الإعلامية هويدا أبوهيف: التغذية الحدسية تعني إلغاء "الدايت" وتغيير نمط الأكل الخاطئ
كان لجهودها في نشر الوعي المجتمعي بالصحة الإنجابية الأثر في أن يتم اختيارها سفيرة للنوايا الحسنة لصندوق الأمم المتحدة للسكان، تقدم برنامجاً يعدّ الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط ويهتم بصحة المرأة العربية المعاصرة.. هي الإعلامية هويدا أبوهيف، التقيناها لنتعرف إلى اهتماماتها وما تعنيه بالصحة الإنجابية.
حصلت على لقب سفيرة النوايا الحسنة للصحة الإنجابية، حدثينا عن سبب نيل هذا اللقب.
«التفاح الأخضر» أول برنامج تلفزيوني يهتم بعالم الصحة والغذاء يصل كل بيت عربي من خلال شاشة «إم بي سي»، كما يتحدث بشكل علمي عن الصحة الإنجابية، ما أهّلني لأن يتم اختياري من قبل صندوق الأمم المتحدة للسكان سفيرة للنوايا الحسنة، لأساعد في نشر التوعية عن الصحة الإنجابية في العالم العربي، وأعتقد أن سرّ نجاحنا يتمثل في مصداقية ما يقال وقدرتنا على تبسيط الحياة الصحية وتشجيع الناس على تغيير عاداتهم الخاطئة بالتدريج، وبطرق سهلة التطبيق، وفي الوقت نفسه ممتعة.
يتطلب التميّز في مجال العمل مواجهة كثير من التحديات، فما هي أصعبها بالنسبة إليك؟
أصعب تحدٍّ بالنسبة إلي وإلى ناس كثيرين هو «التأقلم» مع متغيرات الحياة، والتي تبدو، أحياناً، كأنها ثابتة، فيعتقد الناس أن ما لديهم هو حق مكتسب، ولكن الحقيقة أن الحياة في حراك دائم تتغير كل ثانية، ما يشكل تحدياً لنا كبشر، لأننا يجب أن نغتنم الفرص، ونتعلم مرونة التفكير، والتأقلم مع الجديد، فالشخص الناجح هو من يستطيع أن يستيقظ كل يوم وينتبه للتغيّرات الصغيرة التي تعدّ فرصاً متجددة للاقتراب من حلمه، أما التحدي الآخر فهو «التوازن» في الحياة، وهذا لا يتحقق بطغيان جانب على آخر، فالإنسان كي يعطي يجب أن يأخذ، ولكي يمنح لابد أن يجد من يقدّره، كل هذه الأمور تحدث حالة من التوازن التي تجعلنا نعيش الحياة ونحن سعداء.
ما أسعد اللحظات التي تمر عليك وتشعرين فيها بالفخر؟
عندما أقابل شخصاً لا أعرفه يخبرني أنه استفاد من معلومة، أو نصيحة قدّمتُها وغيّرت من تفكيره، وأثرت بالإيجاب في صحته، أو عندما تعلّق إحداهن بأن ما أقدّمه يساعدها في تربية أولادها، أو تقول لي فتاة لقد درست الطب أو تخصصت في التغذية العلاجية، بسبب برنامجك الذي تربينا عليه، وأغرب قصة حدثت معي عندما اقتربت مني امرأة، وقالت «أشكرك من كل قلبي، لأني تركت زوجي بسببك»، في البداية فزعت من حديثها، واكتشفت أنه كان يعاني النرجسية، ويعرّضها لكل أنواع القهر والتلاعب بالمشاعر، وقالت لي «عندما استضفت مختصّ علاقات زوجية، وتحدثتما عن الشخصية النرجسية شعرت كأنكما تتحدثان إليّ من خلال الشاشة، وفي هذه اللحظة أقبلتُ على طلب الطلاق الذي كنت أحوم حوله منذ فترة، ولكني لم أكن لأجرؤ على اتخاذه».
أكثر ما أتابعه بشغف كل ما يتعلق بالارتقاء بالفتاة فكرياً وعلمياً وبدنياً
بشكل عام ما أكثر ما يشغل تفكيرك وتتابعينه بشغف؟
الأمور التي تعمل على الارتقاء بالمجتمع والأسرة العربية، ولكن أقربها إلى قلبي تلك التي ترتقي بالفتاة، فكرياً وعلمياً وذاتياً ونفسياً وبدنياً، ربما السبب في ذلك لكوني أمّاً لبنتين، فأنا أحب أن أرى كل فتاة قادرة على اتخاذ قراراتها، معتمدة على ذاتها، يدعمها أب، أو أخ، أو زوج يفهم ذلك، ويساعد في تحقيقه، ويساندها في كل إنجاز.
