نايلة الخاجة تحقق حلمها بفيلمها الروائي الطويل الأول: "ثلاثة" يجسد الرعب الراقي العابر للقارات
حملت الاحتفالية بإطلاق الفيلم الروائي الطويل «ثلاثة» للمخرجة الإماراتية نايلة الخاجة، بصمات استثنائية أولاها أنه أول فيلم روائي طويل للمخرجة التي طالما تطرقت إلى قضايا وقصص إنسانية اجتماعية، ناهيك عن مضمون الفيلم الذي يخوض عوالم الرعب النفسي، كما مشاركة عدد من الممثلين الأجانب والإماراتيين في عمل تم تصويره بين تايلاند والإمارات، ببصمة إماراتية عبر مشاركة المنتج الإماراتي سلطان سعيد الدرمكي المعروف بإنتاجه وتمويل العديد من المشاريع الفنية على الصعيد العالمي. علاوة على مشاركة مميزة لسيدة الأعمال منى عيسى القرق كمنتجة تنفيذية «إيماناً بموهبة الخاجة وبأهمية الرواية القصصية في التغيير».
نايلة الخاجة تعلن عن «ثلاثة» في فوكس سينما في مول الإمارات
تم عرض مقتطفات في احتفالية في سينما فوكس في مول الإمارات، حيث تدور أحداث الفيلم «THREE»، الذي شارك في كتابته بن وليامز، في ضواحي مدينة عربية في الزمن المعاصر، إذ تشاهد والدة الطفل الصغير أحمد، مريم، تصرفاته الغربية، مما يدفعها للاعتقاد بأن هناك قوى غير بشرية تتملكه. ومع تصاعد الأحداث، تتسابق مريم مع الزمن للحصول على مساعدة الدكتور البريطاني وأطباء آخرين كما الاستعانة ب«المطاوعة» وبالتالي مطارد شهير لينقذوا ابنها.
تطلق الخاجة على الفيلم مفهوم الرعب الراقي. وفي حديث خاص مع «كل الأسرة»، تؤكد أن الفيلم يندرج في سياق الرعب النفسي الراقي لكونه «لا يستخدم المؤثرات المرئية التي اعتدنا عليها كخروج وحش من تحت الكرسي أو مشاهد تهدف إلى إخافة المشاهد. هذا الرعب يعمل على«الوتر الحساس» بحيث يرتكز على الإحساس والعواطف وهو الرعب الواقعي أكثر من كونه فيلماً قائماً على وحش حقيقي موجود، بل يستند إلى «الوحش النفسي» أكثر من أي شيء آخر».
لطالما خاضت الخاجة في قضايا إنسانية واجتماعية وبعضها مستوحى من قصص حقيقية، وقامت بإخراج فيلم قصير «الظل» ويعرض على نتفليكس إلى جانب فيلم «حيوان» الذي يعرض أيضا على المنصة نفسها، ما يعتبر تتويجا لنجاحاتها على مدى سنوات من العمل والمثابرة لإنتاج أفلام تحاكي الواقع.
في حديثها لـ «كل الأسرة» تلفت إلى أن فيلم «ثلاثة» هو استكمال لفيلم الظل كمضمون يجسد حكاية واقعية حدثت في الإمارات «هو فيلم واقعي اجتماعي عن طفل فقد والده ويدخل عوالم نفسية من التوتر والاكتئاب حيث العائلة تفسر الأمر على أنه «مس بالجن»، في حين تدور أفكار متناقضة وخلافات داخل الأسرة ومع المستشفى ومع «المطاوعة» حول تفسير حالة الطفل».
وتضيف «يتناول الفيلم تضحية الأم تجاه ابنها رغم كل التحديات القائمة ويحمل رسالة واضحة وهو عدم الخجل من الأمراض النفسية واعتبارها «وصمة عار»، فهذه الأمراض موجودة وتشوبها تراكمات عدة خاصة لدى الأطفال، وليس معيبا أن نقصد الطبيب النفسي. نحن نقصد الطبيب عندما نشعر بوهن في جسدنا وننكر ذلك في حال «عقلنا تعب». فليس شرطاً في حال قصدت طبيباً نفسياً أن تكون مجنوناً وقد تحتاج إلى طبيب أو شخص تفضفض معه أحاسيسك الخاصة جدا بحيث لا تقدر أن تشرح ذلك لشخص قريب من حياتك، وقد يكون هذا الشخص القريب هو مصدر عذابك».
من أجواء التصوير
ولكن هل يمكن أن نطلق عليك صائدة الجوائز السينمائية وبالأخص أن هذا الفيلم سيخوض غمار مهرجانات عالمية؟
(تضحك) «أرغب في خوض السباق بالفيلم في أكثر من 10 مهرجانات ولكن أرغب أن أكسر فيه القاعدة وخوضه غمار مهرجان عالمي لم يدخل فيه فيلم إماراتي قط».
