يعد إحياء المناسبات المبهجة واستغلالها للتعبير عن مشاعرنا لمن نحب، وسيلة لخلق جو من الرومانسية وإعادة جسور الود والألفة وما أفسده الدهر من تراكمات، وها نحن نحتفل بعيد الحب والذي يعتبره بعض المختصين بوابة عبور آمنة لتخطي الخلافات أو المشاحنات إذا ما استغلت بالطريقة الصحيحة.. وفي السطور التالية نناقش مدى تأثير مثل تلك المناسبات على الأزواج والزوجات ووقعها النفسي على الأبناء.
إيمان كامل، مستشارة تعليمية وكوتش حياة، تقول "تعودنا قبل عيد الحب بأيام على مشهد مراكز التسوق والأماكن العامة وهي مملوءة بالزهور المبهجة وكل ما يعبر عن المشاعر الفياضة، ويبدأ الناس بالاستعداد لشراء الهدايا وحجز المطاعم والفنادق من أجل التخطيط ليوم مميز.
فالتعبير عن الحب من وقت لآخر أمر مهم لكل من نكن له مشاعر طيبة خاصة بين الأزواج والزوجات، ويكون ذلك إما معنوياً بالكلمة الطيبة أو مادياً بإحضار الهدايا. وقد يعتبر الكثيرون عيد الحب فرصة ذهبية لإظهار مشاعرهم تجاه الآخرين، لكنه لا يكفي ليكون اليوم الوحيد في العام، لأن ذلك يمكن أن يرسخ لمبدأ خاطئ عن مفهومنا لمعنى الحب، سواء لدى الزوجين أو لدى الأبناء، والذين تصلهم رسائل غير مباشرة أن التظاهر بالحب قد يطغى على جوهره".
هذا درس للأبناء سواء في علاقاتهم مع أهلهم أو أصدقائهم أو أزواجهم في المستقبل
وتكمل إيمان كامل "أود هنا الإشارة إلى نقطة مهمة مرتبطة بمناسبة عيد الحب، فكما توجد جوانب إيجابية للاحتفال به، إلا أن هناك بعض التحديات التربوية التي قد تحيد بنا عن الهدف المرجو منه، وتؤثر في العلاقة بين الزوجين وعلى مفهوم الحب عند الأولاد:
- أول تحدٍ هو المبالغات المنتشرة في مظاهر الاحتفال بهذا اليوم، وهو ما يلاحظه الكثيرون في مجتمعنا من خلال الأعمال الدرامية أو الإعلانات المرئية، وتكون النتيجة ارتفاع سقف التوقعات من كلا الطرفين، ما يزيد من التعقيدات والمتطلبات، إضافة إلى ذلك، فإن المبالغة بالاحتفالات تؤثر بالسلب في مفهوم الأولاد في سن المراهقة عن الحب.
- التحدي الثاني هو المقارنة، كتلك التي تتعلق بمقارنة الهدايا والاحتفال ككل، مما ينتج عنه مشاعر سلبية وعدم رضا، وبالطبع يتعلم الأولاد المقارنة وهي صفة سيئة ومضرة لكل شخص يتصف بها، وينتهي الوضع بجلد الذات الدائم والالتفات إلى أمور قد لا تكون مهمة، ناهيك عن المقارنة الزائفة التي تنتج بسبب مواقع التواصل الاجتماعي. فالكثير مما نراه من خلالها يكون غير حقيقي أو في أقل تقدير لا ينقل الصورة مكتملة، مما يزيد من مشاعر السخط وعدم الرضى عند الآخرين، ويصرف نظرهم عن النعم الموجودة بالفعل في حياتهم.
في رأيي أن الحب يكون دائماً موجود في الأسرة بطرق تعبير رقيقة وسهلة، لكن مستمرة، مع الأخذ في الاعتبار التواصل مع الأولاد عن أهمية الكلمة الطيبة وتبادل اللفتات البسيطة للتعبير عن الاهتمام والحب".
تضيف الدكتورة هبة شركس، مستشارة صحة نفسية وخبيرة أسرية "الحب الحقيقي له 3 زوايا تشكل ما يسمى مثلث الحب وهي الألفة أو الوناسة، والشغف، والالتزام:
- الأولى وهي زاوية دافئة تسمح بالتواصل النفسي والفكري، والصداقة والانفتاح على الآخر، ومشاركة الأهداف والتخطيط للمستقبل، والتعاطف.
- أما زاوية الشغف ، فهي حرارة تمد الحب بالدفء والحماس، وتجدد المشاعر وفيها تسكن الغيرة الحميدة، ومشاركة الأفراح والأحزان والشوق للمحبوب.
- بينما زاوية الالتزام فتحافظ على العلاقة داخل إطار شرعي واجتماعي، وفيها يتحمل كل طرف مسؤوليته عن نجاح العلاقة، ويتعاهدان على أن ما بينهما أكبر من أي خلاف، ويؤدي كل منهما دوره بكل الود والحب.
ومن الممكن أن تؤثر المناسبات الأسرية في هذا المثلث بشكل إيجابي؛ إذ تسهم في تعزيز الألفة والتعبير عن الشغف، وتعلن عن الالتزام بالحب وهو ما يساعد على تجديد العلاقة وتدفئتها. فالحب عملية ديناميكية تحتاج إلى رعاية وصيانة دائمة، كما يمكن أن تؤثر هذه المناسبات في العلاقة بشكل سلبي، ويحدث هذا عندما تختلف توقعات الطرفين حول هذه المناسبات، فيراها أحدهما فرصة لتجديد العلاقة بينما لا يهتم بهذه المناسبات الطرف الآخر، فتكون النتيجة إحباط وأحياناً خلافات ومشاكل في هذه المناسبات".