هناك شخصيات قادرة على الظهور بأكثر من وجه، وكل وجه منها يبدو لك مقنعاً وباعثاً على الثقة والتصديق. وتتجلى هذه الموهبة بأفضل ما تتجلى لدى من كان ممثلاً يحترف تقمص الأدوار.
فهل تكون الصورة الحديثة التي بثتها ميجان ماركل حقيقية في تعبيرها عن الحزن والتيه؟
أم أن زوجة الأمير البريطاني الشاب هاري تؤدي دوراً من أدوارها؟
هي صورة وحيدة. مجرد صورة مفردة بالأسود والأبيض نشرتها دوقة ساسيكس، مؤخراً، للترويج لـ «البودكاست»، أي سلسلة برنامجها الإذاعي الجديد الذي يبث على منصة «سبوتيفاي» الإلكترونية.
يحمل البرنامج اسم «آرشيتايبس»Archetypes
فلماذا تثير تلك الصورة كل ما أعقب نشرها من تساؤلات في وسائل الإعلام العالمية؟
من الواضح أن ميجان ماركل تميل للون الأسود، لاسيما في الثياب. كما أنها تحب الأبيض الذي يظهر سمار بشرتها الدافئ. وهي أرادت أن توجه من هذا البرنامج الأسبوعي عدة رسائل لمتابعيها، وكانت صورتها هي أولى تلك الرسائل بما تحمله من غموض. وقد اعتدنا سماع خبراء الاتصالات يقولون إن الصورة تعادل ألف كلمة.
ومن الموضوعات الحساسة التي تطرقت لها ميجان في برنامجها تلك المحادثات التي تبادلتها مع نساء شهيرات بعيداً عن الرقابة.
وكان الهدف من الحوارات محاربة النظرات المسبقة التي يعانين منها وتحرمهن من تطوير أدوارهن في المجتمع.
في هذه الصورة الجديدة تتخلى والدة الأميرين الطفلين آرشي وليليبيت عن البهرجة المعتادة التي تظهر فيها نساء الوسط الراقي وأفراد العائلات المالكة.
ففي صورها السابقة خضعت ميجان لكل مواصفات الممثلة الهوليوودية وما يرافقها من ماكياج كامل وتسريحات مدروسة، وهي المواصفات البروتوكولية ذاتها التي تظهر بها نساء العائلة المالكة البريطانية.
إن كل التفاصيل تؤخذ بنظر الاعتبار وكل خصلة شعر في موقعها، وليس هناك أي لمحة متروكة للصدفة. لذلك يرجّح خبراء الإعلام أن صورة ميجان الأخيرة ليست وليدة البساطة والتلقائية بل هي نتاج مستشارين قديرين في المهنة، وحتى الوجه المغسول من الأصباغ فهو ليس نظيفاً بالكامل كما قد يوحي به، بل هناك زينة خفيفة وتسريحة معتنى بها.
الصورة التي اختارتها ميجان ماركل غلافاً لبرنامجها
اختارت زوجة الأمير هاري هذه الصورة غلافاً لبرنامجها الجديد. ونظراً لأنها صورة معبرة فقد عكف عليها المحررون لتحليلها واكتشاف الهدف منها.
وفيها نرى ميجان تنظر لعدسة المصور مباشرة نظرة هادئة مع ملامح مستريحة. أما خصلات شعرها الملتوية التي اشتهرت بها فقد تركتها هذه المرة ونصفها مسدل بالتدريج على جانب وجهها والنصف الآخر وراء ظهرها.
ولمزيد من العفوية تركت بضع خصلات فالتة، عن عمد، هنا وهناك. إن زينتها الخفيفة تكشف النوعية الحريرية لبشرتها والانتفاخ البسيط تحت عينيها مع الشامات اللطيفة التي تطرز جلدها.
ويمكن القول باختصار إنها صورة على النمط الأميركي، بدون الكثير من البهرجة، لكنها تعكس هشاشة امرأة «مظلومة» تقف عاجزة عن صد الهجمات التي تتلقاها من جهات كثيرة.
