علياء النقبي: حصولي على لقب «امرأة الطاقة» وسام فخر لي ولجميع الإماراتيات
الشغف كان محركها الأول لاختيار تخصصها في مجال الهندسة الصناعية والإدارة الهندسية. تخرج من اللقاء معها بخلاصة واحدة ووحيدة: امرأة تدرك مكامن قوتها وتوظفها من أجل الارتقاء بنفسها وبوطنها.
المهندسة علياء عبد الرحمن النقبي، نموذج متفرد عملت على تنفيذ عدة مشاريع رائدة في مجال الطاقة المتجددة. شاركت النقبي، وهي مدير مساعد تنفيذ المشاريع في مدينة «مصدر»، في مشروع محطة الشارقة لتحويل النفايات إلى طاقة، كما في إنجاز محطة ظفار لطاقة الرياح، وهي «المحطة التجارية الأولى على مستوى الخليج العربي».
حوارنا معها يرصد عملها الميداني وتماسها مع شغفها ومع مشاريع رائدة أنجزتها ولم تزل تحلم بالمزيد:
تكريم علياء النقبي لإنجازاتها المتفردة
ماذا تستعيد علياء النقبي من ملامح طفولتها وما الهوايات التي رافقتها؟
من الذكريات التي رافقتني وكونت شخصيتي هي قصص والدي عبدالرحمن النقبي حفظه الله حين كان يترأس بعض وفود الدولة في العديد من المؤتمرات والمناسبات الثقافية المهمة، أذكر منها وفد الدولة لمنظمة اليونسكو، وشارك فيه ضمن لجنة الثقافة والتراث، حيث ترأس الوفد أثناء النقاش مع اليونسكو وتوجت إثرها إمارة الشارقة عاصمة للثقافة العربية عام 1998. كما كانت والدتي تحفّزني منذ الصغر على التميز العلمي، في ظل إبداعها في مجال تخصصها في مادتي الجغرافيا والاقتصاد، إذ كانت تحث طالباتها على التفوق العلمي والتربوي من خلال أداء رسالتها التربوية بكل أمانة وإخلاص. عائلتي هي قدوتي منذ الطفولة وهم من غرسوا داخلي الإخلاص في العمل لمصلحة الوطن وتمثيله بأفضل صورة والاجتهاد والسعي لإنجاز المهام الصعبة بكل إصرار وعزيمة لتحقيق طموحات دولة الإمارات العربية المتحدة ولنكون دوماً في المركز الأول.
تخصصت في مجال الهندسة الصناعية والإدارة الهندسية، هل كان بدافع الشغف؟
منذ اختياري للتخصص، كان دافعي أن أعمل في مجال الطاقة وما يرتبط بها، أي كل ما يساهم في هذا القطاع الحيوي والمهم. بالنسبة لي، كان شغفاً أن أكون ضمن أهم المحركات الاقتصادية في العالم، وفي الوقت نفسه كنت أطمح لأن أفهم ميكانيكياً تكوين الطاقة ومواصفاتها واستعمالاتها وبدائلها.
تدرجت في مناصب عدة ومنها مدير تنفيذ مشروع محطة الشارقة لتحويل النفايات إلى طاقة، هل من آليات غير تقليدية تحاولين التماهي معها في سياق أداء مهامك؟
طبيعة عملي باختصار ترتكز على إدارة تنفيذ المشروع بكل ما يتطلبه بدءاً بمتابعة أعمال المقاولين إلى التواصل مع الجهات الحكومية لاستيفاء المتطلبات التشريعية. عملي يتطلب الكثير من المرونة كون المشاريع التي أخوض غمارها استراتيجية والأولى من نوعها في المنطقة، ولهذا، واجهنا الكثير من التحديات والعقبات الهندسية والإدارية والعملية لبناء هذه المنشآت ومراجعة مخططاتها بالشكل الصحيح والتدقيق في تفاصيل المعدات المصنعة من أجل المحطة آنذاك. وفي الكثير من الأحيان، تكون هنالك عقبات في مواضيع بعيدة عن تخصصي، فيتطلب مني الأمر قراءة مقالات عديدة لفهم طبيعة الأمر الذي أواجهه للمشاركة في حله مع طاقم المختصين.
شاركت في إنجاز محطة ظفار لطاقة الرياح، المحطة التجارية الأولى على مستوى الخليج العربي، وكانت تجربة فريدة من نوعها أضافت لي الكثير
قمت بمشاريع عدة من ضمنها محطة ظفار لطاقة الرياح. ما مدى تماس هذا المشروع مع شغفك في القيام بمشاريع غير تقليدية؟
شاركت في إنجاز محطة ظفار لطاقة الرياح التي تبلغ قدرتها الإنتاجية 50 ميجاواط، وهي من المشاريع المهمة كونها المحطة التجارية الأولى على مستوى الخليج العربي، وتجربة فريدة من نوعها أضافت لي الكثير، حيث إن فكرة إنتاج الكهرباء من عوامل طبيعية موجودة بشكل مستدام نالت إعجابي منذ الصغر. واليوم تتواجد العديد من الحلول والتكنولوجيا المتطورة التي جعلت طبيعة منطقة الخليج العربي جاذبة لمثل هذه المشاريع منها الحلول المبتكرة في صد الأتربة والغبار من محركات التوربينات وغيرها. وتوفر هذه المحطة كهرباء نظيفة لـقرابة 16 ألف منزل وتسهم في الحد من انبعاث ما مقداره 110 آلاف طن سنوياً من غاز ثاني أكسيد الكربون.
