ميونيخ.. تاريخ وحداثة وأناقة في درّة بافاريا
الرحلة إلى ميونيخ لا تشبه أي رحلة أخرى، فهذه المدينة البافارية العريقة تأسر القلوب بجمالها الأخاذ، وتراثها الثقافي الغني، مزيج مبهر بين المباني التاريخية، والمتاجر العصرية، والمقاهي المخبّأة التي تتعايش بانسجام مع ماضي المدينة الكبير.
رحلة عبر الزمن في شوارع ميونيخ
بمجرد وصولك، سوف تنبهر بالمدينة القديمة، وهي جوهرة معمارية حقيقية. تتنزه في شوارعها المرصوفة بالحجارة، وتستمتع بالواجهات الملونة للمنازل نصف الخشبية، وستشعر بأنك تتنقل في أجواء القرون الوسطى التي تنبع من ساحة مارينبلاتز المركزية.
ففي هذه الساحة مناظر لن تصدقها عيناك من المباني التاريخية، ومتاجر العلامات الفاخرة، وتلك المتوسطة، والمطاعم المنحدرة من دول عدة، وبينها بالطبع الأكل الحلال، ومن هذه الساحة تتفرع الجولة على الأقدام لتقودك إلى حيث لا يتوقف السحر والمتعة، وأنت تسير بين مشاهد الماضي الذي تجسده الهندسة المعمارية الفاخرة، والزخارف الملكية، وروعة الحاضر، بكل تفاصيله العصرية، لتنغمس في كنوز بافاريا العريقة، وجمال ورونق ميونيخ البديعة.
طبيعة ساحرة في ميونيخ لن تصدّقها عيناك
بينما تفتخر ميونيخ بمركز المدينة الصاخب، فإن الجمال الأخاذ يكمن بشكل خاص في مناطقها الطبيعية. إذ تتناثر حدائقها ومسطحاتها الخضراء في كل مكان، واحات غناء مترامية الأطراف، وكذلك بحيراتها الهادئة، ومساراتها المتعرجة. وإذا ما توجهت نحو خارج حدود المدينة، تهمس قلاع نويشفانشتاين ونيمفينبورغ الخيالية بحكايات العصور الوسطى، بينما تلوح في الأفق جبال الألب البافارية القريبة، بقممها المغطاة بالثلوج، وقراها الساحرة. ميونيخ تغزل لك من نسيج الطبيعة المحيطة بها ذكريات لا تنسى.
قلاع وقصور ميونيخ.. شاهد حي على العجائب المعمارية
لا تزال القلاع التاريخية في ميونيخ تقف شاهدة على حقبة ماضية. هذه الهياكل الرائعة والضخمة لكل منها قصتها الفريدة، تدعو هواة التاريخ وعشاق الهندسة المعمارية، على حد سواء، للشروع في رحلة آسرة عبر الزمن، وأبرزها قصر نيمفينبورج الملقب بـ«فرساي بافاريا».
هذا القصر المترامي الأطراف الذي كان مقراً صيفياً لملوك بافاريا، يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر، ويقع وسط حدائق ذات مناظر طبيعية خلابة، مع نوافير متتالية، وأشجار مشذبة. تصاميمه الداخلية الفخمة مزينة بالجص والمطعمة بالمذهّب والزخارف المعقدة.
وهناك أيضاً قلعة هوهن شوانجاو، التي تقع على قمة تلة تطل على مناظر طبيعية تأسر الألباب، موطن طفولة الملك لودفيغ الثاني «ملك القصص الخيالية»، ولا تزال تصاميمها الداخلية محفوظة جيداً.
وعلى بعد مسافة قصيرة، تظهر من بين الضباب الأكثر شهرة، قلعة نويشفانشتاين، كأنها مشهد من كتاب قصص خيالية، بإبداعها المعماري، الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، وبأبراجها الشاهقة وتصميمها الاستثنائي، مكان لا بد من زيارته. وإذا ما سافرت شمالاً ستكتشف قصر شلايسهايم، وهو مجمع من ثلاثة قصور مترابطة تعرض الهندسة المعمارية الباروكية والروكوكو.
يضم كل مبنى مجموعة فريدة من نوعها، وكان مقر إقامة صيفي لحكام بافاريا. وفي الحقيقة هناك نحو أكثر من 15 قلعة تاريخية داخل، وفي ضواحي ميونيخ.. لذلك جولتك ستكون داخل كنوز الماضي.
