يترافق التمرد عند الأطفال مع عدة أسباب قد تكون ظاهرة للأهل أو متخفية تحت ستار نفسي أو عاطفي حيث لا يستطيع الطفل التعبير عن مكنوناته.
يضعنا الدكتور أمجد يوسف أبو سويد، استشاري وباحث تربوي، أمام إشكاليات هذا الوضع ودور الأهل في إرساء هذا السلوك والمطبات التي يقعون فيها من خلال تنشئة أبنائهم بالعقاب والصراخ والغضب، كما يطرح طرق التعامل مع هذه الإشكالية، بما تحمله من جانب إيجابي لجهة تعبير الطفل عن شخصيته أو جانب سلبي يترافق مع أعراض «غير حميدة» عبر سلوكيات محرجة وعدوانية في المنزل أو في البيئة المحيطة.
ما الذي يدفع أطفالنا للتمرد؟
ثمة أسباب كثيرة تقود الطفل للتمرد «بعض الأسباب نفسية ولكن الكثير منها يصنعه الأهل من خلال التحكم في السلوكيات والأوامر والحماية الزائدة والحذر المفرط والمبالغة في حماية الطفل، لأن الأمهات والآباء يرغبون بتميز أطفالهم وتفوقهم في كافة المجالات، ما يقود الأبناء إلى كره ما يقومون به، وصولاً إلى مرحلة العصيان وإعلان التمرد على الأهل».
الأسباب التي تقود الطفل للتمرد:
- عدم منح الاستقلالية للطفل وتوجيه الأوامر والتعليمات باستمرار والتدقيق الدائم على سلوكه.
- تعرضه للضرب المتكرر وعدم إعطائه الفرصة للحوار والدفاع عن نفسه.
- الاستجابة للطفل عند البكاء بغرض الحصول على شيء ما، وتدليله زيادة عن اللزوم.
- التفريق في المعاملة وإحساس الطفل بتفضيل أخيه عليه.
- مشاهدة أفلام العنف في الشاشات المختلفة من الأجهزة الذكية والتلفاز.
- إدمان الألعاب الإلكترونية العنيفة.
- الانتقاد المستمر لأفعاله وتصرفاته أمام أقاربه وجيرانه وأصدقائه.
- حرمان الطفل من بعض الأشياء التي يحبها ويفضّلها.
- التدخل الدائم والمستمر في حياة الطفل، والضغط عليه لفعل أشياء أو أمور لا يرغبها.
- تقليد الطفل للسلوك العصبي لأحد الوالدين وخاصة في الخلافات أمامه.
- تلبية كافة متطلباته وعدم التمييز بين الاحتياجات والمتطلبات.
عدم تفهم احتياجات الطفل يقوده إلى التمرد
ما الأخطاء التي يقع فيها الأهل؟
يوضح د. أبو سويد، المحاضر والمتحدث في تيد إكس العالمية، أن «عدم تفهم احتياجات الطفل يقوده إلى التمرد، وبالتالي فإن المحور الرئيسي لهذه الظاهرة هو تفهّم الأهل للطفل وتفهّم احتياجاته وتعزيز ثقته بنفسه وتنمية قدراته بما يتناسب مع عمره، والتمييز بين الطفل وسلوكه، ومكافأته على سلوكه الحسن والمميز، وتحسين سلوكه السلبي».
ومن الأخطاء التي يقع فيها الأهل:
- عدم مراعاة الفروق العُمرية والفردية بين الأطفال، التمرد سلوك وليس رغبة من الطفل بفعل ذلك. ما علينا فهمه أن الطفل يحاول فقط التعبير عما بداخله من خلال هذا التمرد والعصيان.
