27 أبريل 2023

تتويج القرن.. سبانخ وزيوت نباتية وتاج مستعمل في حفل تتويج الملك تشارلز الثالث

كاتبة صحافية

كاتبة صحافية

تتويج القرن.. سبانخ وزيوت نباتية وتاج مستعمل في حفل تتويج الملك تشارلز الثالث

مثلما أطلقت الصحافة على مراسم دفن والدته الملكة إليزابيث تسمية (جنازة القرن)، فإن حفل اعتلاء الملك تشارلز الثالث العرش هو (تتويج القرن) كما باتوا يسمونه رغم أن القرن الحادي والعشرين ما زال في ربعه الأول. هل يخيب ملك بريطانيا الجديد توقعات الفخامة وبريق التيجان باختياره أن يقيم حفلاً يقتصد في البذخ على مائدة عشاء تجمع 2000 ضيف وأن يقدم لهم السبانخ والفول الأخضر بدل اللحوم والطيور المسمّنة؟.

تتويج القرن.. سبانخ وزيوت نباتية وتاج مستعمل في حفل تتويج الملك تشارلز الثالث

الكل يسأل عن الأمير المتمرد هاري

ترك الجمهور العريض عناوين تتويج ملك بريطانيا وانشغلوا بتفصيل جانبي يخص نجله الأصغر الأمير هاري. هل يحضر أم يغيب عن الحفل؟ حسناً لقد عرفنا أن الدعوة وجهت له وهو سيكون وسط العائلة في هذا الحدث الكبير. والسؤال التالي؟ هل تحضر زوجته ميجان التي كانت سبباً في ابتعاده عن أهله وعائلته المالكة؟ جاء الجواب بالنفي. ميجان لن ترافق زوجها إلى لندن. ستبقى مع طفليها في القارة الجديدة التي اختارت الإقامة فيها بعيداً عن مكائد القصور. فهل توقفت الأسئلة؟ قطعاً لا. إن تشارلز حريص على وجود ولديه الاثنين بجواره في حفل تتويجه. وترددت أنباء عن جلسة مصارحة وعتاب جرت بين الاثنين بعد المقاطع المثيرة التي وردت في الكتاب الذي نشره الأمير المتمرد ووصف فيه كاميلا بأنها زوجة أب شريرة. هل لهذا السبب يجري إهمال هاري، فقد أعلن المشرفون على الحفل أن موقعه في الجلوس داخل كنيسة ويستمنستر سيكون في الصف العاشر من الكراسي، أي بعيداً عن باقي أفراد العائلة المالكة. يا للإهانة!

نجح هاري في اجتذاب الاهتمام إلى صفه. ومرة أخرى غطت أخباره على أخبار شقيقه الأكبر الأمير وليام. إن الجمهور غير مهتم بولي العهد سوى بالفضول لمعرفة شكل الفستان الذي سترتديه زوجته كيت في حفل العشاء. وفي هذه الأثناء رفعت سلفتها ميجان من سخونة المنافسة حين ظهرت قبل أيام في «لوك» جديد وشعر مسبل بالكامل على جانبي الوجه مع مكياج كامد وغير براق. إن الممثلة السينمائية السابقة تعرف كيف تثير اهتمام مصوري الصحافة ووكالات الأنباء وأن تلقي حجراً في بحيرة غيرها.

تتويج القرن.. سبانخ وزيوت نباتية وتاج مستعمل في حفل تتويج الملك تشارلز الثالث

ماذا عن ملكة بريطانيا الجديدة؟

لا أحد يسأل عن الثوب الذي سترتديه الملكة كاميلا، تلك العشيقة السرية التي تدرجت في الانتقال من صديقة إلى مطلقة إلى خليلة إلى زوجة إلى ملكة مرافقة إلى... ملكة كاملة الأهلية.. هكذا أراد لها زوجها وحبيبها الأبدي تشارلز. لقد فرض إرادة قلبه على الكتلة الحديدية الصماء للتقاليد الملكية الصارمة وعلى تعاليم الكنيسة الإنجليكانية. وعندما يأمر القلب فإنه قادر أن يلوي الحديد. كل ما عرفناه عن كاميلا أن زوجها الأول ووالد ابنيها، أندرو باركر بولز، قد تلقى دعوة لحضور حفل التتويج في السادس من مايو. لقد تطلقا منذ عام 1995، لكن العلاقات بينهما بقيت ودية والدليل أن الضابط المتقاعد سيكون حاضراً حفل تتويج زوجها الثاني الذي رفعها من مرتبة مطلقة إلى مرتبة ملكة بريطانيا.

