16 سبتمبر 2024

فاطمة الخوري: تعلمت كيفية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لحل مشاكل حقيقية

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

فاطمة الخوري: تعلمت كيفية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لحل مشاكل حقيقية

حوّلت المهندسة فاطمة الخوري، شغفها بالبحث والتطوير إلى واقع ملموس، فابتكرت حلولاً مبتكرة تسهم في تطوير قطاع النقل، لما تتمتع به من خبرة واسعة في مجال هندسة النقل، فقد ساعدها عملها كخبيرة في البحث والتطوير في شركة الاتحاد للقطارات على اكتساب خبرة بحثية وعمليّة واسعة في هذا المجال..

واليوم تتابع فاطمة دراستها للحصول على شهادة الدكتوراة في تعلُّم الآلة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، لتتمكّن من مواصلة بحثها لتعزيز قدرة المركبات ذاتية القيادة على التعرف بدقة إلى إشارات المرور، وفهمها مباشرة، لضمان قيادة آمنة وفعّالة.

حاورت «كل الأسرة» الطالبة فاطمة الخوري، الحاصلة على شهادة الماجستير في تعلُّم الآلة من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في يونيو 2024، بعد أن حازت شهادة ماجستير في البنى التحتيّة الأساسية المستدامة من جامعة خليفة، للتعرف إلى أبحاثها لتطوير سيارات ذاتية القيادة، وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يغيّر مستقبل قطاع النقل:

فاطمة الخوري: تعلمت كيفية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لحل مشاكل حقيقية

ما الذي جذبك تحديداً إلى مجال تعلم الآلة، وما هو موضوع رسالة الماجستير؟

الرغبة في تطوير مهاراتي في مجال مطلوب بشكل كبير، إلى جانب المساهمة في تطوير حلول بحثية مبتكرة تدعم الرؤى الاستراتيجية لقطاع النقل في دولة الإمارات.

جزء من بحثي ركز على التطور في شبكات المركبات، والتي تلعب دوراً هاماً في تحسين السلامة على الطرق من خلال ميزات مثل تغيير المسارات تلقائياً، تفادي الحوادث، والإبلاغ عن الحوادث..

في هذا السياق تناول بحثي كيفية استخدام «الميتافيرس» في هذه الشبكات، حيث يتم خلق بيئات افتراضية تسمى «المساحات الافتراضية» تحاكي العالم الواقعي.

لكن لتفعيل هذه الشبكات بشكل فعّال، يجب وضع هذه البيئات الافتراضية على أطراف الشبكة لتقليل التأخير وتحسين الأداء، وفي البحث قدمت نموذجاً رياضياً لقياس إجمالي التأخير الناجم عن معالجة البيانات في هذه المساحات الافتراضية وتبادل الإشارات..

ثم قمت بتطوير مشكلة تحسين تتناول ثلاثة عوامل رئيسية: سرعة تشغيل البيئات الافتراضية، تحديد مواقع هذه البيئات، وتخصيص الموارد اللاسلكية لها، لحل هذه المشكلة، استخدمت منهجية تحليلية خاصة، النتائج أظهرت تقليلاً في التأخير، ما يعزز أداء شبكات المركبات المستقبلية وجعل الطرق أكثر أماناً لأفراد المجتمع.

الجزء الآخر من بحثي ركّز على تحسين أنظمة التعرف على لوحات المرور للمركبات ذاتية القيادة، اللوحات قد تحتوي على نصوص بلغات مختلفة، لذلك كان من المهم تطوير نظام قادر على التعرف إلى الرموز بغض النظر عن اللغة..

لتحقيق ذلك، طوّرت طريقة تعتمد على دمج Vision Transformer مع تقنية SIFT لاستخراج الميزات الهامة من الصور، هذا الدمج ساعد النظام على تحليل الصور بشكل دقيق والتعرف إلى اللوحات المرورية بفعالية..

تم اختبار هذا النظام باستخدام بيانات من مجموعتين: مجموعة بيانات ألمانية ومجموعة بيانات من الإمارات، حيث حققت دقة تصل إلى 98.5% على المجموعة الألمانية و98.2% على المجموعة الإماراتية، من خلال تحسين قدرة السيارات ذاتية القيادة على التعرف إلى لوحات المرور..

ستصبح الطرق أكثر أماناً، ما يقلل من فرص الحوادث الناجمة عن سوء فهم الإشارات، كما أن ذلك سيسهم في تطوير سيارات ذاتية القيادة أكثر كفاءة وموثوقية، ما يسهل ويزيد من أمان وسائل النقل للجميع..

