نصائح تجنبك الإصابة بالفتق وتبعد عنك التدخل الجراحي.. من الدكتور دانيال جيرون
مع التقدم في العمر تتغير أجسامنا، ليصاب البعض بالفتق الذي قد يرتبط حدوثه بأسباب كثيرة، منها كبر السّن، وأخرى مرتبطة بالسعال المزمن، أو الحمل المتكرر، أو الإمساك الذي يسبب إجهاد المعدة، أو تراكم غير طبيعي للسوائل في البطن (الاستسقاء)، ومنها ما تسببه الأنماط الحياتية، مثل ممارسة تدريبات عنيفة، أو رفع أشياء ثقيلة، أو السمنة المفرطة، كل ذلك قد يزيد فرص الإصابة به.
د. دانيال جيرون
يحدثنا الدكتور دانيال جيرون، طبيب أخصائي في قسم الجراحة العامة بمعهد أمراض الجهاز الهضمي في كليفلاند كلينك أبوظبي، عن هذا الموضوع، ويستعرض أهم النصائح التي يجب اتّباعها في حال الخضوع لجراحات الفتق، ويقول «الفتق عبارة عن نتوءات دقيقة في الأنسجة قد تسبب إزعاجاً للمصاب، ويعتبر حالة مرضية، على الرغم من أنه لا يحظى بالاهتمام الكافي، ويحدث الفتق بأشكال عدّة، ويسبب كل شكل أعراضاً مختلفة، في حين يرتبط بعوامل خطرة».
أسباب حدوث الفتق
ويضيف د. جيرون «تتغير طبيعة أجسامنا بشكل كبير، ويمكن لهذه التغيّرات أن تزيد من فرص تعرّضنا للفتق، كما أن بعض المهن، والحالات الطبية، وخيارات أنماط الحياة، قد تزيد من فرص الإصابة به. فالفتق هو نوع من التمزق تصاب به العضلات، أو الأنسجة، فيتسبب هذا ببروز جزء من الأنسجة الداخلية العميقة إلى الخارج، وقد تحوي هذه الأنسجة جزءاً من الأمعاء، وفي بعض الحالات، قد يكون الفتق واضحاً، بحسب حجمه ومكان حدوثه.
ومن المهم أيضاً الإشارة إلى أنشطة محددة تسبب ذلك، مثل الانحناء أو رفع الأشياء الثقيلة، وعلى المستوى المهني فهناك مجموعة من الأعمال التي تفرض على المتخصصين بها الوقوف لفترات طويلة، ما يضع مزيداً من الضغوط على منطقة البطن، ويمكن لهذا الضغط المتواصل أن يسبب تراجعاً في قوة الجدار البطني بشكل تدريجي، بما قد يقود للإصابة بفتق مفاجئ.
كما يلعب الجهاز التنفسي أيضاً دوراً في الإصابة بالفتق، إذ يعتبر كلاً من السعال المزمن، والحساسية المستمرة التي تسبب العطاس المتكرر، من محفزات الإصابة، حيث يمكن أن تؤدي عمليات الدفع القسري هذه إلى زيادة الضغط على عضلات البطن، ما قد يقود لتكون نقاط ضعف تتطور إلى فتوق بمرور الوقت. إضافة إلى ذلك، فإن وجود تاريخ سابق للخضوع لجراحات البطن والحوض قد يزيد من فرص الإصابة بالفتق، فغالباً ما تتضمن الإجراءات الجراحية حدوث شقوق في جدار البطن تُبرز الأنسجة، ما يؤدي إلى فتق.
كما يؤدي الحمل المتكرر إلى العديد من التحديات أيضاً، فتوسعة الرحم تضع ضغوطاً إضافية على جدار البطن، وتحفزه على التوسع لاستيعاب الجنين، وهذا الضغط المتواصل يمهّد لظهور الفتق السّري».
