لم تكن رحلة فرح هاشم القيسية سهلة، فقد خاضت قصة نجاح في مواجهة التلعثم في النطق الذي عانته في طفولتها، ما أدى إلى انعزالها عن العالم الخارجي لشعورها بالخجل.
واجهت واقعها بطاقة إيجابية، حيث تعاملت مع الاضطراب كـ«مجرد لكنة أخرى»، وكانت المواجهة إيجابية أيضاً عبر إطلاق مبادرة «التلعثم في الإمارات» منذ نحو عشر سنوات، بهدف دعم المصابين بالتلعثم وتوعية المجتمع بآليات التعامل مع هذه الشريحة.
في عيد الأم تحتفي فرح القيسية بنجاحها وتعيش أجمل اللحظات خاصة أنها أم لثلاثة أبناء:
ماذا تعني الأمومة لفرح القيسية وما تأثيرها في حياتك؟
الأمومة فرصة لإعادة تعلم ما نعرفه، وإلقاء نظرة على الحياة من منظور ألطف وأكثر حباً. الأمومة لها تأثير كبير فـيّ، فقد أعطتني فرصة لإعادة النظر في أولوياتي، وإعطاء الأولوية للهبة والأمانة من الله عز وجل. القيادة بالحب هي الطريقة المثلى للتماس مع عائلتي ومحيطي.
أمومتي أطلّت بي على عوالم استثنائية وقادتني إلى رؤية الحياة بشكل ألطف وبكثير من الحب
حدّثينا عن حياتك كأم لثلاثة أطفال؟
أنا ابنة وأخت وصديقة وزوجة وأم وشخص يتلعثم. وأطلقت كذلك مبادرة تدعم الأشخاص المتلعثمين في الإمارات. أتحدث عن كل هذا لأقول إنه خلال جميع التفاعلات التي مررت بها، أدركت أن القيادة بالحب هي الطريقة المثلى لي، سواء في البيت مع عائلتي أو التفاعلات الأخرى. فأنا أم لثلاثة أبناء هم التوأم سيف وعبدالله (4 سنوات)، وحمد (3 سنوات)، وأعيش معهم أمومة فائضة واستثنائية.
وكيف استطعت الموازنة بين الحياة المهنية والأمومة؟
من الصعب، بلا شك، إيجاد توازن بين حياتي المهنية والأمومة. لا أعرف ما إذا كان هناك توازن بالمعنى الحقيقي، وعلى من الرغم ذلك فأنا أؤمن بإيجاد طرق للوصول إلى تعريف «التوازن» الذي يناسبني. في الوقت الحالي، اعتدت على تحديد وتحقيق هدف شخصي أسبوعي يجعلني أقرب إلى هذا الإحساس بالتوازن كأم عاملة.
كيف ترصدين الأثر الذي يتركه نجاح الأم وتكريمها بجوائز في حياتها وأنت مثال حي على ذلك؟
إن أول قدوة للطفل هم الأهل، وبالتالي فإن قدرتي على الحصول على التقدير وتكريمي بالجوائز هو شيء أشعر بالامتنان له كفرد في المجتمع وكأم.
وفي هذه الحالة من المهم أن يدرك أبنائي أن تقديم الدعم والتشجيع المناسبين للمرأة، سيمكن النساء (والأمهات تحديداً) من تحقيق طموحاتهن بشكل أكثر فاعلية، وستشعر الأسر والأبناء بالمردود الإيجابي لذلك على حياتهم ومجتمعهم.
ما تأثير مبادرة التلعثم التي أطلقتها في باقي الأمهات؟
على الرغم من أن مبادرة التلعثم في الإمارات تركز على تقديم الدعم المعنوي للأشخاص الذين يتلعثمون، فقد كان لها تأثير إيجابي في الأمهات اللواتي لديهن أطفال يتلعثمون. وجود مبادرة مخصصة لهذه الفئة، يسمح للآباء بمعرفة وإدراك أن طفلهم ليس وحيداً في تلعثمه، وأن الدعم العاطفي المناسب متاح لهم. كانت هناك العديد من اللقاءات، حيث أثنت الأمهات على الجهود المبذولة في المبادرة؛ لأنهن يلمسن التغيير في أطفالهن وتعزيز مستوى الثقة لديهم. فكل أم تتمنى أن ترى أطفالها يدركون إمكاناتهم الكاملة.
وفي ظل تطوير المبادرة عقدنا شراكة مع مركز علاج النطق على مستوى عالمي لتقديم علاجات متخصصة للتلعثم، واضطرابات النطق الأخرى.
أنا شخص أفضل وزوجة وأم أفضل.. بفضل أمي!
في ظل هذه الإنجازات ما الدور الذي قامت به والدتك لدعمك؟ وكيف تبلورين مهمتها معك؟
أنا مدينة لأمي بكثير مما أنا عليه وبهويتي. لقد كانت القدوة الأولى لي وأرشدتني إلى ما أنا عليه اليوم. أنا شخص أفضل وزوجة أفضل وأم أفضل، وكل هذا بفضل أمي.
ما الهدية الأجمل التي قدمتها لك الوالدة؟ وما البعد المعنوي الذي تحمله؟
أعطتني والدتي الكثير. واحدة من أكثر الهدايا تأثيراً من والدتي هي القوة التي أحملها، وبسبب هذه الهدية يمكنني رد الجميل للمجتمع وأن أكون أماً أفضل لأولادي.
تجاوزت الكثير من التحديات بالإرادة، كيف توظفين قصتك لأبنائك؟ وما القيم التي تحاولين ترسيخها فيهم؟
أشارك القصص التي يتردد صداها معي وساعدت في تشكيل شخصيتي اليوم، لأعلّم أبنائي معنى المثابرة وعدم الاستسلام في وجه أي عائق قد يعترض حياتهم. وأجد أنه من المهم أيضاً مشاركة القصص المضحكة لتسليط الضوء على أهمية الاستمتاع بالحياة، إضافة إلى أن التعلم يكون أكثر إمتاعاً ببعض الدعابة.
ما رسالتك للأمهات في عيد الأم؟
أقول لكل أم: شكراً لك على كل ما تفعلينه من أجل عائلتك، حتى عندما لا يكون هناك أحد ليرى أو يقدّر هذا العطاء. شكراً لحبك واهتمامك بكل العائلة، وحتى لو كان الأمر صعباً ويتطلب جهداً كبيراً. أنت قدوة ومنك نتعلم الكثير.
لمتابعة مبادرة «التلعثم» والحصول على الدعم:
إنستغرام: farahalqaissieh@
إنستغرام: stutteruae@
إيميل: smile@stutter.ae
* تصوير: السيد رمضان