30 أكتوبر 2023

القناعة الزوجية كنز لا يفنى.. والمقارنة مع الآخرين تجلب البؤس والأسى

محررة متعاونة

محررة متعاونة

القناعة الزوجية كنز لا يفنى.. والمقارنة مع الآخرين تجلب البؤس والأسى

يعاني الكثير من الأزواج الوقوع في فخ المقارنات الزوجية المدمرة مع الشريك، فعلى الرغم من اختلاف الظروف التي تتسبب فيها المقارنات في حدوث المشاكل الزوجية وطبيعة كل حالة وخصوصيتها إلا أنها في كل الأحوال أحد الأسباب المهمة لغياب السعادة عن الحياة الزوجية، ومن أكثر الأسباب التي تؤدي إلى حدوث المشاكل بين الأزواج والزوجات.

خبراء العلاقات الزوجية يؤكدون دائماً أنه لا شيء يزعج في الحياة الزوجية أكثر من شريك دائم المقارنات بكل صورها وأشكالها، لأنها تحوله لكائن تعيس غير راض عن حياته وعلاقته الزوجية، ويشددون على أن المقارنات كلها مدمرة حتى وإن لم تكن بدافع الغيرة والضيق لأنها في النهاية ستؤدي إلى السخط على كل شيء بدءاً من الحالة الاجتماعية والمظهر والأولاد.. وغيرها.

القناعة الزوجية كنز لا يفنى.. والمقارنة مع الآخرين تجلب البؤس والأسى

المقارنة مع الآخرين.. بوابة المشاكل الزوجية

في البداية، توضح الدكتورة دينا هلالي، خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية واستشارية التنمية البشرية بالقاهرة، أن القناعة الزوجية من أهم أسس السعادة، فكلما اقتنع الزوج بزوجته في جميع النواحي كان سعيداً في زواجه، وكذلك الزوجة في حال اقتناعها بزوجها لن تجد أجمل من حياتها الزوجية وسعادتها.

وتضيف.. لكن للأسف المقارنات الزوجية هي التي تفتح الباب لمعظم المشكلات الزوجية.. والسبب:

  • تدفع الطرفين لعدم الرضا والنقد اللاذع والإهانات المستمرة.
  • مشاعر عدم الرضا عندما تنتاب أحد الطرفين تشعر الطرف الآخر بتدني مكانته عند شريك حياته.
  • تخلق جواً أسرياً غير صحي يسود فيه الشجار المستمر.
  • كما أن المقارنات المستمرة تقتل مشاعر المودة والرحمة بينهما وتدمر مشاعر الوفاء والعشرة الطيبة بينهما.
  • وأخيراً، يصبح عش الزوجية مهدداً بالانهيار.

وتوضح الاستشارية الأسرية أن من أكثر الأمور التي تجرح كرامة المرأة وتعتبرها دائماً منطقة محظورة هو أن يقارنها زوجها بالأخريات خاصة في لحظات الانفعال، حتى ولو كان ذلك من باب التوجيه والملاحظة. فالرجل أحياناً يتلفظ بمثل هذه المقارنات في لحظة غيظ أو غضب لكنها تظل دوماً بصمة مؤلمة لا تنمحي من ذاكرة المرأة.

الـ "سوشيال ميديا" تسببت إلى حد كبير في إحداث حالة من السخط والمقارنات المستمرة

وتشدد الدكتورة دينا هلالي على أن الحياة الزوجية تحتاج لنظرة واقعية بلا مثاليات محبطة لأن التوقعات العالية تجعل الشاب والفتاة يصابان بصدمة عند حدوث أول خلاف وتتكون لديهما حالة من عدم الرضا. مشيرة إلى أن الـ«سوشيال ميديا» تسببت إلى حد كبير في إحداث حالة من السخط والمقارنات المستمرة، ليس فقط بين الفتيات والشباب المتزوجين حديثاً فحسب ولكنها أيضاً طالت الأزواج والزوجات القدامى الذين قضوا سنوات طويلة من حياتهم في رضا تام قبل أن تصبح حياة الجميع مشاعاً على مواقع التواصل.

