الارتباط الشديد الذي ينشأ بين الوالدين وطفلهما يلعب دوراً كبيراً في حياة أهل ونمو الطفل معاً، فقد يجعل الأبوين لا يشعران بالراحة والطمأنينة إلا في وجوده أمامهما، وبدلاً عن الشعور بالانزعاج من شغبه ربما يجدان المتعة في ذلك.
لا يزال العلماء يدرسون تلك الرابطة الفريدة من نوعها، والتي تنعكس بدرجة كبيرة على الطفل في تعزيز شعوره بالأمان واحترام الذات، ويمكن أن تؤثر استجابة الوالدين لإشارات الرضيع في التطور الاجتماعي والمعرفي له.
أهمية الرابطة
via GIPHY
الترابط مع الوالدين أمر مهم للطفل، وذلك ما تبين من خلال الدراسات الحديثة. ففي إحدى الدراسات التي أجريت على القرود حديثي الولادة قُدمت لهم عند الولادة أمهات دمى (تماثيل عرض الملابس بالمحلات) وقارنوا ما يقومون معها مع قرود لها أمهات حقيقية. وجد الباحثون أن القرود الصغيرة كانت أكثر تفاعلًا اجتماعيًا عندما كانت لهم أمهات حقيقيات للتفاعل معها، أما مجموعة قرود الأمهات التماثيل، بالرغم من أنها كانت مصنوعة من مادة ناعمة وتقدم الحليب الصناعي لتلك القرود، كان يبدو عليها اليأس والإحباط يعتقد العلماء أن نقص الترابط بين الأطفال يمكن أن يسبب مشاكل مماثلة.
يكون المواليد جاهزين للارتباط على الفور ولكن قد يكون لدى الآباء مزيج من المشاعر حيال ذلك. يشعر بعض الآباء بارتباط شديد خلال الدقائق أو الأيام الأولى بعد ولادة طفلهم، البعض الآخر قد يستغرق معه الأمر وقتًا أطول قليلاً.
طرق التواصل
via GIPHY
تعتبر كل من الرضاعة الطبيعية والرضاعة من الزجاجة أوقاتًا طبيعية للترابط. يستجيب الرضع لرائحة ولمسة أمهاتهم، لذلك في حالة الولادة الطبيعية يحاول مقدمو الرعاية الاستفادة من فترة تنبيه الرضيع بعد الولادة مباشرة وتشجيع الأم على حمله وإرضاعه. ومع ذلك هذا ليس ممكنًا دائمًا، وعلى الرغم من أنه مثالي إلا أن الاتصال الفوري بين الأم والمولود ليس ضروريًا للارتباط المستقبلي بينهما حيث يمكن للأم بناء رابطة قوية مع طفلها بعد أن تمر الفترة الصعبة بأمان.
عندما تكونين أماً لأول مرة فقد لا تعرفين الطرق الطبيعية التي قد تزيد الرابطة بينك وبين وليدك، من تلك الطرق:
- اللمس، والذي يعتبر لغة مبكرة حيث يستجيب الأطفال للتلامس الجلدي، وهو مهدئ لكما معاً وفي ذات الوقت يعزز نمو طفلك وتطوره بشكل سليم.
- التواصل البصري بينكما وجهاً لوجه من مسافة قريبة يُعد أمراً مهماً.
- يحاول طفلك منذ وقت مبكر تقليد تعابير وجهك وإيماءاتك.
- يفضل الطفل الأصوات البشرية ويستمتع بصوت أمه حتى وان لم يفهم ما تقول.
عوامل تضعف الرابطة
via GIPHY
هنالك بعض العوامل التي تؤثر في الارتباط بينك وبين طفلك، بعضها قد يكون خارجاً عن إرادتك وبعضها قد يكون بمحض إرادتك ولكن لا تدركين تأثيره السيئ في الطفل.
- قد يتأخر الترابط بينك وبين طفلك لأسباب مختلفة كأن تتعرضين لمشاكل في الولادة تتطلب رعايتك صحياً وانفصال المولود عنك، أو أن الطفل مولود قبل الأوان فيتم وضعه في غرفة الرعاية المركزة للخدج، ولكن تواصلك معه لا يزال مهماً خاصة وأن الدراسات وجدت أن سماع صوت الأم يخفف الآلام التي يشعر بها الطفل المولود مبكراً الذي يخضع للعلاجات وآلام الوخز للفحوص.
- يمكن أيضاً أن يكون للهرمونات دور في ذلك. في حين أن إرضاع الطفل في الساعات الأولى من الحياة يقوي الرابطة بينكما إلا أنه يتسبب أيضًا في تدفق العديد من الهرمونات المختلفة لدى الأمهات. تواجه الأمهات أحيانًا صعوبة في الارتباط بأطفالهن إذا كانت هرموناتهن مضطربة أو أنهن مصابات باكتئاب ما بعد الولادة.
- يمكن أيضًا أن يتأخر الترابط إذا كانت الأم منهكة وتتألم بعد ولادة طويلة وصعبة.
الترابط بين الأم والطفل تجربة شخصية معقدة تستغرق وقتًا. لا توجد صيغة سحرية ولا يمكن فرضها ولكنها تنشأ كأمر فطري في الطبيعة البشرية بل وحتى في الحيوانات.
لن يعاني الطفل الذي يتم تلبية احتياجاته الأساسية إذا لم تكن الرابطة قوية في البداية ولكن يجب تعويضه في وقت لاحق لأنها توجه حياته مستقبلاً وتضع اللبنة الأولى في شخصيته ما يجعله شخصاً سوياً مؤهلاً للتعامل مع الآخرين في مستقبل أيامه.