ثمة رهان على المنافسة وعلى حصد جوائز رغم افتقاد الدعم لصناعة السينما «إذا لم نحتضن السينما ستندثر كما سبق وذكرت في كلمتي خلال عرض مقتطفات من الفيلم».
وحول وجودها كأول مخرجة إماراتية على الساحة وهل أعطاها هذا الترتيب الفرادة أو أضعف حب المنافسة، تقول «من الصعب علي أني أنافس نفسي ومخرجين خارج الدولة. ثمة مخرجات جميلات في الدولة وأسماء معروفة ولكن لا نمتلك المساحة لتنفيذ أفلام روائية وجل أعمالنا تتسم بالبعد الإعلاني والتجاري، وقد نفذت أفلاماً وطنية من أجمل الأفلام التي قمت بإنجازها، كما نفتقد إلى المنتجين والكتاب ونفتقد أن تكون السينما أولوية».
بعض طاقم عمل الفيلم، فاتن أحمد، ونورة العابد، والممثل الإماراتي القدير مرعي الحليان، ومهند بن هذيل والممثل الإماراتي الصاعد سعود الزرعوني.
فاتن أحمد
من ناحيتها، تصف الممثلة فاتن أحمد تجربتها في الفيلم بالمشوقة «تحمست للتجربة كثيراً. الدور كان صعباً وتطلب قوة في الأداء وخاصة أن شخصية مريم (والدة بطل الفيلم) شخصية قوية، فهي الأم المعيلة لأسرتها بعد وفاة زوجها وسيدة أعمال تخوض تجارب كثيرة منذ لحظة ما يواجه ابنها حالة نفسية غريبة تفسر حينا بالمرض النفسي وحينا آخر بـ «مس الجن» «حيث تطرق كل أبواب العلاج له وتتنقل بين الطب والدين».
فاتن أحمد تؤدي دورها في الفيلم
أشاد القيمون على العمل بأداء فاتن لدورها الذي تلفت إلى أنه «دور جد معقد كون مريم مرت بمراحل قوة ومن ثم صدمة وضعف وانهيار وكان علي تجسيد كل هذه المراحل».
الفيلم أطل بها على عوالم الجن «أنا لا أخاف من هذه الأمور ولا أعتبرها خرافات وأؤمن أنها موجودة وربنا يحمينا بطريقة أو بأخرى ولكن خلال الفيلم، عندما كنا نؤدي مشهد العلاج للطفل وعند قراءة بعض المعوذات، كنا نشعر بالخوف في ظل أجواء الظلمة والرعب والمؤثرات الصوتية».
ثمة رسالة هدف إليها الفيلم تتوقف عندها الممثلة أحمد «قد يكون الفيلم ركز على دور الأم التي تناضل من أجل إيجاد علاج لابنها، فهو يحيط بمشاعر الأم وخوفها على ابنها حيث تبحث عن حل طول الوقت وتشعر بالضياع والتشتت وتواجهها مواقف صعبة».
سعود الزرعوني.. موهبة إماراتية واعدة
شارك في بطولة الفيلم النجم البريطاني جيفرسون هول والمعروف بأدواره في أفلام مثل «بيت التنين» و«هالاوين»، وفيلم كريستوفر نولان القادم «أوبنهايمر»، إضافة إلى الموهبة الواعدة على الصعيد الإماراتي سعود الزرعوني الذي أسر لـ «كل الأسرة» عن أجواء تصوير الفيلم، مشيداً بروح الفريق وبالأجواء المميزة من الصداقة والتعاون التي تخللت أيام التصوير بين تايلاند والإمارات.
يقول سعود الزرعوني (١٥ عاماً) والذي أدى دور بطل الفيلم «استأنست بالعمل مع المخرجة نايلة الخاجة حيث اتسم العمل بروح الفريق. كان الدور صعبا وأديت دور طفل صغير مسته ثلاثة أنواع من الجن ويخوض، خلال الفيلم، رحلة إخراج الجن من جسده».
الزرعوني خلال تأديته للدور
حاول الزرعوني التماهي مع الشخصية «قبل بداية التصوير، قرأت عن الجن وأنواعه وأديت الدور بقوة رغم أجواء التصوير الصعبة وكان حب التمثيل هو الدافع إضافة إلى الأجواء المساندة من قبل المخرجة نايلة الخاجة وتعاملها الراقي معي».
نسأله «هل شعرت بالخوف عند تصوير مشاهد إخراج الجن؟
يحسم «لم أشعر بأي خوف. كنت أتعوذ من الشيطان وإيماني قوي بالله سبحانه وتعالى»، آملاً أن يكون الفيلم بداية قوية له وأن يرتقي «ثري» إلى مصاف العالمية في المهرجانات السينمائية.