القناعة الزوجية كنز لا يفنى.. والمقارنة مع الآخرين تجلب البؤس والأسى

لماذا نقارن حياتنا وشركاءنا بالآخرين؟

ويتفق معها الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية بالقاهرة، في أن جروبات النساء على الـ «فيسبوك» وغيرها من مواقع التواصل بوابة للكثير من المشاكل التي تتعرض لها زوجات اليوم، لما لها من دور كبير في إفساد العلاقة الزوجية ودفع المرأة للتفكير بالطلاق وخراب بيتها.

وحول أبرز الأسباب التي تدفع الزوجة وكذلك الزوج لعقد مقارنات بين شريك حياته والآخرين، يبين د. جمال:

  1. نشر الأزواج والزوجات لتفاصيل حياتهم الخاصة والحرص على توثيق لحظات الفرح والسعادة وتقديم الهدايا، يصيب الآخرين بلا شك بالإحباط نتيجة عقد المقارنات، فمثل هذه الصفحات تقلب على الزوجة بشكل خاص المواجع لما تراه من سعادة في حياة الآخرين وقد تكون تفتقدها هي في حياتها وبيتها.
  2. المبالغة في تقديم الرومانسيات من الأزواج في محتوى المسلسلات والأفلام يدفع الكثير من الأسر للتمرد على حياتهم الزوجية خاصة، وبشكل واضح لدى الزوجة فيدفعها ذلك للتمرد على زوجها بدعوى أنها تفتقد الحب بنفس الطريقة رغم أن زوجها قد يكون يحبها بالفعل ولكن بطريقة عملية تختلف عن تلك التي تشاهدها في الأفلام.
  3. توقع شكل محدد للحياة الزوجية والسعادة فيها قد يختلف عن الواقع الذي لن يطابق توقعات الطرفين بالضرورة.
  4. مبالغة الزوجين في الاهتمام والحب في بداية الزواج لإبهار الطرف الآخر بالتركيز على متطلباته والعناية به، ثم ينغمس الطرفان في الحياة ومتطلباتها وأعبائها ويتعاملان بإهمال مع شريك الحياة، فيؤدي هذا إلى عقد المقارنات الدائمة بين الاهتمام السابق وشكل العلاقة الحالي.
  5. عدم التدقيق في اختيار الشريك المناسب منذ البداية، الأمر الذي يزرع في الزوج أو الزوجة مشاعر عدم الرضا عن اختياره فيما بعد ومحاسبة نفسه على سوء اختياره، وتكون المقارنات بالآخرين جزءاً لا يتجزأ من حياته، فأحياناً يخدع الشاب، أو الفتاة، نفسه قبل الزواج أنه يستطيع تغيير بعض الصفات في شريكه للأفضل أو كما يريده هو ثم يكتشف بعد الزواج صعوبة الحال فيفسد حياته.
  6. نسيان الزوجة الاهتمام بنفسها وأنوثتها والاعتناء بأناقتها إلا خارج المنزل، مما يصيب الزوج بالإحباط لأنه يقارنها بالأخريات حتى دون أن يقصد ذلك، ونفس الحال بالنسبة للزوج.

الطريقة الأنسب للتعامل مع الشريك كثير النقد والمقارنة هي الصبر فلعل الأيام تبين له أنه كان مخطئاً

ولكن د. جمال فرويز يرى في المقابل أن المقارنات أحياناً تكون لها جوانب إيجابية وتكون محفزة للزوجين لتغيير نمط الحياة وتقدير مسؤوليات وظروف شريك الحياة. فأحياناً تكون المقارنة في صف شريك الحياة لا ضده، فكم من زوجة أدركت قيمة زوجها عندما وجدت حولها عدداً من الرجال يتخلون عن مسؤولياتهم ويظلمون شركاءهم، وكذلك الحال بالنسبة للزوج الذي قد لا يدرك قيمة زوجته وكم الأعباء التي تتكبدها كل يوم في صمت عندما يرى تمرد الأخريات في قصص الأصدقاء والأقارب وزملاء العمل، وبعدها يبدأ يثمن جهودها ويرضى عن زوجته وحياته فتستقيم الحياة وتغمرهما السعادة بعد الرضا.

