27 أغسطس 2023

حصة التميمي: كيمياء النانو قادرة على إحداث ثورة في علم الأدلة الجنائي

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

حصة التميمي: كيمياء النانو قادرة على إحداث ثورة في علم الأدلة الجنائي

تعد أول متخصصة في كيمياء النانو بشرطة دبي، ذلك الفرع من العلوم الذي يتيح إحداث ثورة في علم الأدلة الجنائية من خلال توفير أدوات وطرق جديدة للكشف عن العينات وتحليلها.. هي حصة التميمي، خبير مساعد سموم جنائية في الأدلة الجنائية وعلم الجريمة بشرطة دبي.

التقيناها لنتعرف إلى أسرار عملها وما تحدثه التقنيات الحديثة في كشف غموض مسارح الجريمة وخدمة المجتمع:

حصة التميمي: كيمياء النانو قادرة على إحداث ثورة في علم الأدلة الجنائي

حصلت على البكالوريوس في تخصص الكيمياء، وتخرجت بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، ما الذي جذبك لدراسة هذا المجال؟

منذ الصغر كان لدي شغف بدراسة العلوم وعلم الكيمياء تحديداً، كونه وسيلة تشرح كيف يعمل العالم من حولنا، ومن أين تتكون المادة، وما طبيعة خصائصها، وكان حصولي على امتياز بمرتبة الشرف الأولى شهادة على شغفي والعمل الجاد والتفاني الذي بذلته في دراستي، فأنا ممتنة لإتاحة الفرصة لي لدراسة الكيمياء والتي من خلالها استطعت رؤية العالم الذي نعيش فيه من منظور مختلف، وأيضاً كانت فرصة ابتعاثي من قبل شرطة دبي عاملاً محفزاً في قراري بمتابعة شغفي بالكيمياء، إذ انجذبت إلى هذا المجال ليس فقط لمبادئه الرائعة التي تشرح كيف يعمل العالم، ولكن لتطبيقاته العملية في حل الجرائم من خلال التحليل الجنائي، بل وإسهامها في مكافحة الجرائم وبالتالي حماية المجتمع.

حصة التميمي: كيمياء النانو قادرة على إحداث ثورة في علم الأدلة الجنائي

جاءت رسالة الماجستير في أكثر العلوم دقة في العمل الجنائي، لتصبحين أول متخصصة في كيمياء النانو على مستوى شرطة دبي، فما أهمية هذا التخصص؟

تمتلك كيمياء النانو القدرة على إحداث ثورة في علم الأدلة الجنائية من خلال توفير أدوات وطرق جديدة للكشف عن العينات وتحليلها، فمن خلال تطبيق مبادئ كيمياء النانو يمكن لخبراء العلوم الجنائية تحليل حتى أصغر العينات بحساسية ودقة عالية، وهو ما يمكن أن يكون ذا قيمة خاصة في الحالات التي لا تصل فيها تقنيات التحليل التقليدية إلى نتائج حاسمة، بالإضافة إلى ذلك يمكن استخدام كيمياء النانو في تطوير تقنيات الأدلة الجنائية الجديدة التي يمكن أن تعزز سرعة ودقة التحقيقات.

حدثينا عن دور القسم لديكم بداية من تلقيه بلاغاً فيه شبه جنائية، وحتى تقديم الأدلة الكافية.

يستلم قسم السموم استمارة وعينة المتهم من قبل جهات معنية من ضمنها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وتتضمن معلومات عن الحالة والظروف المحيطة بالحادثة، ثم يتم التحقق مما إذا كانت المعلومات متطابقة بين الاستمارة وعينة المتهم وأن الحرز الذي يحتوي على عينة المتهم لم يتم العبث به، ثم تخضع العينة لتحليل شامل باستخدام تقنيات وأجهزة متخصصة لتحديد وقياس وجود المخدرات أو مواد كحولية أو مواد سامة وغيرها، بعد ذلك نقوم بالفحص المبدئي من خلال جهاز المقايسة المناعية وفي حال كانت النتيجة إيجابية نقوم بالفحص التأكيدي من خلال القيام بطرق استخلاص متعددة للعينة البيولوجية حتى يتم حقنها في جهاز كروماتوغرافيا الغاز المزود بمطياف الكتلة (GC/MS) للتأكد من تواجد المادة المخدرة في عينة المشتبه به، وبعد تحليل العينة، يفسر خبراء السموم النتائج بناء على خبرتهم ويعدوا تقارير مفصلة تلخص نتائجهم وتفسيراتهم واستنتاجاتهم وتقدم كأدلة علمية بشأن وجود مخدرات أو مواد كحولية أو مواد سامة من عدمه.

