اختيار ماذا وكيف يأكل الطفل مسؤولية تقع على كاهل الأبوين، وهي ليست سهلة كما يظن البعض حيث إن الطريقة التي نطعم بها الطفل يمكن أن تؤثر في نظامهم الغذائي وحتى صحته وسلوكه.
من الأمور التي يولي لها اهتمام الخبراء في الآونة الأخيرة هي دراسة سلوكيات الأهل التي يعتمدونها عند إطعام أطفالهم، والتي تبين من خلالها أن الكثيرين يرتكبون أخطاء تؤثر حتماً في أطفالهم من حيث لا يعلمون وتظهر لاحقاً على صغارهم وعاداتهم الغذائية، نورد 5 من أكثر هذه الأخطاء تكراراً:
أنت تقول شيئاً وتفعل آخر
من أفضل الأشياء التي يمكن أن نفعلها كأهل هي تلك التي تتعلق بالعادات الغذائية واختيارنا وسلوكياتنا تجاهها. ولكن النهج الذي يتبعه الكثير من الأهالي مع أطفالهم هو «افعل كما أقول» وليس «افعل كما أفعل». فبصفتنا آباء نحن نواجه تحدياً لا يصدق في محاولة خلق بيئة أكل صحية ضمن مجتمع يعاني السمنة في الوقت الراهن. نريد أن نجعل الفاكهة والخضروات قاعدة غذائية أساسية لأولادنا، نريد أن نجعل العصير والمشروبات الغازية والمشروبات المحلاة بالسكر خيارات غريبة على مائدتنا، بدلاً من أن تكون مماثلة لما يشاهده الطفل في معظم المطاعم. كل هذا لا يعني بالضرورة وضع قواعد صارمة لما يجب أو لا يجب لأطفالنا تناوله بل خلق إرشادات ذهنية حول كيفية تصرفنا كآباء باعتبارنا قدوة لهم. في النهاية، سيتجاوز الأطفال اهتمامهم بالوجبات السريعة والمشروبات الخفيفة لأن ما يأكلونه هو ما يروننا نحن الأهل نأكله.
أنت تجبر طفلك على الأكل
كلنا نتمنى أن يكون أولادنا مثالاً في خيارات الطعام الذي يتناولونه، يأكلون طعاماً متوازناً ومغذياً في كل وجبة. يمكنك محاولة إجبار طفلك على ذلك، ولكن هل هذا تصرف صحيح؟ تشير جميع الأبحاث إلى أن إجبار الطفل أو رشوته كي يتناول طعاماً معيناً يقلل من أهمية هذا الطعام. على سبيل المثال، عندما تقول له «كل البروكلي الخاص بك وبعد ذلك يمكنك تناول الآيس كريم»، بهذه الطريقة أنت تعلم طفلك أن البروكلي ليس بهذه الروعة وأن تناوله يستحق مكافأة. وعلى الرغم من أنهم سيجدون الآيس كريم رائعاً إلا أنك تعزز لديهم فكرة أن الحلويات هي خيار مرغوب به.
إذاً ماذا تفعل هنا؟ كن قدوة لهم باستهلاكك الطعام الأخضر، وشجعهم على تجربة ذلك بشكل متكرر من خلال أخذ قضمة منه، حيث تشير الأبحاث إلى أن الإعجاب بشيء يتطلب غالباً تذوقه مراراً وتكراراً.. ثم دعهم يرتاحون.