ويشير الاستشاري الأسري إلى أن الطريقة الأنسب للتعامل مع الشريك كثير النقد والمقارنة هي الصبر، وألا نصعد من الأمر معه في كل مقارنة يضعنا بها، وأن نتعامل مع الأمر وكأنه لم يكن حتى وإن سبب لنا ضيقاً، فلعل الأيام تبين له أنه كان مخطئاً في حقنا وفي مقارنته.. لكن في المقابل يجب أن ينتبه شريك الحياة لمضمون المقارنة فقد تحوي نقصاً وعيباً في العلاقة بين الزوجين وهذه إشارة تحذير وتنبيه حتى وإن كانت بطريقة جارحة ونرفضها ولكن يجب أن نتلقى الرسالة التي جاءت من خلالها ونحاسب أنفسنا.

القناعة الزوجية كنز لا يفنى.. والمقارنة مع الآخرين تجلب البؤس والأسى

نصائح لحماية الحياة الزوجية من المقارنات المدمرة

من جانبها تقدم الدكتورة إكرام خليل، استشارية العلاقات الزوجية والأسرية بالقاهرة، مجموعة من النصائح لحماية الحياة الزوجية من المقارنات المدمرة والطريقة الأنسب للتعامل مع الشريك كثير النقد والمقارنة من خلال عدة نقاط:

  • لابد من السيطرة على مشاعر النقمة وعدم الرضا عن الطرف الآخر مبكراً وفور ظهورها، وعدم إظهار هذه المشاعر مطلقاً للطرف الآخر خاصة في وقت الغضب.
  • يجب أن يتفق الزوجان منذ البداية على عدم المقارنة بالآخرين، لأنها باب للسخط وعدم الرضا.
  • ضرورة توعية الأهل للشباب والفتيات المقبلين على الزواج بأن العلاقة الزوجية السليمة هي التي تقوم على الرضا والقناعة مما يخلق جواً من الود والرحمة، وتوجيههم للطريقة الأنسب لاجتياز المشكلات التي تواجههم خلال حياتهم الزوجية.
  • تجنب التعالي على الطرف الآخر سواء بالنسب أو المال أو الجمال أو الثقافة، لأنها من أكثر الأمور التي تتسبب في المشكلات الزوجية وتزيد من تفاقمها.
  • التوقف فوراً عن مراقبة ومتابعة الآخرين وحياتهم، وهو الأمر الذي وفرته الـ «سوشيال ميديا» بشكل كبير مما جعلنا طوال الوقت نقارن حياتنا بالآخرين، فينغص علينا صفو الحياة.
  • احترام مشاعر الطرف الآخر أمر ضروري ولا غنى عنه لاستقامة الحياة الزوجية، خاصة أن الزوجة تتوقع من زوجها دائماً أن يقدر حجم الضغوط التي تتعرض لها، لذلك فالمقارنات بينها وبين الأخريات سواء بالتصريح أو التلميح أمر يجرحها بشدة ويجب التوقف عنه.
  • المقارنات أمام الأهل والأصدقاء وكذلك أمام الأبناء تكون جارحة ومؤلمة، لذلك على الزوجين التوقف تماماً وأبداً عن هذا الأمر مهما بلغت لحظات الغضب بينهما لأن ما يقال بينهما في هذا الوقت لا ولن ينسى أبداً مهما طال الزمان ويترك آثاراً نفسية خطيرة على الطرف الذي يتعرض للمقارنة ويصيبه بالإحباط وقد يتسبب أيضاً في لا مبالاة واستسلام سلبي.

اقرأ أيضاً:
- 3 أسرار لتحقيق السعادة الزوجية
- لماذا يقل الرضا في الحياة الزوجية؟

 

مقالات ذات صلة