اختلاف العينات والتراكيز المنخفضة أهم التحديات التي تواجه خبير السموم الجنائي

ما طبيعة التحديات التي تواجه خبير السموم الجنائي أثناء عمله؟

ظهور مواد كيميائية جديدة يمثل تحدياً كبيراً لخبير السموم الجنائي، وهو ما يستوجب تحديث أسلوبه وتوفير مواد مرجعية باستمرار للكشف عن هذه المواد وتحديدها بدقة، وهذا يتطلب البحث والتطوير المستمر ومواكبة التقنيات التحليلية المتطورة والمواد الجديدة.

اختلاف العينات والتراكيز المنخفضة من المواد التحليلية في بعض الحالات يمكن أن تجعل من الصعب اكتشاف وتحديد المركبات ذات الأهمية، وهو ما يسترعي من خبراء السموم الجنائية تحسين أساليبهم التحليلية باستمرار لضمان أفضل النتائج الممكنة واعتماد تقنيات جديدة عندما تصبح متاحة.

حصة التميمي: كيمياء النانو قادرة على إحداث ثورة في علم الأدلة الجنائي

تدرسين حالياً بصمة الرائحة، حدثينا عنها وكيف يمكن توظيفها لخدمة القضايا الجنائية؟

بحث بصمة الرائحة في المجال الشرطي يختص بالتعرف إلى الأشخاص من خلال مواد متواجدة في مواقع مغلقة، وفي هذا المجال يتم التحليل الكيميائي للرائحة البشرية وكشف المركبات المتواجدة لأغراض جنائية، والتقنية التي يتم استخدامها لهذا البحث هي (GC-MS) كروماتوغرافيا الغاز المزود بمطياف الكتلة، وهي تقنية تحليلية تستخدم لتحديد وقياس المركبات الكيميائية المختلفة المتواجدة في العينة، وتعمل عن طريق فصل المركبات الكيميائية الفردية في خليط باستخدام كروماتوجرافيا الغاز، ثم يتم تحليل تلك المركبات باستخدام مطياف الكتلة، وفي مجال بصمة الرائحة، يمكن استخدام (GC-MS) لتحديد وقياس المركبات العضوية المتطايرة VOCs التي تنبعث من البشر ويمكن أن يكون لهذه المركبات العضوية المتطايرة دلالات لرائحة فريدة ومميزة يمكن استخدامها كدليل للتعرف إلى الأشخاص وإثبات تواجدهم في مسارح الجريمة في التحقيقات الجنائية.

ما ملابسات أصعب الجرائم التي يمكن أن تمر عليكم؟

  • التراكيز المنخفضة: قد يكون من الصعب اكتشاف الجرائم التي تنطوي على تعاطي مواد بتراكيز منخفضة جداً أو مستويات ضئيلة، وتصبح حساسية الأساليب التحليلية حاسمة في مثل هذه الحالات لضمان التحديد الدقيق والقياس الكمي لهذه المواد.
  • المواد غير الشائعة أو غير المعروفة أو المصنعة حديثاً: يمثل التعامل مع المواد غير الشائعة أو غير المعروفة تحدياً كبيراً، ويتطلب تحدي المؤثرات العقلية الجديدة مثل الأدوية الناشئة ذات المواد والمعلومات المرجعية المتاحة المحدودة بحثاً مكثفاً وتعاوناً مع خبراء آخرين وتطوير طرق تحليلية جديدة.
  • إعادة التوزيع بعد الوفاة: المقصود بها هو أن الأدوية أو السموم بعد الوفاة يتم إعادة توزيعها داخل الجسم بين الأنسجة المختلفة مما يعقد تفسير النتائج، وقد تختلف التراكيز بين مواقع أخذ العينات بعد الوفاة أو بمرور الوقت، ويعد حساب إعادة التوزيع بعد الوفاة أمراً بالغ الأهمية لإجراء تقييم دقيق لدور هذه المواد السامة في تفسير الجريمة.

