20 يونيو 2021

هل يمكن استمرار الزواج بعد اكتشاف الخيانة؟

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

هل يمكن استمرار الزواج بعد اكتشاف الخيانة؟

قد يثير الحديث عن استمرار الحياة الزوجية بعد اكتشاف الخيانة بعض الاستغراب، بعد أن اعتدنا على أن يكون الطلاق هو الحل الأفضل لتجاوز هذا الفعل لما يسببه من ألم عميق ومشاعر غضب أو الإحساس بالعار أو بالذنب وتأنيب الضمير لدى الطرفين وبسبب ضبابية الموقف وعدم القدرة على التفكير بوضوح واتخاذ قرارات طويلة الأمد نجد الكثير من الأزواج يفضلون استمرار علاقاتهم الزوجية رغم خيانة الشريك تفادياً لانعكاسات الطلاق على أبنائهم أو درءاً للفضيحة وخوفاً من نظرة المجتمع.

«كل الأسرة» ناقشت إمكانية استمرار بعض الأزواج في العلاقة الزوجية رغم اكتشاف خيانة شركائهم وحجم الألم والخديعة التي شعروا بها:

via GIPHY

هل يوجد أزواج يمكنهم أن يتجاوزوا خيانة الشريك؟ وما دوافعهم وأسبابهم؟

توضح المستشارة الأسرية ميساء الشحادات «على الرغم من الألم ومشاعر الصدمة والغضب والخذلان والاكتئاب والندم التي ترافق اكتشاف الخيانة يبدأ الشريك الذي تمت بحقه الخيانة بالتفكير بالخيارات المتاحة أمامه من انفصال أو استمرار وغالباً ما يتخذ قرار الاستمرار مراعاةً لمصلحة الأسرة والأبناء».

لا فرق بالتكليف الشرعي بين خيانة الرجل أو المرأة للميثاق الغليظ الذي جمعهما، لكن تبعات خيانة المرأة على الأسرة أكبر

تبين المستشارة الأسرية «إلى جانب أهمية ترك الشريك الخائن ما كان عليه وإظهاره الندم واعتذاره لشريكه ليكون قادراً على تجاوز مشاعر الصدمة، يجب التركيز على إعادة بناء الثقة بالنفس ومنح الشريك فرصة وتجاوز ما حدث وفتح صفحة جديدة وتصحيح ما كان مختلاً في العلاقة والتعبير عن المخاوف والمشاعر لشريك الحياة وفتح باب الحوار الهادف والتركيز على الذات وعدم لعب دور الضحية وتبني دور المسؤول عما كان وسيكون بعد هذه التجربة».

وتشير «لا فرق بالتكليف الشرعي بين خيانة الرجل أو المرأة للميثاق الغليظ الذي جمعهما، لكن تبعات خيانة المرأة على الأسرة أكبر ولاسيما إن كانت الخيانة جسدية فلربما أدخلت إلى الأسرة من لا ينتمي لها نسباً وهي من الأمور التي شدد عليها الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال (أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء)».

via GIPHY

من مظاهر ازدواجية المعايير في مجتمعاتنا تبرير خيانة الرجل بسبب معاناته في حياته الزوجية أو التلميح على أن احتياجاته هي أكثر إلحاحاً من احتياجات المرأة

تؤكد خبيرة الصحة النفسية الدكتورة هبة شركس، أن قرار استمرار العلاقة بعد اكتشاف الخيانة يتباين تبعاً لاختلاف الحالة ولاحتياجات كل شخص من هذه العلاقة وأولوياته ضمن هذه الاحتياجات منها «الحاجة للسكن والنفقة التي تطغى على احتياج السكينة نتيجة لضعف الثقة بالنفس وعدم القدرة على بناء كيان شخصي مستقل»، كما تبين «يمكن أن يتجاهل الشريك الخيانة لأنه وإن وجد في شريكه زوجاً غير ناجح إلا أنه يرى فيه، أباً أو أماً، رائعاً مما يمنحه القدرة على التسامح، كما أن القدرة على التسامح تخضع لتقييم الشخص للأسباب والظروف التي حدثت فيها الخيانة».