الحديقة الأولمبية
الحديقة الأولمبية، الحديقة الإنجليزية، متحف المانيا، ومتحف بي إم دبليو
حديقة ميونيخ الأولمبية، هي أكثر من مجرد إرث من الألعاب الصيفية لعام 1972. لقد تحولت هذه الحديقة الحضرية المترامية الأطراف، ذات الهندسة المعمارية المميزة بسقف الخيمة، إلى مركز نابض بالحياة للترفيه، والثقافة، والرياضة. الحديقة نفسها تعتبر ملاذاً لمحبي الطبيعة والزوار للاسترخاء، أو التنزه، أو ممارسة الرياضة.
يمكنك القيام بنزهة ممتعة عبر البحيرة الأولمبية، أو استئجار قارب تجديف للاستمتاع بمناظر فريدة من نوعها. ولا يزال الملعب الأولمبي، بسقفه المبتكر الشبيه بالشبكة، يستضيف الأحداث الرياضية الكبرى والحفلات الموسيقية.. الحديقة تنبض بالحياة من خلال المهرجانات والحفلات الموسيقية في الهواء الطلق ومختلف أنواع الأنشطة والفعاليات.
الحديقة الإنجليزية
أما الحديقة الإنجليزية، فهي واحة ميونيخ الخضراء، تقع في قلب مدينة ميونيخ وتعتبر ملاذاً حضرياً مترامياً لا مثيل له، حيث مساحتها أكبر من حديقة سنترال بارك في نيويورك. تم تصميم الحديقة الإنجليزية في أواخر القرن الثامن عشر، ولم تكن دائماً المساحة الخضراء المثالية التي هي عليها اليوم، فقد كان المقصود في الأصل أن تكون ساحة تدريب عسكري، وسرعان ما تحولت إلى حديقة عامة لمواطني ميونيخ. تمتد الحديقة الإنجليزية على مساحة 370 هكتاراً، وتوفر إمكانات لا حصر لها للترفيه.
يمكنك الاسترخاء على المروج الخضراء الواسعة، أو التنزه على طول المسارات الهادئة، أو القيام برحلة بالقارب في البحيرة من صنع الإنسان. كما يتدفق راكبو الأمواج أيضاً إلى ايسباخ، وهي موجات اصطناعية تم إنشاؤها في النهر الذي يمر بالحديقة للحصول على تجربة ركوب الأمواج الفريدة.
المتحف الألماني في ميونيخ
وإذا ما رغبت في زيارة مكان واحد فيه كل شيء عن تاريخ الاكتشافات وأبرز ما وصل إليه العلم، فعليك بزيارة المتحف الألماني في ميونيخ. هذا المكان إرث من الابتكار، تأسس في عام 1903، وكان نتاجاً لرؤية تهدف إلى عرض روائع العلوم والتكنولوجيا للجميع. المشي في قاعاته يشبه الانطلاق في مغامرة استكشاف كبرى عبر الزمن، والاطّلاع على دروس مجانية في أصل وتطور الأشياء.. من عمالقة اكتشافات الثورة الصناعية المذهلة، مثل المحرّكات البخاريّة الضخمة، والمطابع المعقدة، والطائرات، إلى الابتكار والتطور في مجال الروبوتات واستكشاف الفضاء، يسرد المتحف كل شيء يخص العلوم والابتكارات في كل مجال.
متحف BMW
ولمحبّي السيارات، تقدم ميونيخ فرصة لا تعوّض لاستكشاف متحف BMW الذي يعد مركزاً للتاريخ الغني لشركة صناعة السيارات البافارية، وروحها المبتكرة. يقع هذا المتحف في مبنى تصميمه مستقبلي مزدوج المخروط، وهو أكثر من مجرد عرض ثابت للسيارات.
إنها رحلة ديناميكية يشاهد فيها الزوار تطوّر التنقل، والعلامة التجارية الشهيرة التي دفعته إلى الأمام، حيث تأخذك معروضات المتحف في جولة زمنية، بدءاً من الأيام الأولى لشركة BMW عندما قامت ببناء محركات الطائرات، والدراجات النارية، ثم الخطوط الأنيقة لسيارات الرودستر قبل الحرب، وحتى عجائب الهندسية القوية في العصر الحديث.
