الاعتذار والأسف أحياناً كلمات صعبة على البعض، ويزداد الأمر تعقيداً عندما تكون بين الأزواج، فهي تعني لدى البعض انتقاصاً من الكرامة والقيمة، والبعض يأبى الاعتراف بالخطأ وخاصة في حق شركاء الحياة.
طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات حول ثقافة الاعتذار بين الزوجين وسألت خبراء الأسرة: من الأكثر اعترافاً بالخطأ وتقبلاً للمسامحة، الرجل أم المرأة؟ كيف يتعلم الزوجان ثقافة الاعتذار؟ ما المشكلات الزوجية التي لا يصلح فيها الاعتذار؟
من الأكثر اعترافاً بالخطأ الرجل أم المرأة؟
الدكتور محمد الشامي، استشاري الأمراض النفسية بمستشفى القصر العيني بالقاهرة، يرى أنه يجب على كلا الزوجين أن يتعلم ثقافة الاعتذار، خاصة الرجل، لأن البعض من الرجال يرون في الاعتذار ضعفاً، وهذا الأمر على عكس الحقيقة.
ويشير د. محمد الشامي إلى أن الاعتذار بشكل مباشر عند ارتكاب الخطأ يعتبر أفضل وأقصر الطرق للتراضي بين الزوجين، وما من عيب في ذلك إذا ما شعر أحد الطرفين بأنه أخطأ في حق الآخر وسارع ليبادر بالأسف عما بدر منه خاصة إذا كان في تصرفه إهانة أو تقليل من قدر الآخر، فكلمة «آسف» أو «سامحيني» ليست بالصعبة أو المستحيلة، ولا تعني أن صاحبها قلل من قدر نفسه أو قدم تنازلاً كبيراً كما أنها ليست انتصاراً للطرف الآخر كما يعتبرها البعض.
ثقافة الاعتذار
ينصح الدكتور محمد الشامي الأزواج والزوجات الذين يجدون صعوبة كبيرة في الاعتذار المباشر ألا يستسلموا للأمر ويحاولوا تغيير أنفسهم بالتدريج وحتى يتمكنوا من هذا الأمر عليهم أن يجربوا الاعتذار بشكل غير مباشر إذا ما كانت كلمة الأسف أو الاعتذار صعبة على أحد الطرفين، «فعلى سبيل المثال كثير من الرجال يفضل إنهاء موقف الخصام بمزحة ما أو تعليق ساخر حتى تضحك الزوجة وينتهي الأمر وكأن شيئاً لم يكن، لا تحاولي المكابرة إن كانت النكتة أو التعليق قد أثار ضحكك، فالابتسامة تزيل الكثير بين الزوجين».
ويؤكد الاستشاري النفسي أنه من المهم عند وقوع المشاكل بين الزوجين أن يتم أخذ فترة للهدوء يحاولان خلالها تجنب بعضهما البعض حتى يستطيعا أن يفكرا بهدوء وإيجاد حلول لها، ولكن هذا لا يعني طول فترة الخصام بين الزوجين، ويبين «دائماً ما أؤكد على الأزواج والزوجات خاصة في السنوات الأولى للزواج أن يحرصوا على عدم الخصام لمدة طويلة حتى لا تتعقد المشاكل الزوجية».
ورغم أن تقديم الاعتذار هو أفضل وسيلة لحل وإنهاء المشاكل الزوجية ولكن يشير د. الشامي إلى مشكلة أخرى تظهر أحياناً وتدفع أحد الطرفين إلى التوقف عن الاعتذار وهي تعنت الطرف الآخر وعدم قبوله للاعتذار، ولذلك من المهم أن تكون بين الزوجين ثقافة الاعتذار وكذلك قبول الاعتذار.
كلمات الأسف والاعتذار هي مجرد كلمات بسيطة لا تستغرق أي جهد.. وهي الحل السحري لإصلاح الكثير من المشكلات الزوجية
ومن جانبه يرى الدكتور محمد إدريس، استشاري الطب النفسي والسلوكي بالقاهرة، أن هناك العديد من المشاكل الزوجية التي لا يكون فيها أحد من الزوجين مخطئ ويكون الاثنان على صواب ولكن التعنت وعدم رغبة أي طرف في تقديم التنازلات يزيد من خطورة هذه المشاكل ويجعلها خطراً يهدد الزواج لأننا مهما قدمنا حلولاً مؤقتة لهذه النوعية من المشاكل الزوجية لن يجدي معها أي نفع سوى أن يقدم أحد الزوجين تنازلات للطرف الآخر.
ويوضح د. محمد إدريس أن «كلمات الأسف والاعتذار هي مجرد كلمات بسيطة لا تستغرق أي جهد.. وهي الحل السحري لإصلاح الكثير من المشكلات. فالاعتذار وسيلة المجتمع عامة لإصلاح الأمور ووسيلة الزوجين خاصة، فهو لا يسمح لفتح أية مساحة للخلاف بين الزوجين. من المؤكد أن أية علاقة بين شخصين من المفترض أن تكون بها أخطاء أو هفوات غضب خصوصاً بين الزوجين، ولأن العلاقة بين الزوجين من أسمى وأقوى العلاقات البشرية، فلا فارق فيمن يبدأ الاعتذار، طالما أن هناك محبة ورغبة في استقرار الحياة الزوجية، ورغم أن بعض الرجال الشرقيين يعتبرون الاعتذار تقليلاً من الكرامة والقدر أمام الزوجة، وهذا خطأ، إلا أن أوجه وأشكال الاعتذار المختلفة كفيلة بتوفير صفاء بين الزوجين وتراض من دون أن يشعر أحد الطرفين بأنه أقدم على ما ينتقص من شأنه وقدره أو بانتصار الطرف الآخر، فالعناد والكبرياء من أهم أسباب دمار وخراب البيوت الزوجية التي تقوم على المحبة والتفاهم المشترك».
لماذا تغيب ثقافة الاعتذار؟
ترجع الدكتورة ميسون الفيومي، أستاذة العلوم السلوكية وخبيرة العلاقات الأسرية، السبب في الكثير من الخلافات الزوجية التي تحدث في بداية الزواج إلى افتقاد بعض العلاقات الزوجية ثقافة الاعتذار بسبب إحساس بعض الأزواج والزوجات بأنهم ضمنوا شريك الحياة وأنه سيظل يحبه بدون بذل أي مجهود منه للاهتمام به والمحافظة على مشاعره، وهذا يعتبر أسوأ التصرفات التي تستهلك مخزون المحبة بين الزوجين، و لتجنبها والتخلص منها يجب الاستماع والإنصات الجيد لحديث الطرف الآخر والتعبير المستمر عن الاحتياج لشريك الحياة.