1 أبريل 2023

اكتشفوا قصة جياكومو جروبي مؤسس مقهى جروبي الشهير بالقاهرة

صحافية ومترجمة مصرية

صحافية ومترجمة مصرية

اكتشفوا قصة جياكومو جروبي مؤسس مقهى جروبي الشهير بالقاهرة

في نهار أيام العطلات في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، كان مقهى جروبي الشهير في شارع طلعت حرب بوسط القاهرة يمتلئ عن آخره برواده من الطبقة الراقية التي اعتادت تناول إفطارها في حديقته على أنغام الموسيقى الأوروبية الهادئة. وكان جروبي هو أول من قدم «الكريم شانتييه» في مصر، وكانت معجناته الشهيرة تفوق تلك التي كانت تقدم في باريس جودة، والشوكولاتة والمربى وال «مارون غلاسيه» التي يستخدمها جروبي كلها يتم إنتاجها في مصنع جروبي ذاته.

فمن هو «جياكومو جروبي» المالك الأصلي لأشهر مطعم في مصر في الحقبة الملكية، ومتى جاء إلى مصر وما هي قصته؟

اكتشفوا قصة جياكومو جروبي مؤسس مقهى جروبي الشهير بالقاهرة

من هو جياكومو جروبي؟

جاء الحلواني السويسري جياكومو جروبي إلى مصر في أواخر القرن التاسع عشر كحال العديد من أبناء الدول الأوروبية الذين كانوا يسافرون للعمل والاستقرار بمصر في تلك الفترة، وهو من مواليد 1863 بقرية كانتون في مدينة تيتشينو على الحدود السويسرية الإيطالية. افتتح جروبي متجره الأول بالإسكندرية عام 1890، ونتيجة لتميزه واستخدامه لأفضل الخامات سرعان ما ذاع صيت المحل وأصبح جروبي من رواد الأعمال المعروفين في مجال الأغذية.

اكتشفوا قصة جياكومو جروبي مؤسس مقهى جروبي الشهير بالقاهرة

افتتاح «بيت جروبي» في القاهرة عام 1909

نتيجة للنجاح الكبير الذي حققه متجره الأول، قام جروبي بافتتاح مقهاه الثاني الذي أسماه «بيت جروبي» في شارع المناخ بالعاصمة القاهرة عام 1909، والذي أصبح خلال فترة قصيرة المكان المفضل لالتقاء أبناء الطبقة القاهرية الراقية. ثم في عام 1925، افتتح جروبي بمساعدة ابنه أكيللي مطعم ومقهى «جروبي» المعروف في ميدان «سليمان باشا» والذي بات يعرف اليوم بميدان «طلعت حرب»، والذي لا يزال قائما وموجودا حتى هذا اليوم، وإن كانت ديكوراته الداخلية قد طالها التهالك والقدم مع مرور السنين.

اكتشفوا قصة جياكومو جروبي مؤسس مقهى جروبي الشهير بالقاهرة

أسرار وصفات مقهى جروبي الشهيرة

كانت وصفات منتجات جروبي تعتبر سراً لم يكن يطلع عليه سوى الطهاة الرئيسيين بالمطعم والذين كان كل واحد منهم مسؤولاً عن مرحلة واحدة فقط من مراحل التصنيع. وكانت الوصفات كلها مكتوبة باللغة الفرنسية حتى لا يتمكن باقي العمال من فهمها. ويروى أنه عندما عين جروبي مديراً سويسرياً لا يتحدث سوى الألمانية لمطعمه، طلب منه جروبي أن يتعلم الفرنسية حتى يتمكن من قراءة الوصفات ومتابعة تنفيذها بدقة مع الطهاة. ومن أشهر منتجات جروبي كان الأيس كريم الإيطالي الشهير بالصودا، والذي كان جروبي هو أول من قدمه في مصر.

إعجاب الملك فاروق بشوكولاتة جروبي

كان مطعم جروبي من أشد المطاعم تميزاً في تقديم أنواع فاخرة من الحلويات المصنوعة من أجود أنواع الشوكولاتة في العالم. وكان معروفاً حب الملك فاروق الشديد لشوكولاتة جروبي حتى أن المآدب الملكية كانت لا تخلو من حلوياته وأطباقه المتميزة. ومن الحكايات الشهيرة أنه أثناء الحرب العالمية الثانية، قام الملك فاروق بإرسال مئة كيلوغرام من شوكولاتة جروبي الفاخرة كهدية للملك جورج السادس والد الملكة إليزابيث الثانية ملكة إنجلترا.

اكتشفوا قصة جياكومو جروبي مؤسس مقهى جروبي الشهير بالقاهرة

مقهى «جروبي» ملتقى السياسيين والروائيين ونجوم المجتمع

أصبح جروبي – سواء فرع طلعت حرب أو عدلي باشا – ملتقى السياسيين من أمثال فؤاد باشا سراج الدين زعيم حزب الوفد الذي كان دائم الوجود في فرع عدلي باشا، ورجال الصحافة مثل كامل الشناوي ومصطفى أمين، والأديب المصري العالمي نجيب محفوظ، والذي كان يراه رواد المطعم جالساً في ركن هادئ يطالع الصحف. كما كان جروبي هو المكان الذي التقى فيه يوسف شاهين بعمر الشريف وعرض عليه العمل معه في السينما.

اكتشفوا قصة جياكومو جروبي مؤسس مقهى جروبي الشهير بالقاهرة

مقهى «جروبي» وثورة يوليو 1952

ظل مقهى جروبي شاهداً على فترة مهمة ومزدهرة من تاريخ المجتمع المصري، وجزءاً أساسياً من احتفالاته بالأعياد والمواسم والمناسبات الاجتماعية المهمة حتى قيام ثورة 1952. وكان جروبي من الأعمال التجارية القليلة التي لم يتم تأميمها بعد الثورة، حيث كان كبار ضباط الجيش على علاقة جيدة بصاحبه، وكان جروبي مسؤولاً عن تنظيم جميع حفلاتهم الخاصة.

اكتشفوا قصة جياكومو جروبي مؤسس مقهى جروبي الشهير بالقاهرة

بيع سلسلة «جروبي» عام 1981

في عام 1981، تم بيع محال جروبي لرجل الأعمال عبد العزيز لقمة، وتم إغلاق البار في جروبي بعد توقفه عن بيع المشروبات الكحولية. واليوم، وبعد قرابة مئة عام على افتتاح جروبي عام 1925، لا تزال أيام المجد والتألق التي شهدها عالقة في أذهان عدد قليل من سكان القاهرة الذين تجازوا الثمانين عاماً، والذين لا يزالون يذكرون أيام طفولتهم حينما كان مدخل جروبي الشهير ذي الأرضية المصنوعة من الفسيفساء الإيطالية هو بوابتهم لقضاء بعض الأوقات السعيدة.

 

مقالات ذات صلة