تتويج القرن.. سبانخ وزيوت نباتية وتاج مستعمل في حفل تتويج الملك تشارلز الثالث

تقاليد ملكية وترشيد النفقات

رغم خرق عدد من التقاليد، مثل الاقتران بسيدة مطلقة ومنحها لقب ملكة، فإن حفل التتويج سيلتزم بتقاليد ملكية أخرى عمرها 10 قرون. هذا رغم أن الملك تشارلز الثالث لا يخفي اهتمامه بتحديث ما تكلّس من تلك التقاليد وتحويل الملكية إلى مؤسسة تماشي العصر. إن 70 عاماً تفصل ما بين تتويج والدته وتتويجه. ومن التقاليد المرعية أن يلقي الملك خطبة يتعهد فيها بأن يكون مع العدالة والقانون وأن يحمي كنيسة انجلترا، وهو سيكون جالساً على كرسي العرش حين يتلقى تأييد أسقف كانتربري الذي يسلمه النطاقين الملكيين والوشاح قبل أن يضع على رأسه التاج، تحت أنظار قرينته كاميلا، وعندها سيهتف الحضور: «الله يحفظ الملك». إنها تقاليد مكررة لا خروج عليها. وهذا لا يمنع أن الشعب ينتظر اللمسات التجديدية للملك الجديد. فمنذ الخريف الماضي، نشرت صحيفة «الديلي ميل» تقريراً أكدت فيه أن تشارلز الثالث سيستخدم صلاحياته لتعزيز التعددية في المملكة المتحدة. فقد دعي إلى حفل التتويج ممثلو المجموعات الدينية الرئيسية في البلاد، وأولهم المسلمون والهندوس والبوذيون واليهود، بالإضافة إلى ممثلي الكنائس المسيحية.

ثم جاءت الالتفاتة إلى الجانب الاقتصادي، فالملك يدرك حجم الأزمة المعيشية التي تمر بها بلاده والعالم، ولهذا قرر الاختصار في النفقات، ليس بمعنى التقتير بل بدافع الحشمة في البذخ. إن عدد مدعويه لا يزيد على 2000 في حين حضر تتويج والدته الملكة إليزابيث 8 آلاف ضيف، عام 1953، وهو ما كان قد فرض إعادة ترتيب حدائق القصر يومذاك لكي تستوعب كل الحضور. أما مدة الحفل فلن تستغرق سوى ساعة ونصف الساعة، مقابل 3 ساعات في تتويج والدته. ففي ذلك التتويج حضرت كل نساء العائلات الملكية وسليلات الأرستقراطية وهن يضعن التيجان فوق رؤوسهن. أما في التتويج المقبل فقد جاءت تعليمات اللباس مختلفة، ورغم أنها لم تؤكد بعد فإن الأرجح هو أن ترتدي النساء قبعات وليس تيجاناً، باستثناء الملكات من المدعوات.

كما تم تحديد عدد الدعوات لأعضاء مجلسي النواب واللوردات، ففي تتويج إليزابيث حضر 800 نائب ولورد وغيرهم من حملة لقب الدوق والماركيز والكونت والفيكونت والبارون، وهي ألقاب ورثوها عن أسلافهم، وهم حضروا مرتدين المعاطف المخملية القرمزية المزركشة الطويلة. لكن قانون وراثة الألقاب النبيلة قد جرى تعديله في عام 1999، وتم الطلب إلى النبلاء بعدم ارتداء تلك الأزياء التقليدية الخاصة والاستعاضة عنها باللباس العصري المعتاد.

تتويج القرن.. سبانخ وزيوت نباتية وتاج مستعمل في حفل تتويج الملك تشارلز الثالث

تفاصيل حفل تتويج ملك بريطانيا الجديد

الحقيقة أن تشارلز بدأ خطوات تخفيض النفقات حين سعى إلى تقليص عدد أفراد العائلة الملكية الفاعلين إلى 7 أمراء لا غير. لكنه ما زال يراعي شكليات أخرى. فقد امتنع عن طلب صنع تاج مخصوص له وسيكتفي باستخدام تاج سان إدوارد، وهو قطعة مميزة من جواهر العائلة المالكة. أما زوجته كاميلا فسترتدي تاجاً صنع للملكة ماري، الجدة الكبرى لتشارلز، يعود لعام 1911، وبهذا ستكون أول ملكة في بريطانيا منذ 3 قرون تستخدم تاجاً لم تتم صياغته خصيصاً لها. أكثر ما لفت اهتمام الإنجليز هو أن الزيوت المستخدمة في الطهي ستكون نباتية تماماً وبدون أي عنصر حيواني، وهي ستتضمن زيت الزيتون المطعم بنكهة السمسم والياسمين والقرفة والعنبر الرصاصي وزهر البرتقال.