بدأت ببرنامج صوتي في خطوة أولى تمهيداً لاستعادة مهنتها كممثلة
نشرت ميجان على «إنستجرام» تسجيلاً مصوراً للترويج لبرنامجها، وفيه أكدت رغبتها في الظهور على حقيقتها إلى أقصى حد ممكن، وذلك من خلال مشاريع جديدة. وجاء في تعليقها المصاحب للفيلم «سيرى الناس ميجان الحقيقية وعلى الأغلب تلك التي لم يعرفوها من قبل. وأنا متحمسة لكي أكون كما أنا وأتكلم على سجيتي بدون مراقبة كلماتي. إنه أمر مثير». لقد وعدت مشاهديها بأن تكون شفافة وأمينة في صورتها التي يعكسها عنها البرنامج. وهي قد خصصت الحلقة الأولى منه لصديقتها القديمة لاعبة كرة المضرب الأميركية سيرينا وليامز.
مع سيرينا وليامز
وكان موضوع الحديث عن مشكلات النساء في الجمع بين طموحهن وبين الأمومة. إن سيرينا تستعد للإعتزال بعد 25 عاماً من المباريات و23 كأساً من كؤوس الفوز في الدورات الكبرى. وفي البرنامج قالت إنها تريد حالياً التفرغ لدورها كأم، وكذلك للتأمل الروحي.
أما الحلقة التالية فقد خصصتها للمغنية ماريا كاري. والهدف إعطاء الكلمة للنساء الشهيرات ليكشفن تجاربهن في بلوغ النجاح رغم العراقيل الموضوعة مسبقاً في طريقهن.
من تلك العراقيل مجموعة من الصفات التي تطارد المرأة الناجحة، من نوع اتهامها بأنها «معتوهة» و«حمقاء» و«مهسترة» وتبالغ في تقدير حجمها، وهي صفات ترددها وسائل الإعلام ولابد من تحليلها لفهم دوافعها والعقد التي تتحكم بأصحابها من أعداء المرأة. والفهم، حسب ميجان، هو أول طرق المواجهة والعلاج. وهي تستعين بخبراء ومؤرخين لأخذ آرائهم في هذه الموضوعات.
استلهمت اسم ابنها «آرشي» في عنوان برنامجها المذاع على «النت».
تكشف ميجان في البرنامج أنها لم تشعر بأن صفة «أمرأة طموح» تحمل جانباً سلبياً إلا بعد تعرفها على الأمير هاري وظهورها معه في الأماكن العامة. لقد اكتشفت أن هناك من يعتبر طموح المرأة أمراً غير محمود، بعكس طموح الرجل.
مع ابنها «آرشي» وزوجها الأمير هاري
وهي قد اختارت للتعبير عن أفكارها برنامجاً صوتياً، أي إذاعياً، بدل الظهور بالصوت والصورة. وهناك 12 حلقة من هذا النوع. ويبدو أنها مرحلة أولى تجس فيها النبض قبل استعادة مهنتها كممثلة.
وهي قد اختارت اسم برنامجها من اسم طفلها البكر «آرشي» ومن مؤسستها الخيرية «آرشيويل». إنها تقيم مع زوجها في كاليفورنيا بالولايات المتحدة بعد أن اتخذا قرار مغادرة بريطانيا وأخذ مسافة من العائلة المالكة هناك.
وفي أميركا تحتفظ ميجان بعلاقات عديدة تسمح لها بالحصول على شركاء في مشروعاتها الإعلامية. لكن قرار الانفصال عن أسرة وندسور لن يتركها تعيش حياتها كما تشاء بل سيطارها دائماً وينسج حولها الشائعات التي تتهمها بالإنتهازية وبأنها سيطرت على عقل زوجها وسلخته عن أهله ووطنه ومهتنه العسكرية ومركزه الأميري.
الأمير هاري
من جانبه يستعد هاري، النجل الأصغر لولي العهد الأمير تشارلز، لنشر مذكراته التي يدور حولها فضول شديد. وهو كتاب من المقدر له أن يصدر قبل نهاية العام الجاري، وسيعود عليه بملايين الدولارات.
فالثنائي المارق لن يستطيع العيش على عائدات أميرية، وقد اعتادت ميجان على البذخ وسكنى القصور وارتداء أفخم الأزياء. ولهذا فإن كل واحد من الزوجين بات مهموماً بتدبير نفقات المعيشة الفخمة التي اعتادا عليها.
لقد بدأت ميجان الخطوة الأولى ببرنامجها الإذاعي وهي تنتظر نتائجه وعائداته. ولعل الخطوة التالية تكون أدواراً في أفلام وثائقية أو برامج للدفاع عن البيئة أو محاربة العنصرية أو دعم المساواة بين الجنسين. كل ذلك والعين الكبيرة في قصر «بيكنجهام» ترصد وتراقب. وقد يحل يوم يعود فيه الأمير الضال إلى حظيرة العائلة.