وتشير شركس إلى أن بلورة المجتمعات لأفكار ومعتقدات خاطئة جعلت لخيانة الزوج مبررات وغطاء كما أورثت الاعتقاد بأن الرجال هم الأكثر خيانة! وهذا اعتقاد آخر خطأ، وتوضح «لا يفرق الشرع بين رجل وامرأة فما ينطبق على المرأة ينطبق على الرجل، ومن مظاهر عدم التوازن بين الجنسين تتقبل المجتمعات العربية خيانة الرجل على أنها نزوة وتبررها وترفض خيانة المرأة لاعتبارات أخلاقية، ومن مظاهر ازدواجية المعايير تبرير خيانة الرجل بسبب معاناته في حياته الزوجية أو التلميح على أن احتياجاته هي أكثر إلحاحاً من احتياجات المرأة وهو أسلوب لنشر الفساد في المجتمع».

خطوات لترميم العلاقة بعد الخيانة

وتصنف دكتورة هبة شركس الخيانة إلى أنواع «يجب إخضاع جميع أنواعها للتقييم قبل اتخاذ قرار الاستمرار أو الانفصال، هناك منها ما يصل إلى العلاقة الكاملة «جنسية» ومنها ما يقتصر على التعارف «عاطفية» وخيانة «مالية».

وتستشهد بقصة زوج اكتشف خيانة زوجته عندما وجد في هاتفها الشخصي محادثات مع شخص غريب على مواقع التواصل الاجتماعي، تطورت العلاقة إلى لقاء لكنها اكتفت أن تكون علاقة عاطفية لم تصل إلى مرحلة أكبر، بعد البحث عن الأسباب تبين أن الجفاف العاطفي والمغريات والضغوط التي تعرضت لها هي ما كان وراء انجرافها بهذا الاتجاه لكن هذا لا يبرر الخطأ الذي وقعت فيه، بعد المواجهة اعترفت الزوجة بخطئها وأن ما مرت به ما هو إلا نزوة عاطفية وان رصيدها في العلاقة الزوجية كبير، ما كان من الزوج إلا أن يتخطى الفعل مفضلاً التستر على الأمر راغباً باستمرار العلاقة لأنه يجد فيها أماً رائعة.

وتؤكد أن العلاقة الزوجية تحتاج إلى ما يعيد ثقة الأزواج لبعضهم في محاولة إصلاح الوضع بعد الخيانة لترميم العلاقة منعاً للوصول إلى الطلاق، وذلك يكون من خلال:

1- معرفة سبب الخيانة

على الشريك مراجعة نفسه والبحث عن السبب الذي دفع شريكه للخيانة، بالتفكير والتحليل بعمق يمكنه تصحيح هذا الخطأ.

2- الاعتراف بالخطأ

على الخائن القيام بخطوات لإصلاح الوضع وترميم العلاقة الزوجية، فيبدأ بالاعتراف بخطئه ومن ثم يقدم الاعتذار عما اقترفه من ذنب ويتجنب إلقاء اللوم تجاه شريكه تبريراً لخطئه.

3- بيان أهمية العائلة

يجب أن يفهم الشريك مدى أهمية العائلة والأبناء وضرورة توفير جو أسري آمن كيلا يؤثر في حالتهم النفسية دون أن يشعروا بما يجري من مشاكل ومحاولة ترميم العلاقة بما يناسب جو العائلة.

4- التعهد بالوفاء والإخلاص

بعد الاعتراف بالخطأ وتقديم الاعتذار، على الشريك أن يتعهد بالثقة والصدق والإخلاص في محاولة منحه فرصة ثانية.

5- استذكار الماضي

حث الشريك على استذكار الماضي واسترجاع المشاعر والأوقات الجميلة التي جمعتهما كي يدرك خطأه.

6- الحوار

النقاش فيما حصل لمعرفة دوافع الخيانة ومحاولة إصلاح أخطاء الشريك، وهنا يستلزم الموقف أن يتمتع الطرفان بالصراحة والوضوح والشفافية.

7- التعبير عما بداخلك

أن يعبر الشخص ويفصح لشريكه عن المشاعر السلبية التي سببتها له تلك الخيانة دون السكوت عن أي شيء.

8- التنازل والتسامح

التنازل في الحياة الزوجية أمر ضروري للمحافظة على عائلة متماسكة بعيدة عن التفكك الأسري، وبالتأكيد مغفرة الزوجة لخيانة زوجها أمر في غاية الصعوبة لكن للتمتع بحياة هانئة والمحافظة على استمرارية الزواج لا بد من تنازل من الطرفين.

 

مقالات ذات صلة