12 طفلاً إماراتياً يوقعون كتبهم في "معرض الشارقة الدولي للكتاب"
12 طفلاً إماراتياً وقعوا كتبهم ونتاجاتهم الأدبية الصادرة عن «دار شمس» للنشر في معرض الشارقة الدولي للكتاب، وشاركوا في هذه التظاهرة الثقافية كجزء أصيل من الحدث، ولما تجسده إبداعاتهم من مفاهيم على صلة وثيقة بحب القراءة والإبداع، ورسم الرؤى الفلسفية عبر طروحات ومضامين الكتب التي تمّ إصدارها.
12 طفلاً إماراتياً تألقوا في رسم آفاق استشرافية لواقع الكتاب، وترجموا معنى الحياة المرتبطة بالقراءة، ثم القراءة، ثم القراءة.
«كل الأسرة» التقت بعضهم، كما أجرت حواراً موجزاً مع أحد مؤسسي دار «شمس» للنشر، هيا القاسم، وهي دار تهدف إلى «تقديم ما يليق بعقول القراء» والمشاركة في تأصيل القراءة والكتابة ضمن منظومة يومياتنا.
هداية صالح.. رؤية فلسفية وأفكار بلا تاريخ انتهاء صلاحية
أصدرت هداية صالح (10 سنوات) كتابها «قرية الطيبين»، وهو كتاب يحمل في طيّاته رسالة أسرية حيث تشرح لنا بأسلوبها العفوي «هدف قصة «قرية الطيبين»، بالحديث عن الأطفال الذين يحرجون أهاليهم بـ«مواقف غير جميلة»، وهي مواقف كثيرة قد لا ينتبه لها الأطفال وتزعج الأهل».
تكتب هداية بفعل الهواية والقدرة على استشعار السعادة «الكتابة تقودني إلى شعور غامر بالسعادة، خاصة أن أمي وأبي يشجعانني على الدوام، وكذلك الأستاذة هيا القاسم التي تابعتني في كل خطوة».
يقال عن هداية أنها «كاتبة واعدة ذات أفكار ساحرة وهي أصغر الحكواتيات التي تنشر القصص في كل مكان».
وفي كتابا الثاني «انتبه أنا فكرة»، لا تبتعد هداية عن رؤيتها الثاقبة ذات الطابع الفلسفي «كتابي يتحدث عن أشكال الأفكار؟ وهل للأفكار طعم ولون؟، وهي أسئلة تنطوي على فلسفة تتسم بالسلاسة في الفهم والعرض» وتورد في كتابها مجموعة أسئلة «هل تعلمون أن كلاً منّا مولود وفي عقله كل أشكال الأفكار، صغيرة أو كبيرة، بسيطة أو عميقة، البيضاء منها أو السوداء، المبكية أو المضحكة ؟ كيف تتواصلون معها؟ ومتى تقتربون منها، ومتى تبتعدون عنها؟»
تؤلف هداية الآن قصة جديدة لتؤكد أن «ليس لأفكارنا تاريخ انتهاء صلاحية».
نورة النقبي.. أفكار من البيئة الإماراتية
توصف بـ«الفتاة المملوءة بالأحلام، تغمرها الأهداف، تسعى دائماً للإنجاز، ولطيفة ومحبّة للجميع».
هذه هي نورة النقبي (11 عاماً) التي تستوحي من بيئتها المحلية عنواناً لكتاباتها لتحاكي مجتمعها وملامح الماضي الجميل.
تقدم كتابها «صيدلية في غافة» استوحت فكرته من جدّتها التي كانت تداوي الناس بالأدوية الشعبية، تقول نورة «كان عمري نحو 4 سنوات عندما كنت أشهد جدتي وهي تعالج من حولها بالأعشاب والأدوية التقليدية.أشعر بأن البحث عن الأفكار ليس مهمة صعبة في ظل استقاء الكثير من الأفكار من بيئتي، وحتى أن فكرة كتاب «سحر في الأعماق» استوحيتها من رحلة بحرية خضت غمارها مع عائلتي».
تتحدث الرواية عن شيخة، فتاة في العاشرة من عمرها، ذات عقوص طويلة تعيش مع جدتها ووالديها، وكانت أسرتها تحترف مهنة الطب الشعبي، وكانت ثمة غافة مميزة تستظل تحتها شيخة على أرجوحتها المعلقة.
