العلاقات البرتغالية الخليجية.. يكشفها معرض جامعة كويمبرا في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2023
تحت عنوان «البرتغاليون في الخليج (1507-1650)» تشارك جامعة كويمبرا البرتغالية في معرض الشارقة للكتاب بدورته الـ 42 بمعرضها الفني، لتقدم تراثاً غنياً وجوانب تاريخية متنوعة من خلال عرض أكثر من 60 قطعة أثرية نادرة من بينها أسطرلاب نادر يعود للقرن السابع عشر تم استخدامه أثناء الملاحة لإجراء قياسات أكثر دقة لمواضع النجوم، وخريطة للخليج العربي، وغرب المحيط الهندي تم رسمها عام 1571.
يستعرض المعرض خط تواجد البرتغاليين في منطقة الخليج، وعلاقتهم مع سكان المنطقة خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، والكثير من الأحداث والجوانب التي ترتبط بمرحلة تواجدهم في المنطقة، ويوضح طبيعة الدور التاريخي للإمبراطورية البرتغالية في قارة آسيا، وأهمية منطقة الخليج للبرتغاليين، وقارة أوروبا.
يكشف الجزء الأول من المعرض «من البرتغال إلى أرض الخليج رحلات ووجهات، عن بعض الوثائق والمقتنيات التي تنقل صورة عن الملاحة البحرية، ووصول أول برتغالي إلى منطقة الخليج، ويسلط الضوء على مساهمة العالم الإسلامي والعربي في المعرفة، من أمثلتها رحلات ابن بطوطة والأعمال البحرية لأحمد بن ماجد، ويتضمن الكتاب المختار لعالم الرياضيات البرتغالي بيدرو نونيز «دي كريبوسكوليس» De Crepuscu، المنشور باللاتينية عام 1542، الترجمة الأولى لليبر دي كريبوسكوليس crepusculis Liber de، وهو ميثاق يتعلق بمدة ساعات الشفق، كتبه أبو عبد الله مهاد بن معاد، وهو عالم من قرطبة (إسبانيا)، عاش بين القرنين التاسع والعاشر.
كما يعرض هذا الجزء جانباً من العلوم البحرية وبناء السفن في العالم الأيبري، التي جعلت من المشاريع البحرية ممكنة، من خلال استعراض أسطرلاب وبوصلة ملاحية من القرن الثامن عشر، ورسومات وعناصر فنية لتصاميم السفن التي صنعها مانويل فرنانديز في عام 1616، وتمثيل أسطول فاسكو دا غاما الشهير في الفترة ما بين 1499-1497، إضافة إلى عرض نظرة على لشبونة من منتصف القرن السابع عشر لأول مرة، لاستكشاف المدينة البرتغالية التي أبحرت منها السفن إلى آسيا.
بينما يستكشف الجزء الثاني من المعرض «المرور برأس الرجاء الصالح والإبحار على طول الساحل العربي»، الصورة التخطيطية للخليج، الذي يتضمن عنوانه اقتباساً موجزاً من عمل دوارتي باربوسا، الذي يصف آسيا في بداية القرن السادس عشر، وتطور شكل الخليج.
فيما تصور خرائط فرا ماورو وكانتينو الشهيرة تطور صورة العالم من عام 1459 إلى 1502. وتعرض الرسوم البيانية من أطلس ميلر، وأطلس فيرناو فاز دورادو، التي تفصل بينها خمسون سنة، بدقة، تطور التصوير الدقيق لشبه الجزيرة العربية والمحيط الهندي. كما تكشف الأيقونات المختارة للحصون المختلفة في منطقة الخليج، والمخططات والمناظر البانورامية أهمية وضرورة قيام المملكة البرتغالية بتوثيق هذه الأماكن، إضافة إلى استعراض مجسم لقلعة خور كلباء يظهر نتائج الحملات الأثرية الأخيرة التي أجريت هناك بدعم من حكومة الشارقة.
في الجزء الثالث المخصص لكتاب «ما رآه وما سمعه دوارتي باربوسا في رحلاته البحرية»، تم التركيز على العمل المهم لدوارتي باربوسا، الذي كتبه في أوائل القرن السادس عشر، والذي يصف منطقة الخليج بأكملها ومحور المحيطين الهندي والهادئ بتفاصيل دقيقة، حيث يثير الإعجاب للوصف الدقيق والمعرفة التي جمعها المؤلف عن رحلاته وقدرته النقدية على الملاحظة، وفهم المجموعات السكانية المختلفة في المناطق التي زارها.
كما يعرض القسم أقدم نسخ المخطوطات التي نشرها البرتغال وإسبانيا وإمارة الشارقة، إضافة إلى جميع الطبعات الرئيسية للعمل من النسخة الإيطالية الأولى لجيوفاني باتيستا راموسيو، في القرن السادس عشر، وحتى النسخة البرتغالية الأولى لعام 1812، والنسخة الإنجليزية لعام 1865، بما في ذلك الطبعات بالغة الأهمية المنشورة في إنجلترا والبرتغال والشارقة، كما تتضمن الخريطة المضمنة في هذا الجزء، والتي رسمها ديوغو ريبيرو في إشبيلية عام 1532، معلومات وصفية تم جمعها من أعمال داراتي باربوسا، ما يوضح مدى انتشار هذه النصوص وشهرتها.