ميونيخ وجهة للجميع وجنّة المتسوّقين والذوّاقة
سواء كنت شغوفاً بالتاريخ، أو الفن، أو فن الطهي، أو الرياضة، فإن ميونيخ لديها ما تقدمه لك. ستبهرك هذه المدينة الديناميكية والساحرة بجمالها، وثقافتها، وأجوائها الفريدة. فن الطهو البافاري فيها هو متعة لمحبي التذوق، من النقانق البيضاء اللذيذة مع البريزل، أو البسكويت المملح المقرمش، أو دلل نفسك باللحم المشوي مع مخلل الملفوف، ولا تنس فطائر البطاطس.
وإذا ما رغبت في الأكل الحلال فأمامك عدة شوارع قبالة المحطة المركزية، تتوزع بين جنباتها المطاعم والأسواق العربية التي تلبي كل رغبة، إضافة إلى محال السوبرماركت التي يتحدث أصحابها اللغة العربية، فيسهل عليك التبضع منها.
ولا ننسى أبداً العلامات التجارية المعتادة في الشوارع الرئيسية، حيث تزدهر روح ميونيخ في المتاجر المستقلة المنتشرة في الشوارع الساحرة، التي ستكتشف فيها فريدة من نوعها لمصممين محليين، أو حقيبة جلدية مصنوعة يدوياً، أو هدية تذكارية غريبة، في تجربة تسوّق فريدة وشخصية.
وبعد قضاء يومك في التجول بين أزقة وشوارع ميونيخ، بإمكانك أخذ قسط من الراحة في مقهى ذا طابع بافاري لتتذوق فنجاناً من القهوة المحمّصة على يد مصنع محلي، أو تنغمس في المعجنات اللذيذة المصنوعة من المكونات الإقليمية الطازجة. هذه المقاهي ليست مجرد أماكن لتناول الطعام؛ إنها مراكز اجتماعية يجتمع فيها الفنانون، والموسيقيون، والسكان المحليون، لتبادل الأفكار وتغذية روح ميونيخ الإبداعية.
سوق فيكتوالين في ساحة مارين بلاتز
تصوروا أن سوق فيكتوالين في ساحة مارين بلاتز المشهورة عالمياً، وسط مدينة ميونيخ، أنشئ في عام 1807، لذلك فهو أقدم سوق للمزارعين في ميونيخ. يقع السوق في منطقة مخصصة للمشاة فقط، ويضم أكثر من 140 كشكاً ومنصة زراعية.
يجذب جوّها الاحتفالي والمجتمعي السكان المحليين، والسياح، والذوّاقة، وكبار الطهاة، على حدٍ سواء، حيث يجدون فيها أغلبية المنتجات الزراعية، والأكلات الشعبية، والمطاعم، ومتاجر التذكاريات. يمكن للمسافرين استكشاف سوق المزارعين الملوّن كجزء من جولة مدتها نصف يوم، أو يوم كامل إذا ما شملت الرحلة استكشاف مناطق الجذب القريبة منها الأكثر سحراً في ميونيخ، مثل قاعة المدينة القديمة، وكنيسة القديس بطرس، وميونيخ ريزيدينز.
ميونيخ.. مدينة شعارها «لا كلل ولا ملل»
إضافة إلى تراثها العريق، تقدم ميونيخ العديد من الأنشطة التي تناسب جميع الاهتمامات. سوف يسعد عشاق الفن بمتاحف المدينة العديدة التي تضم مجموعة رائعة من الفن الحديث والمعاصر. وبالنسبة إلى عشاق الرياضة، تعتبر ميونيخ فرصة حقيقية لممارسة جميع أنواع الأنشطة.. يمكنك الاستفادة من العديد من المتنزهات والحدائق في المدينة للمشي، أو الركض، أو استئجار دراجة واستكشاف المناطق المحيطة الخلابة، وفي فصل الشتاء، تقع جبال الألب البافارية المغطاة بالثلوج على بعد بضع ساعات فقط بالسيارة، ما يوفر بيئة مثالية لممارسة الرياضات الشتوية التي لا تُنسى.
ميونيخ.. مدينة الاحتفالات والمهرجانات
ميونيخ مدينة تعرف كيف تجعلك تقضي وقتاً ممتعاً فيها. على مدار العام، تقام العديد من المهرجانات والفعاليات التي تعيد الحياة إلى المدينة. ميونيخ هي أيضاً مدينة ودّية للغاية. يشتهر السكان المحليون بالدفء، وكرم الضيافة، يعاملون الزوار بلطف مع ابتسامة ورغبة في مد يد المساعدة، والرد على أي سؤال.