أما الموسيقى المرافقة للحفل فهي ثورة في حد ذاتها. فللمرة الأولى يشارك مرتلون من الإغريق الأرثوذكس في الغناء داخل الكنيسة، وهو اختيار يأتي تكريماً لذكرى الأمير فيليب، والد الملك تشارلز، والذي توفي قبل سنتين عن 99 عاماً. فهو كان مولوداً في جزيرة كورفو اليونانية وفرداً من العائلة المالكة في اليونان قبل اقترانه بإليزابيث الثانية. كما ستكون هناك تراتيل للفريق البيزنطي بقيادة الموسيقار ألكسندر لنجاس. هذا بالإضافة إلى كورال سيؤدي وصلات من موسيقى «الجوسبل» التي يؤديها الأفارقة في الولايات المتحدة. وهذا يعكس المزاج الانفتاحي للملك الجديد.

وتبقى المغنية الأميركية كيت بيري في مقدمة من يشارك في الحفل الموسيقي الذي سيقام في قصر وندسور بعد التتويج، ومعها ليونيل ريتشي، وذلك بعد أن اعتذر عدد من نجوم الغناء البريطانيين. فقد اعتذر إلتون جون من باب الوفاء باعتباره كان صديقاً مقرباً من الأميرة الراحلة ديانا، الزوجة الأولى للملك الجديد. كما اعتذرت المغنية آديل. وتتولى إذاعة «بي بي سي» تنظيم الحفل أمام 20 ألف مستمع. وسيكون هناك أيضاً مطرب الأوبرا الإيطالي أندريا بوتشيللي والمغني الويلزي السير برين تيرفل. والطريف مشاركة فريق من الهواة مؤلف من سائقي سيارات الأجرة والمنقذين على الشواطئ، مع فريق يمثل موسيقيي دول الكومنولث.

للمرة الأولى أيضاً في حفل التتويج داخل الكنيسة، ستكون هناك طالبات إناث بين الطلبة المدعوين من مجموعة «كينج سكولارس»، وهم من الدارسين بمنح ملكية في مدرسة «ويستمنستر» الراقية، ففي تتويج الملكة إليزابيث كان التلاميذ المختارون من الأولاد فقط. وسيتضمن الحفل هتافاً من الطلبة هو «عاش الملك» يرددونه باللاتينية: «فيفا ركس كارولوس».

تتويج القرن.. سبانخ وزيوت نباتية وتاج مستعمل في حفل تتويج الملك تشارلز الثالث

عربة تتويج الملك الجديد

وصلت إليزابيث إلى حفل تتويجها على متن عربة مذهبة عريقة عمرها 260 عاماً. وهي كانت غير مريحة لراكبيها. أما تشارلز وكاميلا فلن يستخدما تلك العربة سوى في الذهاب، أما في رحلة الإياب الطويلة لتحية الجماهير فقد اختارا عربة اليوبيل الماسي، وهي أكثر راحة ومجهزة بما يمتص الصدمات وبمكيف للهواء. وسيسلكان طريقاً أقصر من ذاك الذي سلكته الملكة إليزابيث واستغرق ساعتين. ولمزيد من المقارنات فإن 29 ألف عسكري من القوات المسلحة الملكية حضروا تتويج الوالدة، في حين اختار الملك الابن أن يكون عدد مرافقيه في رحلة عودته بالعربة إلى قصر «بيكنجهام» أقل من ذلك الرقم بكثير.

ويبقى السؤال الملح: ماذا سترتدي كيت ميدلتون؟ في زيارة لها إلى مدينة برمنجهام، صرحت كيت بما يعتبر مقدمة دالة على الجواب، فقد سألتها أليسون هاموند مقدمة البرنامج التلفزيوني «هذا الصباح»: «يبدو لي أنك سترتدين اللون الأزرق»؟ وأجابت كيت: «قد يكون هناك لمسة منه».. إنه اللون المفضل لزوجة ولي العهد التي تحمل لقب أميرة ويلز.

 

مقالات ذات صلة