التهاب الكبد غير الكحولي هو تراكم الدهون الزائدة في خلايا الكبد، بسبب آخر غير تناول الكحول، فمن الطبيعي أن يحتوي الكبد على بعض الدهون، ولكن إذا كان أكثر من 5% - 10% من وزن الكبد عبارة عن دهون فهذا يعني أنك مصاب بالتهاب الكبد غير الكحولي..
وحينذاك عليك الاهتمام بشكل كبير بنوعيّة الطعام الذي تتناوله، وكذلك الطعام الذي يجب تجنّبه.. وهذا ما نتحدّث عنه هنا.
العيش بشكل جيّد مع مرض الكبد لا يعتمد فقط على اتباعك نظام غذائيّ صحيّ، بل تحتاج أيضاً إلى معرفة الأطعمة التي يمكن أن تجعل مرض الكبد أسوأ حتى تتمكّن من الابتعاد عنها وتجنّب وضعها في طبقك.
يتطوّر مرض الكبد الدهني غير الكحولي عندما يؤدّي تراكم الدهون في الكبد إلى التهاب وتلف الأنسجة، مع مرور الوقت..
يمكن أن يؤدّي ذلك إلى تندّب يُعرف بالتليّف أو مرض الكبد الحاد المعروف باسم تليف الكبد، الذي قد يتطلّب عمليّة زرع كبد، الذي كان يُطلق عليه مرض الكبد الدهني غير الكحولي، أي لا ينجم عن استهلاك الكحول، ويتطوّر عادةً عند الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.
يقول الأطباء وأخصائيو التغذيّة: إنه من الأفضل تجنّب العديد من الأطعمة أو تناولها باعتدال؛ لأنها يمكن أن تسرّع تراكم الدهون في الكبد، وتفاقم الالتهاب، وتسريع تطور التليّف وتليّف الكبد..
في حين يميل الخبراء إلى تجنّب حظر الأطعمة تماماً، فإن لديهم قائمة واضحة بالأشياء التي يجب عليك تناولها بشكل أقل قدر الإمكان، بعض الأفكار حول البدائل التي قد تجعل تجنّب هذه الأطعمة أسهل.
في ما يلي قائمة بالأطعمة التي من الجيّد الحدّ منها عندما تكون مصاباً بمرض الكبد:
الوجبات السريعة
تحتوي الوجبات السريعة على نسبة عالية من الدهون المشبّعة والفركتوز، ما قد يؤدّي إلى تراكم الدهون في الكبد..
كما تقول آني كارداشيان، دكتوراه في الطب، وهي أستاذة مساعدة في الطب تعالج الأشخاص المصابين بأمراض الكبد في كلية كيك للطب بجامعة جنوب كاليفورنيا، في لوس أنجلوس، التي تضيف «تراكم الدهون مع مرور الوقت يمكن أن يؤدّي إلى تسريع تلف الكبد ويؤدّي في النهاية إلى تليّف الكبد أو تندّب الكبد».
وجدت إحدى الدراسات المنشورة عام 2023 في مجلة أمراض الجهاز الهضمي والكبد السريريّة أن الأفراد الذين يعانون من السمنة أو مرض السكّري -هما حالتان مرتبطتان بزيادة خطر الإصابة بالتهاب الكبد غير الكحولي- لديهم دهون أكثر بكثير في الكبد عندما يحصلون على 20% على الأقل من السعرات الحراريّة من الوجبات السريعة، من الذين تناولوا كميّات أقل من الوجبات السريعة أو لم يتناولوها على الإطلاق.
من جانبها، تبيّن آني جينان، اختصاصيّة تغذية زراعة الكبد في جامعة شيكاغو «وجبة واحدة فقط من الوجبات السريعة يوميّاً يمكن أن تؤذي الكبد..
وإذا كنت في موقف يكون فيه خيارك الوحيد هو الوجبات السريعة، فاختر وجبة تحتوي على اللحوم الخالية من الدهون مثل الدجاج أو الديك الرومي أو السمك، وعلى مصدر مهم للألياف مثل الحبوب الكاملة أو الخضار».
