30 أبريل 2024

كيف يمكن للرجل أن يتجاوز مرحلة سنّ اليأس؟

محررة في مجلة كل الأسرة

كيف يمكن للرجل أن يتجاوز مرحلة سنّ اليأس؟

لا تتوقف سنّ اليأس عند النساء، فمع تقدم العمر يمرّ الرجال، أيضاً، بهذه الظاهرة التي ترافقها الكثير من التحديات، الصحية والنفسية، وتحتاج إلى تعامل مناسب.. فما هي أعراض سنّ اليأس عند الرجال، وكيف يمكن التعامل معها بطريقة صحية ومتوازنة؟

كيف يمكن للرجل أن يتجاوز مرحلة سنّ اليأس؟
د. أمجد فاروق

عن ماهية سنّ اليأس عند الرجال، واختلافها عن مثيلها عند النساء، يوضح استشاري المسالك البولية في مستشفى ميدكير الصفا- دبي، الدكتور أمجد فاروق «تتميّز سنّ اليأس عند الرجال، أو ما تعرف اصطلاحاً بـ«إياس الذكور»، أو «قصور الغدد التناسلية المتأخر»، بتغيرات متصلة بالعمر لدى بعض الرجال، ومرتبطة بانخفاض في مستويات التستوستيرون، وهي بالتأكيد تختلف عن سنّ اليأس عند النساء، حيث يمثل الانخفاض التدريجي في هرمونَي الإستروجين والبروجيستيرون، مرحلة مميزة في حياة المرأة.

أما بالنسبة إلى سنّ اليأس عند الذكور، فيمكن أن تظهر أعراضها على شكل تعب، وانخفاض الليبيدو، وتقلّبات في مزاج وأنماط النوم المتغيّرة، باعتبارها مؤشراً إلى انخفاض مستويات التستوستيرون الذي يبدأ عادة من سن الأربعين، أو الخمسين. وخلافاً للتحولات الهرمونية المفاجئة التي تحدث في حالة انقطاع الطمث عند النساء الذي يصبح مؤكداً بعد مرور 12 شهراً على توقف الحيض، ويتميز بأعراض مثل الهبّات الساخنة، أو جفاف المهبل، يكون انقطاع الطمث عند الذكور عملية تدريجية أكثر، وبينما تتشابه الحالتان بالتقلبات الهرمونية، إلا أن أنواع الهرمونات تتباين، كما يعتبر انقطاع الطمث عند النساء مؤشراً على انتهاء الخصوبة، أما انقطاع الطمث الذكوري فيتيح الاحتفاظ بالخصوبة.

كما تجب الإشارة إلى أن انقطاع الطمث الذكوري يعتبر موضع جدل ونقاش ضمن المجتمع الطبي، فالرجال الذين يعانون تلك الأعراض عليهم استشارة الطبيب المختص للحصول على نصائح مخصصة من ضمنها العلاج ببدائل الهرمونات، أو إجراء تعديلات في نمط الحياة».

كيف يمكن للرجل أن يتجاوز مرحلة سنّ اليأس؟

في ما يتعلق بتأثير سن اليأس في الهرمونات والوظائف الفسيولوجية للرجال، يبين د. فاروق «يبدأ انقطاع الطمث عند الرجال في سنّ الـ 40، أو الـ 50، ويتميز بانخفاض تدريجي في مستويات التستوستيرون الذي بدوره يؤثر في مختلف الوظائف الفيزيولوجية، بما في ذلك الكتلة العضلية، وكثافة العظام، والوظيفة الجنسية، والمزاج، والوظائف الإدراكية، وعملية الأيض، وأنماط النوم، كما قد تشتمل الأعراض على التعب، والضعف، والوهن، وانخفاض الليبيدو، وتقلبات المزاج».

عوامل تطور انقطاع الطمث الذكوري

ويكشف د. فاروق «يمكن أن يكون للعوامل البيئية وأنماط الحياة المختلفة تأثير في تطور انقطاع الطمث الذكوري، ومن هذه العوامل:

  • النظام الغذائي غير الصحي.
  • أسلوب الحياة المُتّسم بقلة الحركة.
  • التوتر المزمن.
  • التدخين.
  • استهلاك الكحول.
  • التعرّض للسموم البيئية.

وكلها عوامل تساهم في تسريع التغيرات الهرمونية المرتبطة بسنّ اليأس عند الرجال. وعلى العكس من ذلك، فإن الحفاظ على نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، وضمان الحصول على قسط كاف من النوم، وإدارة التوتر، والابتعاد عن استهلاك الكحول، وتجنب السموم البيئية، كلها تساهم في إبطاء انقطاع الطمث عند الرجال. ويمكن أن تتباين استجابات الأفراد، لذلك تصبح استشارة الطبيب أمراً أساسياً للحصول على إرشادات مخصصة، لا سيما بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون أعراضاً بالغة مرتبطة بانقطاع الطمث الذكوري».