لذلك لا تنتظر أكثر، أحجز رحلتك إلى ميونيخ واكتشف بنفسك الكنوز المخفية لهذه المدينة البافارية الاستثنائية!
دليلك للسفر من الإمارات العربية المتحدة إلى ميونيخ
إذا كنت تخطط لرحلة من الإمارات العربية المتحدة إلى ميونيخ، فإن هذا الدليل سيزودك بالمعرفة اللازمة لتنقّل سلس خلال رحلتك.
كيف تصل إلى ميونيخ؟
أسرع وأكثر الطرق ملاءمة للوصول إلى ميونيخ من الإمارات العربية المتحدة هي عن طريق رحلات الطيران المباشرة بين مطار دبي الدولي (DXB) ومطار ميونيخ (MUC)، حيث يستغرق وقت السفر ما يقارب 6-7 ساعات.
ومن شركات الطيران الشهيرة التي تقدم هذه الرحلات طيران الإمارات، طيران الاتحاد، ولوفتهانزا. وللحصول على خيارات أوسع من الرحلات وأسعار أقل احتمالاً، فكر في الرحلات التي تتضمن توقفًا واحدًا، وتقدم شركات طيران عدة هذا الخيار.
كيف تخطط رحلتك الجوية الى ميونيخ؟
- احجز مسبقًا: خاصة خلال المواسم السياحية الرئيسية (الصيف ومواسم المهرجانات والأعياد) فإن حجز رحلتك الجوية مسبقاً يمكن أن يضمن لك صفقات أفضل وتوافر أماكن على متن الطائرة.
- قارن الأسعار: استخدم مواقع الانترنت أو التطبيقات المحمولة لمقارنة أسعار تذاكر الطيران للعثور على الخيار الأكثر اقتصادا والذي يناسب تواريخ سفرك وتفضيلاتك.
- ضع في اعتبارك التوقفات: في حين أن الرحلة المباشرة أسرع، إلا أن رحلات الترانزيت قد توفر فوارق كبيرة في الأسعار. قيم المفاضلة بين وقت السفر والتكلفة.
أما بالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن تجربة سفر غير تقليدية، فبالإمكان التفكير في هذه الخيارات، على الرغم من أنها تستغرق وقتاً أطول:
- مزيج من الرحلة الجوية والقطار: سافر إلى مدينة أوروبية رئيسية مثل فرانكفورت أو زيورخ، ثم قم برحلة قطار ذات مناظر خلابة إلى ميونيخ. يتيح لك هذا الأمر الاستمتاع بجمال الريف الأوروبي.
- مغامرة متعددة المدن: قم بتمديد رحلتك من خلال دمج وجهات أوروبية أخرى. سافر من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مدينة مثل إسطنبول أو فيينا، ثم سافر برا إلى ميونيخ بالقطار أو الحافلة. يتيح لك هذا الخيار استكشاف ثقافات متعددة في رحلة واحدة.
استعدادات أساسية قبل المغادرة إلى ميونيخ
- متطلبات التأشيرة: يحتاج مواطنو معظم الدول إلى تأشيرة شنغن لدخول ألمانيا. تأكد من التقديم قبل موعد سفرك بوقت كافٍ.
- تأمين السفر: استثمر في تأمين السفر لحماية نفسك من الظروف غير المتوقعة مثل إلغاء الرحلات الجوية أو الحالات الطبية الطارئة.
- صرف العملات: صرّف بعض الدراهم الإماراتية (AED) إلى اليورو (EUR) قبل مغادرتك. يمكنك أيضاً استخدام بطاقات الخصم أو الائتمان الخاصة بك، ولكن كن على علم برسوم المعاملات الخارجية المحتملة.
لدى وصولك إلى ميونيخ:
- مواصلات المطار: يوفر مطار ميونيخ خيارات نقل مختلفة للوصول إلى وسط المدينة، بما في ذلك القطارات والحافلات وسيارات الأجرة. فكر في شراء بطاقة سفر بأسعار مخفضة على وسائل النقل العام طوال إقامتك.
- الإقامة: تقدم ميونيخ مجموعة واسعة من خيارات الإقامة، من النزل الاقتصادية إلى الفنادق الفاخرة. حدد موقعك المفضل وميزانيتك مسبقًا لتسهيل عملية البحث.
- باقة المكالمات والانترنت: إذا لم يكن لديك شريحة توفر خيار التجوال الدولي، بالإمكان شراء واحدة من مطار ميونيخ تغطي الفترة التي ستبقى فيها في ميونيخ خاصة وأوروبا عموماً.