كانت الأسرة تطلق على الغافة اسم «شفاء»، وتتجمع حولها الكثير من الحيوانات بينها الجمل، الغزالة، الثعلب الصحراوي، وتعالج شيخة أمراضهم حيث «كانت شفاء بمثابة الصيدلية لشيخة وأسرتها، فهي تجمع الأعشاب الطبية والأدوية الشعبية كما تعلّمتها من جدتها التي كانت تتخذ من شيخة مساعدة لها وتضعها في صرر وتعلقها في أغصان الغافة الجميلة».
وتوجز نورة النقبي «عائلتي هي أول داعم لي وعادة ما تشارك أمي في الرسومات وتثري جوانب القصة، كما أن القراءة هي العنصر الأهم في معادلة الكتابة، وها أنا الآن أقطف ثمار القراءة».
عائشة الخيال.. و«ممحاة الأكاذيب»
«أنت قادر على تحقيق حلمك، وإن أخطأت، فأنت تستطيع أن تمحوه بالإصرار»، هذه المقولة التي تكتبها عائشة حميد الخيال (11 عاماً) في التعريف عن كتابها «ممحاة الأكاذيب» تترجم البعد الفلسفي الذي تتسم به تلك الفتاة الحالمة، وتبيّن «في كتاباتي، أركز على جذب الطفل بالعنوان والألوان».
خاضت عائشة مجال الكتابة بـ«القراءة» كما تقول، إذ إن «كل قارئ هو كاتب وليس كل كاتب قارئاً»، لتترجم قوة القراءة في تعزيز بعد الكتابة.
في «ممحاة الأكاذيب» استقت الفكرة من «ربيعتها» التي كانت تدوّن أخطاءها في دفتر وتعود لتمحوها «هدفي إيصال رسالة واضحة وهو أن بعض الأخطاء الإملائية يمكن محوها، ولكن الأخطاء التي تؤذي الآخرين لا تمحى إلا بالعمل على إصلاحها، لأن مسح الخطأ من الدفتر لا يقود إلى عدم ارتكابه مجدداً».
فالممحاة «ياسمينة» هي صديقة سامي الذي كان يدوّن أخطاءه في الدفتر، ثم بمساعدة الممحاة يمسح كل أخطائه دفعة واحدة، ليأتي خالد ويوصله إلى مفهوم آخر وطريق آخر «ياسمينة ممحاة مسكينة. لربما لا تستطيع التكلم ولكن كلما مُحيت أكاذيبك، زدت الأمر سوءاً، لأن المواقف التي كتبت قد تمحى، ولكن قد يتأذى الكثير الكثير منها».
عيسى المازمي.. أدب الرعب الممتع لأطفال
يعتبر عيسى المازمي أن «القراءة ليست مجرد هواية، وإنما هي بالفعل منهج حياة». لذلك، ينتهج المازمي، ابن الـ10سنوات، القراءة طريقاً يعبّد له النجاحات في حياته، وفي كتاباته، حيث ثراء اللغة والتراكيب، وحتى البحث عن أسماء غريبة أو عجيبة لأبطاله كما يصفها.
«عائلة الكناكنة» هو كتاب أصدره المازمي يندرج ضمن أدب الرعب الممتع للأطفال، يخوض فيه مغامرات شيّقة مع أبطال القصة وأسمائهم «العجيبة»، منها غشموم (أسماء أحد الوحوش)، حيث تجسد المغارة «منطقة اكتشاف شغفنا»، ويشرح المازمي، لافتاً إلى «أن في هذا العالم، كل من يُتّم عامه السابع يقصد المغارة ليعرف ماهية شغفه بالحياة، ويساعده صاحب المغارة «منحوس» على اكتشاف هذا الشغف».
ونسأل المازمي: وأنت، ما شغفك؟ يجيب بلا تردد «شغفي الكتابة، كرة القدم، السباحة والرياضيات».
عفراء الحوسني.. الأصغر سناً لا تحب الغرور والتكبّر
عفراء الحوسني أصغر الأقلام الأدبية، لا يتجاوز عمرها الـ7 سنوات. تتحدث عن كتابيها «الأصدقاء الأوفياء» و«السمكة المغرورة»، حيث يمثل هذان النتاجان ثمرة ما تعيشه الحوسني حولها «في المدرسة، هناك الكثير من الطلاب الذين يتسمون بالغرور، وكتبت هذه القصة عن سمكة مغرورة لم تجدْ سوى أصدقائها قد هرعوا لمساعدتها إثر وقوعها في شباك الصيد، وهذه القصة تحمل رسالة بعدم الغرور والتكبّر، لأن هاتين الصفتين تقتلان جمال الإنسان من الداخل».
