28 أكتوبر 2021

بلا تهديد ولا وعيد.. كيف تجعل طفلك يحب المدرسة؟

محررة متعاونة

بلا تهديد ولا وعيد.. كيف تجعل طفلك يحب المدرسة؟

تعتبر مرحلة الدخول المدرسي والاندماج في المدرسة للأطفال فترة مهمة بعد أشهر طويلة قضوها من عدم الانتظام المدرسي بسبب فيروس «كورونا»، ومع بداية العام الدراسي الجديد تواجه الأسر الكثير من التحديات والتطلعات الممزوجة بكثير من التخوف من غياب الحماس لدى الأبناء لاستعادة الانضباط الدراسي لتعويض ما فاتهم.

خطوات فعالة يحتاج إليها الآباء والأمهات لتحقيق المعادلة الصعبة خاصة مع الأطفال الصغار الذين هم في أشد الحاجة للدمج المدرسي ولكن بلا عنف أو تهديد.

سألت «كل الأسرة» عدداً من أساتذة الطب النفسي والتربية وخبراء تعديل السلوك حول التحضير النفسي للأبناء للاندماج في المنظومة التعليمية من جديد وما هي الوسائل التربوية المناسبة لكل مرحلة عمرية.

1- الروتين الصحي

via GIPHY

في البداية تؤكد الدكتورة سهام حسن، استشاري الطب النفسي وخبيرة نفسية الطفل وتعديل السلوك بالقاهرة، أن نفسية الأبناء هي أهم ما يمكن العمل عليه في العملية التربوية لأنها المحرك الأساسي لكل الدوافع التي تنشأ في ذات الطفل، وبالنسبة للأطفال صغار السن نحن نحتاج لتحبيبهم في العلم والتعلم وخلق الطرق الفعالة لجعل العملية التعليمية ممتعة وشيقة فلا ينفر الطفل من المدرسة بل تكون رحلة ذهابه يومياً شيقة وجذابة ومحببة إلى قلبه.

وتقول «يجب على الوالدين الاهتمام بالأبناء في هذه المرحلة ومتابعتهم أولاً بأول لأن ذلك يخلق لهم محفزاً ويشعرهم بالأمان والاطمئنان، والاستماع إلى أي شكوى منهم وسؤالهم عن أي مضايقات تعرضوا لها خلال اليوم الدراسي وأخذ كل ما يقوله الأبناء على محمل الاهتمام والعمل على حل أي أمر أو مشكلة يتعرضون لها».

وتلفت استشارية تعديل السلوك إلى أن كثيراً من الآباء يظنون أن المدرسة هي التي تعلم الأبناء الانضباط، ورغم أن هذا الأمر نظري قد يحدث لكن في الحقيقة أنه من الأسرة يبدأ كل شيء، النظام والانضباط والقيم، لذا من الضروري أن تبني الأسرة روتيناً صحياً من كل النواحي يساعدهم على القيام بواجباتهم الدراسية بدون معاناة.

فمثلاً الاستيقاظ المبكر قد يكون أمراً مرهقاً بالنسبة للأبناء، ولكنه يكون أخف وطأة عند طريق النوم الباكر وأخذ فطور صحي ومتكامل قبيل الذهاب إلى المدرسة وهذا الأمر يفرق كثيراً معهم في التحصيل اليومي لدروسهم.

2- ضرورة تحميل الأبناء المسؤولية

via GIPHY

ويتفق معها الدكتور حاتم زاهر، استشاري طب نفس الأطفال والإرشاد الأسري بالقاهرة، في ضرورة تحميل الأبناء المسؤولية بتخويله القيام بمهام من صلب يومياتهم مثل ترتيب الغرفة والسرير وارتداء ملابسه المدرسية وتحضير جدوله الدراسي و ترتيب أغراضه بل وأيضاً استذكار دروسه، والأم والأب عليهما في هذه الحالة المراقبة من بعيد لأن كل هذا يرفع من حس المسؤولية لدى الصغار ويعزز الانضباط والالتزام لديهم، والذي سيظهر انعكاساته بوضوح في أخلاق الطفل وتعاملاته المدرسية.

ويوضح «إن إعداد الطفل للمدرسة وللحياة يثمر بلا شك في شخصيته وتعاملاته في المدرسة ومع زملائه. ومما لا شك فيه أيضاً أن الطفل الذي يتربى في بيئة مسؤولة يوفر جهداً كبيراً على الأم مما يسمح للأم بتركيز اهتمامها على ما هو أهم .

هذا الوقت النوعي الذي يجمع الأسرة الواحدة ويسمح للأبناء بطرح انشغالاتهم المدرسية وسرد تفاصيل يومهم يمنح كمية أمان وثقة رهيبة تعزز من شخصية الطفل، فالطفل حينها سيعيش في أسرة يستشعر فيها أن وراءه ظهراً يستند إليه وأسرة تمنحه الاهتمام والبيئة الهادئة».

3- تجنبوا الشجار أمام الأبناء

via GIPHY

ويحذر الدكتور حاتم زاهر الآباء والأمهات من تصدير المشكلات والشجارات بينهما أمام الأبناء، فالبيئة المضطربة مليئة بالخلافات بين أهم اثنين في حياة الطفل بيئة غير سوية تخلق تشوهات نفسية لدى الأبناء وتجعلهم غير مستعدين للتحصيل الدراسي.