الأطفال الذين ولدوا مبكراً أو ذوو الوزن المنخفض أكثر عرضة للإصابة بالفتق
يكمل د. جيرون «تُعد السّمنة المفرطة من أبرز عوامل الخطر المسببة للفتوق، فازدياد وزن الجسم يضع ضغطاً إضافياً على عضلات وأنسجة البطن، بما يؤدي لضعفها بشكل تدريجي، وحدوث الفتق. وهنالك أيضاً حالات طبية، أو عوامل معيّنة، تزيد من خطر حدوث الفتق الخلقي لدى الأطفال. وغالباً ما تكون الفتوق أكثر شيوعاً عند الأطفال الذين ولدوا مبكراً، أو ذوي الوزن المنخفض، والرضّع المصابين بالتليّف الكيسي، أو مرض النسيج الضام، أو خلل التنسج الوركي الخلقي».
التطورات التكنولوجية في جراحات الفتق
يقول الدكتور جيرون «مهّد التطور التكنولوجي الطريق نحو تحول جذري في رعاية مرضى الفتق، إذ باتت الإجراءات بأدنى حدود التدخل الجراحي، مثل المناظير والروبوتات، تقدم فوائد لافتة، بما يشمل الحد من الألم، وتقليص الفترة اللازمة للتعافي، مع تعزيز الدقة أثناء إجراء الجراحة.
فهذه الابتكارات لا تحسّن من تجربة المريض فحسب، بل تسهم في منحه أفضل المخرجات العلاجية، وتمكينه من العودة لممارسة نشاطه الطبيعي في غضون فترة أقصر.. وتتضمن تلك التطورات:
- علاج الفتق الجراحي بالمنظار: ويتضمن إجراء شقوق صغيرة باستخدام أدوات خاصة، ويتميز بآلام طفيفة للغاية بعد الجراحة مع الحاجة لفترة تعافٍ أقل.
- علاج الفتق بالروبوت: ويستخدم التقنيات الروبوتية لتوجيه أدوات العلاج بدقة متناهية بما يعزز من براعة العلاج ودقته.
- علاج الفتق بالجراحة المفتوحة: وتعتمد هذه المنهجية التقليدية على إجراء شق واحد طويل، وبينما تعتبر الأكثر تدخلاً جراحياً، قد تكون خياراً ضرورياً بالنسبة إلى بعض المرضى.
- عملية إعادة بناء جدار البطن المعقدة: بالنسبة إلى المرضى الذين أصيبوا بمضاعفات نتيجة جراحات سابقة، يقوم هذا الإجراء بعلاج الضرر والضعف، ويستخدم غالباً مزيجاً من الجراحات المفتوحة وتقنيات المنظار والروبوت».
ويختتم د. دانيال حديثه، قائلاً «إن ملاحظة أي أعراض مرتبطة بالفتق تستدعي استشارة الطبيب، وعدم إهمالها نتيجة الاعتقاد بأنها ستتلاشى من تلقاء نفسها، فالأعراض، مثل الكتل، أو الانتفاخات، أو الألم الذي يتفاقم مع الحركة، أو مشاكل الجهاز الهضمي، يمكن أن تبدأ بشكل بسيط، ولكنها تتقدم بمرور الوقت، فطلب التدخل الطبي في الوقت المناسب يوفر أفضل فرصة للتدخل المبكر، سواء من خلال المراقبة المستمرة، أو العلاج الجراحي، عندما تقتضي الحاجة.
فالعلاج المبكر يعود بنتائج أفضل على المدى الطويل، كما أن التعرّف إلى التقنيات المتطورة يمكّن المرضى من اتخاذ قرارات مدروسة حول إجراءات علاج الفتق، فأغلبية هذه العمليات الجراحية يتم إجراؤها في العيادات الخارجية، وتتمتع بمعدل نجاح مرتفع، ومع ذلك من الضروري الإقرار بوجود احتمال طفيف لتكرار الفتق، خاصة إذا بقيت عوامل الخطر الأساسية».