28 يوليو 2024

طرق التعامل السليمة مع الأبناء.. خطوات بسيطة تحد من السلوكيات السلبية

محررة في مجلة كل الأسرة

طرق التعامل السليمة مع الأبناء.. خطوات بسيطة تحد من السلوكيات السلبية

«أسرع في ارتداء ملابسك، اذهب للنوم، انهض لتستحم، اذهب ومشّط شعرك.. »، هكذا يحاور معظمنا أبناءه، يكثر من الانتقادات أو إصدار الأوامر لهم، هي مشكلة حقيقية تتسبب في اندفاعهم نحو السلوكيات السلبية، بل وتؤدي إلى التمسك بها كنوع من الانتقام لأنفسهم من أقرب الناس إليهم، كل ذلك يؤدي إلى زيادة الهوة بين الآباء والأبناء.

طرق التعامل السليمة مع الأبناء.. خطوات بسيطة تحد من السلوكيات السلبية

ناقش البرنامج التدريبي «بأيدينا نبني أبناءنا»، الذي نظمته إدارة التنمية الأسرية وفروعها بالشارقة، وقدمته عفاف محمد الجاسم، استشارية اجتماعية أسرية ومدرب في المهارات الحياتية والتنمية البشرية والإدارية، حول طرق التعامل السليمة مع الأبناء.

بدأت حديثها بطرح مثال لموقف حدث مع طفلة عادت إلى والدتها لتروي لها ما حدث معها في المدرسة، وقالت لها «أنا أكره معلمتي، لقد صرخت في وجهي لأني نسيت دفتر الرياضيات، في حين نسيته إحدى زميلاتي أيضاً ولم تصرخ في وجهها مثلما فعلت معي».

وتوضح عفاف الجاسم أن الأم من الممكن أن تلقي اللوم على الابنة وتوبيخها لنسيانها الدفتر، أو تهدئتها أن المعلمة بالتأكيد نسيت الموضوع، أو تتجاوز الأمر من أساسه وعدم الاكتراث بما تشعر به الطفلة، وهو ما لا تحتاجه في هذه اللحظة، فهي في أمس الحاجة للإحساس بالأمان، وأن هناك من يسمعها ويكترث لمشكلتها الكبيرة من وجهة نظرها، بل ويبحث لها عن حل يرضيها داخلياً، دون الاستخفاف بأحاسيسها».

طرق التعامل السليمة مع الأبناء.. خطوات بسيطة تحد من السلوكيات السلبية

موقف آخر يستلزم معه البحث عما وراء الخوف، توضحه عفاف الجاسم «إذا ما جاء الابن ليخبر أمه أنه خائف من الامتحان غداً، فتبدأ هي بدعمه وتثبيته أنه قادر على اجتياز الامتحان وتحقيق علامات عالية في هذه المادة، وغيرها من المبررات التي تعتقد الأم أنها قادرة على وقف هاجس الخوف بداخله.

ولكن للأسف هي غفلت نقطة مهمة، وهي سؤال ابنها لماذا أنت خائف هذه المرة؟، هنا يبدأ هو بوضع يده على سبب الخوف بداخله، كأن يكون هذه المرة أن الاختبار يغطي المنهج كله، أو يوجد باب به تفاصيل كثيرة ومعقدة نسبياً..

وهكذا، وهنا تبدأ الأم باستعراض فهمها للموضوع، بقولها: إذن أنت خائف لأن الامتحان مختلف هذه المرة، والحقيقة أن تقبّل الأم لمشاعر الابن وفهمها بهذه الطريقة يجعله يطمئن ويزداد تعلقه بوالديه كونهما مصدر أمانه وراحته».

طرق التعامل السليمة مع الأبناء.. خطوات بسيطة تحد من السلوكيات السلبية

الشعور بالرغبة في افتعال المشاكل أمام الوالدين

عدم التعامل بهذه الكيفية السالف ذكرها، قد يولّد لدى بعض الأبناء الشعور بالرغبة في افتعال المشاكل أمام الوالدين «تأتي لي حالات لمراهقين يخبرونني أنهم يتعمدون افتعال المشاكل وارتكاب السلوكيات الخاطئة أمام الوالدين، اللذين لا يشعران بهم ولا يمدانهم بالرعاية والاحتواء..