كما يحذر من التشدد في معاملة الأطفال خلال فترة الدراسة والإكثار من الزجر والتوبيخ لأتفه الأسباب خصوصاً أمام الآخرين مما يثير في الطفل الشعور بعدم الثقة في النفس ومشاعر النقص.

وكذلك الأمر بالنسبة للحماية الزائدة من الوالدين للطفل خوفاً على أبنائهم من الضرر ولكن في الواقع هذه الحماية الزائدة تنتج أشخاصاً جبناء خجولين من اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، ذوي شخصية اعتمادية وسلبية وجبانة.

4- الاتساق في التربية بين الوالدين

via GIPHY

أما الدكتورة ياسمين محمد المهدي، استشاري التربية الإيجابية وتعديل السلوك بالقاهرة، فترى أن من أهم الأمور التي تعمل على خلق جو من الانضباط في نفسية الأبناء وتعينهم على التحصيل والتفوق هو وجود اتساق في التربية بين الوالدين، فهو أمر مهم حتى لا يهدم أحدهم ما يبنيه الآخر «دائماً ما أدعو الآباء والأمهات إلى الاتفاق على أسلوب تربوي موحد واحترام قرارات بعضهما البعض أمام الأطفال حتى لو وجد أحدهما أن الآخر عنيف و متعنت مع الأولاد يجب عدم مواجهة ذلك بالدلال وترك الحبل على الغارب من الطرف الآخر بل يجب أن يتوقف المتعنت ويتوقف الدلال الزائد أيضاً.

كما يجب على الآباء الثبات عند فرض أي نوع من العقاب ولكن بلا إفراط بحيث لا يكون وقت الغضب هو وقت اتخاذ قرار بالعقاب، فعلينا أن نتعلم جميعاً الهدوء حتى لا يكون عقابنا انتقاماً لخطأ معين ارتكبه الطفل وأن يكون هذا العقاب عند تكرار الخطأ وليس في المرة الأولى».

وتنصح الدكتورة ياسمين المهدي الأمهات بأن يتبعن مع الأبناء أسلوب الإقناع وليس الإجبار «أقنعيه ولكن لا تجبريه، وقدمي له المنح والمكافآت على التزامه وانتظامه في الدراسة والتحصيل، وعبري دائماً عن فخرك به وفرحك بتقدمه في أي شيء، ولا تقارني بينه وبين إخوته ولا بينه وبين زملائه وأقاربه في مستوى التحصيل والدرجات التي يحصل عليها».

5- تقديم الحلول لا الأوامر واعتماد قرانين واضحة

via GIPHY

من جهته شدد الدكتور مصطفى النحاس، استشاري الطب النفسي بمستشفى المعمورة بالإسكندرية ومدير مركز سبيل للطب النفسي، أن قمع الأطفال وتهديدهم والوعيد لهم إذا لم يحصلوا على الدرجات النهائية في كذا وكذا يقتل الأمل والطموح لديهم ويضفي على الأبناء قدراً من الإحباط ويجعلهم يخشون التفاعل مع المادة العلمية وبالتالي يكرهون المدرسة ويكرهون القائمين عليها.

كما يرى أن حرمان الأطفال من ممارسة الرياضة بسبب بدء الدراسة خطأ فادح فليس هناك أفضل من أن يتعلم الطفل ويمارس الرياضة معاً.

ويطالب الدكتور مصطفى النحاس الآباء والأمهات بعدم معاملة الطفل كأنه ضعيف طوال الوقت وأنه يحتاج لمن يقوم نيابة عنه بفعل كل شيء لأن ذلك يعلمه التواكل والكسل والاعتماد على الآخرين، وأولادنا يذهبون للمدرسة ليتعلموا وينموا مهاراتهم وقدراتهم الذهنية والثقافية والبدنية وليس فقط ليحصلوا على أعلى الدرجات، لذلك لا ينبغي وضعهم دائما تحت الضغط والإحباط من أي خطأ أو إخفاق يحدث لهم.

ويضيف «فالتجربة والخطأ كلاهما من أهم الأمور التي تدفع الإنسان وحتى الطفل للتعلم، فعندما يخطئ أحدهما لابد أنه سيتعلم من خطئه وسيكتسب خبرات شخصية ستكون مفيدة له في المستقبل».

ويلفت استشاري نفسية الطفل إلى ضرورة أن تفكر الأم في الصياغة المناسبة التي تعطي لابنها حلولاً وليس أوامر، فهو لا يزال يتعلم «شجعي المجهود الجيد وليس النتيجة حتى يتعود ابنك أن يرتبط بالفعل وليس بنتيجته، فمثلاً لا نقاش في عمل الواجب والمذاكرة بانتظام ولكن ليس معنى ذلك أن نعاقبه إذا لم يحصل على الدرجات النهائية، والطفل في كل الأحوال يحتاج لنظام وروتين يومي يسير عليه حتى يصبح قادراً على ضبط الذات، وعلى الأم اعتماد قوانين واضحة في المنزل والتمسك بالعواقب في حالة خرق القوانين».