18 أكتوبر 2021

الادخار السري من مصروف البيت.. خيانة أم حسن تدبير؟

محررة متعاونة

محررة متعاونة

الادخار السري من مصروف البيت.. خيانة أم حسن تدبير؟

الادخار السري من النقاط الحساسة في علاقة الزوجين خصوصاً إذا استطاع الشريك الغامض أن يخفي مدخراته أو أملاكه لفترة طويلة بما فيها فترة الضائقة المالية والضغوط المادية.

طرحت «كل الأسرة» ظاهرة التوفير السري للزوجات من مصروف البيت دون علم الزوج على عدد من أساتذة الطب النفسي والعلاقات الزوجية والأسرية وتعديل السلوك وسألتهم : هل الادخار السري يفقد الثقة في شريك الحياة؟ وهل يعتبر ادخار الزوجة دون علم الزوج سبباً كافياً لوصول الزوجين لطريق مسدود؟

الرجال يعتبرون التوفير السري خيانة للأمانة

الادخار السري من مصروف البيت.. خيانة أم حسن تدبير؟

بداية يؤكد الدكتور محمد ياسر الخواجة، رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة طنطا، أن هذه العادة تتبعها بعض الزوجات بحجة الادخار السري حماية لأموال الزوج أو عمل حساب الزمن أو خوفاً من خيانة الزوج أو غدره، خاصة إذا كانت الزوجة لا تعمل وزوجها هو المصدر الوحيد لدخل الأسرة.

ويقول «لكن الكثير من الرجال يعتبرون التوفير السري دون علمه يعد خيانة للأمانة التي تركها في يدها وتحت تصرفها واستأمنها أن تحسن التصرف فيه، أما التحجج بأن التوفير من مصروف البيت للخوف من غدر الأيام أو حتى من غدر الزوج وتغيره فهذا ليس مبرراً والأفضل للزوجة أن تطلب من زوجها مثلاً تخصيص مصروف شخصي لها حتى ولو كان قليلاً ووقتها ستكون حرة التصرف فيه تصرفه أو تدخره دون أن تتحمل إخفاء أمر مهم عن زوجها يفقدها ثقته فيها إذا ما تم اكتشافه».

ويضيف «ويختلف الأمر حسب ما يتفق عليه الزوجان في بداية زواجهما ، فبعض الأزواج يفضلون تحمل الزوجات مسؤولية الإدارة المالية ولا يجدون غضاضة في ذلك ولا يتضررون إذا ما اكتشفوا أن الزوجة تدخر من مصروف البيت، والأفضل للزوجين حسم كل هذه الأمور قبل الزواج وفي فترة الخطبة لأن الحياة الآن أصبحت صعبة وتفرض على الزوجين التعاون والتكامل لمواجهة مطالب الأسرة».

ويلفت أستاذ علم الاجتماع إلى أن قيام الزوج بتحديد مبلغ شهري مصروفاً لزوجته بعيداً عن مصروف البيت بالاتفاق والتراضي بينهما يحد كثيراً من الخلافات الزوجية بينهما لأنه يحقق الراحة النفسية للزوجة ويشعرها بأنها حرة التصرف فيه ويعوّد الزوجة على تحديد الأولويات والتدبير في الإنفاق، وينصح الزوجات ألا يتعاملن مع المال على أنه غاية بل هو بالأساس وسيلة لاستقرار حياتهن ويجب على الزوجة أن تتعامل مع أموال الزوج بحكمة ومن موقع المسؤولية لأنهما في سفينة واحدة.

يجب أن يتفق الزوجان على وضع خطة مناسبة وميزانية ثابتة

via GIPHY

وتتفق معه الدكتورة إيمان السيد، استشارية العلاقات الأسرية والزوجية وخبيرة تعديل السلوك، في أن استقطاع الزوج لجزء من مصروف البيت وتخصيصه كمصروف شخصي للزوجة يمنحها إحساس بالحرية وأنها صاحبة مال ويكون له مردود طيب جداً على نفسيتها فتستطيع منه شراء ما يلزمها بعيداً عن الزوج وبعيداً أيضاً عن متطلبات المنزل، وتوضح «يجب على الزوجين مصارحة بعضهما منذ البداية بكل شيء متعلق بالأمور المالية وما يملك كل طرف، لكن أيضاً يجب توضيح حجم الالتزامات المادية والديون التي تتطلب سدادها، حتى إن اتفقا على الاستقلالية المالية لكل شخص، يجب الاتفاق كذلك على طريقة الإنفاق داخل المنزل وكيفية تحمل الالتزامات المادية العائلية وتحديد خطة مستقبلية للادخار».

