يظل الرجل هو الداعم الأساسي في حياة المرأة، كونه السند والقوة، كما أنه الظهر الذي تتكئ عليه عند الشدة، إلا أن دوره يتعاظم عندما تصاب بمرض يحتاج لتكاتف الأيدي، وها نحن في أكتوبر الوردي، شهر التوعية بمرض سرطان الثدي، نفتح باب النقاش حول أهمية الدعم النفسي في مرحلة العلاج.
د. ناهد بالعلاء
الدكتورة ناهد بالعلاء، استشارية جراحة أورام الثدي في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، تقول "أهم ما تحتاجه مريضة السرطان بشكل عام هو الدعم النفسي، وأول من يقدمه الطبيب الذي توكل إليه مهمة الكشف عن الإصابة، إذ تبدأ مهمته بإخبار المريضة بالتشخيص، والتواصل الواضح والصريح معها حول طبيعة الورم وحجمه، مع تجنب استخدام مصطلحات طبية معقدة قد تكون مربكة لها..
وإتاحة الوقت لطرح الأسئلة والحصول على إجابات تفصيلية، لضمان فهمها الكامل لحالتها ووضع الخطة العلاجية الشاملة، مع توضيح الخيارات المتاحة بما في ذلك المخاطر المحتملة، بالإضافة إلى المتابعة بعد التعافي من خلال الفحوصات الدورية لمراقبة تقدم العلاج والتأكد من عدم عودة السرطان..
كل ذلك يتماشى جنباً إلى جنب مع تقديم الدعم النفسي المستمر والذي يساعد المريضة على التكيف مع التحديات التي تواجهها، فدور المعالج وجراح أورام الثدي يمتد من تقديم الخبرة الطبية والعلاج الجراحي إلى دعم المريضة نفسياً وتقديم المشورة المستمرة، ما يسهم في تحسين جودة حياتها وزيادة فرص الشفاء".
بيد أن هناك دعماً أكبر تنتظره مريضة سرطان الثدي من الأشخاص المقربين في حياتها والذين تقع عليهم مسؤولية ليست بالقليلة..
توضحه الدكتورة ناهد قائلة "يكون للرجل أدوار كثيرة يقدمها في رحلة العلاج، سواء كان زوجاً، أو أباً، أو أخاً، أو ابناً، ومنها:
- الدعم العاطفي: مساعدة المرأة على الشعور بالاطمئنان والراحة، وتخفيف مشاعر الوحدة أو العزلة التي قد تشعر بها.
- الدعم العملي: المشاركة في المتابعة الطبية، سواء من خلال مرافقتها إلى المواعيد الطبية أو المساعدة في إدارة الأمور الصحية، بجانب تقديم المساعدة في المهام اليومية والالتزامات المنزلية، خاصة إذا كانت تحتاج إلى الراحة أو تعاني من الآثار الجانبية للعلاج.
- الدعم المالي: تحمل التكاليف المتعلقة بالعلاج، أو توفير المساعدة المالية إذا تطلب الأمر، لضمان تلقي العلاج اللازم بدون ضغوط مالية.
- الدعم الاجتماعي: تعزيز روح الإيجابية والتفاؤل من خلال التشجيع على التواصل مع الأصدقاء والعائلة، والمشاركة في الأنشطة المناسبة، وحمايتها من الضغوطات الاجتماعية السلبية، والعمل على توفير بيئة هادئة وداعمة للمريضة.
- التثقيف والتوعية: من خلال التعرف إلى المرض وفهم مراحله وكيفية التعامل معه، ومشاركة المعلومات المفيدة مع المريضة، والمساعدة في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن العلاج.
من جانبها، توضح الدكتورة هيام هاشم، طبيبة أسرة في مركز برايم الطبي بالشارقة "معظم السيدات المصابات بمرض سرطان الثدي يتعرضن لمستويات مختلفة من التوتر والقلق، وقد يكون الاكتئاب أثناء رحلة العلاج وبدايات التشخيص هو رفيق دربهن..
وهذه التغيرات النفسية مع اختلاف مستوياتها تختلف من امرأة لأخرى وبالتأكيد تؤثر هذه التغيرات على فاعلية العلاج، كما تؤثر على جودة الحياة المطلوبة وعلى القرارات المهمة، التي لابد أن تأخذها المريضة في ما يخص خطوات العلاج ومواصلته والاستمرار فيه وتوقع فشل التعافي وتكرار المحاولة مرة أخرى".