أما في الجزء «نسميها ارابيا فليكس» الرابع، فقد تم وضع تصورات لمنطقة الخليج، وأوصافها، حيث يصف العديد من المؤلفين، إضافة إلى دوارتي باربوسا، الخليج ومنطقة البر المحيطة بالبحر، لذا يركز هذا الجزء، الذي يتضمن عنوانه أيضاً اقتباساً من باربوسا، على هذه النصوص، وهؤلاء المؤلفين، حيث تعد السجلات الأربعة المختارة التي كتبها جواو دي باروس، وفيرناو لوبيز دي كاستانهيدا، وجاسبار كوريا، وبراس دي ألبو كيركي، نصوصاً أساسية في تاريخ الإمبراطورية البرتغالية في آسيا، تظهر فهماً عميقاً للخليج ولهذه الفترة، حيث تسجل وتوثق كل خطوات وأعمال الإمبراطورية البرتغالية، على الرغم من كثرة الإشادة والمدح التي تميز النصوص من تلك الحقبة الزمنية، ويعد كتاب بيدرو تيكسيرا، الذي نشر عام 1610 والمعروض في القسم، ذا أهمية كبيرة لأنه يروي رحلاته في الخليج.
في الجزء الخامس «المدخل إلى البحيرة المغلقة»: الوجود البرتغالي في منطقة الخليج، يمكن مشاهدة اقتباساً موجزاً من القصيدة البرتغالية الملحمية لوسياد The Lusiad، من عام 1572 التي ألفها لويس فاز كامويس، بهدف عرض العملية السياسية والدبلوماسية والعسكرية التي تم من خلالها ترسيخ وجود البرتغاليين في المنطقة، حيث تكشف الصور الجميلة من مخطوطة كازاناتنس، وأعمال الهولندي جان هويغن فان لينشوتن، كيف تم تسجيل هذه المنطقة من العالم بالصور.
كما يستعرض رسالتين من القرن السادس عشر مكتوبتين باللغة العربية من هرمز، وكذلك رسالة موقعة باللغة الفارسية من قبل أمير هرمز، في عام 1589، وأسطول مسقط المرسوم في كتاب ليسوارتي دي أبرو Book of Lisuarte de Abreu، الذي كتب في 1560 بهدف توثيق العلاقات المعقدة مع السلطات المحلية، كما يمكن رؤية اللحظات الأخيرة للحضور البرتغالي في شبه الجزيرة العربية في معاهدة السلام لعام 1648 المعروضة هنا، والتي تم التوقيع عليها بين السلطات البرتغالية والشيخ المحلي. في الوقت نفسه تقدم وقائع زين الدين، المكتوبة باللغة العربية نحو 1580، وجهة نظر مغايرة مثير للاهتمام حول هذه العلاقات في منطقة كيرالا الحالية في الهند، ما يوفر فهماً أعمق لهذا التاريخ.
فيما يكشف جزء «جميع أنواع البضائع تنتقل إلى جميع أجزاء العالم» السادس، شبكات الخليج التجارية، ويسلّط الضوء على أهمية التجارة فيه، فهو سجل شامل لدخل مملكة هرمز منذ أربعينيات القرن السادس عشر، والتنظيم البرتغالي في هذه الأمور، ويتجلى هذا في إيصال بتاريخ 1515 من ولاية غوا، متعلق بتجارة خيول الخليج، ويعد كتاب دوارتي جوميز «خطابات حول تجارة جزر الهند» الذي نشر عام 1622 من الأعمال المثيرة للاهتمام، حيث يتناول فيه المؤلف مشاكل الإدارة المالية والتجارة الأوربية في آسيا، ويؤكد فيه وصفين للطرق من الخليج إلى أوروبا عبر البصرة.
إضافة إلى ثلاثة كتب تسلط الضوء على عالم النباتات الطبيعية الذي برز الاهتمام به في منطقة الخليج أيضاً، وتتشير النسخة طبق الأصل من أوزان مانويلين المعروضة، إلى مبدأ توحيد الأوزان الذي تم تنفيذه في البداية في البرتغال في أوائل القرن السادس عشر، ثم امتد لاحقاً إلى جميع أنحاء الإمبراطورية البرتغالية، كما يلفت هذا الجزء من المعرض الانتباه إلى صورة من عام 1553 لأميرة النمسا جوانا، والتي رسمها كريستوفاو دي مورايس، موضحاً فيها روعة وأهمية لآلئ الخليج وهي تضعها في شعرها.
يهدف الجزء السابع والأخير «الديناميكيات الدينية في منطقة الجبهة»، إلى تشجيع التفكير في المسائل الدينية التي يثيرها الوجود البرتغالي في المنطقة، وتأثيره في الفنون البصرية، ويتجلى الاهتمام بالإسلام خلال هذه الفترة بشكل كبير من خلال ترجمة القرآن إلى اللاتينية، التي نشرها العالم السويسري ثيودور بيبيندر، من ترجمة تعود إلى القرن الثاني عشر، ويرتبط ما تبقى عرضه بالجهود التبشيرية لمختلف الطوائف الدينية الكاثوليكية، مثل رسالة من أحد اليسوعيين في هرمز، والتي ربما كانت مكتوبة في صندوق كتابة يحمل شعار اليسوعيين.
كما يصف كتاب جورنادا أفعال وأعمال أليسكو دي مينيسيس، الذي زار منطقة الخليج قبل أن يصبح رئيس أساقفة غوا، فيما تكشف المخطوطة الأخيرة عن تاريخ الأوغسطينيين في المكان نفسه.
* تصوير: السيد رمضان