وفي السياق نفسه، كان سيف الزرعوني شقيق بطل الفيلم الداعم الأول له إلى جانب تواجد والدته معه طوال مدة التصوير.. يصف شقيق سيف التجربة بالقوية لسعيد، مؤكداً «دعمت شقيقي بكل قوتي، حيث كنت أدربه على الشخصية ونأمل أن ينال الفيلم استقطاباً جماهيرياً واسعاً عند عرضه».
الفنانة نورة العابد
أما الفنانة نورة العابد، فقد عبرت عن امتنانها للتعاون مع المخرجة نايلة الخاجة وتحدثت عن تحديات واجهتها في الفيلم حيث «السفر خارج الدولة إلى تايلاند» والبقاء لفترة طويلة وخوض تجربة بعيدة عن الأهل إلى صعوبات في موقع التصوير «رغم كل هذه التحديات، صحنا وضحكنا و«تهزأنا» ولكن كنا على قلب واحد»، كما تشدد العابد على كونها «من النوع الذي لا أحبذ المدح، والانتقاد هو الذي يعلمني على تصحيح أدائي وهو الذي يقودني إلى تطوير مهاراتي».
من أجواء التصوير
استمر تصوير الفيلم «ثلاثة» على مدى 24 يوماً بين تايلاند والإمارات العربية المتحدة، بمشاركة المنتج الإماراتي سلطان سعيد الدرمكي والمنتجين دانيال زيريلي وجون شارلز ليفي ونايلة الخاجة إلى جانب عدد من المنتجين التنفيذيين منى عيسى القرق وجيفرسون هول وسيدارث ثاكر وراسيك ثاكر.
المنتج الإماراتي سلطان الدرمكي
يخوض سلطان سعيد الدرمكي مجال الإنتاج محلياً لأول مرة حيث شارك على الصعيد العالمي في أكثر من مشروع ومن مجال.
في حديثه لـ «كل الأسرة»، يدرج الإنتاج في سياق المغامرة «في مجال السينما كل شيء مغامرة، ولكن ثقتي بنايلة هي الدافع. الأمر أشبه بإرساء دعائم بناء حيث تزودك نايلة بالدليل على الأسس الصحيحة والتوجهات الصائبة للعمل».
ويعلق «سبق وخضت ميدان الإنتاج عالمياً في مجال «الأنيميشن» والرعب وغيرها، وفي فيلم «ثري» لنايلة الخاجة، أنا لا أستثمر في فيلم، بل أستثمر في نايلة»، لافتاً إلى شغفه منذ الطفولة بأفلام الرعب حيث «كان فيلم كينغ كونغ أول فيلم أشاهده ليترسخ لدي التوجه نحو خوض مجال الأفلام حيث هذا المجال يتطلب أفرادا متمرسين وملمين بكل الأبعاد التي تحيط هذه الصناعة».
وكان المنتج الإماراتي سلطان الدرمكي أكد، في سياق كلمته، أن «نايلة (المخرجة نايلة الخاجة) تتمتع بمهارة عالية لتمنح رواية القصص بشكل مميز بعيداً عن المعتاد. وهذا يتماشى أيضاً مع رؤية وتطلعات شركة الإنتاج «Dark Dunes Productions» لتقديم عمل جيد ومحبوب على الصعيد العالمي».
منى عيسى القرق
وبدورها، أعربت منى عيسى القرق، المنتج التنفيذي للفيلم، عن إيمانها بالتغيير من خلال رواية القصص «بصفتي منتجة لأول مرة في عالم السينما الإماراتية، مهمتي هي العمل على كسر الحواجز وتحدي الصورة النمطية لمختلف الأصوات في المجتمع. فلدي إيمان قوي بمدي أهمية الرواية القصصية في التغيير والإلهام لصناعة أفلام أكثر شمولاً. لقد برزت موهبة نايلة الخاجة منذ البداية عند مواجهتها التحديات في صناعة مثل هذه الأعمال، لاسيما في فيلم «الظل»، ومعاً بإمكاننا البدء في بناء منصة للسينما المحلية وتمهيد الطريق نحو مستقبل تسمع فيه الأصوات المختلفة والاحتفاء بها».
تجدر الإشارة إلى أنه يتم حالياً العمل على مرحلة ما بعد الإنتاج لفيلم نايلة الخاجة «ثلاثة» والانتهاء منه على أن ينطلق إلى قاعات السينما المحلية والعالمية خلال الأشهر القادمة إلى جانب مشاركته في عدة مهرجانات عالمية.
* تصوير: محمد شعلان