26 أغسطس 2024

المرأة الإماراتية تحت قبة البرلمان.. تشريعات تنصف المرأة والمجتمع

محررة في مجلة كل الأسرة

المرأة الإماراتية تحت قبة البرلمان.. تشريعات تنصف المرأة والمجتمع

تُعتبر مشاركة المرأة الإماراتية في المشهد السياسي مصدر قوّة وإلهام، إذ إن مشاركتها الفاعلة في النقاشات تحت قبّة البرلمان أسهمت في طرح حلول عادلة ومنصفة، لا تقتصر على حقوق المرأة، بل تعدّتها إلى قضايا مجتمعيّة تستهدف كافة الشرائح المواطنة.

في معادلة المساواة من منظور مختلف، يُطرح هذا السؤال: كيف أنصفت المرأة البرلمانيّة حقوق المرأة، وما التشريعات والقوانين التي ساهمت في سنّها وإقرارها؟

طارق لوتاه
طارق لوتاه

تلعب وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي دوراً محوريّاً في تعزيز الوعي بالحياة البرلمانيّة وتطوير ثقافة المشاركة السياسيّة لدى الشرائح المواطنة وبالأخص المرأة.

وفي هذا السياق، يشير طارق هلال لوتاه، وكيل وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، لـ«كل الأسرة»، إلى أن «عوامل رئيسية أسهمت في ترسيخ الحضور المتميّز للمرأة الإماراتية في مسيرة الحياة البرلمانيّة، أهمها: نهج الشورى الذي ترسّخ منذ قيام الاتحاد عام 1971..

حيث أصبح تمكين المرأة في مرحلة تأسيس دولة الاتحاد هدفاً راسخاً أرسى دعائمه الأساسيّة الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه»، من خلال إصدار التشريعات وإنشاء المؤسّسات المعنيّة بصون حقوق المرأة وتمكينها من لعب دور حيوي في مسيرة تقدم الوطن..

كما أصبحت مسيرة تمكين المرأة الإماراتية وتعزيز حضورها الرائد في كافة المجالات في عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله» أولويّة وطنيّة، من خلال إطلاق برنامج التمكين السياسي بمناسبة اليوم الوطني الرابع والثلاثين عام 2005».

الكوادر البرلمانيّة النسائيّة تدعم مسيرة تمكين المرأة والمنظومة الشريعية تدعم المضي قدما

ويضيف لوتاه «عمليّة تمكين المرأة الإماراتية تسير بخطى راسخة في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، ونائبيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، والتي تُوّجت بصدور قرار رئيس الدولة رقم (1) لسنة 2019 الخاص برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50%..

كما تلعب الاستراتيجيّات الوطنيّة المتنوّعة والدعم اللامحدود لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسريّة «أم الإمارات»، دوراً فعّالاً في سبيل تمكين المرأة الإماراتية وتعزيز إسهاماتها في شتى المجالات».

اجتماع إحدى لجان المجلس الوطني الاتحادي
اجتماع إحدى لجان المجلس الوطني الاتحادي

وفي هذا الصدد، يؤكّد طارق لوتاه على دور الكوادر البرلمانيّة النسائيّة في دعم مسيرة تمكين المرأة الإماراتية وحماية حقوقها لجهة «مشاركة المرأة على نطاق أوسع في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي سواء كناخبة أو مرشحة»..

متوقفاً عند المنظومة التشريعيّة في الدولة، حيث «أصبح حقّا الانتخاب والترشح لعضوية المجلس الوطني الاتحادي مكفولين للمرأة منذ بدء تجربة انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2006، وتعزيز حضور المرأة في الحياة البرلمانيّة بتخصيص (50%) من عدد مقاعد المجلس الوطني الاتحادي للمرأة، وتشغل نسبة (29.5%) من عدد الحقائب الوزاريّة في مجلس وزراء الاتحاد..

وكذلك قرار مجلس الوزراء الخاص (2012) بإلزاميّة مشاركة المرأة الإماراتية في مجالس إدارات الهيئات والمؤسّسات والشركات الاتحاديّة».

ناعمة الشرهان
ناعمة الشرهان

لطالما كانت واحدة من أبرز العضوات الفاعلات في المجلس الوطني الاتحادي، حيث ترأّست لجاناً حيويّة عدّة، منها لجنة التربيّة والتعليم والرياضة والشباب والثقافة ولجنة الشؤون الصحيّة والبيئيّة.

تؤكّد ناعمة الشرهان، عضو المجلس الوطني الاتحادي، على بصمات المرأة في سنّ تشريعات لا تقتصر على حقوق المرأة، بل على تماس بقضايا المجتمع ومتطلباته قائلة: «كنساء، نفخر أن المرأة تولي اهتماماً بقضايا المرأة وحقوقها، في ظل إيمان مطلق من القيادة الرشيدة بقدرات المرأة ودورها الفاعل والمؤثر وإسهامها في نهضة الدولة»..