ولدى الحوسني أحلام وطموحات كثيرة، إلا أن الكتابة هي «شغفي الحالي الذي عززته والدتي بقراءة القصص لي يومياً، وساعدتني الأستاذة هيا القاسم على المضي قدماً في تدعيم موهبتي وأفكاري».
ريماس وجوري الشحي في «رحلة إلى الفضاء»
ريماس وجوري عبدالله الشحي، قدمتا إنتاجهما «رحلة إلى الفضاء» حيث تخوضان مغامرة إلى الفضاء إثر شعورهما بالملل.
هنّ أخوات أربع، ريماس الرسامة الملهمة، جوري الطبيبة المشهورة، غاية المهندسة الفذة، وبشرى الكابتن التي لا تهاب الكواكب والمجرات، يفكرن في آليات لمحاربة الملل و«الذهاب لشراء عصير المجرات من كافتيريا الكواكب».
كتاب يخوض رحلة شيّقة بين الكواكب والمجرات، وتصطحب الكاتبتان ريماس وجوري الشحي الأطفال إلى عوالمهما، حيث معايشة «كوكب لا يصلح للعيش، ولا بيت، ولا مدرسة، ولا حتى شوارع، وأفراد متخمون وألوان اختفت من الكوكب».
تجمع الشقيقات الأربع أهل الكوكب ويُعدن له ألق الحياة في مغامرة تصفها جوري لـ«كل الأسرة» بـ«الجميلة»، وتوضح «أنا أحب اللغة العربية كثيراً، وأقرأ الكثير من الكتب وأحب هذا النوع من المغامرات».
مغامرة الكتابة ترتبط بالواقع. ففي الواقع، ترغب جوري أن تكون «طبيبة أمراض باطنية»، فيما تعبّر ريماس عن حبها وشغفها بالرسم، وطقوس الكتابة «في جو هادئ خال من الصخب»، مثنية على تشجيع أهلها لهما للكتابة والإبداع في هذا المجال.
زايد الحمادي.. يواجه التنمّر
يتحدّث زايد الحمادي (9 سنوات) في كتابه «يداً بيد» عن التنمّر باعتبار ظاهرة مجتمعية تلقي بثقلها على الأفراد، وبالأخص الأطفال الذين يفتقدون آليات الدفاع عن أنفسهم. استقى الفكرة من أحد أطفال سرطان في مدرسته، والذي تعرض للتنمّر من قبل بعض طلاب الصف.
يقول زايد «كل ما أتمناه هو الحد من هذه الظاهرة التي تؤذي الكثير من الأطفال وتترك آثارها السلبية فيهم. كتابي يتحدث عن التنمّر على أحد مرضى السرطان الذي كان يودّ المشاركة في مباراة كرة القدم، وشرع آخرون بالتنمّر عليه وعلى كونه «أصلع» بعد أن فقد شعره جراء جلسات العلاج الكيميائي، حيث العبارة الموجعة «إن لعبت معنا، لن نستطيع التمييز بين رأسك والكرة».
«هل لي مكان بينكم؟»، سؤال موجع يطرحه الحمادي ليؤكد أهمية التسامح، وأهمية احتضان فئة مرضى السرطان، وهو ما يترجمه بالإهداء المميز «إلى الأبطال الخارقين، محاربي السرطان، وإلى كل من يحمل رسالة في مواجهة التنمّر.. قصتي كتبت لأجلكم».
يعي الحمادي تماماً أبعاد ما يكتبه وهو يجيبنا عن سؤال عن كيفية مواجهة التنمّر «لا بد أن أخبر أهلي بأي واقعة تنمّر أتعرّض لها، كما لا بد لي من التوجه للشكوى لدى الشرطة».
ويوجز ختام كتابه بـ«بطاقة تعهد»، «أنا...أتعهد أن أكون إنساناً صالحاً يعمل لبناء وطنه وحمايته والحفاظ على قيمته. أتعهد ألا أكون متنمراً».
الدانه الحمودي تسأل «من دغدغ الجمل؟»
تمارس الدانه علي الحمودي (10 سنوات) الكتابة من عمر 5 سنوات. تقرأ الكثير من الكتب التي تغوص في علم الخيال، وتصف الكتابة كـ«جزء من الحياة ومن الواجب الحفاظ عليها، والقراءة هي غذاء الروح والعقل».
كتابها «من دغدغ الجمل» هو ثالث كتاب في رحلتها مع أدب الطفل، تترجم أبعاده بقولها «الكتاب هو عن الإنسانية عندما تصل إلى الصحراء ويستهدف الفئة العمرية من 6 إلى 9 سنوات ويتناول الاستدامة».
