28 يوليو 2024

من ساعات إلى سنوات.. اضطراب نفسي يجعل بعض البشر يظنون أنهم حيوانات

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

من ساعات إلى سنوات.. اضطراب نفسي يجعل بعض البشر يظنون أنهم حيوانات

تائهون، لا يعلمون ما يفعلون، أو أنهم يعلمون ولكنهم مصرّون على ما يفعلون.. كثير من الشباب يؤذون أنفسهم، ويشوهون أشكالهم ويرفضون النعمة التي أنعم الله بها عليهم، فينفقون الأموال، ويضيّعون أجمل الأوقات وأنفعها وهم يصنعون تشوهات في أجسامهم، قد تودي بهم إلى الهلاك النفسي قبل الهلاك البدني، ماذا يُخفي هؤلاء في مجاهل أنفسهم؟

وشوم ومظهر حيواني

يقود الشعور بالقلق وحالة الاكتئاب بعض الأشخاص إلى أي وسيلة يتخلصون بها من المشاعر السلبية التي تنغص حياتهم، فيلجؤون إلى عوالم أخرى تجعلهم يظنون أنهم يجدون فيها أنفسهم التائهة، حتى ولو كانت هذه العوالم تخص الحيوانات والدمى والشخصيات الخيالية.

من ساعات إلى سنوات.. اضطراب نفسي يجعل بعض البشر يظنون أنهم حيوانات

الرجل القط

خضع «دينيس أنفر» للعديد من العمليات الجراحية ليصبح شبيهاً بأيقونته الخاصة، «أنثى النمر»؛ لأنه يعتقد أنه نمر وليس بشراً وكي يتحول إلى الصورة التي أراد أن يكون عليها، وشم وجهه وجسمه بشكل مكثّف، وزرع شاربين وثديين..

فتغيرت ملامحه كلها، وتشوهت أكثر فأكثر عندما شق الجراح شفته العليا إلى نصفين بناء على طلبه ورفع أطراف أذنيه لتكونا منتصبتين كما هي حال القطط والسنوريات عموماً.

وفي مرحلة متقدمة تعكس درجة الجنون الفعلي والمرض النفسي، تخلّص دينيس من أسنانه وزرع أسناناً أخرى فبدا فمه أقرب ما يكون للنمر.

الرجل السحلية

كان «إريك سبراجو» أول من عمد إلى شق لسانه لتتلوه موجة من الكثيرين الذين أعجبوا بفعلته فغدوا مشقوقي الألسن في خطوة تمرد على أشكالهم الطبيعية التي خلقهم الله عليها.

وخضع إريك لأكثر من 700 ساعة من الوشم المكثف والعمليات، جعلت شكله مثل سحلية لها خمسة قرون صغيرة في الحاجبين.

كما برد أسنانه لتتحول إلى شكل أنياب حادة، وصار يحرك جزأيْ لسانه المشطور كلا على حدة، كما لم تنج أذنا إريك من ذلك التحول المخيف، فقد أطال شحمتيهما لتصبحا مطاطتين، ووسع كذلك منخريه.

من ساعات إلى سنوات.. اضطراب نفسي يجعل بعض البشر يظنون أنهم حيوانات

تحول يواري رجلاً عادياً

ومن الأمثلة على هذه التحولات التي تجعل البشر أشبه بالحيوانات، هنالك «ريك جنيست» الذي تحوّل بفعل الوشم والعمليات الجراحية إلى رجل زومبي، «توم ليبرد» الذي حوّل نفسه إلى فهد بتغطية كامل جسمه ببقع من الوشم ليكون مرقطاً تماماً، «هوراس ريدلر» الذي كان بريطانياً أرستقراطياً.

ثم تحول ليصبح أحد أشهر الأشخاص غريبي الأطوار بعدما خضع للوشم من رأسه حتى أخمص قدميه بالأبيض والأسود، ليبدو مثل حمار وحشي، لكنه عند وفاته قال في ما قال: إن ذلك الجمال الوحشي كان يواري تحته رجلاً عادياً.