مشروع محطة تحويل النفايات إلى طاقة مشروع رائد شاركت فيه، ماذا عن هذه البصمة وكيف تواكبين آثارها؟
تعتبر محطة الشارقة لتحويل النفايات إلى طاقة من المشاريع القريبة إلى قلبي، وهي من المشروعات المهمة التي طورتها «شركة الإمارات لتحويل النفايات إلى طاقة»، التي تأسست وفق شراكة بين «مصدر» ومجموعة «بيئة». ستساهم المحطة في معالجة ما يصل إلى 300 ألف طن سنوياً من النفايات الصلبة بدلاً من تحويلها إلى مكبات النفايات. وأفخر بأنني قمت بإدارة وتنفيذ هذا المشروع مع طاقم عمل متميز من المهندسين بكل التحديات التي واجهناها خصوصاً في فترة جائحة «كوفيد-19».
يعانقني الطموح دوماً لتنفيذ مشاريع يكون لها الأثر الطيب والفاعل على الدولة والمنطقة والعالم أجمع، وأساهم، من خلال دوري، في المساعي الدولية لتوليد الطاقة بالطرق المستدامة والحد من أثر الاحتباس الحراري، حيث إن محطة الشارقة لتحويل النفايات إلى طاقة تولد 30 ميجاواط من الكهرباء تكفي لتزويد 28 ألف منزل في الإمارة بالطاقة النظيفة، بالإضافة إلى مساهمتها في تفادي انبعاث ما يصل إلى 450 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، والحفاظ على البيئة آمنة للأجيال القادمة.
علياء النقبي خلال حصولها على جائزة «امرأة الطاقة» لعام 2022
نلت جائزة «امرأة الطاقة» لهذا العام على مستوى الشرق الأوسط ضمن جوائز الشرق الأوسط للطاقة استناداً إلى إنجازاتك، كيف حفز هذا الفوز حضورك في مجال الطاقة؟
أعتبر حصولي على لقب «امرأة الطاقة» على مستوى الشرق الأوسط وسام فخر لي ولجميع النساء الإماراتيات، كون هذا العام نالت اللقب ابنة الإمارات ضمن منافسة كبيرة بين كل الجنسيات التي تعمل في مجال الطاقة في الشرق الأوسط، وهو نتاج التنوع الذي حرصت عليه في المشاريع التي عملت بها منذ بداية مساري الوظيفي، مثل تطوير وإنشاء بارجة ذاتية الرفع، ومنصات بترولية بحرية، وتطوير مشاريع رائدة في الطاقة المتجددة. وعليه، أعطتني هذه الجائزة حافزاً كبيراً لترسيخ حضوري في مجال الطاقة والسعي لنقل هذه التجربة لجميع النساء ومساعدتهن لخوض هذا المجال والعمل في مشاريع الطاقة.
كيف تصورين لنا يومك في الميدان؟
أحب كثيراً التواجد في الميدان حيث يعتبر ساحة العمل الدؤوبة لإنشاء معجزة في أرض خالية وبعيدة عن تطور المدن. في الميدان أحلام بنيت على طموحات تنموية ضخمة، وواجبي هو تحويلها لواقع يضيف للمنطقة والعالم أجمع قيمة اقتصادية وبيئية.
يتوزع عملي في الميدان بين الزيارات الميدانية وحضور الاجتماعات في مكاتب الإنشاء داخل الموقع، حيث آخذ جولتي الميدانية مشياً على الأقدام في الصباح سواء وحدي أو مع طاقم من مختلف التخصصات مثل مهندس السلامة أو مهندس الجودة أو مهندس الكهرباء وغيرهم، نقوم بعمل جولات تفقدية ونرصد التقدم في عمليات الإنشاء وأي ملاحظات في جودة التنفيذ. ومن ثم حضور اجتماعات متنوعة لكل تخصص لمناقشة وحل المشكلات الخاصة بتخصص الاجتماع. ومن ضمن مهامي مراجعة المخططات والمستندات الخاصة بأجهزة وعمليات المنشأة، وزيارة المصانع الخاصة بمعدات المشروع، والتواصل مع الجهات الحكومية والمستشارين، وتجهيز تقارير دورية لإدارة الشركة والجهات الممولة للمشاريع، وغيرها من المهام المطلوبة لإنجاز المشروع الذي أعمل عليه.
أطمح بأن أمثل النساء في مجال الطاقة على مستوى العالم وأنشر ثقافة دور المرأة في هذا المجال الحيوي
وهل تجدين أن الحضور النسوي الإماراتي مؤثر في قطاع الطاقة المتجددة؟
بالطبع. للمرأة الإماراتية دورٌ محوري في مجال الطاقة، حيث تشارك في كل جانب من جوانب هذا المجال سواء كنّ مهندسات أو محاميات أو محاسبات وغيرها من تخصصات تحتاجها مشاريع الطاقة، وذلك لأن القيادة الرشيدة وفرت كافة الإمكانات اللازمة والفرص لتعليم المرأة وتأهيلها وتعزيز قدراتها، ودمجها بسوق العمل، وتوفير المناخ الملائم لتطورها.
اثنا عشر عاماً من العمل في مجال الطاقة، ما الطموحات التي تعانقك مستقبلياً؟
لم أضيع أبداً فرصة للتعلم والتطور بغض النظر عن مدى تعقيد وتحدي المشاريع التي طلبت المشاركة فيها، وسنحت لي المشاركة باكتساب الخبرات اللازمة ولعب دور فعال في التطورات الرئيسية والمحورية والمساهمة في تنفيذ استراتيجية الإمارات للطاقة.
أطمح بأن أمثل النساء في مجال الطاقة على مستوى العالم وأنشر ثقافة دور المرأة في هذا المجال الحيوي بحيث تكون هي المفكر والمستشارة والمساهمة الأولى في القرارات المهمة.
*تصوير: السيد رمضان