08 سبتمبر 2022

رغم الانفتاح.. لماذا تخشى الفتاة الشرقية مصارحة أهلها بأسرارها؟

محررة في مجلة كل الأسرة

رغم الانفتاح.. لماذا تخشى الفتاة الشرقية مصارحة أهلها بأسرارها؟

عالم الفتاة مملوء بالأسرار، ومهما بلغت الثقة المتبادلة بينها وبين والديها، تبقى هناك منطقة لا تشعر الفتاة فيها بالأمان الفعلي والحقيقي لتخبر ذويها بكل ما يجول في بالها، وبكل ما تتعرض له خلال يومها، ربما خوفاً من العقاب أو من سوء الفهم.

فعلى الرغم من الانفتاح الذي يشهده أفراد المجتمع كافة، يبقى عالم الفتيات مغلقاً، خاصة في ظل انشغال الأهل بمتطلبات الحياة، واكتفائهم بمتابعة التفوق الدراسي لأبنائهم، والتركيز على المظهر الخارجي المناسب واللائق، دون البحث والتقصي أحياناً عما يدور داخل الفتيات من هموم ورغبات وذكريات ومشاعر أليمة.

فما الموضوعات التي ربما تخشى الفتاة مصارحة الأهل بها؟
وهل هناك فجوة واسعة بين البنات وذويهن؟ وما نتيجة التحدث بصراحة مع الأهل؟

رغم الانفتاح.. لماذا تخشى الفتاة الشرقية مصارحة أهلها بأسرارها؟

هناك مواقف تحرش وتنمّر وأخطار عديدة تحاصر الفتيات، لا يصرحن بها لعدم ضمان رد فعل الأهل

«الأهل يتابعون دراستنا باهتمام شديد، يوفرون كافة السبل للحصول على أعلى المعدلات، فهم يظنون أن هذا الأمر هو أكبر همومنا أو هو ما يجب التفكير فيه فقط كطالبات مدارس، ولكن ما يحدث في المدرسة أو خارجها أهم بكثير من ذلك، فهناك مواقف تحرش وتنمّر وأخطار عديدة تحاصر الفتيات، لا يصرحن بها لعدم ضمان رد فعل الأهل، الذين قد يلقون باللوم على الفتاة، أو يتهمونها بضعف الشخصية أمام من يؤذيها».

بهذه الكلمات عبرت شهد خليفة، عن الأمور التي ترفض الفتيات الحديث عنها مع والديهن، حتى مع أمهاتهن، فهن يلتزمن الصمت والهدوء لعدم ضمان المناقشة المبنية على المحبة والمودة في أدق التفاصيل، ويعتمدن على أنفسهن وعلى نصائح الصديقات لحل تلك المشكلات وتخطي المواقف الصعبة، ولا يتعلق الأمر هنا بمرحلة المراهقة التي يصفها العديد بالمرحلة الخطرة، فالأخطر هو مرحلة التعبير عن الذات التي تلي مرحلة الطفولة، وما اكتسبته البنت من أفكار وتصرفات، وغالباً لا يمنحها الأهل الفرصة للتعبير بطريقتها عن ردود أفعالها على بعض الأمور في الحياة، ليبدو لها أنها غير مهمة أو أنها السبب في ما يحدث لها، وعليها التعامل معه كخطأ، أو قد تلجأ الفتاة إلى أشخاص غرباء عن عائلتها بسبب انطوائها وانعزالها في المنزل لعدم وجود من يُشعرها بالدفء.

هل هذه الأمور تستحق كل هذه المخاوف؟ خاصة أن العالم أصبح منفتحاً، ويسمع الأهل ويقرؤون عن العديد من القصص التي تشبه حياة بناتهم، ويتقبلونها كقضايا تستحق الاهتمام.

