نمر ببعض المواقف التي لا تستحق أن نقف عندها، إلا أنها قد تحمل بداخلنا أكثر مما تستحق فتتحول إلى مشكلة يتجنب صاحبها الحديث مع شريك الحياة، وفي أحيان كثيرة قد يصل الأمر إلى حد مقاطعته. وهنا نود تسليط الضوء على طبيعة تلك الشخصية مرهفة الحس، سواء كان الزوج أو الزوجة، والتي يغير تركيبتها ويعكر صفوها أبسط الأمور حتى لو كانت خلافات تافهة، وفيما إذا كان يجب أن يتم التعامل معها بطريقة معينة.
الدكتورة أسماء حمدان، محاضرة بقسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة، تقول «الأصل في العلاقة الزوجية أن يسودها الوئام والرحمة والمحبة، والتفاهم المتبادل، لكن ثمة أمور قد تعكر صفو هذه العلاقة، وقد تنشب الخلافات التي ربما تكون سبباً في هدم كيان الأسرة نظراً لاختلاف الطبائع، فقد لا يحتمل أحد الزوجين كلام الآخر وربما ينقطع عن الحديث معه، ليس لشيء إلا أنه يعطي الأمور أكبر من نصابها الذي تستحقه، فيهول من شأنها، ويتسبب بمشكلة كبيرة لسبب بسيط».
ما طبيعة الشخص الحساس؟
تضيف الدكتورة أسماء حمدان «يمكن أن نصف تلك الشخصية بـ «الحساسة»، وهي شخصية من المفترض التعامل معها بحذر، لأنها تتمسك بأفكارها، ولا تتخلى عنها، فيجب أن تعامل من هذا المنطلق، وأن تحترم طبيعتها، أما في حال عدم إدراك الطرف الآخر طبيعة تلك الشخصية التي تعيش معه، فإن التوتر والقلق والضيق ستكون هي السلوكيات الغالبة بينهما، وربما تصعب مداواة هذه الأمور إذا تأزمت العلاقة أكثر، وتتحول سكينة الأسرة إلى اضطراب دائم، فالتعامل بلطف هو مفتاح تلك الشخصية».
على الشخص أن يغير من طبيعته ولا يغضب من أتفه الأمور
تردف د. أسماء حمدان «يجب على شريك الحياة مرهف الحس أن يحاول قدر استطاعته تغيير طبيعته تلك حتى يتجنب الغضب على أتفه الأمور، وأن يعي أن الطرف الآخر حريص عليه ومقدر طبيعته، وردود أفعاله ليست عدم تقدير له وإنما اختلاف طبائع، وعليه أن يقرأ كثيراً عن صفات شخصيته، وكيفية تغييرها أو الحد من سلبياتها، التي قد تضر بآخرين، وربما تهدم بنيان الأسرة».
6 نصائح للتعامل مع الشخص مرهف الحس
يقدم ياسر بهاء، كوتش وخبير التميز المؤسسي والتمكين الشخصي، وصفة علاج، ويشير "تتعرض العلاقات الزوجية في بعض الأحيان لمشكلات بسيطة وتافهة قد تؤدي إلى خلافات وصراعات بين الشريكين، لاسيما إذا كان أحدهما مرهف الحس ويتعامل مع هذه الأمور بشكل مبالغ فيه، ويمكن اللجوء إلى بعض النصائح التي تسهم في التعامل مع الأمور البسيطة من أجل الحفاظ على العلاقة الزوجية بشكل صحي وإيجابي:
- الفهم والاحترام: يجب أن يدرك الطرفين أن لكل شخص طريقته الخاصة في التعامل مع الأمور.
- الاعتراف بالخطأ: يجب أن يكون الطرف الحساس مستعداً للاعتراف بالأخطاء التي يرتكبها، وأن يتقبل الملاحظات بشكل إيجابي وبدون انفعالات زائدة.
- التعرف إلى حالة الشريك: قد تكون الحساسية المفرطة مصدرها شيء آخر غير الأمر الذي يتم التحدث عنه، مثل يوم عمل شاق أو مشكلة عائلية، ومن خلال التعرف إلى حالة الشريك، يمكن تجنب خلافات غير ضرورية والتواصل بشكل أفضل.
- البحث عن الحلول: يجب أن يبحث الزوجان عن الحلول الممكنة عند وجود أمور صغيرة تؤثر في العلاقة بينهما.
- الاعتذار: إذا كان الخلاف قد حدث بسبب الحساسية المفرطة، فيمكن أن يكون الاعتذار جزء من الحل إذا ما قدم بشكل صادق ومن القلب، فيمكن أن يؤدي هذا الباب إلى إصلاح العلاقة وتحسينها.