الدانه ليست كاتبة فقط، فهي تتمتع بالكثير من المواهب في الإلقاء والتمثيل، وتدعو إلى حب اللغة العربية لكونها «لغة الضاد»، في ظل تشجيع أسرتها لها في كل خطواتها.
الدانه لا تكتب فقط، بل تشارك في الكثير من الورش التدريبية لتنمية مواهبها، وصقل إمكاناتها، والإطلالة على آفاق من العطاء الأدبي والفكري اللامحدود.
عبد الله صالح.. صرخة لإنقاذ البيئة البحرية
عبر كتابه «نحن لها» يطلق عبدالله صالح (8 سنوات ونصف السنة) صرخة للحفاظ على البيئة البحرية من التلوث وبالأخص تخليصها من الأكياس البلاستيكية. في الكتاب، تتم الاستعانة بالخبير «عبود»، والسيد عنكب، والسيد «بخطوط»، للتخلص من الأكياس البلاستيكية، وبالتالي الحد من مخاطرها وأضرارها على البيئة، حيث يموت عدد كبير من الكائنات البحرية جراء ابتلاع المخلفات البلاستيكية، ما يؤدي إلى خلل في التوازن البيئي.
ويوضح عبدالله صالح «من المهم أن نوصل رسالة توعوية تركز على تأثير هذه المخلفات في السلاحف البحرية، والخبير «عبود» هو المنقذ والمبتكر لحلول إبداعية تضع حداً للإهمال وتنظيف البيئة البحرية».
هيا القاسم
ولكن ماذا عن مشاركة كل هذا العدد في إنتاجات «دار شمس»، وما الهدف من التركيز على فئة الأطفال؟
تؤكد هيا القاسم، مؤسس «دار شمس» للنشر والاستشارات الثقافية مع عبدالرحمن العمري، أن «هذه المشاركة الأولى للدار في معرض الشارقة الدولي للكتاب، وهناك 12 كاتباً إماراتياً تراوح أعمارهم بين 8 إلى 13 عاماً من أطفال ويافعين، ونحن جدّ سعداء بإنتاج هؤلاء الأطفال، لكون هذا التوجه يتماهى مع هدف الإمارات في سعيها لبناء الفكر، وبناء الشخصية المثقفة، واليوم عندما نجد إمكانات أدبية تندرج ضمن هذه الأعمار، فهذا يدّل على بيئة محفزة لتنشئة أطفال على الثقافة والقراءة في بلد ينظم أكبر مبادرة قرائية في العالم وهي «تحدي القراءة العربي»، وما رسّخته من تأثير كبير وإيجابي في إنتاج جيل قارئ، وجيل معرفي ومثقف. هذا السعي لبناء جيل معرفي تجلّى في بعد آخر تخطّى القراءة، إلى أن يصبح هؤلاء وجوهاً من أوجه الثقافة، ويدخل الطفل الإماراتي إلى الساحة الأدبية محمّلاً برسائل لأطفال من عمره، ما يبلور هذا الإلمام من قبل الطفل الكاتب باحتياجات أقرانه من الأطفال».
في هذا السياق، ثمة تحديات تواجه الأطفال في إيصال رسالتهم.. وتلفت هيا القاسم إلى أن «التحدي يكمن في الأسلوب الأدبي ومدى قوته الطفل لتصل رسالة المؤلف، وأجد أن من واجبنا أن نبحث عمّا يحتاج الطفل، وماذا يريد الطفل أن يقرأ لتكون القراءة بغرض المتعة والفائدة في آن».
ومن هنا، تؤكد القاسم ثقتها بـ«جدارة الأطفال بتقديم الرسالة الحقيقية لقدرتهم على تلمّس احتياجات جيلهم، وإيصال رسائلهم عن طريق هذه الكتب، وهي رسائل عميقة من الأطفال لتصل للأطفال، ولذلك، كنا حريصين عند إنتاج كتبهم على العناوين الجاذبة والرسومات الطريفة والرسائل العميقة، لكون عملية الكتابة للطفل هي عملية تكاملية من نص جيد، ورسم جميل، وإخراج مميّز، وطباعة جيدة، وجودة إنتاج العمل لأن الطفل الإماراتي يستحق أن يكون كتابه في أفضل صورة من جميع النواحي، مشيرة إلى أن «دار «شمس» عملت على إنتاج المحتوى للأطفال بالمستوى نفسه الذي تتعامل به مع أي كاتب معروف لأن الأدب لا يقف عند سنّ معينة والمحتوى هو الكلمة الفصل في تقييم العمل».
* تصوير: السيد رمضان