإبداع العلمي والأدبي في إماراتنا الحبيبة.

حدثينا عن أسرتك، وما تلعبه من دور في حياتك؟

أنا الابنة الكبرى لوالدي، ولله الحمد أنتمي إلى أسرة متعلمة ومثقفة، تدعمني كثيراً في كل إنجاز أحققه خاصة في إبداء الأفكار والتوصيات سواء في كتاباتي أو في مشاركاتي الأدبية والتربوية، فأسرتي تهتم بتفاصيلي الصغيرة حتى في اختياري لمظهري في جلسة نقاشية أو إطلالة تلفزيونية، فأنا أفخر بهذه الأسرة وأخص فيها والدتي التي تصادق فكري دائماً وهي الجندي المجهول وراء كل نجاحاتي، فعلى يديها تعلمت فن الإلقاء والخطابة وهي النعمة التي وهبني الله إياها كأم وأخت وصديقة ورفيقة درب، وأيضاً جدتي أطال الله في عمرها لها الحب الكبير فأنا في عينها أفضل نساء العالم.