أوقات صعبة تعيشها الأسرة خلال فترة الانفصال بين الزوجين، ولحظات عصيبة تمرّ بالشريكين، وكذلك الأبناء قبل، وأثناء، وبعد الطلاق. وللأسف، هذه الفترة الحرجة لا تُمحى ذكرياتها من أذهان الجميع، بل تظل محفورة لديهم جميعاً، حتى إن كان الأطفال صغاراً في ريعان الطفولة.
أحياناً يتم الطلاق بهدوء، ويخرج منه الطرفان أصدقاء يعملان لمصلحة الصغار، ويكون بمثابة بداية لحياة جديدة للطرفين، لكن للأسف، في كثير من الأحيان يرتبط الانفصال بالعديد من المساومات، والخلافات، والحروب بين الشريكين التي تصبح أكثر ضراوة وشراسة بعد الطلاق، بخاصة عندما يفقد بعض المطلقين آداب الخصام، فيلجأ البعض إلى تشويه سمعة الطرف الآخر، ونعته بأبشع الألفاظ، والصفات. ولا يستطيعان أبداً ترك الحرب التي أعلناها منذ زواجهما، ويصر كل طرف على إشهار جميع أسلحته فيها، ويتناسى تماماً، آداب المعاشرة التي تلزم الطرفين بعدم كشف أسرار الطرف الآخر، وفضحه على الملأ.
سألت «كل الأسرة» عدداً من أساتذة الطب النفسي، وخبراء الأسرة، والعلاقات الزوجية، حول الأسباب التي تدفع الزوجين إلى هذه المساومات، رغم استحالة الحياة الزوجية بينهما، ولماذا يستخدمان الأبناء كدروع بشرية في حربهما قبل، وبعد الطلاق، وما هي النصائح التي تُجنب الأسرة تدمير نفسية الأبناء خلال فترات الخلافات والانفصال.
أبرز أشكال المساومات في مرحلة الانفصال
بداية، تؤكد الدكتورة، وفاء شلبي، المعالجة النفسية المتخصصة في المشاكل الأسرية والزوجية، أن الخطيئة الكبرى التي يرتكبها الشخص بحق نفسه، وحق أولاده، هي أن يفقد كل معاني الاحترام بعد انتهاء الحب، ويبرّر لنفسه كل أشكال الانتقام، ويتناسى تماماً أولاده، فلا يحترم مشاعرهم، ولا يضعها في الحسبان، بل ويتخذ منهم وقوداً للخلافات مع شريك الحياة السابق.
وتوضح الاستشارية النفسية أن أشكال المساومات بين الزوجين خلال مرحلة الانفصال كثيرة، ومتعدّدة، ولكن أهمها:
وتقول الدكتورة وفاء شلبي «دائماً ما أنصح الزوجين إذا ما قرّرا الانفصال، بأن يتم هذا الأمر بشكل آدمي، ومتحضّر من دون إيذاء نفسي، وجراح لا تلتئم، بسبب الطريقة المهينة التي يتبعها البعض، واقترح عليهما ضرورة الاندماج مع الأهل والأصدقاء، حتى يتجاوز الطرفان المحنة، ويبدآن باستعادة نفسيهما بعد قلب هذه الصفحة والبدء من جديد».
خطوط حمراء قبل وبعد الطلاق
ويتفق معها الدكتور أحمد فوزي صبرة، استشاري الطب النفسي والعلاج الزواجي وتعديل السلوك بالقاهرة، ويحدّد مجموعة من الخطوط الحمراء قبل، وبعد الطلاق، حتى لا يتحول الأمر لمعركة يخسر فيها كل الأطراف:
1- التلفظ بالعبارات القاسية، أو الجارحة، أثناء الخلاف، أو حتى بعد الطلاق، لأن هذه العبارات للأسف قد تبقى محفوظة في ذاكرة كل منهما، حتى بعد انتهاء العلاقة، كما أنه يجب عليهما تجنب الشجار أمام الأطفال، أو إشراكهم فيه، لأنه سيؤدي إلى اهتزاز صورة الأب والأم لديهم.
2- الأفضل لنفسية الأبناء أنه في حالة الاتفاق على الطلاق بينكما ألا تتحدثا في الأمر أمامهما قبل التمهيد له، وألّا يحدث ذلك وأنتما غاضبان، بل عليكما التحلّي بالمرونة، وتهدئة النفس، وتتحدثان عن الأمر بأنه لن يضر أبداً بمصلحتهم، وأنكما ستعملان على إسعادهم، وتلبية احتياجاتهم بكل الطرق.
3- سلاطة اللسان، والتجريح، والإهانة، والسباب، والشتائم، التي أصبحت، للأسف، مظهراً من مظاهر الحوارات بين بعض المتزوجين في المحطة الأخيرة من علاقتهم، والتقليل من الشأن، أو السخرية، أو التهكم، وتسفيه كل أمر جيد يقوم به أي من الطرفين، أمر مرفوض تماماً خاصة أمام الأبناء.. لأن انتهاء العلاقة لا يعني أن علاقتكما بالأبناء أيضاً قد انتهت، ومراعاة مشاعرهم أمر واجب على الجميع.
4- الخلافات بين الزوجين بعد الطلاق لا تبرّر أبداً، أن يتنصل الزوج من دفع النفقة المطلوبة لمعيشة الأبناء، ويجب عدم استخدام هذا الأمر كورقة ضغط، لأن عدم الالتزام بها سيشعل الحرب بينهما.
5- منع الأبناء من زيارة أهل الطرف الآخر أمر مرفوض، فمثلاً إذا كان الأبناء في حضانة الأم يجب عليها ألّا تمنعهم من زيارة أسرة الأب، لأن الخلافات بين الطرفين لا تنفي أبداً صِلة الرحم مع الأسرة، ويجب أن يتعاملا مع الأمر بشكل شرعي، لأن صلة الرحم واجبة، وكذلك الأمر هام لنفسية الأبناء.
6- من آداب المعاشرة عدم كشف أسرار الطرف الآخر، وفضحه على الملأ، وعدم إلصاق التهم به، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي التي يجب ألّا تكون مكاناً لتشويه سمعة الطرف الآخر، أيّاً كانت الأسباب، ومهما كان مدى الخلاف بين الطرفين، لأن أسرار البيوت خط أحمر، حتى إن كانت هذه البيوت قد خربت، لكن تبقى أسرارها أمانة في عنق الجميع.
كيف تكون البداية الجديدة بعد الانفصال؟
من جهته، يقدم الدكتور عبد المجيد عويس، خبير العلاقات الأسرية والزوجية، مجموعة من النصائح والإرشادات الأسرية حتى لا يكون الانفصال هو نهاية المطاف، وأن يكون هو نقطة البداية لحياة جديدة أفضل للطرفين:
اقرأ أيضاً:
- 7 علامات تنذر بقرب انفصال الزوجين
- كوني قوية.. مراحل التعافي من الانفصال