توضّح «عضوية المجلس الوطني الاتحادي لا ترتبط بتخصّص الفرد، بقدر ما تتماهى مع أبعاد المجتمع، حيث أولينا اهتماماً للصحة النفسيّة والسياسات الدوائيّة والقطاع الصحي وسلامة الغذاء، إلى الكثير من التشريعات التي ركّزت على حقوق الأسرة وفي صلبها المراهقين والشباب، حقوق الطفل، دعم المرأة في دوامها وساعات الرضاعة وغيرها».

تخلص الشرهان «لا تقتصر التشريعات على المرأة، بل تستهدف الأسرة وآخرها القرار الأخير بعدم المغالاة في الأعراس، كما طبعت البرلمانيّة بصمتها في مجال التعليم ورصد معاناة المعلّم ودور أولياء الأمور كشركاء في العمليّة التعليميّة وغيرها من قضايا حيويّة ناقشتها بقوّة في البرلمان».

سمية السويدي
سمية السويدي

المرأة البرلمانية نجحت في تعزيز جودة حياة المرأة

الإطلالة على دور المرأة تحت قبة البرلمان وفي المحافل السياسيّة، يؤكّد على كفاءتها لخوض غمار هذا المجال، وهو ما تؤكّده سميّة حارب السويدي، عضو مجلس وطني اتحادي، لافتة إلى أن المرأة الإماراتية شريك استراتيجيّ ومحوريّ في استشراف المستقبل والتنمية المستدامة بفضل حكمة القيادة الرشيدة ودعمها لتمكين المرأة واهتمام سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات».

تشرح «ساهمت المرأة الإماراتية كعضو مجلس وطني في تشكيل العديد من السياسات والتشريعات ومن بينها تلك التي من شأنها احتضان الاحتياجات المستجدّة للمرأة الإماراتية ورسم مستقبلها الواعد وتوفير فرص أكبر لمواجهة أيّ تحدّيّات لضمان استقرارها واستقرار أسرتها وتمكينها وتعزيز الرفاهية وجودة الحياة وتطوير البيئة التشريعيّة والتنظيميّة الداعمة والممكّنة لجودة حياة المرأة والصحة النفسيّة والوقائيّة والحماية الاجتماعيّة والقانونيّة والتوازن بين الجنسين وسدّ الفجوة الاقتصاديّة بينهما عبر زيادة مشاركة المرأة وتعزيز ريادتها في الاقتصاد وفي قطاع ريادة الأعمال».

وتضيف السويدي «تشارك المرأة في المجلس الوطني الاتحادي -ومن خلال دورها التشريعي والرقابي المسموح لها به- في العديد من القضايا، وتساهم في عمليّة التنميّة المستدامة، من خلال مشاركتها في مناقشة وإقرار التشريعات ومناقشة قضايا المواطنين واحتياجاتهم وإبداء الرأيّ وعرض التوصيّات».

وعلى الصعيد الشخصيّ، شاركت السويدي في معظم جلسات المجلس الوطني الاتحادي «كما شاركت في مناقشات عدّة تخص «سياسة الحكومة بشأن تعزيز مشاركة المواطنين في القطاع الصحي» و«سياسة الحكومة بشأن معايير وبرامج منح الزواج وبرامج تأهيل المقبلين على الزواج» و«سياسة الحكومة بشأن السلامة الغذائيّة» وغيرها..

كما شاركت كعضو في لجنة الشؤون الصحيّة والبيئيّة وترأست لجنة الشكاوى في الفصل التشريعي السابع عشر وشاركت في زيارات وفد المجلس الوطني الاتحادي وترأّست لجنة الصداقة البرلمانية الإماراتية -الأردنية».

د. مريم سلطان لوتاه
د. مريم سلطان لوتاه

المجتمع الإماراتي ساهم في تمكين المرأة

المجتمع الإماراتي هو الداعم الأول لتمكين المرأة منذ البدايات .هذا التوجه تستند إليه الدكتورة مريم لوتاه، باحثة وأستاذة علوم سياسيّة، حيث «حظيت المرأة الإماراتية بمجتمع وثقافة سانداها وقدّرا جهودها في مجال خدمة المجتمع والوقوف جنباً إلى جنب مع الرجل؛ لمواجهة العديد من التحدّيّات التي فرضتها الظروف الجغرافيّة والمعيشيّة القاسيّة»، كما تؤكد.

تقول: «عند تأسيس الدولة، أكرمنا الله بقيادة سياسيّة ممثلة بالأب المؤسّس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه» وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، إذ وفرا للمرأة حقوقاً مساويّة للرجل سواء على صعيد الحقوق والتعليم والتوظيف وحتى الراتب، مقارنة مع دول متقدمة لم تزل المساواة في الراتب بين الجنسين طموحاً ومطلباً في برامجها الانتخابيّة».

