الانفعال المفاجئ وسرعة الغضب، اضطراب نفسي يدفع صاحبه إلى سلوك عدواني عنيف، قد يدمّر، مع مرور الوقت، العلاقات بينه وبين الآخرين، سواء على الصعيد الأسري، أو على الصعيدين، المهني والاجتماعي.
ردود فعل اندفاعية ومبالغ فيها
قد تحدث نوبات الغضب المفاجئة لدى الشخص المصاب بهذا الاضطراب العصبي، مع تحذير مسبق، أو من دون تحذير، وهي عبارة عن نوبات انفعالية شديدة لفظية، و/ أو بدنية، تستمر قرابة نصف ساعة، ثم يهدأ بعدها المريض لأيام، أو أسابيع، ثم يعاود الكرّة.
قبل نوبة الغضب
قبيل حدوث الانفجار الانفعالي، يشعر المصاب ببعض الأعراض، مثل سرعة خفقان القلب، سهولة الاستثارة والاستفزاز، فيتهيأ للهجوم والردّ، كأنه قنبلة موقوتة، وتتلاحق الأفكار في رأسه بسرعة شديدة، مع تخيّل صور ومشاهد متضاربة، كلها سلبية. ويترافق ذلك مع شعور بضيق الصدر كأن الهموم كلها قد جثمت عليه.
أثناء نوبة الغضب
يبدأ المصاب بالغضب الانفجاري، بإطلاق كلمات مؤذية وجارحة، ويبدو كأنه مغيَّب عن العالم، ثم يدخل في نقاش انفعالي، وجدال حاد يستمر إلى أن تنتهي نوبة الغضب، ويهدأ، ولكنه أثناء ذلك يمكن أن يقوم بسلوك عدواني شديد، كدفع الشخص الذي يناقشه، أو إيذائه جسدياً.
وعادة، يكون صوت المصاب عالياً، وحادّاً، فلا يستطيع أن يسمع الآخرين الذين إما أن يحاولوا تهدئته بلطف، وإما أن يهاجموه بعنف، وهنا، يزداد السلوك عدوانية وانفعالية، كأن القنبلة التي انفجرت ستستمر حتى يخفت ضجيجها بعدما تصيب شظاياها من تصيب.
أسباب الغضب الانفجاري
في الواقع، لم يحدّد العلم أسباباً دقيقة للإصابة بهذا الاضطراب الذي يجعل الشخص غاضباً معظم الوقت، ولكن هناك بعض الدراسات التي تبيّن علاقة الغضب الانفجاري ببعض المسببات، نذكر منها:
1- الوراثة
للوراثة دور في تكوين الشخصية الانفعالية، وقد يكون المسؤول أحد الجينات التي تجعل الشخص غير قادر على السيطرة على التوتر، والتعامل معه. وضبط النفس عند الشعور بالغضب.
2- التربية وجوّ الأسرة
عندما ينشأ الطفل في أسرة يسودها العنف اللفظي، أو الجسدي، سواء بين الأبوين، أو مع الطفل مباشرة، يصبح معرّضاً لأن يكون يافعاً عنيفاً، أو بالغاً، غضوباً وانفعالياً.
وقد يتعرض الطفل للتنمّر، أو للاعتداء الجسدي، سواء بالضرب أو التحرّش، فيكبت مشاعره الغاضبة إلى حين نضوجها، وإتاحة الفرصة لها لتتحول إلى بركان ثائر يصبّ حممه على أشخاص يمرّون بحياته، ولا يكونون سبباً في إثارة غضبه، كأن يؤذي الحيوانات البريئة مثلاً، أو يضرب الأطفال الآخرين، ويعتدي عليهم.
تأثير الغضب الانفعالي في العلاقات
1- في الزواج
يرى الآخرون في الشخص الغضوب مشكلة كبيرة، قد لا يعرفون كيفية التعامل معها، ففي العلاقات الزوجية، قد يؤدي الغضب الشديد لدى أحد الطرفين، (غالباً ما يصيب الزوج)، إلى الطلاق، وتشتت الأسرة، أو نشوء توتر دائم بين أفراد العائلة.
2- في العمل
بسبب النوبات الانفعالية، قد يتعرض الموظف الغضوب إلى مشكلات كثيرة، سواء مع أرباب العمل، أو مع الزملاء، وقد يؤدي انفعاله الدائم، وتلفظّه الجارح، إلى فصله من عمله، حتى إن كان يملك الكفاءة، والمهارات.
3- في المجتمع
يبتعد الناس عادة عن مصاحبة الشخص الانفعالي، فهم لا يعرفون بالضبط متى ينفجر، ومتى يهاجم، وعلى سبيل المثال، قد يحدث أن يتجاوز أحد السائقين سيارة شخص غضوب، فيؤدي ذلك إلى حوادث سير لا تُحمد عقباها، أو إلى ضرب متبادل، وتشابك بالأيدي.
وبشكل عام، يكون الشخص المصاب بالغضب الانفجاري ذا مزاج متقلّب يراوح بين ضحك ومزاح مزعجَيْن، وشعور بالضيق والاكتئاب، لأنه غالباً ما يندم على ما فعله، ولكن بعد فوات الأوان، وإيذاء الآخرين. وقد يمعن المصاب في الغضب، ويدخل في نوبات شديدة خوفاً من فقدان الشخص الذي آذاه. فهو يريد الاستمرار في علاقته معه، ولكنه لا يستطيع السيطرة على غضبه الذي يجعل أكثر العلاقات جديّة هشّة.
مشكلات صحية
قد يتعرض الشخص الغضوب والانفعالي إلى ارتفاع في ضغط الدم، وإصابة بداء السكري، الأمر الذي قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب، والسكتة الدماغية. إلى جانب التوتر، والحالة النفسية الرديئة التي قد تذهب بالبعض إلى الانحراف، وحتى إلى التفكير في الانتحار.
نصائح للتحكم في الغضب
إذا كنت من الأشخاص الذين يغضبون بسرعة، ثم يندمون على ما قالوا، وما فعلوا، فعليك تطبيق الخطوات التالية التي ينصح بها الخبراء:
متى تلجأ إلى الطبيب؟
عندما لا تستطيع التحكم في غضبك، وترمي الآخرين بحمم بركانك الثائر باستمرار، توجّه إلى الطبيب الذي قد يصف لك أدوية مهدئة تساعدك على التفاعل مع الآخرين بهدوء أكثر.