4 أبريل 2023

أنعام كجه جي تكتب: هل تعانين انخفاض سقفك؟

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

أنعام كجه جي تكتب: هل تعانين انخفاض سقفك؟

حين فتحت عيني على الدنيا، كان السؤال هو: هل تخرج المرأة للدراسة والعمل أم تبقى في البيت؟

ولما تعلمت القراءة كانت مجلة «حواء» القاهرية تدخل بيتنا بانتظام. وكنت أسمع والدي يقرأ لوالدتي، بصوته الهادئ العذب، مقالات السيدة أمينة السعيد عن قضايا المرأة. كانا متنورين، لهما الرحمة، وأرسلا بناتهما إلى المدارس والجامعات، وبعدها إلى العمل. وكان شعار أبي: الشهادة الدراسية أولاً وبعدها الزواج.

لكن جارنا الطيب كان يخالف والدي في الرأي. وكانت له ابنة اسمها نجاة، سارع إلى تزويجها وهي دون الثامنة عشرة. وقد سمعته يردد: «نجاة تزوجت. يعني أخذت الدكتوراه وجلست في بيت زوجها».

اليوم تغيرت القضية. لم يعد السؤال عن حق النساء في العمل؛ بل عن الظلم الذي يتعرضن له في الوظائف العليا. يمكن للمرأة أن تكون رائدة فضاء، لكنها ما زالت، في فرنسا مثلاً، تنال مرتباً يقل بنسبة الثلث عن مرتب زميلها الذي يماثلها في التخصص ويؤدي العمل نفسه.

يزداد طين المرأة العاملة بلّة في حال كانت أمّاً. وأمامي عنوان كبير في مجلة باريسية نشرت ملفاً عن «اللاعدالة» في التعامل مع العاملات والموظفات الأمهات. إنهن «مشبوهات» في أعين أرباب العمل والمديرين. والسبب هو أنهن يطلبن إجازات أكثر من الأخريات بحجة مرض أطفالهن. وهي ليست حجة؛ بل واقع يحصل في كل البيوت. هل يطلب الأب إجازة ليبقى مع الطفل المريض ويرعاه، بينما تذهب أمه إلى الدوام؟

المرأة غير المتزوجة هي المفضلة في الشركات التجارية، وحتى في التعليم. وهناك من يتدخل في حياتها الخاصة ويسألها إن كانت مقبلة على مشروع زواج أو أمومة؛ بل إن هناك من يطلب منها صراحة التوقيع على إقرار يفيد بأنها متفرغة للعمل ولا شيء غير العمل.

ملف الصحيفة الفرنسية يركز على مشكلة السقف الوظيفي. والمقصود المدى الذي يمكن للمرأة أن تصله في تدرج المناصب. إن غالبية النساء مضطرة للاختيار بين الأمومة وبين بلوغ المواقع الإدارية العليا، ففي تلك المواقع نوع من الاستعباد. أي أن لا حياة للمدير العام أو المستشار أو الوزير خارج محيط وظيفته. إنه مطلوب في أي ساعة من النهار أو الليل. يسهر في مكتبه وبينهم من يحتفظ بسرير ينام ويبيت عليه. هل تفعلها امرأة؟

جمعيات حقوق المرأة ترى أن من واجب القانون أن يتدخل. أي أن تصدر تشريعات لا تعاقب المرأة العاملة على أمومتها؛ بل تكافئها؛ لأنها تربي للمجتمع أجيالاً جديدة وتوقف «شيخوخة الأمة». نعم، هناك أمم أوروبية تشيخ بسبب نقص المواليد وارتفاع معدلات الحياة. وفي فرنسا بالذات يشعر الشباب بأنهم يعملون ويدفعون ضرائب باهظة يذهب جزء كبير منها لدفع تقاعد ملايين المسنين وتوفير الرعاية الطبية لهم.

هل نترك الموظفة القديرة تنجب أطفالاً دون أن ينخفض سقفها المهني؟ وبمعنى أبسط: هل نحمي لها موقعها حين تأخذ ابنها إلى الطبيب؟

 

مقالات ذات صلة