وترى استشارية العلاقات الزوجية أنه يجب أن يتفق الزوجان منذ بداية العلاقة على وضع خطة مناسبة وميزانية لتغطية جميع احتياجات المنزل والمصروفات الشخصية لكل منهما، كما يجب تعديل تلك الميزانية بتغير الظروف كولادة طفل جديد أو دخول الأطفال للمدرسة أو زيادة النفقات الشهرية واحتياجات المنزل أو تغير الظروف الاقتصادية العامة وارتفاع الأسعار ، وتقول للزوجات «احرصي على وضع بند أساسي في الميزانية للادخار المستقبلي يساعد ذلك على تحمل الزوج تلك المسؤولية، في حالة الرغبة في شراء أي من الأمور غير الضرورية من أي من الطرفين، يجب إجراء مناقشة لاتخاذ القرار اللازم وتفادي حدوث أي خلاف».

وتبرر الدكتورة إيمان السيد تصرفات الزوجات اللاتي يدخرن من مصروف البيت «بعضهن على حق فالأولاد سيكبرون وستكبر مصاريفهم ولابد من وجود مبلغ ولو صغير للطوارئ» ولكنها ترى بأنه من الأفضل أن تصارح الزوجة زوجها بما تنوي عمله وأن تطلب منه أن يخصص لها مصروفاً شخصياً تحاول الادخار منه للأزمات ومتطلباتها الشخصية وأن تحاول أن تعطيه فكرة عامة عما تنفذه حتى لا تفقد ثقته وتطولها الاتهامات في المستقبل لأن الكذب ليس له قدمان وسيتم اكتشاف الأمر في النهاية، وتعتقد أن الزوج إذا علم بالأمر وقتها سيحترم خوفها على ماله ومحاولاتها للادخار وسيتشجع على إعطائها المزيد من المال.

الصراحة والتفاهم والشفافية في أوجه صرف الأموال يعمق التواصل ويقوي العلاقة

via GIPHY

من جانبها ترى الدكتورة مروة الشناوي ، استشاري العلاقات الأسرية وتعديل السلوك بالقاهرة، أن الصراحة هي الحل الأمثل لكل الأمور والمشاكل المالية بين الزوجين لأن الكثير من الخلافات التي تنتهي بفقدان الثقة والشك تكون سببها إخفاء المعلومات التي تتعلق بماليات الأسرة، وتعلق «إن أهم مقومات استقرار الأسرة هي الصراحة ووجود ثقة متبادلة بين الطرفين، ولعل أبرز مطب قد يجعل الزوج يفقد الثقة في زوجته تماماً إذا ما اكتشف أنها تدخر بعض الأموال بعيداً عنه ولا تخبره بالأمر وتكتمه تماماً، هذا الأمر إذا لم يتسبب في إنهاء العلاقة الزوجية بينهما قد يسبب الحذر والريبة من قبل الزوج فهو لن يشعر بعدها بالأمان مع هذه الزوجة».

وتضيف «وعلى العكس تماماً فإن الصراحة والتفاهم والشفافية في أوجه صرف الأموال يعمق التواصل ويقوي العلاقة بينهما ويجعلهما ينصهران داخل الأسرة إذا ما حدث هذا التفاهم مبكراً ويفضل أن يكون قبل الزواج وأن يلتزم الطرفان فيما اتفقا عليه».

وتستطرد الدكتورة مروة الشناوي «يجب تقديم حسن النوايا بين الزوجين والأفضل للزوجة التي لا تشعر بالأمان مع الزوج أن تطلب منه أن يخصص لها راتباً خاصاً بها وأن تتحين الوقت المناسب لطلب ذلك ومناقشة الأمر معه في هدوء ولا داعي لاستفزاز الزوج وطلب الأمر منه بالعناد والمكابرة، كما أن الزوج الذي يكتشف أن زوجته «تحوش» بعيداً عنه لا داعي أن يتعسف معها وأن يقدر مشاعرها طالما أن هذه النقود لم تجمعها من سرقة الزوج بل تستقطعها من مصروف البيت وأن يعتبر ذلك حسن تدبير منها، فالزوجة ترى الحياة من واقع خبرتها ومتطلباتها هي وقد يكون الزوج مسرفاً وهي تخشى غدر الزمن وقد يكون بلا عمل ثابت وهي تريد أن تؤمن مستقبلها ومستقبل أولادها وقد تكون له زوجة أخرى وهي تخشى أن يقصر الزوج نحوها هي وأولادها».

لكن الدكتورة مروة الشناوي ترفض تماماً سلوك بعض الزوجات من البحث في جيوب أزواجهن والأخذ من أموالهم دون علمهم بحجة تأمين المستقبل، فلا شيء شرعاً ولا عرفاً ولا أخلاقاً يمكنه أن يبرر سرقة أموال الزوج والتصرف فيها سراً ولو حتى بالإنفاق على متطلبات البيت والأولاد.

 

مقالات ذات صلة