يُعد هذا البحث أول دراسة تستخدم صور اللوحات المرورية في الإمارات لاختبار نموذج التعرف المستخدم للبحث، حيث تم الحصول على صور اللوحات المرورية من مركز النقل المتكامل (AD Mobility) لجزيرة ياس في إمارة أبوظبي.

كيف ترين أن دراستك في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي قد أثرت في رؤيتك لمستقبل هذه التقنية؟

دراستي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي منحتني فرصة ذهبية لاكتساب معرفة عميقة بأحدث التطورات في الذكاء الاصطناعي، هذه التجربة وسّعت آفاقي..

حيث تعلمت كيفية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لحل مشاكل حقيقية، ما سيتيح لي المساهمة في تحقيق الاستراتيجيات الوطنية لدولة الإمارات في هذا المجال.

ما هي التحديات التي واجهتك خلال رحلة الماجستير، وكيف تمكنت من التغلب عليها؟

أحد أكبر التحديات لي كانت عدم قدومي من خلفية دراسية في علوم الحاسوب والذكاء والاصطناعي، حيث كانت دراستي الجامعية في تخصص علوم هندسة النقل ودرجة الماجستير الأولى في علوم البنية التحتية الحيوية المستدامة من جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا..

عندما بدأت رحلتي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي للحصول على درجة الماجستير الثانية في علوم تعلم لغة الآلة، واجهت تحدياً كبيراً في فهم العديد من المفاهيم الجديدة مثل تعلم الآلة، البرمجة، والتحسين..

ولكن من خلال تكثيف الجهود والعمل والدراسة لساعات إضافية، تمكنت من سد الفجوة ومواكبة زملائي، هذا الجهد كان مجزياً حيث أكملت بنجاح درجة الماجستير الثانية في مايو2024، وقبلت لمتابعة الدكتوراة هذا الفصل في الجامعة في نفس التخصص..

حيث إنني ممتنة جداً لفرصة دراستي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، التي وفرت لنا كل الأدوات والمواد التعليمية والخبرات الضرورية للنجاح في هذا المجال، الجامعة لم تكتفِ بتقديم المناهج الأكاديمية المتطورة فقط، بل دعمتنا أيضاً بالتدريب العملي والبحوث التطبيقية التي تعزز من فرصنا في تحقيق التميز في هذا المجال المتسارع.

ما هي أبرز النتائج التي توصلت إليها في بحثك حتى الآن؟

الجزء الأول من البحث، الذي تم نشره في واحدة من أهم منصات البحوث العالمية، ركّز على تحسين شبكات المركبات من خلال تطبيق «الميتافيرس»، النتائج أظهرت تقليلاً في التأخير عند استخدام البيئات الافتراضية، ما يعزز من أداء الشبكات اللاسلكية ويقلل من الزمن المستغرق في معالجة البيانات.

الجزء الثاني من البحث، الذي يركز على التعرف إلى إشارات المرور للمركبات ذاتية القيادة، أظهر نتائج ممتازة من حيث دقة التعرف، النظام حقق دقة عالية، كما أشرت، ونعمل حالياً على نشر هذا الجزء من البحث أيضاً.

كيف تعتقدين أن هذه النتائج يمكن أن تسهم في تطوير هذا المجال؟

النتائج تسهم في تطوير مجال النقل الذكي والمركبات الذاتية القيادة من خلال تحسين دقة وفعالية أنظمة التعرف على الإشارات المرورية وتقليل التأخير في شبكات المركبات المستقبلية..

هذا التطوير يمكن أن يعزز من أمان وكفاءة المركبات الذكية، ما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية لدولة الإمارات في تطوير بنية تحتية مستدامة وذكية.

ما هي الأدوات والتقنيات التي تستخدمينها في بحثك؟

في بحثي، أستخدم العديد من الأدوات المتقدمة مثل Jupyter Notebook للبرمجة والتحليل، ولغات البرمجة مثل Pytho، بالإضافة إلى أدوات التحليل الإحصائي وتفسير البيانات، هذه الأدوات تمكنني من تطوير وتحليل النماذج والخوارزميات الرياضية التي تلزم لتحسين الأنظمة المستخدمة في البحث.

فاطمة الخوري: تعلمت كيفية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لحل مشاكل حقيقية

كيف ترين تطور هذه الأدوات في المستقبل القريب؟

من المتوقع أن تشهد هذه الأدوات تطوراً كبيراً في المستقبل، حيث ستصبح أكثر قوة وسهولة في الاستخدام، من المرجح أن نرى زيادة في السرعة والكفاءة، ما سيساعد الباحثين على معالجة كميات ضخمة من البيانات وتحليلها بطرق أكثر دقة وفعالية.

