يعتمد تشكيل اللبنة الأولى لأسرة ناجحة على قدرة الخاطبين على دقة الاختيار وعمق الحوار ووجود رؤية واضحة لشكل العلاقة ومعرفة نقاط الاتفاق والاختلاف للوصول للتوافق الزواجي وتحقيق الاستقرار الأسري المنشود.
هدى آل علي
عن أهمية اختيار الشريك في بناء أسرة ناجحة، تجيب هدى آل علي، لايف كوتش استشارية في المجال التربوي والأسري، مؤسس شركة ارتقاء لتنمية قدرات الطفل وخبيرة في تمكين المرأة «دائماً ما يصاب الشباب والفتيات بالتخبط والتشتت خلال عملية اختيار الشريك، فهم عادة ما يركزون على جانب محدد ويهملون جوانب أخرى، كالشاب الذي يرغب أن تتميز شريكة حياته بحسن الخلق أو الجمال أو أن تكون ذات نسب كبير أو موظفة أو تكون ذات مال ويهمل الجوانب الأخرى، كذلك هو الأمر بالنسبة للفتاة التي تبحث عن الموظف المرموق أو الوسيم أو يتميز بشخصية جذابة، لكن غالباً ما يرافق عملية الاختيارصراع نفسي وفكري عن كيفية الاختيار ومدى صحته سواء للفتاة أو للشاب».
تشرح آل علي أهمية وجود معايير معينة يستند إليها الشباب والفتيات عند اختيار شريك الحياة، تقول «يعيق اشتراط الشاب جمال القوام والوجه والشعر التفاته إلى الجوانب أخرى أكثر أهمية، كذلك الأمر عند تركيز الفتاة على الزواج من رجل يحافظ على صلاته في المسجد قليل السهر خارج المنزل وجوانب أخرى، لذلك دائماً ما نوصي بعدم التركيز على جوانب محددة أثناء اختيار شريك الحياة فالهدف من الزواج التأسيس لكيان زوجي أسري سليم، والحياة الزوجية المبينة على أسس سليمة هي من يكتب لها النجاح «هو سكن لها وهي سكن له» يمكن للأطفال أن يعيشوا فيها حياة سوية آمنة، لذلك يتوجب على المرأة أن تكون حريصة على اختيار رجل يكون أباً صالحاً لأبنائها، كما على الرجل اختيار زوجة تكون أماً عطوفة على أبنائه في المستقبل».
وتوضح تأثير المقارنة عند وضع الاشتراطات «خلال البحث عن الشخصية المناسبة سواء بالنسبة للشاب أو الفتاة يجب أن يراعى الموضوعية في الاشتراطات، أن تتركز على الأساسيات وإهمال الأمور الثانوية كالتركيز على مسائل الدين والأخلاق وتجاوز مسائل الحالة المادية والمركز الوظيفي»، تواصل «كما تأثر المقارنة في وصول الشخص إلى القناعة الكاملة وحسم أمر الاختيار ولابد من ذكر أهمية الدعاء في تغيير قدر الإنسان في الوصول إلى مبتغاه وحفظه».
اللقاء الأول بين الخطيبين
تشدد آل علي، على أهمية اللقاء الأول بين الزوجين «من المهم وجود فترة كافية تسبق الزواج تمنح الخطيبين الفرصة ليتعرف كلاً منهما إلى الآخر، وذلك بطرح الأسئلة والحديث في جوانب مختلفة وعميقة، ووضع تصور لشكل حياتهما في المستقبل والاتفاق على بعض النقاط المهمة منها طريقة تربية الأبناء على سبيل المثال، وما زيادة نسب الطلاق المخيفة التي نشهدها في عالمنا اليوم إلا دليل على غياب الشفافية وسطحية الحوار وعدم وجود رؤية واضحة عن العلاقة تسبق الزواج».
وعن دور شروط عقد الزواج في تقويم العلاقة وحفظ كيان الأسرة، تشير آل علي «لا يسعنا وصف البنود التي يضمنها أحد الزوجين أو كلاهما في عقد الزواج بالاشتراطات بقدر ما يصح وصفها بالاتفاقات، فهي تزيد من قوته على أن يتم ذلك منذ بداية كتابة العقد، ووصفه سبحانه وتعالى بـ«الميثاق الغليظ»»، توضح «نجد الكثير من حالات الطلاق تحدث في بداية العلاقة الزوجية نتيجة الاختلاف على قضايا لم يتفق عليها مسبقاً، كالزوجة التي تجد نفسها محاصرة باشتراطات وبنود لم يكشفها عنها الزوج مثل ارتداء النقاب أو ترك العمل، فتبدأ بالتفكير بالانفصال»، مؤكدة «أهمية فتح الزوجين قنوات حوار لمعرفة نقاط الاتفاق والاختلاف، ومعرفة كيفية الوصول لبناء حوار هادف وبناء يصل فيه الطرفين لأفكار بعضهما لمعرفة ما هو مقبول وما هو مرفوض، وبذلك تحافظ العلاقة الزوجية على صلابتها حتى إن تعرضت لبعض الخلافات بعد الزواج».