27 أبريل 2022

كيف نحتفل بالعيد دون خلافات زوجية وأسرية؟

محررة متعاونة

كيف نحتفل بالعيد دون خلافات زوجية وأسرية؟

العيد فرحة ينتظرها الجميع من العام إلى العام، وهو في حقيقة الأمر بمثابة فرصة ذهبية للفرح والاستمتاع والاحتفال يجب علينا ألا نضيعها بسبب ارتكاب بعض الأخطاء التي قد نقع فيها، فبعضنا يقوم بأفعال تضيع علينا فرحتنا وفرحة أطفالنا وشركائنا في الحياة بقدوم عيد الفطر المبارك.

سألت «كل الأسرة» عدداً من خبراء الطب النفسي والعلاقات الزوجية والأسرية وتعديل السلوك حول كيفية الاستمتاع بكل لحظاتنا في عيد الفطر المبارك، وكيف نحتفل بالعيد دون خلافات وعواصف زوجية وأسرية، وما أبرز المشاكل التي تحدث خلال الأعياد وكيفية التعامل معها:

كيف نحتفل بالعيد دون خلافات زوجية وأسرية؟

محاولة الصلح في العيد وتجاوز أي خلافات سابقة ليست عيباً.. فكل العلاقات لابد بها من بعض التنازلات

في البداية، تنصح الدكتورة أسماء مراد الفخراني، استشاري العلاقات الزوجية ومدربة الأنوثة والاتيكيت في مصر، الأزواج بضرورة عدم الحديث في الأمور الخلافية في فترات الأعياد وعدم اتخاذ أي قرارات في هذه الفترة حتى لا نكون عرضة للخلاف. كما تشدد على أهمية أن يتعامل الزوجان معاً خلال فترة العيد بمبدأ «اللي فات مات» بمعنى أنه لا داعي للتحدث في مشكلة سابقة تم حلها بل يجب أن تصبح كأنها لم تكن، فلا يجوز أن يكرر أحد الطرفين على مسامع الآخر نفس المشكلة التي حدثت وانتهت منذ زمن لأن هذا الأسلوب يزيد المشاكل ويضخمها ويظهر الشريك بأنه يتعمد تصيد الأخطاء وافتعال المشكلات للتنغيص عليه وقتل فرحة العيد في قلبه.

وتدعو الاستشارية النفسية الزوجين إلى ضرورة الالتفات إلى تصرفاتهما وكلماتهما بشكل عام وبالأخص في هذه الفترات التي ينتظرها الجميع للفرح والاحتفال، وترى أن إهمال عبارات المجاملة والمعايدات الرقيقة يكون سبباً في الكثير من الخلافات كما أن تقديم التنازلات ومحاولة الصلح في العيد وتجاوز أي خلافات سابقة ليست عيباً.. فكل العلاقات لابد بها من بعض التنازلات، والعيب فقط أن يكون التنازل من أحد الطرفين دون الآخر.

وتشدد على أن تبادل المعايدات والكلمات الرقيقة وتقديم الهدايا أيضاً بين الزوجين له أثر كبير في تمضية العيد بشكل مبهج وما المانع من مفاجأة الزوجين لبعضهما ببعض المفاجآت الرومانسية التي نكمل بها بهجة العيد، فلا يوجد أجمل من أن يعبر الزوجان عن مشاعرهما في جو رومانسي جميل بعيداً عن ضجة المسؤوليات الحياتية اليومية.

وتقول «يجب أن يحرص الزوجان في العيد على استرجاع الذكريات واللحظات الحلوة بينهما لما في ذلك من تعزيز للرومانسية، فكلمة «أحبك» و«ربنا يخليكي لي» لهما قدرة عجيبة على إزالة أي خلافات وجعل المياه تعود إلى مجاريها.

وتنصح مدربة الأنوثة الزوجة بالاهتمام بمظهرها خلال العيد وارتداء الملابس الجميلة والرقيقة والجذابة داخل المنزل وتعطير نفسها لإضفاء جو من الرومانسية على العلاقة. ولكنها في الوقت نفسه تحذر الزوجات خاصة من رفع سقف طموحاتها حول التنزه والسفر وقضاء العيد كما تريد، وتبين «للأسف أغلب الزوجات تشعرن بالحزن نتيجة التوقعات العالية في الأعياد ومن بينها خيبة الأمل والكثير من الإحباط خاصة أن بعض الأزواج يستغل إجازة العيد للراحة في المنزل أو لقضاء الواجبات العائلية».

