11 فبراير 2024

عيد الحب.. مناسبة لتعزيز أواصر الأخوّة وترسيخ اللحظات السعيدة

محررة في مجلة كل الأسرة

عيد الحب.. مناسبة لتعزيز أواصر الأخوّة وترسيخ اللحظات السعيدة

يتسابق الجميع للتعبير عن المشاعر الرومانسية، ويتألق حب الإخوة ليتجاوز حدود رابطة الدم، ويمتد إلى أركان حياتنا، ويترك أثره الإيجابي فيها، اجتماعياً ونفسياً وأسريّاً، فهو الحب الذي لا يمكن تعويضه.. في يوم الحب، كيف نعزز علاقاتنا الأخوية وكيف نحافظ عليها؟

عيد الحب.. مناسبة لتعزيز أواصر الأخوّة وترسيخ اللحظات السعيدة

توضح المستشارة الأسرية والمدربة المعتمدة ميساء الشحادات، دور الحب بين الإخوة في تعزيز العلاقات الأسرية «الانتماء لمؤسسة اجتماعية يشعر الفرد بالأمان، وهو ركيزة مهمة للحاجة الاجتماعية للإنسان، حيث يبدأ البحث عن احتياج الانتماء بعد تحقيق الأمان، وهذا هو غالباً ما توفره الأسرة بعلاقاتها الصحية لأفرادها، فيكون يوم الحب فرصة لإشباع احتياج الحب والأمان بين أفراد الأسرة، حيث يشعر كل فرد فيها بانتمائه إلى هذه المؤسسة التي له فيها من الحقوق وعليه من الواجبات بما يضمن استمرارها في تلبية هذه الاحتياجات لجميع أفرادها. وهنا تأتي أهمية العلاقة الأخوية كجزء من العلاقات الرئيسية في كيان هذه الأسرة، وعصب مهم في شبكتها».

عيد الحب.. مناسبة لتعزيز أواصر الأخوّة وترسيخ اللحظات السعيدة

تصف الشحادات أهمية هذه العلاقة «وجود الإخوة في جميع تفاصيل الحياة، يكبرون ويلعبون، يعانون ويفرحون معاً، تجمعهم الذكريات في كل وقت وحين، يقدمون الدعم في الأوقات الجيدة والسيئة، يتفهمون احتياجات بعضهم بعضاً، ويتعاطفون مع ما يحدث لهم، يعيشون مشاعر الألفة والمودة الدائمة بالقرب، والحنين والشوق في البعد، حيث تترسخ في ذاكرة كل فرد منهم ذلك الأخ، أو الأخت، الذي تقاسم معه كل شيء، بدءاً من فراش النوم في الغرفة الواحدة، حتى الحاجات الشخصية، ومقعد السيارة في الرحلات، والسهر والدراسة خلال الامتحانات، والألم والمعاناة عند المرض، ودمعة الفرح عند النجاح والفوز، والألم عند الخذلان والفشل، كل تلك الأحداث تخلق رصيداً كبيراً بين الإخوة، تجعل كل فرد منهم يشعر بأنه جزء من علاقة يصعب التخلي عنها بسهولة، لأنها كما يقال عنها (هي في نقي العظم ومجرى الدم)، وهو الشعور الحقيقي الداعم لحس الانتماء للمؤسسة التي تربّوا فيها، والأسرة التي تظلّلهم وتحتويهم بكُليّتهم».

تبقى علاقة الأخوّة من العلاقات العائلية التي يجب تعزيزها وتوطيدها، فالإخوة شركاء ورفقاء حياة، وبناء علاقة حميمة بينهم يساعد على الاستمتاع بعلاقة صحية وقوية، تسهم في تحقيق السعادة والاستقرار، ودعم النمو الشخصي، والاندماج الاجتماعي، لذلك توجه الشحادات بضرورة استثمار يوم الحب في توطيد العلاقات بين الإخوة من خلال بعض الخطوات البسيطة والهامة:

