25 أبريل 2024

التقاط صور السيلفي هوس قد ينتهي بالموت المباغت

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

التقاط صور السيلفي هوس قد ينتهي بالموت المباغت

على الرغم من إدراك مخاطرها.. ما زالت صور «السيلفي» تشهد على اللحظات الأخيرة لحياة الكثيرين، توثق نهاية رحلتهم في الدنيا فلا يتمكنون من تصفح معرض الصور في هواتفهم ليسجلوا تاريخ التقاطهم لها..

البارحة لقيت سائحة صينية حتفها داخل بركان في إندونيسيا، فقد أرادت هونغ لي هونغ، البالغة من العمر واحداً وثلاثين عاماً التقاط صورة «سيلفي» مع زوجها عند فوهة بركان إجين بمنطقة بانيوانجي في إقليم جاوة الشرقية في إندونيسيا، وكانت تريد مشاهدة شروق الشمس من هناك، لكن قدمها زلت فغربت حياتها قبل أن تشرق الشمس.

وقبل ذلك بأيام، سقطت مؤثرة روسية من علو شاهق خلال زيارة سياحية لجورجيا أثناء محاولتها التقاط صورة «سيلفي»، فكانت آخر صورة تلتقطها لنفسها وهي تأمل أن تنشرها على السوشيال ميديا..

وفي شهر فبراير الماضي، انتهت حياة شاب هندي بين فكّيْ أسد في حديقة الحيوان في مدينة تيروباتي الهندية بعدما تسلق السور الذي يحيط بحظيرة الأسد، ليلتقط صورة «سيلفي» معه، لكن الأسد باغته بعد سقوطه داخل قفصه، ونشب أنيابه في عنقه لينهي حياته..

الأمثلة على حوادث «السيلفي» كثيرة جداً، فمنذ ظهور الهواتف الجوالة، تحوّل تصوير الذات إلى هوس لدى معظم الناس، خصوصاً أولئك الشباب الذين يحبون توثيق تحركاتهم ونشرها على مواقع التواصل، لجذب أكبر عدد من المتابعين وتلقّي تعليقات مشجعة من الأصدقاء.

ولا تحلو صورة «السيلفي» إلا بركوب المخاطر، فإن كانت ملتقطة على الأرض مع ابتسامة طبيعية فإنها لا تجذب إلا القليل، لذا يجب أن تكون أشبه بمغامرة، والمغامرة غالباً لا تكون مضمونة النتائج!

مرض نفسي حديث

لاحظ الكثير من الباحثين أن المبالغة في التقاط صور «السيلفي» ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي يعود إلى اضطرابات نفسية واجتماعية، وأن من يلتقطون لأنفسهم صوراً ذاتية بهذا الشكل ولهذه الغاية، يجدون في ذلك متنفساً ووسيلة لتعويض بعض النقائص في شخصياتهم.

وقد تحولت الصور الذاتية مع التفاعل الكبير على منصات التواصل الاجتماعي إلى ظاهرة اجتاحت العالم من أدناه إلى أقصاه، ولم تعد تقتصر على فئة عمرية محددة، بل صارت مثل الغذاء الروحي لكثير من الناس من مختلف الأعمار، وإن كانت أكثر اعتماداً لدى المراهقين والشباب.

ويرى الباحثون أن أولئك الذين يدمنون على التقاط الصور الذاتية يقضون أوقاتهم وهم يعدّلون في الصور، ويمررونها على مرشحات قبل نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ويركز مدمنو «السيلفي» على ذواتهم أكثر ما يركزون، فهم يظنون أنهم أكثر ذكاء وجاذبية من غيرهم، لكنهم في الواقع يعانون فقدان الشعور بالأمان، الأمر الذي يدفعهم إلى سلوك متهور ومحفوف بالمخاطر، وإلى شيء من الشعور بالقسوة تجاه الآخرين خصوصاً أولئك الذين ينتقدونهم، أو يتنمرون عليهم.

ويؤكد الأطباء النفسانيون أن هوس الناس بالصور الذاتية ربما يدل على الإصابة باضطراب عقلي يعرف باسم «سلفيتيس»، وأن الرغبة في ذلك ليست سوى وسيلة للتعويض عن فقدان الثقة بالنفس.

هل من علاج لإدمان السيلفي؟

التقاط صور السيلفي هوس قد ينتهي بالموت المباغت

في الواقع، لا يوجد حتى الآن علاج لإدمان التقاط الصور الذاتية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أصبحت أشد خطراً وأكثر فتكاً ربما من الإدمان على الكحول، أو المخدرات، وإن كان هناك علاج فإنه يعتمد على العلاج السلوكي المعرفي وهو يتطلب مجهوداً من الشخص المصاب والطبيب، على حد سواء.

وقد صنف علماء النفس الإدمان على ظاهرة «السيلفي» في ثلاثة مستويات:

  • التعلق الخفيف، يلتقط فيه الشخص ما معدله ثلاث مجموعات من الصور في اليوم، ويكتفي بحفظها في هاتفه من دون نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
  • التعلّق الحاد، يلتقط فيه الشخص ما معدله ثلاث مجموعات من الصور يومياً ثم ينشرها على مواقع التواصل.
  • التعلّق المزمن إلى درجة الإدمان الشديد، لا يسيطر فيه الشخص على الرغبة الجامحة في التقاط الصور الذاتية على مدار الساعة، ثم ينشر الكثير منها على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد ينهض ليلاً من نومه خصيصاً ليرى التعليقات ويحصي الإعجابات.

تعزيز الأنا:

التقاط صور السيلفي هوس قد ينتهي بالموت المباغت

لارا شابة في العشرين من عمرها، لديها هوس بالتقاط صور «السيلفي» ونشرها على حساباتها في مواقع التواصل، وهي تقضي أكثر من سبع ساعات يومياً في التقاط الصور وتعديلها ونشرها، ثم متابعة التعليقات والإعجابات،تقول لارا: «الله خلقني جميلة جداً، فلم لا أجعل الناس في العالم يرون هذا الجمال؟ قد أجري تعديلات بسيطة على الصور، ولا أمررها على المرشحات إلا عند الحاجة لتغيير الألوان وإخفاء ما لا أريد أن يراه الآخرون».

تشير الدراسات أن الهوس بالسيلفي يدل بوضوح على تعاظم النظرة إلى الذات وتعزيز الأنا. وأن الفتيات هنّ الأكثر تعلقاً بهذه الظاهرة، وأنهن يعمدن إلى وضع مساحيق التجميل، ويحرصن على ضبط الإضاءة، ويخترن زاوية مناسبة للتصوير، وهذا يعني أنهن يقضين أوقاتاً طويلة في إخراج صورة مناسبة قبل الانتقال إلى متابعة ردود الأفعال عليها على مواقع التواصل الاجتماعي.