رغم الانفتاح.. لماذا تخشى الفتاة الشرقية مصارحة أهلها بأسرارها؟

فيما يتعلق بالتأخر الدراسي، بعض الأهل يهجمون على ابنتهم ويضغطون عليها أكثر من اللازم، بدلاً من مساعدتها، أو تفهم قدراتها

ترى شيخة ناصر أن التنمّر ظاهرة ثابتة في كل المدارس، والحديث عنه مع الأهل مقلق بالنسبة لكثير من الفتيات، «كيف ستخبر الفتاة والديها بأن هناك من يسخر من ابنتهما ويقلل من شأنها أمام العديد من الطالبات؟ فهذا الأمر مخجل ويسبب خيبة أمل للأهل، وربما يكون هذا السبب المباشر في تردد الفتيات في الحديث في مثل هذه الأمور، إضافة إلى موضوع التأخر الدراسي، وعدم القدرة على فهم بعض المواد. فبعض الأهل يهجمون على ابنتهم ويضغطون عليها أكثر من اللازم، بدلاً من مساعدتها، أو تفهم قدراتها».
العاطفة وهمومها.

ضغوط تتعرض لها الفتيات

رغم الانفتاح.. لماذا تخشى الفتاة الشرقية مصارحة أهلها بأسرارها؟

لا يمكن الإفصاح عما نتعرض له من تحديات، إذ تظل الفتاة متهمة بالتقصير والضعف وعدم القدرة على تحمّل المسؤولية»

تقول فاطمة راشد: «لا يدرك بعض الأهالي معنى كلمة «ضغوط»؛ بل يسخرون منها في بعض الأحيان، تزاحم الأفكار في عقل الفتاة يتسبب في عدم شعورها بالارتياح؛ إذ عليها الالتزام مثلاً بقرار اتخذته ولا تفكر في التراجع عنه خوفاً من رد فعل الأهل، وقد نخفي اختيارنا لتخصص خطأ، أو صعوبة التأقلم معه، كما لا يمكن الإفصاح عما نتعرض له من تحديات؛ إذ تظل الفتاة متهمة بالتقصير والضعف وعدم القدرة على تحمّل المسؤولية».

رغم الانفتاح.. لماذا تخشى الفتاة الشرقية مصارحة أهلها بأسرارها؟

في مجتمعاتنا العربية تظل الفتاة صغيرة ومشاكلها ومشاعرها تافهة بخلاف الدراسة والتخصص

وتؤكد شيخة البلوشي أن سر قوة شخصية الفتاة أو ضعفها، وقدرتها على الاعتراف والتعبير، يكمن في علاقتها بوالدتها، «إذا تمكنت الأم من تفهّم ميول ومواهب ابنتها فستجعل الأمر أسهل عليها لفتح طريق للمناقشة وتصحيح الأفكار الهدامة التي نكتسبها عادة من المدرسة أو من صديقات السوء، لكن في مجتمعاتنا العربية تظل الفتاة صغيرة ومشاكلها ومشاعرها تافهة بخلاف الدراسة والتخصص، فكيف لها أن تبوح لأهلها بأنها خانت دورها الدراسي، ومالت بمشاعرها لشخص يمكن أن يخذلها أو يبتزها أو يطلب منها مقابلته سراً؟ كما أن الرحلات والرغبة في الخروج للاحتفال مع الأصدقاء من الأمور التي تخفيها الفتاة عن والديها؛ لأنها تتوقع الرفض المسبق فتكذب أحياناً لتختصر الطريق».

رغم الانفتاح.. لماذا تخشى الفتاة الشرقية مصارحة أهلها بأسرارها؟

الحديث الصريح مع والدي يخيّب آمالي ويضايقني بشدة

أما جوري محمد فتخجل من أن تصرح بأنها ليست جميلة، «بقائي لساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي كشف لي أنني لست جميلة، مقارنة بالفتيات اللاتي يحصدن آلاف الإعجابات، لا أستطيع أن أخبر والدي بأنني أريد أن أهتم بشكلي كي أصبح مثلهن، فهم يرون أنني جميلة في كل حالاتي، وأنا أرى عكس ذلك، والحديث الصريح معهما يخيّب آمالي ويضايقني بشدة، ولا أمتلك المال لمراكز التجميل، ولا أشعر بالرضا على الإطلاق».