- عدم الإلمام بالحوار والتحاور مع الأبناء بشكل إيجابي، ما يصل بهم إلى الجدال والمجادلة والتمسك بالرأي والتعصب له حيث يطلق على هذه الظاهرة التمرد الإيجابي، ولكن كلمة التمرد غالباً ما تعني للأهل الرفض السلبي والعصيان وقد يبدو للوالدين بأنّ أبناءهما يجادلون من أجل الجدل فقط، لكنّهم في الحقيقة يمارسون قدراتهم الجديدة، والتي تنبع من الشعور بالقوة والتحدي والتغيير الذي يساهم، ويعكس النمو والتطور الطبيعي لشخصية الناشئ أو الشاب.
- التمرد السلبي في أوساط الناشئة والشباب، وهي من أعقد المشكلات التي تواجه الأهل والمجتمعات، وتبدأ ظاهرة تمرد داخل الأسرة برفض أوامر الوالدين وعدم الالتزام بتقاليد وعادات الأهل، يأتي بعدها التمرد على البيئة المدرسية. ويظهر التمرد السلبي بأشكال متعددة منها الكلمات الصادمة للأهل وللمجتمع، أو الملابس والوشم والأكسسوارات المثيرة غير المألوفة، أو الخروج من البيت دون إبلاغ الأهل، أو الجنوح لارتكاب الأخطاء.
من الضروري إعطاء الطفل ما يستحق من وقت ومشاعر وجهد وثقة واحتياج
ما الخطوات العملية التي تساعد الأهل على الارتقاء بالعلاقة مع طفلهم؟
يورد د. أبو سويد جملة توصيات:
- إعطاء الطفل الاستقلالية للتعبير عن نفسه دون خوف.
- مصاحبة أطفال من أقرانه ونفس عمره لتنمية مهاراته.
- إعطاء الطفل ما يستحق من وقت ومشاعر وجهد وثقة واحتياج، حتى لا يكون آخرون مصدر ثقة الطفل الأول.
- تفهم الأهل لمشاعر الطفل كونهم مصدر الأمان الأول.
- تحكم الآباء والأمهات بردود الأفعال وضبط الانفعالات والتوتر الزائد أمام الأطفال، حتى لا يتم تقليدهم.
- عدم توبيخ الطفل على سلوك فعلهُ، بل توضيح السلوك السليم الذي يجب أن يسلكه الطفل.
- تخصيص وقت كاف للاهتمام بالطفل واللعب معه والاستماع إلى مشاكله وتفريغ طاقاته لإشعاره بالأمان الأسري.
- في مرحلة انفصال الأبوين، يجب تفهّم مشاعر الأطفال واحتياجاتهم وتلبيتها ومتابعتها.
- عدم تلبية جميع متطلبات الطفل، ليميز بين متطلبات أساسية وأخرى غير ضرورية، وتعليمه بأن يتكلم بهدوء حتى يتم تنفيذ طلبه، بعيدا عن سلوك التمرد.
- على الأهل اختيار مكان وزمان مناسبين بعيدًا عن الأطفال لمناقشة أمورهم الخاصة وإدارة خلافاتهم وإيجاد حلول لها، ليتجنبوا ردود فعل الأطفال النفسية والعنيفة.
- عدم وصف الطفل بالتمرّد حتى وإن كان كذلك، لأن تلك الصفة المؤقتة ستبقى ملتصقة به وربما تتحوّل إلى لقبه فيما بعد.
- إشباع الحاجات الفسيولوجية عند الأطفال وتجنب السلطوية الوالدية.
- العناية بالطفل والتعبير عن مدى حبكم له ومدحه لأفعاله الحسنة.
- تجاهل الطفل أثناء الانفعال الزائد بالابتعاد عنه أو تغيير المكان.
- تقديم هدايا ومكافآت له من باب تحفيزه وتعزيز سلوكياته الإيجابية.
- السماح للطفل بالتحدّث والمشاركة أثناء التجمعات العائلية، ومشاركة أصدقائه الرحلات المدرسية، وتعليمه المبادرة وتعزيز العمل الجماعي لديه.