13 نوفمبر 2023

مطاعم.. مقاهٍ.. نوادٍ صحية.. بيزنس النجوم والنجمات خوفاً من "غدر الفن"

فريق كل الأسرة

مطاعم.. مقاهٍ.. نوادٍ صحية.. بيزنس النجوم والنجمات خوفاً من
حسن الرداد أمام مطعمه في الافتتاح مع آيتن عامر

ظاهرة جديدة باتت لافتة للنظر ومثيرة للجدل، فبعد أن كانت أغلب مشاريع الفنانين تنصب في شركات الإنتاج لمساندة السينما وإثراء التاريخ السينمائي بأعمال فنية مهمة.. أصبحت أغلب مشاريع النجوم الجدد والفنانين الشباب، تتجه حالياً إلى طريق مختلف بعيد عن الفن تماماً، وأصبح أغلبهم يستثمر أمواله في إنشاء سلاسل للمطاعم، أو قرى سياحية، فضلاً عن المقاهي والنوادي الصحية.

إلهام شاهين وناهد السباعي في فيلم «يوم للستات» الذي أنتجته شركتها
إلهام شاهين وناهد السباعي في فيلم «يوم للستات» الذي أنتجته شركتها

محمد هنيدي في مشهد من فيلم «مرعي البريمو» الذي أنتجته شركته
محمد هنيدي في مشهد من فيلم «مرعي البريمو» الذي أنتجته شركته

في العقدين الأخيرين، قام أغلب الفنانين بإنشاء العديد من المشروعات التجارية، ليس حباً في التجارة فقط، لكن وكما يؤكد أغلبهم «خوفاً من غدر الفن بهم»، كما حدث مع العديد مع كبار النجوم، الذين رحلوا عن عالمنا، دون أن يجدوا ما يعينهم على «غدر الزمن»، خاصة في سنوات حياتهم الأخيرة. ففي حقب سابقة، اتجه عدد كبير من الفنانين الراحلين، في مقدمتهم أنور وجدي، وجاء بعده وسار على دربه عدد كبير من كبار النجوم مثل فريد شوقي، محمود ياسين، وسمير صبري، وغيرهم.. أنشأوا شركات للإنتاج السينمائي، وقدموا من خلالها العديد من الأعمال السينمائية المهمة التي أثرت تاريخ السينما المصرية، كذلك النجم الراحل نور الشريف أنشأ شركة للإنتاج السينمائي مع زوجته الفنانة بوسي، ومكتباً لتأجير مجموعة من الشقق لشركات الإنتاج لتصوير الأعمال الفنية بها، وبعد وفاته تولت إدارتها زوجته وابنتاه. كذلك النجمة إلهام شاهين، التي دفعت بكل أموالها في مجال الإنتاج السينمائي، مؤكدة أن ذلك يرجع أولاً وأخيراً لعشقها للفن بشكل عام، وللسينما بشكل خاص، وكان آخر إنتاجها من خلال الشركة فيلم «يوم للستات»، وهو ما فعله النجم محمد هنيدي مؤخراً بإقامة شركة إنتاج سينمائي، تديرها ابنتاه، وقدم من خلالها فيلمه الأخير «مرعي البريمو».

عمرو يوسف مع زوجته في المطعم الذي يملكه في منطقة المعادي
عمرو يوسف مع زوجته في المطعم الذي يملكه في منطقة المعادي

بيزنس خاص بعيداً عن الفن

في مقابل ذلك بدأ في السنوات الأخيرة سباق محموم من الفنانين، كباراً وشباباً، نحو «البيزنس الخاص»، بعيداً عن الفن، حيث تشارك عدد كبير منهم بعض القرى السياحية، كما افتتح المطرب خالد سليم مطعماً في ضاحية المهندسين، متخصصاً في تقديم الوجبات الإيطالية، وآخر للفنان عمرو يوسف في منطقة المعادي، وعلى نفس الدرب سار الفنان هشام ماجد، عندما افتتح مع مجموعة من شركائه سلسلة من المطاعم، وأغلب نجوم مسرح مصر اتجهوا للبيزنس نفسه، وشارك الفنان أحمد زاهر زوجته ومديرة أعماله مطعمهما في مدينة الشيخ زايد، مشيراً إلى أنه فكر في ذلك حتى لا يضطر تحت ضغوط الحياة إلى قبول أدوار غير راض عنها.

