16 يونيو 2022

د. باسمة يونس تكتب: عندما يضرب الرجال النساء

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية. أصدرت (10) مجموعة قصصية، (4) روايات،(12) نص مسرحي وعدة أعمال درامية وإذاعية .حاصلة على أكثر من( 22 ) جائزة في مجالات الرواية والقصة والمسرحية.

د. باسمة يونس تكتب: عندما يضرب الرجال النساء

يقوض العنف العاطفي إحساس المرأة بقيمة الذات ويقلل النقد المستمر من شأنها وتضر الشتائم أو الإساءة اللفظية الأخرى بعلاقتها مع نفسها أولاً ومن ثم مع أطفالها.

فالإساءة العاطفية تحدث أضراراً نفسية بالغة على صحتها الجسدية والعقلية وتربكها وتشعرها بالخزي والإحساس بالذنب والإفراط في البكاء والامتثال بعجز كامل والشعور بأنها لا تستطيع العيش إن لم يكن يسندها رجل.

وبحسب أساتذة علم النفس بجامعة واشنطن في دراسة بعنوان «عندما يضرب الرجال النساء» التي أجريت لثماني سنوات على 260 من الأزواج فإن الإساءة العاطفية أشد قسوة على المرأة من التعنيف الجسدي وهي التي قد تدفعها إلى قرار ترك الزوج وليس الضرب.

ويمكن أن تكون المرأة ناجحة جداً لكنها تعجز عن التصرف وتتحمل العلاقات المسيئة لفترة طويلة جدًا بسبب الخوف من نظرة المجتمع لها إن كانت وحيدة والشعور الواهم بالأمن ولأن صورة المرأة المتزوجة في عالمنا بغض النظر عن مدى تعرضها للضرب أفضل من صورة المرأة العزباء.

ويصعب على المرأة الاعتراف بتعرضها لإساءة عاطفية وبأن نجاحها لم يمنحها القوة كما يعتقد الآخرون، كما تخلط أحياناً بين العنف والحب خاصة إذا كان لديها تاريخ طفولي من العنف فمعظم النساء الضعيفات أسيئت معاملتهن في الصغر ويتصدر العنف الأبوي أسباب ضعف المرأة بسبب تربيتها بأنها مسؤولة عن ضرب الرجال لها.

مصطلح «مشكلات الأبوة

ويصف مصطلح «مشكلات الأبوة» ما تفعله المرأة بعلاقاتها مع الآخرين. وهذا المصطلح ليس طبياً رسمياً أو اضطراباً معترفاً به في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، ولكن متفق فيه على أن الأطفال بحاجة إلى أب ثابت في حياتهم وعدم وجوده قد يؤدي إلى نمط ارتباط غير آمن في مرحلة البلوغ.

وهناك إجماع على أن الأمر يعود إلى عهد فرويد وعقدة الوالد ، فالمصطلح وصف لمعاناة شخص لديه دوافع وارتباطات غير واعية نتيجة لسوء علاقته مع والده. وعلى العكس من ذلك تميل علاقات من يعيش حياة صحية ومستقرة مع والده إلى أن تكون طويلة الأمد ومبنية على الثقة الحقيقية والألفة.

إن العديد من النساء اللواتي واجهن نوعاً من العنف في حياتهن يفضلن الصمت عن علاقة مسيئة في حال عوملن من قبل الرجل بلطف وعلى استعداد لأن يصبحن ضحايا سوء المعاملة مقابل اهتمام منه وعدم خسارته التي يعتبرنها أسوأ من الموت.

ويدل عجز المرأة عن منع الإساءة على أن آلية دفاعها ضعيفة بسبب الأحداث السيئة التي عاشتها في طفولتها ، كما يعتبر عدم تمردها على واقعها أو اعترافها بما يحدث لها بسبب رؤيتها صورة والدها في الزوج المسيء ، ومن المرجح أن تختار شريكاً مثله سيخيب ظنها بمعاملته بنفس الطريقة التي عاملها بها والدها.

ويعتبر الخوف من فقدان الشعور بالأمان أعلى بكثير من ألم الإساءة وهو ما يجعل المرأة تعيش حالة معاناة المدمن الذي يخشى فقدان مصدر إدمانه أكثر بكثير من خوفه احتمال وفاته بسبب التعاطي.

والسبب الأكثر أهمية وراء ضعفها الخوف الفطري من الهجران وهو ما يؤلم المرأة بشدة.

ورغم قوة المرأة المتعلمة اليوم بما يكفي لتعاملها مع الخوف لا تزال خشية الوحدة تسيطر على عقلها الباطن وتحرمها من أعلى درجات الشعور بالأمان.

اقرأ أيضًا: هل ينصف القانون الإماراتي المرأة المعنفة؟

 

مقالات ذات صلة