- طلب المساعدة: قد يحتاج الزوجان إلى مساعدة من خارج العلاقة لتقديم نصيحة غائبة، ويمكن الحصول عليها من الأصدقاء أو أفراد الأسرة أو من المختصين في العلاقات الزوجية والأسرية".
تقدير قيمة الحياة الزوجية الهادئة
تؤكد الدكتورة رقية الريسي، اختصاصية اجتماعية في قسم الإرشاد الأسري بإدارة التنمية الأسرية وفروعها في الشارقة، «يمكن أن يكون عدم تقدير الشخص لقيمة الحياة الهادئة هو أحد الأسباب التي تؤدي إلى نشوب الخلافات والصراعات الزوجية الصغيرة، وعلى الجانب الآخر قد يكون ذلك نتيجة لاختلاف الشخصية والتفضيلات والعادات، وليس بالضرورة عدم التقدير للحياة الهادئة، وبغض النظر عن سبب الخلاف، فإن الحفاظ على جو الهدوء والتعامل بحكمة واحترام يمكن أن يساعد على تجنب حدوث المشاكل وتحسين العلاقة الزوجية بشكل عام».
الخلافات جزء من الحياة الزوجية وهناك طرق لتجنب آثارها
وتكمل د. رقية الريسي «لا يمكن تجنب الخلافات بشكل كامل، لكن يمكن الحد من تأثيرها السلبي في العلاقة، من خلال التعامل بحكمة وصبر واحترام كل طرف لرأي الآخر، والسعي إلى التواصل بالحوار لحل المشكلات قبل أن تتفاقم، فقد يختلف الزوجان بشأن طريقة إدارة المال الخاص بهما، وفي هذه الحالة يمكن أن تؤدي هذه الخلافات إلى نقاشات مستمرة وتوتر العلاقة، لكن إذا تم التعامل بحكمة، فمن الممكن حل هذه المشكلة والتوصل إلى حلول متوسطة، ومن المهم في هذه الحالة أن يكون الحوار بين الزوجين واضحاً ومفتوحاً، وأن يعبر كل منهما عن مخاوفه واحتياجاته بصراحة وصدق وعدم الاستسلام للغضب والعصبية خلال الخلافات».
تضيف د. رقية الريسي «كوني على تماس مع الحالات الأسرية، فقد وجدت من يختلفون بسبب قضايا بسيطة مثل زوجين كانا يتنازعان دائماً على ترتيب الأمور المنزلية والأعمال المرتبطة بالأسرة، وكان الخلاف يصل في بعض الأحيان إلى مستوى يعرقل التواصل بينهما، وتم استخدام تقنيات التواصل الفعال معهما، والتركيز على العمل معاً كفريق لتوضيح الأولويات وتوزيع المهام، وبعد بضع جلسات بدأت العلاقة بين الزوجين تتحسن وتستقر. حالة أخرى كان الزوج فيها يشعر بأنه غير مهم في حياة زوجته، وكانت هي تشعر بالإحباط من عدم فهم الزوج لمشاعرها، وتم استخدام تقنيات الاستماع الفعال والتركيز على التواصل بطريقة إيجابية واحترام المشاعر والاحتياجات المتبادلة. وحالة أخرى كان الزوجان مختلفان بشأن طريقة تربية أطفالهما، وكان الخلاف يؤثر في الأسرة بشكل كبير، وتم العمل على تشجيعهما بالتركيز على الأهداف المشتركة وبعد بضع جلسات بدأ الزوجان يتعاونان بشكل أفضل في تربية أطفالهما وتحسنت العلاقة بينهما بشكل كبير».
تطوير مهارات التواصل وحل المشكلات بين الأزواج ضروري قبل وقوع الخلافات الكبيرة
تسلط الدكتورة رقية الريسي، الضوء على بعض النصائح التي يمكن أن يستعين بها الزوجان للتخلص من الغضب على أتفه الأمور:
- ضرورة العمل على تطوير مهارات التواصل وحل المشكلات بين الأزواج قبل وقوع الخلافات الكبيرة، عن طريق البحث عن مصادر تعليمية وموارد متاحة لتطوير هذه المهارات.
- على الأزواج تذكر أن الحياة لا تخلو من التحديات، وعليهم التركيز على حل المشكلات بطريقة بناءة ومستدامة.
- العمل على بناء علاقة صحية ومتوازنة قائمة على تقبل الآخر واحترام اختلافاته.
- اللجوء إلى الإرشاد الأسري كحل أخير للمساعدة على حل المشكلات وإعادة بناء العلاقة الزوجية، فالمختصون يستخدمون بعض النظريات الحديثة في مجال التعامل مع الآخرين وفهم احتياجات الطرف الآخر باستخدام العلاج المعرفي السلوكي.