كيف نحتفل بالعيد دون خلافات زوجية وأسرية؟

يجب على الزوجين أن يهنئا بعضهما بعيد الفطر بحب وود أمام الأبناء كي يشعروا بقيمة كل منهما لدى الآخر

أما الدكتور جمال شفيق، أستاذ علم النفس الإكلينيكي ورئيس قسم الدراسات النفسية للأطفال بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، فيشير إلى أن العيد في تراثنا العربي والمصري رمز للفرحة والبهجة والسعادة والسرور وهو ما ترسخ في بنائنا النفسي عبر عشرات السنين التي مضت، ويمثل العديد من الذكريات التي تثير أواصر الشجن كالعيدية والملابس الجديدة وزيارة الأهل والأصدقاء والخروج إلى الحدائق والمتنزهات وممارسة الأنشطة وبعض الألعاب الترفيهية، وهو ما افتقدناه خلال العيد في العامين الماضيين نظراً للإجراءات الصحية الاحترازية المتعلقة بفيروس «كورونا».

ويضيف «يجب على الزوجين أيضاً أن يهنئا بعضهما بالعيد بحب وود أمام الأبناء كي يشعروا بقيمة كل منهما لدى الآخر، فهذا الأمر يولد الاحترام لهما من الأبناء. ولعل من أكثر السنن المحببة إدخال السرور إلى قلوب الأطفال بالعيد، وعمل كل ما قد يزيد الفرحة والسعادة لهم، وقد يكون ذلك من خلال تقديم الهدايا والكلام الطيب والحضن الدافئ، والتغافل عن بعض الأخطاء، وعدم الانتقاد، فهذا يوم عيد وفرحة لهم، مهما كانت الظروف المحيطة».

ويطالب أستاذ نفسية الطفل الأسر بإشراك أطفالها في وضع برنامج لإجازة العيد وعدم إجبارهم على قضاء العيد كما يراه الأبوان، فمثلاً بعض الأبناء لا يحبون كثرة الزيارات العائلية في العيد، لأن ميول الأطفال واختياراتهم تختلف مع اختيارات آبائهم وأمهاتهم، والعكس صحيح أيضاً، لذا وجب النقاش والاتفاق على اختيار الأماكن مسبقا بما يتلاءم مع جميع الرغبات، وعمل موازنة بين رغبات الأطفال والأب والأم.

ويؤكد الدكتور جمال شفيق على أن إظهار الفرح في العيد شعيرة من شعائر الله يجب تعظيمها.. «دائماً ما أنصح الأسر بأن يعبدوا الله بصناعة الفرح لهم ولأبنائهم، فإن لم يستطيعوا فليتصنعوه على الأقل».

ويرى أن السبب في تذمر البعض بأن العيد لم يعد له متعة وأصبح عادة رتيبة لا تنتظر بشوق ولهفة هو الشعور بالتكرار وعدم التجديد فالعيد سيكون كما كان العيد الماضي والذي قبله ولم يختلف إلا في الملابس.

كيف نحتفل بالعيد دون خلافات زوجية وأسرية؟

مظاهر الحب التي يقدمها الآباء من توفير المال والعيدية والملابس الجديدة لا تغني عن وجود الوالدين الدائم مع الأبناء والجلوس معهم في عيد الفطر

تحذر الدكتورة هبة دهب، استشارية العلاج النفسي والتربوي للأطفال والمراهقين في مصر جميع أفراد الأسرة من الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال فترة العيد والتواجد في المنزل من هاتف محمول وتلفاز وخلافه لأن هذه الوسائل جعلت كل طرف في عالم خاص بعيداً عن باقي الأسرة، يعيش مع أشخاص افتراضيين أكثر من حياته داخل أسرته.

وتضيف «إن مظاهر الحب التي يقدمها الآباء من توفير المال والعيدية والملابس الجديدة والهدايا لا تغني عن وجود الوالدين الدائم مع الأبناء والجلوس معهم خاصة في المناسبات الاحتفالية كالعيد، فغياب الأبوين لا يعوضه البذخ الشديد عليهم، وعلى الرغم من أن الحوار مع الأبناء أمر مهم وضروري لكن لا مكان لذلك في وقت الأعياد، فالمواعظ والمحاضرات التي يقدمها الآباء والأمهات مع الأولاد لا تجوز أن تكون في الأعياد وهو خطأ كبير يقع فيه الكثير من الآباء والأمهات وهم لا يعلمون أنهم يبنون حاجزاً كبيراً بينهم وبين أولادهم بكثرة النقد والتأنيب على كل صغيرة وكبيرة وفتح الدفاتر القديمة بمناسبة وبدون مناسبة».

وتشدد الاستشارية النفسية على الآباء والأمهات بسعة الصدر والتعامل مع أخطاء الطفل بسياسة النفس الطويل، فلا ينبغي أبداً أن يضطرنا أبناؤنا إلى الغضب والصياح.