ما هي الخبرات العملية التي اكتسبتها خلال دراستك، وما أهم المهارات التي تعتقدين أنها ضرورية للنجاح في هذا المجال؟

خلال دراستي، تعلمت كيفية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما اكتسبت مهارات في البرمجة وتحليل البيانات وتصميم الأنظمة، من المهارات الأساسية المطلوبة للنجاح في هذا المجال القدرة على حل المشكلات، التفكير التحليلي، ومعرفة الرياضيات والبرمجة وتحليل البيانات.

كيف ترين أن دراستك في مجال تعلم الآلة ستسهم في مسيرتك المهنية المستقبلية؟

دراستي في تعلم الآلة ستفتح لي فرصاً مهنية واسعة، كونه مجالاً ذا طلب كبير، ويتماشى مع استراتيجية الذكاء الاصطناعي لدولة الإمارات، هذا المجال سيمكنني من المساهمة في تطوير حلول مبتكرة تدعم النمو والتطور في مختلف القطاعات، خاصة في مجالات النقل والبنية التحتية الذكية.

ما هي أبرز التطبيقات العملية التي ترين أن تعلم الآلة يمكن أن يسهم في تطويرها؟

تعلم الآلة يمكن أن يسهم بشكل كبير في تطوير أنظمة النقل الذكية، تحسين أداء المركبات ذاتية القيادة، وإدارة شبكات المركبات اللاسلكية بكفاءة أعلى، هذه التطبيقات تساعد في تعزيز الأمان وتقليل الحوادث على الطرق.

من الضروري على الطلبة أن يستفيدوا من الفرص الكبيرة المتاحة لهم مثل المنح الدراسية، برامج التدريب، والمختبرات البحثية

ما هي النصيحة التي تقدمينها للطلبة الذين يرغبون في الدخول إلى مجال الذكاء الاصطناعي؟

أنصح الطلبة الذين يرغبون في دخول مجال الذكاء الاصطناعي بأن يكون لديهم شغف حقيقي للتعلم وتطوير أنفسهم باستمرار، من المهم أن يحددوا أهدافاً واضحة، مثل التخصص في أحد فروع الذكاء الاصطناعي المتعددة، كالتعلم الآلي أو معالجة اللغة الطبيعية..

يجب أيضاً أن يركزوا على تعلم مهارات أساسية مثل البرمجة، خصوصاً لغات مثل Python، وفهم الأساسيات في الرياضيات والإحصاء، بالإضافة إلى ذلك، في دولة الإمارات نحن محظوظون جداً بقيادة حكيمة تستثمر بشكل كبير في العلم والإنسان..

فقد وضعت الدولة استراتيجيات متقدمة، مثل استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، التي تهدف إلى جعل الإمارات مركزاً عالمياً في هذا المجال..

لذلك من الضروري على الطلبة أن يستفيدوا من الفرص الكبيرة المتاحة لهم مثل المنح الدراسية، برامج التدريب، والمختبرات البحثية التي توفرها الجامعات والمؤسسات الحكومية.

ما هي أهم التحديات التي تواجه الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي في الإمارات؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟

أحد التحديات الرئيسية هو محدودية الوصول إلى قواعد بيانات عامة مفتوحة في الدولة، لدينا العديد من قواعد البيانات العالمية مثل Kaggle وUCI Machine Learning Repository، لكن البيانات المحلية محدودة..

من المهم توفير المزيد من البيانات المحلية لتمكين الباحثين من إجراء دراسات مخصصة تتماشى مع تحديات وفرص الدولة، في بحثي، تمكنت من الحصول على صور لوحات المرور من مركز النقل المتكامل في أبوظبي وكانوا متعاونين للغاية..

لكن لو كانت هذه البيانات متاحة بشكل عام، فإن العديد من الباحثين سيستفيدون منها لإجراء أبحاث متنوعة.

ما هو بحثك في دراسة الدكتوراة في تخصص علوم تعلم لغة الآلة الذي انطلقت به هذا الفصل؟

سيكون تركيز بحثي على التعلم العميق المعزز: (Deep reinforcing learning for resource allocation in non space air ground networks)، وهو مجال يهدف إلى تحسين كفاءة استخدام الموارد في هذه الشبكات وسأقوم بتطوير هذه الأفكار بشكل أكبر في الفترة المقبلة.

 

مقالات ذات صلة