حصة التميمي: كيمياء النانو قادرة على إحداث ثورة في علم الأدلة الجنائي

من النادر أن تبقى المادة الكيميائية في الجسم على شكلها الأصلي، كيف تتعاملون مع هذه الأنواع من السموم؟ وهل هناك ما يصعب معرفته؟

بصفتنا خبراء سموم، ندرك هذه الحقيقة ونأخذها في الاعتبار أثناء تحاليلنا، وباستخدامنا للتقنيات الحديثة في شرطة دبي نستطيع تتبع وجود المادة الكيميائية الأصلية ومستقلباتها، ومع ذلك فإن للمؤثرات العقلية الجديدة أو تلك التي تحتوي على بيانات محدودة متاحة قد يكون من الصعب التنبؤ بالمسارات والتحولات التي قد تخضع لها هذه المواد في الجسم، في مثل هذه الحالات يعد البحث الإضافي والتعاون بين خبراء السموم أمراً بالغ الأهمية لفهم سلوك هذه المواد في الجسم.

تلتزم شرطة دبي بتعزيز المساواة بين الجنسين في الأدوار القيادية وبلورة دور المرأة في العمل الشرطي

كيف ترصدين دور شرطة دبي في تعزيز العنصر النسائي داخل إداراتها وأقسامها المختلفة؟

نفذت شرطة دبي مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى تمكين ودعم الموظفات، بما في ذلك برامج التدريب الشامل، وفرص الإرشاد، ومبادرات تطوير قيادية. بالإضافة إلى ذلك، تلتزم شرطة دبي بتعزيز المساواة بين الجنسين في الأدوار القيادية، كما يتضح من إنشاء مجلس شرطة دبي النسائي، والذي يلعب دوراً حيوياً في تعزيز دور المرأة في العمل الشرطي وضمان التوازن بين الجنسين في مكان العمل، وبصفتي موظفة في هذه المؤسسة، فأنا فخورة بأن أكون جزءاً منها كونها تقدر وتعطي الأولوية لنمو المرأة وتطورها ضمن مختلف إداراتها وأقسامها.

إلى جانب وظيفتك تطمحين إلى الحصول على درجة الدكتوراه، رغبة في ممارسة مهنة التدريس في الجامعة، فهل السبب مرتبط بحلم منذ الطفولة لم يتحقق؟

الحصول على درجة الدكتوراه والتطلع إلى ممارسة مهنة التدريس في الجامعة ليس مرتبطاً بحلم منذ الطفولة لم يتحقق، بل بالأحرى شغفي الحقيقي لشرح المفاهيم المعقدة ومساعدة الآخرين على فهمها، فدائماً ما أجد متعة في مشاركة المعرفة وتسهيل الفهم للأفراد.

حصة التميمي: كيمياء النانو قادرة على إحداث ثورة في علم الأدلة الجنائي

هل هناك من له الفضل عليك داخل الأسرة في تحديد مسار حياتك العملية؟

لقد لعب والداي دوراً مهماً في تشكيل مسار حياتي العملية، فخدمة والدي في قوة الشرطة غرست في داخلي الشعور بالواجب والرغبة في خدمة بلدي، وأثارت مشاهدة التزامه وتفانيه في تحقيق العدالة اهتمامي بالعلوم الجنائية، حيث كان يعمل كمدير في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، من ناحية أخرى فإن سعي والدتي للحصول على مهنة في المجال الأكاديمي، وبلغت ذروتها في أن تصبح أستاذة، عزز شغفي بالمعرفة والبحث، فألهمتني رؤيتها تحقق التميز الأكاديمي للسعي من أجل التعليم العالي ومتابعة درجة الدكتوراه.

بعيداً عن مجال العمل والدراسة الأكاديمية، هل لديك ما تأملين تحقيقه على المستوى الشخصي؟

لدي تطلعات على المستوى الشخصي تشمل استكشاف مهاراتي الإبداعية، فلطالما كان لدي اهتمام بالرسم، وآمل أن أكرس المزيد من الوقت لرعاية موهبتي الفنية والانخراط في المساعي الإبداعية، كونها وسيلة للتعبير عن الذات وتسمح لي بالاستفادة من عالم مختلف من الخيال، كما أسعى جاهدة لإعطاء الأولوية لممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والمشاركة في الأنشطة التي تعزز الرفاهية العقلية، والتأكد من أن لدي توازناً صحياً بين العمل وأمور الحياة لتحقيق النمو المهني والسعادة الشخصية.

* تصوير: السيد رمضان

 

مقالات ذات صلة