اضطرابات نفسية

باتت نماذج التحوّل إلى أشكال حيوانية اليوم منتشرة في بقاع مختلفة من العالم، وقد طالت النساء كما عُرفت بين الرجال، مثل «ماريا جوس» التي عُرفت بمصاصة الدماء، والمرأة النمرة وسواهما..

فما وراء ذلك؟ ولمَ لا يتقبل هؤلاء الأشخاص أشكالهم الطبيعية، بل حياتهم البشرية التي تجعلهم في أحسن شكل وفي أرقى الدرجات بين الخلق؟

زوانتروبيا

ظهر مصطلح «زوانتروبيا» لأول مرة في الطب النفسي، في القرن السابع عشر، كان يدل على المرضى الذين يعتقدون أنه يجب عليهم أن يكونوا حيوانات، أو يملكون القدرة على هذا التحول، منذ ذلك الحين اتسع هذا التعريف ليشمل المرضى الذين يظهرون سلوكاً حيوانياً.

يقول أطباء النفس: إن هذا الهذيان العقلي نادر جداً، وهو يشمل مجموعة واسعة من الحيوانات، ويصيب عدداً من الناس، ممن يعانون من صدمات نفسية مفاجئة لا يستطيعون تحمّلها، فيظن بعضهم أنه كلب، أو أسد أو نمر، أو أنه بالفعل تمساح أو قط أو ضبع، أوضفدع.

قد يكون اضطراباً مؤقتاً

ذكرت المجلة الهولندية «Tijdschrift voor Psychiatrie»، في أبريل الماضي، حالة مريضة تبلغ من العمر 54 عامًا، قدِمت إلى غرفة الطوارئ بسبب نوبات حادة من الهذيان وهي تظن أنها دجاجة فتنقنق بصوت عال.

كانت المرأة تتعرق بغزارة، وترتجف، وتنفخ خديها، و تقلّد دجاجة، تخدش، وتنقنق، وتصيح أيضاً مثل الديك، وعلى الرغم من هذيانها، تمكنت المرأة من التحدّث بشكل متماسك إلى حد ما..

وقالت: إنها لم تنم منذ خمسة أيام، وتجولت في الشوارع حافية القدمين بثوب النوم، كانت تشعر عموماً بعدم الراحة، إلى جانب إحساس غريب في أطرافها، وكأنها لم تعد متأقلمة مع جسدها، وكانت مهتاجة وتتخبط بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

أُعطيت المرأة حقنة مهدئة في الوريد جعلتها تهدأ وتنام بضع ساعات، عندما استيقظت، استعادت حالتها الطبيعية ولم تعد تتذكر شيئاً عن الحادثة.

من بضع ساعات إلى سنوات

تتنوّع عوارض هذا الهذيان ما بين العواء والشخير والصفير.. وتتراوح مدته من بضع ساعات إلى عدة سنوات، ومع أن هذا النوع من الهذيان يكون قصيراً في أغلب الحالات، لكنه قد يمتد لسنوات طويلة يتحول فيها المريض إلى شكل حيواني ينفق لأجل الوصول إليه الأموال الطائلة ويعاني من آلام مبرّحة بسبب الوشم الكثير والعمليات الجراحية التحوّلية.

ويرى علماء النفس أن هذا الهذيان قد يكون مرتبطًا باضطراب نفسي كامن مثل الفصام، الاكتئاب، الاضطراب ثنائي القطب، لكنه أيضًا قد يكون ثانوياً لتشوّهات هيكلية أو وظيفية في الدماغ، كما تُعزى بعض الحالات أيضًا إلى نوبات الصرع.

من ساعات إلى سنوات.. اضطراب نفسي يجعل بعض البشر يظنون أنهم حيوانات

تأثير الاكتئاب

في حالة السيدة «الدجاجة» المذكورة آنفاً، ارتبط الهذيان بالشعور بالاكتئاب، فقد كانت تشكو على مدى شهرين من فقدان المتعة والاهتمام ومن اضطرابات كبيرة في النوم، كما كانت تشكو من التعب وتراجع كبير في شهيتها للطعام، أدى بشكل خطير إلى فقدان ثمانية كيلوغرامات من وزنها، كانت خلال تلك الفترة بعيدة عن أي تواصل اجتماعي.