انجي شرف.. محل ملابس أطفال وسيدات
انجي شرف.. محل ملابس أطفال وسيدات

أيضاً امتلكت الفنانة انجي شرف محلاً لملابس الأطفال والسيدات في منطقة مصر الجديدة، وأكدت انجي أنها لجأت لهذا المشروع لأن الفن غير «مأمون»، كما أن العائد المادي الذي تحصل عليه من الفن تنفقه على الملابس وأدوات التجميل الخاصة بالشخصيات التي تؤديها.

أما الفنانة عبير صبري، فقد سارت في الاتجاه نفسه، مشيرة إلى أنها فكرت في هذا المشروع عندما توقفت لفترة عن عملها كفنانة، بعد أن شعرت بأنها بحاجة إلى مشروع خاص لتأمين مستقبلها، وأضافت «بالتأكيد الاعتماد على الفن وحده لا يكفي لأن أموال الفن تنفق عليه، فالفنان يحتاج دائماً إلى المظهر الذي يليق به، وبالتالي فإنه ينفق أكثر ما يحصل عليه من الفن، على نفسه وملابسه ومظهره الاجتماعي، وفي الوقت نفسه لا يوجد شيء مضمون، بدليل أن كثيراً من عمالقة الفن رحلوا دون أن يتركوا وراءهم شيئاً يذكر، بل إن عدداً كبيراً منهم لم يجد شيئاً يعينه على مصائب الحياة في أيامه الأخيرة»، مؤكدة على أن المشروع لم يؤثر على عملها كفنانة، ويمكن أن تقضي فيه بعض الوقت عندما لا يكون لديها عمل.

التجارة شطارة وأنا أمارس التجارة منذ سنوات طويلة والحمد لله لم أخسر

أما النجم الكبير حسين فهمي، فهو يمتلك مركباً عائماً على كورنيش النيل، قائلاً «هذه تجارة.. وكما يقولون «التجارة شطارة» لأنها تحتاج إلى ذكاء وموهبة، وهي صفات لا بد أن تكون موجودة في الفنان، وأنا أمارس التجارة منذ سنوات طويلة والحمد لله لم أخسر لأنني أفهم بها جيداً، لأن في رأيي الفنان لا بد أن يكون له مشروعه الخاص، خوفاً من المستقبل وضماناً لأمن الأسرة والفنان على حد سواء».

أحمد السقا يركب الخيل في مزرعته
أحمد السقا يركب الخيل في مزرعته

شركات الفنانين.. بيزنس أم هواية؟

أما الفنانة سمية الخشاب، التي تمتلك «اتيليه» للملابس، فتوضح «الموضوع ليس مجرد «بيزنس» لكنه في الأول والآخر هواية، وأمنية كنت أسعى إليها حتى قبل الفن. فأنا طوال حياتي أحب تصميم الأزياء، وعندما كنت أصمم ملابسي التي أرتديها، كان الجميع يسألونني عن مكان شراء ملابسي، وعندما كانوا يعرفون أنها من تصميمي، كانوا ينصحونني ويشجعوني على الاستمرار، وضرورة احتراف هذا المجال».

وعن اتجاه افتتاح مطعم خاص به، قال الفنان حسن الرداد «على الرغم من أنني عاشق للفن ولمهنتي الأولى وربما الأخيرة وهي التمثيل، إلا أنه من المدهش والمثير أن هذا كان يأتي في المرتبة الثانية في تفكيري، وكان إنشاء مطعم خاص بي يأتي في المرتبة الأولى، وظل هذا الحلم يراودني من قبل أن أبدأ مشواري الفني إلى أن أتيحت الفرصة لنقل الحلم إلى الواقع، وكانت المفاجأة أن الفكرة لاقت قبولاً واستحساناً كبيراً من كل المحيطين بي، خاصة مع نجاح التجربة، لذا فأنا أحاول التواجد بالمطعم كلما سمحت ظروفي ولم يكن لدي عمل فني».

وحول عدم استثماره في الفن، يبين «بالتأكيد أتمنى ذلك، لكن الإنتاج فن قائم بذاته، وله قسم خاص في معهد السينما، والخريج يظل يتدرب لسنوات طويلة في هذا المجال ويتدرج به حتى يصبح قادراً على أن يتولى إدارة إنتاج عملاً فنياً، وفي حقيقة الأمر أنا لم أدرس الإنتاج ولا أفهم فيه، على الرغم من أن الفكرة طرأت على تفكيري أكثر من مرة، ولا أعرف، ربما يحدث في المستقبل».

