13 أكتوبر 2021

كيف نستعيد لمة العائلة بعد أن فرقتها الأجهزة الإلكترونية؟

محررة في مجلة كل الأسرة

كيف نستعيد لمة العائلة بعد أن فرقتها الأجهزة الإلكترونية؟

تعزز الرفاهية من رغبة الوالدين في توفير كافة سبل الحياة الكريمة لأبنائهما، فتكدست غرف النوم بوسائل التكنولوجيا الحديثة المتمثلة في الأجهزة اللوحية وشاشات التلفزيون والحواسيب والألعاب الإلكترونية وغيرها، ليفرز ذلك عن أزمة أول من يدفع ثمنها الأهل وتتمثل في قلة التواصل مع الأبناء وانشغالهم الدائم بعالمهم الافتراضي، لتقف الأسر عاجزة عن إحياء لمة أفرادها حول مائدة طعام أو جلسة حديث يتشارك فيها الجميع.

إنها ضريبة التكنولوجيا التي أوقعت فلذات الأكباد في فخ التسمّر أمام شاشات العزلة الاجتماعية، وهو ما جعل البعض حائراً بين توفير التقنيات الحديثة تصدياً لشعورهم بالنقص وبين المنع في محاولة لانخراط أفراد العائلة في اهتمامات مشتركة تعيد الحياة داخل البيوت التي امتلأت بالغرف المغلقة.

ترى د. أسماء الدرمكي، دكتوراه في علم الاجتماع، أن «الأسرة التقليدية البسيطة سابقاً نجحت في صقل شخصية الطفل دون أن تدري، من خلال الاعتماد عليه وهو في سن صغيرة، وذلك يرجع إلى الطبيعة الاجتماعية واعتماد أفراد المجتمع آنذاك على التفاعل الواقعي الذي عمل على غرس الجوانب الإنسانية الفطرية مثل التسامح، والإيثار، والتعاون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. أما في الوقت الحالي ومع التقدم الذي نعيشه في ظل العولمة، تغير شكل المجتمع وزادت المتطلبات نتيجة ارتفاع مستوى الرفاهية التي نشهدها اليوم مما خلق نوعاً من انعزال الأسرة الذي ترتب عليه انعزال الطفل نفسه عن بقية أقرانه، وسيطرة الحياة الإلكترونية على طبيعة تنشئته، بجانب زيادة التدخلات الخارجية التي تؤثر فيه، وهو ما أدى إلى تراجع دور الوالدين.ومع كل هذه المسببات زادت العزلة وزاد معها شغف العالم الافتراضي الذي حول رغبة الطفل لاكتشاف العالم وإشباع حاجته من التعلم باللجوء إلى خيال افتراضي يبحث فيه فقط عن امتلاك كل أدواته وبرامجه وأحدث إصداراته».

وتكمل «الانعزال الافتراضي ينشئ طفلاً هادئاً قليل الحركة في البيت، وهو ما قد يسعد أحياناً الآباء والأمهات دون الوعي بتأثير ذلك في تكوينه النفسي والاجتماعي، فالتطور مطلوب من غير الخروج عن نمط الأسرة البسيطة، وأرى أن الحلول تتمثل في:

  • الحرص على التشارك في الوجبات سواء كانت الغداء أو العشاء واحترام جميع أفراد الأسرة
  • المحافظة على فتح المجال للنقاش الجماعي للمشكلات التي تواجه الأسرة وأخذ رأي الأبناء فيها
  • طرح الأسئلة وفتح المجال لمناقشة قضايا أخرى حياتية لمعرفة رأيهم حولها، كي يعتاد الابن على عملية التواصل بينه وبين أشخاص واقعيين وليسوا افتراضيين
  • تعزيز وجود الأصدقاء والانخراط في الأنشطة والبرامج الاجتماعية مثل الالتحاق بالنوادي الرياضية والبرامج الكشفية التي لها دور كبير في صقل شخصية الطفل وتعزيز استقلاليته وحسن تصرفه
  • العمل على ضرورة تقنين استخدام الهواتف الذكية والبرامج الإلكترونية لساعات معينة وليس حرمانهم منها، بل يكون ذلك وفق ضوابط بالاتفاق مع الطفل، وكونه شريكاً في القرار فيسهل عليه اتباع تلك التعليمات دون انزعاج
  • زيارة الأقارب والأجداد وتعزيز صلة الرحم وتأكيد حضور الطفل الاجتماعي في المناسبات العائلية ومشاركة أقرانه في اللعب