  • تقديم بعض الهدايا وتخصيص بعض الوقت النوعي من خلال التخطيط لأنشطة خاصة، مثل الذهاب في نزهة، أو مشاهدة فيلم ممتع، أو لعبة مشتركة، فهذه الأنشطة تعمق العلاقة بينهم، وتسمح لهم ببناء ذكريات جميلة تعزز محبتهم، وتقرّبهم أكثر من بعضهم بعضاً.
  • استغلال مناسبة يوم الحب بالحديث عن أشياء مهمة بالنسبة إليهم، مثل أحلامهم وأهدافهم وتجاربهم، حيث يجب أن يكونوا جزءاً مهماً في مشاركة تفاصيل حياتهم مع بعضهم بعضاً، بما يعزز التواصل والتفاهم بينهم، ويساعدهم على فهم بعضهم بعضاً بشكل أفضل، ويزيد من قربهم.
  • من المهم أن يشعر الإخوة بوجود أشقائهم في مختلف الأوقات، فوجود الدعم والمساندة المتبادلة بينهم يلعب دوراً مهماً في تعزيز علاقتهم، وهنا يأتي دور الوالدين في أن يكونوا قدوة لأبنائهما، في تقديم الدعم والمساندة والتعاطف. فعندما يمر أحدهم بتجربة صعبة، أو يعاني مشكلة، يجب أن يشجع الوالدان الأشقاء على دعم بعضهم بعضاً، وبناء علاقة قوية ومتينة، كما أن حديث الأشقاء بينهم عن الأشياء التي أغضبتهم، أو أساءت إليهم، يجعلهم قادرين على الاستماع والتعاطف، ومحاولة فهم بعضهم بعضاً، والسعي للتعاون معاً لحل تلك المشكلات، وبناء حلول جماعية تعمل على تحسين العلاقة بينهم.

الحب والمشاعر من أعظم نِعم الله

يوم الحب فرصة لتعزيز الجانب النفسي لدى كل فرد، ويبين المستشار النفسي الدكتور جاسم المرزوقي، تأثير علاقة الإخوة في هذا الجانب «على الرغم من اختلاف مفاهيم الرومانسية في الثقافات والديانات المختلفة، يظل الحب والمشاعر والجانب الوجداني عند الإنسان من أعظم النّعم التي أنعم بها الله سبحانه وتعالى عليه، فهو يحتاج إلى أن ينال القبول، وينتمي إلى جماعة، وهي فطرة طبيعية، وهذا ما أشار إليه ماسلو في سلّمه الثالث من هرمه (الحاجات الاجتماعية للإنسان)، بالتالي، تصبح الحاجة إلى التقدير والاحترام والحب من الحاجات الأساسية، من الناحية النفسية بالنسبة إليه، وأي علاقة خارج الأطر المتعارف عليها شرعاً، ستترك بالتأكيد أثراً سلبياً في نفسه.

ومن المؤكد أن الحب الغريزي والمشاعر الحميدة بين الإخوة من أهم العوامل التي تعزز من مقومات الصحة النفسية للفرد التي تدعمه وتساعده، وتبعده عن الاضطرابات، والأزمات، والإخفاقات النفسية، وتمنحه القوة، وتساعده على النجاح، فهي بمثابة القوة الداعمة لاستقراره النفسي وعطائه لذاته، وللآخرين من حوله. لذلك يكون يوم الحب من الفرص التي تساعد على تعزيز العلاقات، وتعميق الحب بين الأشقاء، فهو مناسبة تظهر قوة وأهمية الروابط العائلية وتعميق العلاقات الإنسانية الأساسية».

كما يكشف د. المرزوقي «في ظل الضغوطات التي يواجها الأشخاص في حياتهم اليومية، يبقى السعي للبحث عن فرص للتواصل الإيجابي وتعزيز العلاقات العائلية قائماً، وهنا يأتي دور يوم الحب في توفير هذه الفرصة للإخوة لتبادل لغة الحب والعناق، والقبلات، وإظهار تقديرهم لبعضهم بعضاً، فالإخوة يمكن أن يستخدموا هذا اليوم كفرصة للتعبير عن حبهم وتقديرهم لبعضهم بعضاً بطرق مختلفة، بحسب ما يجده كل فرد مناسباً له».

