30 يوليو 2024

معرض "رحلة الاستكشافات"... مغامرة تعليمية لبناء جيل جديد من الباحثين عن الآثار

محررة في مجلة كل الأسرة

معرض

ليس من السهل أن ترى عيون طفل تتسع بدهشة لمجرد أنه وجد قطعة فخارية قديمة، أو تراه يمسح بلطف عن قطعة نقدية عتيقة، قيمتها الحقيقة بالنسبة له أنه عثر عليها بنفسه.

في رحلة استكشافية مثيرة أعدها متحف الشارقة للآثار، وأطلق عليها اسم معرض «رحلة الاستكشافات»، لتغذي فضول الطفل وتوقه إلى المعرفة ،فالتنقيب عن الآثار ليس مجرد هواية، بل هو وسيلة فعّالة لتعليم الأطفال عن التاريخ والحضارات القديمة، وتحفيزهم على التفكير النقدي وحل المشكلات.

معرض

التعريف بأهمية علم الآثار

وقد افتتحت عائشة راشد ديماس، مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف، مؤخراً معرض «رحلة الاستكشافات»، الذي يستمر حتى 18 مايو من العام المقبل بمقر متحف الشارقة للآثار، والذي يُعد الأول من نوعه كمعرض تفاعلي عن التنقيب على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة الشارقة، وذلك بهدف تقديم تجربة تفاعلية فريدة للأطفال من عمر سنتين إلى13 سنة عن علوم الآثار والتنقيب.

ويركز المعرض على التعريف بأهمية علم الآثار، والقطع الأثرية وتعليمهم كيفية استخدام أدوات التنقيب من خلال أنشطة تفاعلية متنوعة، توفر لهم تجربة نوعية تحاكي عمل علماء الآثار، في مغامرة يشرف عليها مرشدون مؤهلون من المتحف، تسهم في تنمية مهاراتهم في البحث والتنقيب وتعزز لديهم حب المعرفة والاستكشاف.

وقالت عائشة راشد ديماس: إن الأطفال سيتعرفون من خلال المعرض على نماذج من القطع الأثرية، وسيتعلمون كيفية توثيق اكتشافاتهم، والتعاون مع زملائهم في مهام الاستكشاف، قبل أن يختموا رحلتهم بجمع مكتشفاتهم الثمينة، لينسجوا منها قصصهم حولها وحول المواقع الأثرية التي سيتدربون فيها، ومن ثَم يشاركون ذويهم الحكايات عن تجربتهم.

معرض

«كل الأسرة» رافقت الأطفال رحلتهم الاستكشافية، حيث بدأ الأطفال مغامرتهم بارتداء ملابس مخصصة وحمل عدة التنقيب المنتقاة بعناية، وفقاً لمعايير الأمان لضمان سلامة الأطفال.

قبل التوجه إلى موقع تنقيب نموذجي لممارسة التنقيب بشكل عملي، إذ يتيح المتحف للمشاركين فرصة التجول في قاعة «عالم الآثار الصغير»، التي تُعد أول قاعة تفاعلية لعلم الآثار في الدولة.

وتقدم للأطفال فرصة غير مسبوقة للتعرف إلى آثار إمارة الشارقة بطريقة تفاعلية عبر مجموعة من النماذج والتقنيات والأنشطة العملية التي تنمي حواسهم وتحفز خيالهم لاختبار قدراتهم وتوظيفها في فهم أبرز ما توصل له علماء الآثار عن طبيعة حياة الإنسان القديم في الشارقة منذ العصر الحجري وحتى القرون الميلادية الأولى.

معرض

الربط بين الماضي والحاضر

من جهته وصف الطفل محمد خالد تجربة التنقيب عن الآثار بأنها «وسيلة لمعرفة قيمة الأشياء في الماضي وكيف زادت قيمتها في الحاضر، وكيف أن الحضارات القديمة أثرّت على حياتنا اليوم»، فهذه التجربة تساعدهم على تقدير التراث الثقافي وتنمية الانتماء لوطنهم.

معرض

أما الطفل خليفة محمد فقد جاء للبحث عن بقايا الديناصورات، فهو مثل العديد من الأطفال الذين شاركوا في عملية التنقيب في المعرض، لديهم شغف بعالم الديناصورات ويبحثون بجد وسط الرمال على بقايا هيكل عظمي لديناصور.

من جهتها أكدت والدة خليفة، التي صاحبته في عملية التنقيب، على شغف ابنها بالبحث والاستكشاف لمعرفة ماذا تخبئ الأرض تحت رمالها، وأضافت: «تجربة المعرض التفاعلية وسيلة لتعزيز هذا الشغف لدى خليفة».

معرض

تعلّم الأطفال باللعب

أما والدة الطفل محمد عزت، فقد أشارت إلى أن اللعب هو عمل جاد بالنسبة للأطفال، وهو أفضل طريقة لتعلمهم، فقد استعد محمد بكل جدية لعملية التنقيب عن الآثار التي تم إخفاؤها تحت الرمل من قبل المتحف.

وبيّنت «التعلم النظري قد يكون مملاً للأطفال، ولكن التعلم التفاعلي هو المفتاح لإشراكهم وتشجيعهم على الاستكشاف. عندما يشارك الأطفال في تجربة التنقيب عن الآثار، فإنهم يتعلمون من خلال التجربة المباشرة، ويكونون أكثر قدرة على تذكر المعلومات وفهمها».

معرض

استكشاف مهارات الصغار

أما الطفل حمدان خليفة، فهو يرى أن هذه التجربة تعزز الثقة بالنفس وتنمي روح الفريق لديهم، فهم لا يكتفون بتعلم الحقائق التاريخية، بل يتعلمون أيضاً مهارات عملية الحفر والتنقيب والتحليل.

فعليهم تسجيل كل ما وجدوه في دفتر خاص، ومعرفة بعض الحقائق عن القطع التي عثروا عليها، هذه التجربة تجعل التعلم ممتعاً ومحفزاً، وتساعدهم على تطوير مهاراتهم بأنفسهم.

معرض

تفاعل الأطفال مع أسرار الأرض

وهناك أيضاً الطفلة لين لؤي، التي تحمست للحالة التفاعلية التي عاشتها وسط الأطفال للبحث عن أشياء ثمينة بالنسبة لهم، فالأرض من وجهة نظر لين تحمل المزيد من الأسرار، لكنها بالنسبة لوالدها الذي يعمل في مجال الجيولوجيا فهي وسيلة تفاعلية تترجم ما يخبرها به نظرياً عن المعادن الثمينة المختبئة في الأرض وما هي قيمتها وكيف يتم العثور عليها.

معرض

الترويج لسياحة الآثار

يأتي المعرض في إطار خطط هيئة الشارقة للمتاحف المتواصلة للترويج لسياحة الآثار وترسيخ الوعي لدى الناشئة بأهمية علم الآثار، تكوين أصدقاء دائمين مهتمين بالتراث المحلي الثقافي.

كما يسعى إلى إبراز دور عالم الآثار وأهمية وحجم الجهد الذي يبذله في سبيل الكشف عن أسرار الماضي، مع الحرص على استكشاف الطاقات الواعدة عند الأطفال الذين يُراد جذبهم إلى الآثار، وبناء جيل جديد من الباحثين والعاملين في هذا الحقل.