تفرض بيئة العمل الحالية وحاجتها إلى استخدام وسائل التواصل بشكل مستمر أن يعيش الموظف نمط حياة سريعة ومتغيرة تشعره بضرورة التوفيق بين المسؤوليات المتعددة والمختلفة وبالتالي زيادة في المهام التي ترافقها مخاوف تسبب الإرهاق والإجهاد نتيجة عدم القدرة على إيجاد توازن صحي بين العمل والحياة الخاصة.
هذا ما قادنا لأهمية توضيح معنى الإرهاق الوظيفي الذي أشار إليه الدكتور جريج فانثام، أستاذ علم نفس إدارة الأعمال- جامعة هيريوت وات دبي، بحسب تعريف منظمة الصحة العالمية (WHO) بأنه "متلازمة ناتجة عن ضغوط مزمنة في مكان العمل لم تتم إدارتها بنجاح"، فالإرهاق هو حالة الشعور بالإجهاد أو البقاء في وظيفة دون أي احتمالات للتقدم يمكن أن يجعل الشخص يشعر بعدم الرضا عن وظيفته ويصاب بالاكتئاب الذي يمكن أن يتسبب بمشاكل بدنية وعقلية تؤثر في إنتاجيته في العمل.
via GIPHY
ما هي أكثر الفئات عرضة للإصابة بالإرهاق الوظيفي؟
يشير فانثام "تعتبر النساء أكثر عرضة للإصابة بالضيق والإرهاق، وقد أفاد استطلاع Deloitte's Women @ work 2022، بأن 53% من النساء يواجهن مستويات أعلى من التوتر، ويبرز الإرهاق كعامل تحفيز أساسي لما يقرب من 40% من النساء اللائي يبحثن عن مكان عمل جديد، مما يبين أهمية إدارة الإرهاق في مكان العمل الذي أصبح موضوعاً ذا أهمية متزايدة خصوصاً في بيئة العمل السريعة والمتطلبة"، يكشف فانثام "ضرورة تخفيف الموظف عن كاهله وأهمية إدراك صاحب العمل مسؤولية معالجة الإرهاق بتخصيص إجازة مرضية للموظفين بدلاً من معالجة التغييرات الهيكلية التي قد تكون ضرورية بهدف تغيير الثقافة السامة للمؤسسة، ووفقاً لتقرير عام 2022 الصادر عن شركة McKinsey، يعد السلوك السام في مكان العمل مساهماً مهماً في إرهاق الموظفين وتكشف الدراسات عن أن الأفراد الذين يواجهون قدراً كبيراً من السلوك السام في العمل هم أكثر عرضة بثماني مرات لإظهار علامات الإرهاق".
نصائح للتغلب على الإرهاق الوظيفي والأفكار السلبية
- تعلم القبول والتكيف: ربما يكون قبول ظرف خارج عن إرادتنا أمراً صعباً، لكنها في الحقيقة طريقة إيجابية لتعزيز تقديرنا لأنفسنا، كما يكون من المهم في مكان العمل إدراك أهمية استثمار الوقت والطاقة في شيء يمكن تحقيقه هو أكثر فائدة وفاعلية من الاستمرار في بذل جهد غير منتج في قضايا ليس لها مخرج، ويكون من الأجدى التفكير في استكشاف طرق بديلة تتضمن إعادة الشخص تقييم أولوياته وتحديد أهدافه، كأن يسأل الشخص نفسه «هل يمكن تحسين مهاراته ليتمكن من الوفاء بمسؤولياته الحالية في العمل؟ هل يمكنه تحمل مسؤوليات إضافية أو التفكير في تغيير دوره الوظيفي الذي ربما قد يستحق الاستكشاف؟ لربما يمكن أن تقود المرونة والتفكير الإبداعي الشخص إلى إمكانات جديدة يجهلها، إضافة إلى إمكانية تأثير التغيير البسيط للوعي والإدراك في فتح أبواب جديدة للفرص «إن لم يتمكن الفرد من تغيير ظروفه يكون قد تمكن على أقل تقدير من تغيير طريقة تفكيره فيها».
- تقليل الإرهاق بالتحكم بردود الأفعال تجاه المواقف: لتجنب بعض المواقف المحرجة من المهم تحديد الجوانب أو العوامل التي يمكن إدارتها، على سبيل المثال «تخصيص موارد معينة لمعالجة مشكلة ما أو تفويض أشخاص آخرين للقيام عنك ببعض الأمور إذا كانت مسؤولياتك متعددة»، كما يمكن للشخص التحكم في استجاباته وسلوكياته العاطفية بالسيطرة على رد فعله تجاه «تعليق» عدائي بإعادة صياغته بأسلوب يوحي للآخر وصول الفكرة والتجهيز لرد أكثر حكمة.
- اللجوء إلى الدعم للوصول إلى التعافي الإيجابي: يصبح تعامل الشخص بمفرده مع الإرهاق أمراً صعباً أحياناً، لذلك يكون طلب المساعدة من خبير المستشار أو المعالج أو خبير الصحة النفسية أمراً ضرورياً للتغلب على الإرهاق والحفاظ على الصحة العقلية والبدنية والوصول للرضا الوظيفي، فعلى الأشخاص في بيئة العمل أن يحددوا أولويات مهامهم وأخذ فترات راحة من وقت لآخر، وأن يكونوا جادين فيما يتعلق بشأن الحصول على الرعاية الذاتية وطلب الدعم، وعلى أصحاب العمل الاعتراف بأنهم ومؤسساتهم مسؤولين عن إصابة الموظفين بالإرهاق لذلك عليهم تفادي الأمر باتخاذ الخطوات المناسبة والتذكر بأن الإرهاق هو حالة مؤقتة يمكن التغلب عليها بالاستراتيجيات الصحيحة.