تعملين على تشجيع النساء على تبنّي التغيير والسعي بجرأة لتحقيق أحلامهن، فهل هي دعوة للنجاح بعيداً عن كنف الزوج؟
بالعكس، فالزوج هو السند، والأمان، والداعم الأساسي لنجاح المرأة، واستقلاليتها، وهو من يمكّنها من أن تقف بجواره، وتتحمّل المسؤولية معه، لينجحا سوياً، فأنا، ومن دون دعم وتشجيع والدي عندما كنت صغيرة، وزوجي عندما كبرت، ومشاركته معي في كل مسؤوليات الحياة الزوجية والبيت وتربية الأطفال، ولولا تفهّمه لكل حالات التعب، والإرهاق، والإحباط، والتغيب عن المنزل لبعض الوقت بسبب ظروف العمل، كان من المستحيل أن أحقق ما وصلت إليه، وما أقصده من تشجيع المرأة أن تكون مستقلة بذاتها، عملياً ومادياً، وتستطيع أن تعتمد على نفسها إذا لم توفق في زواجها، أو تعرضت لظرف خارج إرادتها، فهذا هو الضمانة الوحيدة لحياة كريمة، لها ولأولادها، مهما تغيّرت عليها الظروف.
تشيرين إلى أهمية اتّباع فلسفة التغذية الحدسية مع الجسم، فما الذي تعنينه بالضبط؟
التغذية الحدسية موضوع كبير وجديد نسبياً ويحتاج إلى شرح مفصل لاستيعابه، لأنه يتضمن تغييراً لطريقة تفكيرنا وعلاقتنا بالأكل، وبأنفسنا، وأجسادنا، وتبديل أفكار مترسخة بداخلنا منذ الصغر، وباختصار يتطلب منا أن نلغي فكرة «الدايت» والحرمان من تناول الطعام من عقولنا تماماً، ونحلل طريقة تفكيرنا في الأكل، ونحترم احتياجات الجسم، وحينها يأتي التغيير في نمط الأكل الخاطئ الذي أدى بنا لزيادة الوزن، وسنقوم برغبتنا الحرة، بتفهم أنماط حياتنا واستبدالها تدريجيا بأخرى صحية، بعيداً عن الحرمان والإحساس بالذنب وجَلد الذات.
حدثينا عن أهم ما اكتسبته من العيش في كنف عائلتك، والشخصيات التي أثرت فيك.
أؤمن بأن كل عائلة فيها أشخاص متميزون نتعلم منهم، ونقتدي بهم، وأولهم والدي الذي أثر في حياتي كثيراً، وبصرف النظر عن التركيز على أسماء بعينها، فإن أهم شيء أثر فيّ، سواء من ناحية الوالد أو الوالدة، هو تربيتي وسط عائلة استطاعت أن تحترم الاختلاف، وتتناغم مع التنوع، الذي شعرت معه بقيمة الإنسان بتقبّل الجميع، وأنْ لا أحد يملك حق التميّز عن أحد، سوى بأفعاله في هذه الدنيا.
يُعد السباح العالمي عبد اللطيف أبو هيف، أحد أهم رموز عائلتك، ليس لشهرته، ولكن لاعتباره الأب الروحي لها، فما الدروس التي ورثتها منه؟
عبد اللطيف أبو هيف، رحمه الله، ترك في كل واحد من عائلته شعوراً بالعزة والفخر، ولكن أهم ما نتذكره به، ليس الكؤوس والميداليات فقط، ولكن قصصه التي كان يتناولها حتى الإعلام العالمي من مواقف إنسانية، مثل مساندته لمنافسين له أصيبوا أثناء السباقات ولم يتخلّ عنهم، وأبسط مواقفه الإنسانية أنه كان يدخل أي مجلس عزاء يصادفه في الشارع، حتى لو لم يعرف المتوفى، لأنه كان يشعر بأن عزاءه يساعد على أن يصبر أهله، كما كان ينصح أي طفل يراه يسبح في النادي، ويساعده على تحسين مهاراته، فكان دائم العطاء، المادي والمعنوي، من دون أي حساب.
بصحبة ابنتيها
ماذا عن أسرتك الصغيرة ودورها في دعمك؟
لولا دعم زوجي لما حققت ما وصلتُ إليه، فهو من يقف خلفي، ويشجعني، وينصحني، والأهم من كل هذا، يترك لي المساحة لأن أعبّر عن ذاتي بأسلوبي، ولا يفرض رأيه أو سلطته عليّ، حتى لو اختلف معي، فيقول رأيه بكل موضوعية، ويترك لي حرية اتخاذ القرار، أما ابنتي تمارا ولي لي، فقد ترعرعتا في بيت يسوده الهدوء، والمحبة، والود، فكبُرتا على التعاون والمشاركة، والاعتماد على النفس، وتحمّل المسؤولية، وهذا في حد ذاته دعم كبير لي، لأنه ترك المجال لي لأن أركّز في عملي، من دون الانشغال بتفاصيل كثيرة، ومن دون القلق الدائم عليهما، والحاجة إلى متابعتهما.
هل لك أن تطلعينا على خططك ومشروعاتك المستقبلية؟
أمتلك شركة إنتاج أتمنى أن أراها تكبر، كما لدي منصات على معظم مواقع التواصل الاجتماعي باسم «عيشوها أحلى»، تهتم وتدعم الحياة الصحية للإنسان، كما طوّرت من مهاراتي في السنوات الأخيرة لأعمل كمنتجة ومديرة شركة، إلى جانب عملي وحبي الدائم لتطوير وتقديم المحتوى الهادف، ما يتطلب مني عملاً وإصراراً كبيرين، كي يعيش الإنسان بطريقة صحية وسليمة، وهذا كل ما أتطلع إليه.