عيد الحب.. مناسبة لتعزيز أواصر الأخوّة وترسيخ اللحظات السعيدة

الإخوة.. ينابيع الحب الخالص

من جهتها، تصف الدكتورة إسعاف حمد، الأستاذ المساعد في قسم علم الاجتماع- جامعة خورفكان، أهمية تكامل العلاقة الأخوية في تعزيز الجانب العاطفي، وبناء جسور الثقة للفرد، والدعم المتبادل مع الأسرة والمحيط الاجتماعي للفرد «لطالما تميزت مجتمعاتنا، عبر التاريخ، بتماسكها الأسري، وترابطها، ومتانة العلاقات بين أفرادها، وارتكازها على مجموعة من القيم الأخلاقية التي تعلي من شأن رضا الوالدين وطاعتهما، واحترام الكبير، وصِلة الرحم، وتدعو إلى المودة بين الإخوة والأخوات.

وإذا ما توقفنا عند علاقات المحبة بين الإخوة، نجد أنها تشكل نسيجاً بنيوياً ضامّاً للعلاقات بين جميع أفراد الأسرة، وقد قيل فيها الكثير، ورغم ما قيل فيها فإنه يظل قاصراً عن بلوغ جوهرها، فهي نمط من العلاقات المتبادلة التي تعاش أكثر مما توصف، ويحكى عنها، لكونها حالة روحية تنشأ منذ الولادة، تنمو باستمرار، وتغتني حيث تعجز عن الإحاطة بها بلاغة العبارات»..

وتضيف د. إسعاف حمد «إن المرء منا يشعر، بوجود الإخوة والأخوات، كأن الله منحه روحاً أخرى، أو كأنما هي روحه تعيش في جسد آخر، فالإخوة والأخوات مواطن الدفء وينابيع من الحب الخالص المجرد من الغرض الذي لا ينضب، وهم الصخرة التي نستند إليها، والملجأ الذي نلوذ به في لحظات الضعف والوهن، وهم السند والحماية بعد الله تعالى والوالدين، وهم سياج الأمان الحامي من المخاطر والرزايا الذي لا يخيّب، ولا يخون..

إنهم توائم الروح، وبيت الذكريات، شركاء الأفراح والأحزان، وشهود تحقق الأحلام، وخيبات الانكسارات، وهم محافظ الأسرار، ومواطن الثقة، وفضاءات البوح ومواضع الاطمئنان.. كيف لا وقد تشاركنا معاً الجينات والميول والاستعدادات، وتقاسمنا المنزل والسرير، ولقمة الطعام ورفقة الدرب، وصخب اللعب، وشقاوة الطفولة، وشغب المراهقة، وهموم الدرس وأحلام الشباب والمستقبل.

هذا الاستقرار الاجتماعي الأسري يقود الفرد إلى استقرار أكبر وينسحب على الكثير من القضايا الجوهرية في حياة الفرد، فيكون سبباً رئيسياً في نجاحه في العمل وعلاقاته مع الأقارب، والأصدقاء، ومحيطه الخارجي، ليصبح أكثر استقراراً في ظل المتغيرات المتسارعة التي يعيشها».

وتلفت د. إسعاف إلى دور ومسؤولية الوالدين في زرع بذور الحب بين الأبناء «معاملة الإخوة بشكل متساوٍ والتدخل بشكل مستمر لحل الخلافات، وتربيتهم على القيم المثلى في التعامل، وزرع بذور التسامح والتعاطف والاحترام، وبناء جسور الثقة والدعم المتبادل فيما بينهم، كلها من مقومات نجاح هذه العلاقة بشكلها الصحيح، كما على الإخوة المبادرة إلى الصفح وحلّ الخلافات قبل تفاقمها، وإظهار التفهّم، وتقبّل الاختلاف، وتقديم التنازلات لنجاح العلاقة واستمرارها».