أنت تغرس الكثير من القواعد بخصوص الأكل
لا وجبات خفيفة، لا حلوى، لا صودا.. ربما ينشأ الوالدان مع الكثير من «قواعد الطعام» فيميلان إلى تنفيذها في منزلهما. ولكن ما دامت هناك قواعد، فستكون هناك حتماً محاولات لكسرها. يقول خبراء التغذية إن من أكثر الأسئلة التي يوجهها لهم الأهل «هل أضع جدول أكل لأطفالي أم أجعلهم يتمتعون ببعض الاستقلالية ليختاروا متى وماذا يريدون تناوله؟» ويجيبون ناصحين: قدموا لهم وجبات صحية ولكن لا تجبروا أطفالكم على تناول الطعام إذا لم يكونوا جائعين. إذا طلبوا وجبة خفيفة، اسألوهم أولاً عما إذا كانوا جائعين أو أنهم فقط يريدون أن يتجنبوا الواجبات المدرسية مثلاً أو يحاولون إلهاء أنفسهم لغرض ما. إذا كانوا جائعين اسمحوا لهم باختيار الوجبة الخفيفة من بين خيارات صحية متنوعة. إذا لم يتمكنوا من الانتظار حتى إعداد الوجبة الرئيسية، اقترحوا عليهم موزة أو قطعة جبن أو أي طعام صحي خفيف آخر. إذا ما أخذوا الموز فإنهم جائعون حقاً، وإذا تناولوا القليل في وجبة العشاء بعد ذلك، فعلى الأقل قد أكلوا موزاً قبلها.
أنت تتشاجر مع طفلك بسبب الطعام
في كثير من الأحيان يجد الآباء أنفسهم يتشاجرون مع أطفالهم بسبب الطعام، ولكن في الحقيقة شجارهم غالباً ما يكون أصلاً لأسباب أخرى. على سبيل المثال، أنت تغضب من ابنتك لأن غرفتها ليست نظيفة وغير مرتبة كما ينبغي، ولكن لأنك لا تستطيع على ما يبدو إجبارها على فعل ذلك فإنك تلجأ إلى التحكم في عدد الحلويات الموجود في المنزل، وتقرر استبعاد الآيس كريم وتتشاجر بسبب ذلك. هذا يثبت لك أنك المسؤول عن المنزل.
رغم أنه من الصعب تجنب الجدل مع الأطفال حول الوجبات السريعة أو بعض الحلوى، إلا أنه يجب أن تختار هذه «المعارك» بحكمة، هذا إذا ما اخترتها أصلاً. فالقليل من الوجبات السريعة أحياناً وحصة صغيرة من الحلوى ربما لن تضر أي من الطرفين، ولكن الشجار حولها يضفي على الطعام طابعاً سلبياً للغاية. فمن خلال السماح لأطفالنا بالحصول على حصة صغيرة من الكعك المحلى مثلاً من حين لآخر فإننا نعلمهم أن الأجزاء المعقولة من الأطعمة المرغوبة يمكن أن تكون جزءاً من نمط صحي، ومن المرجح أن تمنعهم هذه الاستراتيجية من المبالغة عندما يكون لديهم قرار اختيار الطعام بأنفسهم.
أنت تجعل الطعام مشكلة كبيرة
نكرر، أن ما نختاره لإطعام أطفالنا هو أحد أهم الأدوار التي نؤديها كآباء. لكن تحويل مسألة الطعام واختيار نوعيته إلى مشكلة كبيرة يمكن أن يأتي بنتيجة عكسية تماماً. فالتركيز على الطعام يرسل رسائل غير مفيدة للأطفال، مثل أن اختيار الطعام «صعب» وهو أمر غير ممتع ولا يتعلق بالتغذية والصحة. كما أن إخبار الأطفال بأن هذا الطعام «جيد» وذاك «سيئ» هو نوع من التفكير ثنائي الخيار ربما يساهم في الإفراط في تناول «السيئ»، حيث إن نادراً ما تنجح الصلابة. بدلاً من ذلك، حاول أن تطرح أسئلة على أطفالك لمساعدتهم على تعلم اتخاذ قرارات جيدة بأنفسهم، مثلاً «كم عدد الكعكات التي تعتقد أن عليك تناولها للتحلية؟»، «هل أنت جائع حقاً؟ أم أنك تبحث عن شيء لتفعله؟»، «ما الذي تعتقد أنه سيكون وجبة خفيفة جيدة الآن لأن وجبة العشاء قريبة؟»..
في نهاية اليوم، ما نريد فعله كآباء هو غرس عادات أكل تساعد أطفالنا في الحفاظ على صحتهم وعلاقة صحية مع الطعام. وعندما تكون الأمور صعبة عليكم، بإمكانكم التحدث مع أطفالكم عن التحديات.