اللحوم الحمراء
برجر الديك الرومي أو الدجاج سيكون دائماً خياراً أفضل من اللحم البقري؛ لأن اللحوم الحمراء هي طعام آخر يمكن أن يجعل أمراض الكبد أسوأ، فاللحوم الحمراء تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبّعة، يمكن أن تسهم في حدوث التهاب منخفض الدرجة، وهذا بدوره يمكن أن يؤدّي إلى أمراض الكبد الأكثر تقدّماً وشدّة.
فقد وجدت دراسة نُشرت عام 2022 في مجلة Nutrients أن خطر الإصابة بالتهاب الكبد غير الكحولي كان أكثر من الضعف بالنسبة للنساء اللاتي تناولن ما لا يقلّ عن 88 جراماً (حوالي 3 أونصات أو ربع رطل) يوميّاً من اللحوم الحمراء..
وبالنسبة للرجال الذين تناولوا ما لا يقلّ عن 123 جراماً يوميّاً من اللحوم الحمراء (حوالي 4.3 أونصة)، كما ارتبط تناول هذه الكميّة الكبيرة من اللحوم الحمراء أو المصنّعة بانتظام بزيادة خطر الإصابة بالتليّف أو تندّب الكبد بأكثر من أربعة أضعاف.
الأطعمة المالحة
يمكن أن تشكّل الأطعمة المالحة مشكلة للأشخاص الذين يعانون من أمراض الكبد؛ لأنها تسبّب الالتهاب، ما قد يؤدّي إلى تلف الكبد، بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض الكبد المتقدّمة وتليّف الكبد، تمثل الأملاح مشكلة أكبر لأنها يمكن أن تسبّب احتباس السوائل في البطن وفي جميع أنحاء الجسم، ما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى والفشل الكلوي.
في عام 2022 وجد تحليل تلوي لبيانات سبع دراسات منشورة في مجلة Food Science & Nutrition أن اتّباع نظام غذائي غنيّ بالملح، يرتبط بما يصل إلى مضاعفة خطر الإصابة بالتهاب الكبد غير الكحولي.
كما وجدت دراسة أخرى نُشرت عام 2022 في مجلة علوم التغذية أن اتباع نظام غذائي غنيّ بالملح يرتبط بزيادة خطر الوفاة المبكّرة بأكثر من الضعف لدى الأشخاص المصابين بتليّف الكبد.
ويرى الأطباء أن إحدى الطرق لتقليل استهلاك الملح، هي اختيار الأطعمة الكاملة بدلاً من الأطعمة المعبّأة والمعالجة، حيث غالباً ما تكون الوجبات الخفيفة مثل رقائق البطاطس مليئة بالملح، وكذلك المكسّرات..
لذا عليك أن تقرأ الملصقات وتبحث عن الخيارات غير المملّحة، فالمكسّرات والبذور يمكن أن تكون بديلاً جيّداً، طالما أنها غير مغطاة بالملح.
الأطعمة المقليّة
الأطعمة المقليّة تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبّعة، وهي سبب آخر لالتهاب وتليّف الكبد.
نظرت إحدى الدراسات المنشورة عام 2020 في مجلة Frontiers in Public Health في مجموعة واسعة من العوامل الصحيّة ونمط الحياة التي يمكن أن تؤثّر على خطر الإصابة بالتهاب الكبد غير الكحولي..
ووجدت أن المشاركين الذين تناولوا الأطعمة المقليّة مرتين في الأسبوع زاد لديهم خطر الإصابة بأمراض الكبد بأكثر من الضعف، كما أن الخطر المرتبط بالأطعمة المقليّة كان أكبر من الخطر المرتبط بالسمنة أو محيط الخصر الكبير.
ينصح الأطباء بتناول الأطعمة المقليّة باعتدال، وهي وسيلة جيّدة لحماية الكبد، وكذلك إعداد هذه الأطعمة في المنزل واتخاذ خيارات ذكيّة بشأن أنواع الدهون والزيوت التي تستخدم في القلي..
ويرون أن زيت الزيتون هو الخيار الأفضل لأنه يحتوي على نسبة عالية من الدهون الأحاديّة غير المشبّعة (الدهون الجيدة) فقد وجدت دراسة نُشرت في مجلة Nutrients في عام 2023 أن الأشخاص الذين تناولوا الكثير من زيت الزيتون البكر كانوا أقل عرضة للإصابة بالتهاب الكبد غير الكحولي بنسبة 26%، كما انخفض الخطر حتى لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.
