في منظومة الزواج، لا بد من إرساء قواعد لحوار إيجابي. فالحوار هو وسيلة لإيجاد الحلول وليس لترسيخ مشكلات قد تتحوّل إلى عداوة تصل بأحد الطرفين أو الطرفين معاً إلى أروقة المحاكم. ولهذا الحوار أساسياته وركائزه التي تستند إلى مبدأي الاحترام والتقدير، مع قواعد ذهبية لإنجاحه، توردها المدربة إيمان عبد اللطيف الألوسي ضمن ورشة نظمها فريق الأسرة بمركز «اقرأ واستمتع».
تعرّف المدربة إيمان عبد اللطيف الألوسي الحوار باعتباره «وسيلة للتعارف ونقل الأفكار والآراء؛ إذ يجب أن يكون هناك تفاعل بين طرفين يتمثل في الاستماع وتقبل الاختلاف وتبادل الأفكار».
وثمة مبادئ تحكم هذا الحوار, حيث توضح «في حال كان ثمة حديث بين الزوجين وأحدهما يتكلم والآخر صامت فهذا لا ينّم عن تفاعل، حيث الحوار الإيجابي يقوم على استماع كل منهما للآخر والإصغاء وتقبل الآخر بكل اختلافاته ,ما يمكّن من إرساء حياة زوجية مستقرة".
لا يرتكز الحوار على الكلام فقط؛ بل ثمة أسس وقواعد تدخل ضمن الحوار «يمكن الإطلالة على أهمية أن نتحاور مع الطرف الآخر مهما كان مختلفاً عنا؛ بحيث يهدف الحوار إلى إيجاد حلول لمشكلة ما يتم التحاور بشأنها أو لمشكلة طارئة في حياتنا ومحاولة حلها في وقتها، لأنه في حال تم إهمال أي مشكلة صغيرة قد تكبر ويصبح حلها أصعب».
أهمية الحوار في حياتنا الزوجية
تتمثل أهمية هذا الحوار في:
- التخفيف من المشاعر المكبوتة: فالحوار يقود إلى تعبير الشريك عمّا يزعجه من الآخر بأسلوب بعيد عن التجريح ويتيح للطرف الآخر التعبير عن وجهة نظره، مما يخفّف من كبت المشاعر.
- تصحيح الأفكار الخاطئة عن الطرف الآخر: فقد تفسر الزوجة تصرفاً من قبل الزوج بطريقة مغايرة لما يقصده الزوج، وبالتالي فإن الحوار يوضح هذا الالتباس ويصحّح الفكرة الخاطئة لدى أحد الشريكين.
- تعزيز الثقة بالنفس: في حال أتقن الطرفان الحوار الإيجابي بينهما، فهذا ينعكس على تقوية شخصية أفراد الأسرة لجهة إحساسهم بالأمان وثقتهم بأنفسهم وحسن التعامل مع الآخرين داخل وخارج المنزل.
- التغلب على المشكلات ومحاولة تحقيق الأهداف: تتركز أغلب المشكلات على عدم فهم مداخل الحوار الزوجي كون «عقلية الرجل تختلف عن عقلية المرأة. فالمرأة تحب التفاصيل، في حين أن الرجل يفضل الاختصار والإيجاز ويركز على الحلول».
الركائز الأساسية للحوار الناجح بين الزوجين
تورد المدربة الألوسي أساسيات وأصول فن الحوار وترتكز على قواعد أهمها:
- النية: يجب أن تكون النية سليمة وتهدف للوصول إلى حوار إيجابي ويسبق النية التهيئة للحوار وتقبل اختلاف الرأي.
- الاحترام والتقدير والثناء: أكثر المشكلات ترتبط بعدم فهم مداخل الحوار التي من الضروري أن ترتكز إلى مبدأي الاحترام والتقدير لإرساء حوار مثمر.
- التركيز على الهدف: بعض الزوجات يرغبن في مناقشة بعض الأمور الحياتية مع الزوج منها إيجار المنزل، الظروف المادية وغيرها. ولكن من المفترض التركيز على هدف واحد، إذ أغلب الزوجات يعانين تشتتاً في الحديث أو يستحضرن الماضي ومشكلات عفا عليها الزمن.
- نبرة الصوت المعتدلة: ارتفاع الصوت سبب لإنهاء الحوار. فالخطأ الأكبر الذي يقع فيه كثير من الأزواج هو محاولة فرض الرأي من خلال الصوت المرتفع أو توتره وعدم قدرته على استكمال الحوار.
- اختيار الوقت المناسب للحوار: عند وجود موضوع للنقاش مع الزوج، كثير من النساء يعمدن إلى «استلام» الزوج عند باب المنزل لمناقشته أو جداله، بينما المطلوب من الزوجة التروي والصبر حتى يلتقط الزوج أنفاسه من يوم عمل طويل واختيار موعد مناسب لكليهما.
- اختيار أجمل العبارات وأحسنها: من الضروري أن يستخدم كلا الزوجين، خلال الحوار، أجمل العبارات والثناء على الطرف الآخر وتجنب أي كلام جارح. والزوج يحب الثناء مهما كان الموقف بسيطاً.
- فن الاستماع والإنصات وعدم المقاطعة: الإصغاء إلى الطرف الآخر هو دليل احترام ويعزز ثقة الطرف الأول بنفسه ويرسي للغة الحب. وعدم المقاطعة هو المرتكز الأساسي لإشعار الطرف الآخر بالتقدير.
- حركة الجسد: لغة الجسد معيار أساسي لنجاح الحوار ومنها تعابير الوجه، وضعية الإصغاء للطرف الآخر، وعدم الانشغال بالهاتف، وتعبيرات أخرى قد تترجم من قبيل الاستهزاء أو السخرية.
- الابتعاد عن الجدال: من علامات الجدال هو التكرار والعودة إلى استذكار مشكلات في الماضي.
- نهاية الحوار: يجب إنهاء الحوار عند تحوله إلى جدال عقيم لأن ترك الجدال أفضل من البقاء فيه ويجنبنا الدخول في خلاف قد يتحول إلى مشكلة كبيرة.
كيف ينجح الحوار بين الزوجين؟
توجز الألوسي الركائز الذهبية لنجاح أي حوار في:
- احترم المقابل.
- كن هادئاً.
- اعترف باختلاف الآراء.
- الاستماع وسيلة لإظهار الاحترام.
- فكر قبل الكلام.
- تجنب الكلام النابي.
- سيطر على الغضب والانفعال.
- انتبه من المقاطعة حتى ينتهي الحوار.
- ابتعد عن احتكار الحديث.
- ابتعد عن التجريح والاستهزاء.
- اختصر وتبسط في الحديث.