فالابن في هذه اللحظة يريد إثارة الانتباه بإحداث نوع من الانتقام، الذي ربما لا يعرف معناه الحقيقي ولكنه يريد أن يأخذ حقه بأي طريقة ولو على حساب نفسه وأسرته».

عدم التعرف إلى الأسباب وراء رفض الابن للانصياع للأوامر يزيد من المشكلة

وعن طريقة الأبناء في رفض الانصياع للأوامر ومقابلة ذلك بفعل العكس، تشير عفاف الجاسم إلى أنه في أحيان كثيرة يكون أسلوب الآباء هو السبب في استقبال أوامرهم بالرفض «كثير منا تعرض لرفض طفله ربط حزام الأمان أثناء ركوب السيارة، أو التوقف عن اللعب بالهاتف أو«البلاي ستيشن»..

وغيرها من المواقف التي يستقبلها الطفل بعدم الانصياع، وهو ما يدفع الوالدين إلى الغضب وربما استخدام التعنيف كوسيلة للرضوخ، وهنا تكمن المشكلة وهي عدم التعرف إلى الأسباب التي وراء الرفض، والتركيز فقط على ردة الفعل، لتكون الضرورة الحتمية هي العمل على تعديل السلوك ويكون ذلك بتعلم مهارات الحوار الفعال».

مهارات الحوار الفعال مع الأبناء

تلفت عفاف الجاسم لـ«مهارات الحوار الفعّال»، كونه أقصر طرق التعامل السليمة مع الأبناء وأهميته للحد من السلوكيات السلبية.

  • الاستماع والإنصات الجيد والتواصل المباشر، والتفرغ التام لحديث الطفل وعدم مقاطعته أثناء الكلام، وهذه من أسهل الوسائل لامتلاك قلب الأبناء.
  • عدم إصدار الأحكام بالانتقاد، فلابد من الصبر والتروي في كل كلمة توجه للطفل.
  • المشاركة الوجدانية لتعلم السلوك الصحيح، كأن نعلمه ترتيب أغراضه بمشاركته تنظيمها وتقسيم المهام بالتساوي.
  • تعلم طريقة التفاوض، كأن يبكي ويصيح ويريد الخروج للذهاب للمسبح في حين أنه مغلق، فأبدأ بالتفاوض معه كأن أعرض عليه ملء المسبح البلاستيكي في الحديقة واستدعاء صديقه للعب معه، أو تغيير خطة الترفيه والذهاب للتنزه في مكان مفتوح.
  • التعليم بالمحاكاة، فلا يجوز أن ينصح الأب ابنه بخطورة تناول السيجارة في حين يراه يدخن.
  • استخدام السلطة بطريقة لا تحمل أسلوب أمر، كأن أطلب من ابني التوقف عن اللعب بالجهاز اللوحي لتناول وجبة العشاء باستخدام كلمة إذا سمحت أنهي اللعب، أو ما رأيك تتوقف ربع ساعة تتناول فيها طعامك وترجع مرة أخرى.
  • التشجيع على السلوك الإيجابي، فمشكلتنا كأمهات التركيز على السلبي وبلورته أمام أعين الطفل فيزداد عناده وتمسكه به، والأفضل هو التشجيع بالثناء عليه في حال فعل سلوك جيد، لأن التركيز على ذلك يجعله يطبقه دون أن يفكر.

وختاماً فإن السلوكيات الإيجابية التي ينتهجها الأبناء في حياتهم دائماً ما تكون انعكاساً للتعامل الفعال من قبل والديهم معهم، فليكن اهتمامنا الأول منصب على تصرفاتنا تجاههم وفلترة سلوكياتنا معهم، قبل أن نلومهم على ردود أفعالهم.