الزوج هو أكثر الداعمين وأهمهم في حياة مريضة سرطان الثدي
وعن أهم الداعمين في مرحلة العلاج، وفق ما جاء على لسان الدكتورة هيام "وجدنا من خلال معظم الدراسات التي أجريت في هذا الشأن أن الداعم الأقوى في حياة مريضة سرطان الثدي هو الزوج، لأسباب عديدة، منها:
- أن نسبة 30 إلى 40 % من الرعاية القريبة تكون من الزوج.
- لا يُعد هذا المرض نسائياً ولكنه مرض يؤثر على حياة الشريكين معاً.
- يعتبر الثدي من مظاهر أنوثة المرأة وجمالها، وبوجود الزوج كداعم تتجاوز شريكة الحياة محنتها، إذا ما أظهر أن الأمر ليس مهماً في علاقتهما.
- تهتم المرأة كثيراً بعلاقتها الخاصة ومدى تأثير مرضها على زوجها.
- قوة الشريك وتحمل مسؤوليته يحسنان من جودة حياة زوجته المريضة وبالتبعية على حياتهما معاً.
- للزوج دور قوي في تقبل أفراد أسرته لمرض شريكة حياته وإبعاد الطاقة السلبية التي تصدر بسبب شكوكهم في قدرتها على إدارة شؤون منزلها.
- يستطيع الزوج أن يحول الأصدقاء والأقارب لطاقة داعمة لأسرته في مثل هذه الظروف.
- يمتص الزوج صدمة الأبناء حين يرون والدتهم تحت تأثير الأدوية أو عندما تتغير بعض ملامحها، فهو الأقدر على جعلهم أكثر تكيفاً وأقل خوفاً من الفقدان والغياب، بل وتعزيز دورهم الإيجابي في علاج والدتهم.
- الزوج الأقدر على ترتيب الدعم المادي لفترة قد تطول في العلاج، فعدم الإحساس بالأمان في هذه النقطة قد يؤثر بالسلب على صحة مريضة السرطان، ولكن التعامل مع هذا البند بذكاء وعدم البوح بالصعوبات أو المخاطر قد يجنبها أيضاً كثيراً من التوتر.
- يأتي الدعم الإيجابي من ناحية الزوج بنشر وعي اليقين الديني في أسرته والتمسك بالدعاء وتقبل الأقدار والمثابرة والأمل والتفاؤل بتطور علاجات السرطان وقصر مدة علاجه.
من جانب نفسي، تشرح الدكتورة مهرة آل مالك، أخصائية علاج نفسي، تداعيات هذا المرض «اكتشاف المرض الخبيث يؤثر سلباً في الصحة النفسية للمريض، وهذا يتطلب علاجاً من نوع آخر في بعض الحالات مع توفير الأجواء الملائمة، التي تساعد على الخروج من هذه الأزمة، ويتمثل هذا العلاج في الدعم النفسي من قبل المقربين وبالأخص الرجل الذي يعتبر الداعم الأقوى في حياة المرأة..
فهو صاحب القوامة والقدرة على خوض المعارك الكبيرة واجتيازها، فالأب يعد الوتد والابن السند والزوج الظهر ورفيق الدرب، إلا أن الزوج يظل هو أكثر مَن تحتاج إليه المرأة وقت ضعفها، كونه الأقدر على سد فجوة الضعف والانكسار التي تتعرض لها، فوجود العشرة بينهما تحمله المسؤولية تجاهها ويدفعه الحب لطمأنتها ورفع روحها المعنوية، فتشعر بأنه ما زال متمسكاً بها رغم الظروف الصحية التي تمر بها والتغيرات التي تطرأ عليها».
تقدم الدكتورة مهرة آل مالك نصائح للرجل تخص طريقة تعامله مع زوجته مريضة سرطان الثدي:
- تشجيعها على التحدث معها وعدم تركها للوساوس القاتلة.
- دعمها بالتفكير الإيجابي وإظهار الحب والاهتمام والرعاية.
- السماح لها بالتعبير عن مشاعر الحزن والألم وعدم كبتها.
- التحدث معها في موضوعات غير السرطان مثل الهوايات والاهتمامات الأخرى.
- الحرص على التعامل معها كما كان يفعل من قبل ولا يغير من طريقته السابقة.
- التعامل مع المشاعر السلبية مثل الاكتئاب والقلق ومحاولة البحث عن وسائل للخروج من تلك الحالة.