وكما هو معروف عن النجم الكبير أحمد السقا عشقه للخيل، وهواية قيادة السيارات، ما جعله ينشأ مزرعة لتربية الخيول، كما امتلك في الوقت نفسه معرضاً لبيع وتأجير السيارات، يقوم بتأجير بعضها لشركات الإنتاج لتصوير الأفلام السينمائية. وقال السقا إنه اختار هذين المشروعين تحديداً، لعشقه أولاً الخيل واهتمامه الكبير بها، وأيضاً لحبه الشديد لقيادة السيارات واهتمامه بمعرفة أنواعها وأحدث موديلاتها، لكن انشغاله بالأعمال الفنية يجعله يتابع المشروع عن طريق الهاتف، ولا يتردد عليه إلا في أوقات محدودة، لكنه يحرص بشكل شبه يومي على أن يرى الخيل، ويتابعها بنفسه.

وحول عدم استثمار أمواله في المجال السينمائي، يشير السقا إلى أنه اختار أن يستثمر في هواياته التي يعشقها، ولم يكن هدفه الأول الاستثمار أو الربح بقدر إشباع هواياته التي يعشقها، فضلاً عن أنه لا يحب الأرقام والحسابات، حتى أنه لا يتابع إيرادات أفلامه.

أحمد حلمي.. مطاعم وتوكيلات وشركة إنتاج فني
أحمد حلمي.. مطاعم وتوكيلات وشركة إنتاج فني

أما الفنان أحمد حلمي، فقد افتتح منذ سنوات عدة مطاعم في القاهرة، أحدها على مركب عائم، ولم يكتف حلمي بالمطاعم بل تخصص في امتلاك حق توكيل من إحدى كبرى شركات وشبكات المحمول في مصر، والتي حصرت حق التفاوض واتخاذ القرار في بعض اللوحات الإعلانية والبانرات الخاصة بها في مصر على الفنان أحمد حلمي، غير أنه لم يجعل استثماراته قاصرة على المشروعات التجارية، بل اتجه في السنوات الأخيرة إلى إنشاء شركة إنتاج فني خاصة به للإنتاج السينمائي والدرامي، وأطلق عليها اسم «شادوز كوميونيكيشنز للإنتاج والتوزيع»، أنتج لنفسه من خلالها العديد من الأعمال الناجحة أبرزها «عسل اسود»، «بلبل حيران»، «إكس لارج»، و«صنع في مصر».

هشام ماجد مع أصدقائه النجوم في مطعم من سلسلة المطاعم التي افتتحها
هشام ماجد مع أصدقائه النجوم في مطعم من سلسلة المطاعم التي افتتحها

بيزنس الفنانين.. ظاهرة صحية وخطوة ذكية

عدد كبير من النقاد يرون أن الظاهرة ليست سيئة، بل واعتبرها البعض أنها ظاهرة صحية، أو كما وصفها الناقد محمود قاسم بأنها خطوة ذكية، أن يتعلم النجوم المعاصرون مما حدث مع السابقين.

ويضيف الناقد محمود قاسم «للأسف أغلب نجوم الزمن الجميل خسروا أموالهم وأنفقوها على الفن، وتحديداً المسرح، وعانوا الفقر حتى وفاتهم، لذلك استوعب نجوم الفن الحاليون الدرس جيداً، ولم تأخذهم هالة النجومية ونسوا أنفسهم، وقرروا تأمين مستقبلهم، وهم على يقين بأنه سيأتي عليهم وقت لن يجدوا لهم مكاناً على خريطة الفن، وتحديداً السينما، التي تبحث دائماً عن الشباب، ومؤكداً أن خوفهم من الفقر عندما تتخلى عنهم الأضواء هو ما دفعهم إلى هذا الاتجاه، خاصة أن بعضهم شاهد بنفسه مصيراً مؤلماً لكبار النجوم في عصرهم، والبعض الآخر سمع وقرأ عنهم، فاستوعبوا الدرس جيداً، لا سيما أيضاً أن كبار نجوم هوليوود أخذوا هذا الاتجاه مبكراً ومنذ سنوات طويلة».

وعما إذا كان اتجاه الفنانين إلى «البيزنس الخاص» يشكل خطورة ما على السينما، يجيب «أولاً الإنتاج فن يحتاج إلى خبرة كبيرة، وليس كل فنان لامع ومميز كممثل يصلح لأن يكون منتجاً، وهذه الظاهرة لا تشكل أي خطورة على الفن أو السينما تحديداً، لأن السينما لها منتجوها وهناك العديد من الشركات المخصصة للإنتاج، بل إن عدم حاجة الفنان للمال قد تدفعه إلى التدقيق في عمله والاختيار الفضل دائماً، وهذا في مصلحة السينما».

* القاهرة: نادية سليمان