كيف يمكن للرجل أن يتجاوز مرحلة سنّ اليأس؟

ماذا يفعل سن اليأس في صحة الرجل؟

وعن تأثير سن اليأس في الصحة العامة للرجل، وأهم طرق التشخيص المتبعة، يكشف د. فاروق «يؤثر انقطاع الطمث الذكوري في الصحة العامة للرجال، نظراً للانخفاض التدريجي في مستويات التستوستيرون. ومن الناحية الجسدية، فإنه يؤدي الى:

  • انخفاض كتلة العضلات.
  • الضعف، وتزايد خطر الإصابة بهشاشة العظام.
  • كما تتأثر الصحة الجنسية أيضاً مع تدنّي مستويات الليبيدو.
  • إضافة إلى الدور الذي تلعبه التحولات الهرمونية في تقلّب المزاج، والتهيّج، وحتى الإصابة بأعراض الاكتئاب والقلق.
  • كما قد تتأثر الوظائف الإدراكية، وأنماط النوم، ومستويات الطاقة.
  • وقد أشارت بعض الدراسات إلى وجود رابط بين مستويات التستوستيرون وأمراض القلب والأوعية الدموية».

يوضح د. فاروق، أهم طرق تشخيص سنّ اليأس عند الرجال «ينطوي تشخيص انقطاع الطمث الذكوري على إجراء تقييم شامل وفق أساليب مختلفة، وغالباً يبدأ التقييم الأولي بالأخذ في الاعتبار الأعراض المبلغّ عنها، كالوهن والتغيّرات في الليبيدو، وتقلّبات المزاج، والصعوبات الإدراكية، كما تعتبر فحوصات الدم أساسية أيضاً، مع التركيز على قياس مستويات التستوستيرون، إلى جانب تقييم إضافي للهرمونات مثل هرمون اللتوتين، والهرمون المحفز للجريب لقياس التوازن الهرموني بشكل عام.

فيما يتضمن الفحص البدني اختبار تكوين الجسم، وكتلة العضلات، ومؤشرات اختلالات الهرمونات، وفحص كثافة العظام من خلال قياس امتصاص الأشعة السينية مزدوج الطاقة، ويُعد تحديد ومعالجة الظروف الكامنة التي تسهم في الاختلالات الهرمونية عاملاً حاسماً يستوجب تقييما طبياً شاملاً للتاريخ المرضي، كما يمكن أيضاً تضمين التقييمات النفسية، المرتبطة بالمزاج، والصحة العقليّة، وأنماط النوم، في عملية التشخيص، ومن المهم إدراك ارتباط عملية تشخيص انقطاع الطمث الذكوري بالتقييم السريري، والفحوص المخبرية سوية».

كيف يمكن للرجل أن يتجاوز مرحلة سنّ اليأس؟

مسألة القدرة على الإنجاب من جملة الأسئلة التي يجيب عنها د. فاروق مبيناً «انقطاع الطمث عند الرجال قد يُسبب تغييرات في نوعية الحيوانات المنوية، وكميتها، ما يؤثر في الخصوبة، إلى حد ما. وفي حين أن الخصوبة لا تتوقف تماماً، فإن عوامل مثل التغييرات ذات الصلة بالمرحلة العمرية التي تطرأ على الحيوانات المنوية، يمكن أن تؤثر في القدرة على إنجاب الأطفال.

إلا أن اتّباع بعض الاستراتيجيات يمكن أن تساعد الرجال الراغبين في الانجاب خلال فترة انقطاع الطمث، منها الالتزام باتباع نمط حياة صحي، وطلب التدخل الطبي كعلاج استبدال الهرمون، أو علاجات الخصوبة، واستشارة أخصائيي الخصوبة للحصول على توجيه شخصي، أو تجميد الحيوانات المنوية عند الرغبة في المختبر، واستخدامها في وقت لاحق في عملية التلقيح».

ويكشف استشاري المسالك البولية عن أهم العلاجات الفعّالة لتخفيف تأثيرات سنّ اليأس عند الرجال، وأحدث الأبحاث في هذا المجال، يقول «غالباً ما ينطوي علاج آثار انقطاع الطمث الذكوري على العلاج ببدائل «التستوستيرون» (TRT)، من أجل تخفيف الأعراض، مثل التعب، وانخفاض الليبيدو، وتقلّبات المزاج، ولكن قبل الخضوع لاستخدام هذا النوع من العلاج يجب دراسة الحالة تحت إشراف طبي، تحسباً لاحتمالية الإصابة بأمراض في القلب والأوعية الدموية، ومشكلات في البروستات، وبينما تستمر الدراسات في هذا المجال، تم التوصل في جانب آخر إلى منهجية أكثر شمولية وشخصية لعلاج انقطاع الطمث الذكوري، تنطوي على التدخلات الهرمونية والتعديلات في نمط الحياة».

كيف يمكن للرجل أن يتجاوز مرحلة سنّ اليأس؟

يوضح د. فاروق تأثير سنّ اليأس في الجوانب النفسية والاجتماعية في حياة الرجل «يمكن لانقطاع الطمث عند الرجال التأثير بشكل ملحوظ في الجوانب الاجتماعية والنفسية لحياة الرجل، بسبب تقلّبات المزاج، والتغيرات في الليبيدو، ما يتطلب فهماً ودعماً أكبر من المحيطين، وعلى الصعيد النفسي، يمكن للتقلبات الهرمونية أن تؤدي إلى قلق، وتغيرات في الوظائف الإدراكية، لذا يصبح قبول هذه التغييرات مهماً، كما أن توفير الدعم العاطفي من الأصدقاء والعائلة ضروري للتعامل مع التحديات النفسية المرتبطة بانقطاع الطمث عند الرجال، فوجود بيئة تشجع الحوار المنفتح والدعم، عامل أساسي لتعزيز الرفاه النفسي والعاطفي خلال تلك المرحلة العمرية».