التقت أم يوسف بزميل قديم لها بينما كانت تمشي ضمن مشروع رياضة صباحيّة لتقويّة ساقها التي أصيبت بالكسر عندما سقطت في البيت أثناء القيام بعملها اليومي.
أم يوسف بلغت السابعة والخمسين من عمرها، تُوفي زوجها منذ سنوات، وتزوّج أولادها، فأصبحت وحيدة وحزينة، هشة وضعيفة، أولادها الذين ربّتهم وتعبت عليهم وعلى أولادهم، تخلّوا عنها بحجة انشغالهم وضيق وقتهم.
زميلها أبو هيثم تجاوز الستين من العمر، ويشكو من مثل حالها؛ وحدة ونضوب عاطفي وغياب من يؤنسه.
عرض أبو هيثم الزواج على أم يوسف التي فكّرت في الأمر ثم أخبرت أولادها ففوجئت باعتراضهم وتهديدهم لها بالتبرؤ منها إن هي أقدمت على هذه الخطوة «المجنونة» برأيهم.
وبعد تفكير عميق، قرّرت أم يوسف الزواج من أبي هيثم، لأن أبناءها برأيها لا يشعرون ولن يشعروا بمعاناتها.. هل كانت أم يوسف على صواب؟ وهل الزواج بعد الخمسين منطقي، سواء لعازب لم يسبق له الارتباط أم لشخص مطلق أو أرمل؟
الزواج بعد سن الخمسين؟ لم لا؟
لقد أصبح الزواج بعد سن الخمسين شائعاً في هذه الأيام، وثمّة العديد من الأسباب التي تجعل الناس يختارون الزواج في هذه السن الناضجة، ربما كان أهمّها الحصول على فرصة ثانية من الحب والاستقرار.
ومهما كان السبب أو الدافع للارتباط في هذه السن المتأخّرة، فإن من حق أي إنسان، أن ينعم بالاستقرار العاطفي، الذي غالباً ما يحتاجه الناس أكثر مع التقدّم في العمر.
تحديّات وعوائق
يطرح الزواج في هذه السن أمامه الكثير من التحديات، أشدها صعوبة تلك المتعلقة بالصحّة والقدرات الجسديّة:
مخاوف من العيش مع شخص مماثل في السن
أحياناً يشعر كبار السن بالضعف أكثر عندما يفكرون بتمضية بقية حياتهم مع شخص واحد بدأت قدراته تتراجع، ويُتوقّع أن يحتاج هو الآخر إلى من يسنده، لذا من الأهمية بمكان مناقشة هذه المخاوف قبل الزواج.
الاعتبارات الماليّة
عادة، بعد تجاوز المرء سن الخمسين، يكون في مرحلة تقاعد أو تعطّل عن العمل، وهذا يستوجب النقاش قبل البدء بمشروع زواج يحتاج إلى مصروفات كبيرة، معظمها يكون لأجل العلاج والأدوية.
كما قد يكون لكل طرف نمط حياة خاص، اعتاد عليه لفترة طويلة، وربما يكون هذا النمط متعلّقاً بالرفاهية وأسلوب الاستهلاك الذي قد لا يتوافق مع المفاهيم الاقتصاديّة للطرف الآخر.
فوائد رغم التحديّات
على الرغم من هذه التحديّات، فإن للزواج بعد سن الخمسين فوائد عدة، ففي كثير من الأحيان، يرمي كبار السن ملفاتهم المهنيّة والماليّة وراء ظهورهم، ويحاولون التركيز على المشاعر، ويفكرون في الأيام المقبلة التي يريدون أن تكون أكثر هدوءاً واستقراراً، ففي الزواج في خريف العمر، يكون الطرفان أكثر عقلانيّة ولا يفكران إلا بالقضايا الأساسيّة في الحياة.
مزايا متعدّدة للارتباط بعد سن الخمسين
بشكل عام، ليست الرغبة في الزواج بعد سن الخمسين مجرّد فكرة جذّابة، لكنّها في الواقع إحياء للصحة البدنيّة، والرفاهيّة، والوفاء والحب المتبادل كما يراها علماء النفس، فالزواج بعد سن الخمسين يأخذ معنى أعمق.
وهو فرصة لإعادة تقييم الذات، والتخطيط لمرحلة حياة جديدة مفعمة بالنشاط والحيويّة، وتمضيّة ما تبقى من عمر مع رفيق في درب متناغم ومتوازن، والإنسان عادة، يرغب من خلال اتخاذ خيارات جديدة في حياته في إعطائها بعداً روحانيّاً أكثر، و إقامة علاقة يعرف كيف يتفادى فيها الأخطاء التي يقع فيها العرسان الشباب عادة.
وأخيراً، قد يختار العروسان في خريف العمر التركيز على أنشطة تهمهما، مثل السفر أو قضاء الوقت مع العائلة، بدلاً من التركيز على أشياء يفعلها الأزواج عادة في مقتبل العمر و تبدو لهما تافهة بعد بلوغ هذه المرحلة من التجارب والنضوج الفكري.