إذاً، إرساء أسس دعم المرأة وتمكينها كان قائماً على الصعيد المجتمعي سواءً معرفيّاً أو اقتصاديّاً؛ لتأتي التشريعات لتمكينها من المشاركة السياسيّة كعضو مجلس وطني، وزيرة، وغيرها من المناصب.

تقول د. لوتاه: «لطالما كان الرجل داعماً للمرأة ومسانداً لها في الحصول على حقوقها بما فيها الحقوق السياسيّة، بحيث أنّنا لا ننادي في مجتمعنا بحقوق تخصُّ النساء وأخرى تخصُّ الرجال كوننا لسنا مجتمعاً يهمّش المرأة أو يسلب حقوقها».

كما ترى أن المرأة الإماراتية كانت قادرة على سنّ تشريعات تعزّز حضور المرأة وحقوقها، بيد أن لها وجهة نظر واضحة «قبل أن تطالب المرأة بحقوقها، كانت القيادة السياسيّة تعمل على تمكينها والمطالبة بحقوقها..

فقد تساعد التشريعات على التمكين السياسي وتبيان الحقوق ولكن الثقافة المجتمعيّة قد تمنع تطبيق تلك التشريعات، وهذا غير قائم في الدولة لكون المجتمع هو من مكّن المرأة قبل التشريعات».

أحلام اللمكي
أحلام اللمكي

وفي السياق نفسه ,حرص الاتحاد النسائي العام على تدعيم المشاركة السياسيّة للمرأة عبر سلسلة من البرامج والمبادرات لتدعيم مشاركتها في الحياة السياسيّة.

تؤكّد أحلام اللمكي، مديرة إدارة البحوث والتنمية في الاتحاد النسائي العام، أن «الحديث عن ملف التمكين السياسي للمرأة الإماراتية وطيد الصلة بالجهود والرؤية الثاقبة التي وضعتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك؛ رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة رئيسة مؤسّسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»..

عندما استشرفت مستقبل المشاركة السياسيّة للمرأة وأطلقت برنامج تعزيز دور البرلمانيّات العربيّات من خلال الاتحاد النسائي العام بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة (اليونيفيم قديماً) 2004؛ لتبدأ رحلة بناء قدرات المرأة وتهيئة المجتمع للدور الجديد للمرأة والذي توّج بفوز المرأة الإماراتية مع أول انتخابات في الدولة..

وقد ساهمت الاستراتيجيّة الوطنيّة لتقدم المرأة التي دشّنتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك في عام 2002 والمحدثة في عام 2015 على وضع الركائز الأساسيّة لتمكين المرأة سياسيّاً».

وتعقّب: «يعتبر برنامج (فاطمة بنت مبارك) لبناء قدرات المرأة السياسيّة من أحدث البرامج التي طرحها الاتحاد النسائي العام في الانتخابات الأخيرة في رفع جاهزية المرأة لخوض انتخابات المجلس الوطني الاتحادي..

وقد جاء القرار الذي أصدره المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في عام 2019 برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50% ليضاف كعلامة مضيئة في ملف التمكين السياسي للمرأة».

حوار حول
حوار حول «التمكين السياسي للمرأة»

وحول مساهمة المرأة في سن تشريعات وقوانين تنصف المرأة، توضح اللمكي «إن وجود المرأة تحت قبّة المجلس الوطني الاتحادي لا يعني أنّها تتعامل مع حقوق المرأة فقط، فهي مثلها مثل أخيها الرجل تمثّل المواطن الإماراتي ولها صلاحيّة مناقشة مشروعات التعديلات الدستورية ومشروعات القوانين الاتحادية وغيرها..

كما تسهم في طرح موضوعات عامة للمناقشة ورفع التوصيّات بشأنها للحكومة، وتوجيه أسئلة لرئيس الوزراء أو للوزراء كل في اختصاصه، والفصل في الشكاوى المقدّمة من المواطنين ضد جهات حكوميّة اتحاديّة ولكن البعد الأمومي، قد يعطي للقضايا بعداً شموليّاً أكثر، آفاقاً أعمق في تماسّها مع المجتمع».

وتسلّط اللمكي الضوء على قضايا تمّت مناقشتها تلامس المجتمع منها «ارتفاع أسعار البترول»، «برنامج الدعم الاجتماعي»، «دمج مناهج التربية الإسلاميّة واللغة العربيّة والدراسات الاجتماعيّة» وغيرها من قضايا تتجاوز حقوق المرأة نفسها وتستهدف جميع الشرائح من المواطنين، منها مناقشة «خطة الوزارة المستقبليّة لسد احتياجات المدارس الحكوميّة من المعلمين المواطنين للمرحلة الابتدائيّة والثانويّة» كما «توفير فرص التعليم في الجامعات الحكوميّة لفئة الصم من أصحاب الهمم».