المشروبات الغازيّة والمشروبات السكريّة
المشروبات الغازيّة غير صحيّة للكبد لأنها تحتوي على الكثير من السعرات الحراريّة، ما يؤدّي إلى زيادة الوزن والسمنة، كما تحتوي أيضاً على الفركتوز وشراب الذرة عالي الفركتوز، وهي سكريّات تسبّب تراكم الدهون مباشرة في الكبد.
وجدت إحدى الدراسات المنشورة في عام 2023 في مجلة JAMA أن المشاركين الذين شربوا المشروبات الغازيّة أو المشروبات السكريّة مرة واحدة فقط يوميّاً كانوا أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض الكبد بنسبة 68% مقارنة بأولئك الذين لم يشربوا هذه المشروبات.
بشكل عام، ينصح الأطباء بعدم تناول الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الفركتوز، خاصة إذا كانت غنيّة أيضاً بالدهون والسعرات الحراريّة الفارغة، وهذا يعني الابتعاد عن المشروبات الغازيّة وغيرها من المشروبات المحلّاة بالسكر، المشروبات الغازيّة الدايت هي خيار أفضل، لكن يجب استهلاكها باعتدال لأنها ما تزال تحتوي على مواد التحليّة الاصطناعيّة.
عموماً، من الأفضل دائماً شرب الماء، لكن تناول المشروبات الغازيّة الخاصة بالحِمية من حين لآخر أفضل بكثير من تناول المشروبات الغازيّة العاديّة، وإذا كنت تبحث عن الكربنة، فجرّب بعض المياه المنكّهة الخالية من السعرات الحراريّة المتوفرة في السوق.
الأطعمة فائقة المعالجة
يتمّ إنتاج الأطعمة فائقة المعالجة بكميّات كبيرة باستخدام تركيبات صناعيّة، وغالباً ما تحتوي على مزيج من المواد الكيميائيّة والنشويّات والسكريّات والزيوت والدهون التي تعتبر جميعها ضارة بالكبد، وهي تشمل منتجات معينّة، مثل المشروبات الغازيّة والمخبوزات المعبّأة والحبوب السكريّة والوجبات الجاهزة لوضعها في الميكروويف.
تحتوي الأطعمة فائقة المعالجة على كميّة عالية من السكريّات والدهون السيّئة التي تسبّب الكبد الدهني، التي تشمل الدهون المشبّعة، والفركتوز، وشراب الذرة عالي الفركتوز، وكلها يمكن أن تؤدي إلى تراكم الدهون والتهاب في الكبد، كما يمكن أن تحتوي على نسبة عالية من الملح.
وإذا قمنا بتقييم مصدر معظم الملح في النظام الغذائي المتوفّر في المطاعم، فغالبّا ما سنجدها في الأطعمة فائقة المعالجة، والتي ارتبطت بتدهور صحة الكبد.
وقد جدت إحدى الدراسات المنشورة في مجلة Nutrients في عام 2023 أن الأشخاص الذين كان معظم ما تناولوه أطعمة فائقة المعالجة كانوا أكثر عرضة بنسبة 42% للإصابة بالتهاب الكبد غير الكحولي، مقارنة بالأشخاص الذين تحتوي وجباتهم الغذائية على كميّات أقل من هذه الأطعمة.
كما وجدت دراسة أخرى نُشرت في مجلة Nutrients في عام 2022 أن كميّة الدهون والندبات في الكبد تزداد بالتزامن مع زيادة كميّة الأطعمة فائقة المعالجة التي يستهلكها الناس.
كما هو الحال مع الأطعمة الأخرى التي لا تعزّز صحة الكبد المثاليّة، يشجّع الأطباء المرضى على استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة باعتدال ومحاولة استبدالها ببدائل صحيّة قدر الإمكان، حتى عندما ترغب في تناول وجبة خفيفة مريحة..
يمكن أن تكون هناك خيارات صحيّة، ما عليك سوى قراءة الملصق والبحث عن عدد أقل من المكوّنات، وهي علامة على قلّة المعالجة، ومستويات أقل من الأملاح والسكريّات والدهون غير الصحية.