02 نوفمبر 2023

ليلى عبد اللطيف: نسعى لتحقيق التناغم بين الإنسان واحتياجاته وتوازن الطبيعة

محررة في مجلة كل الأسرة

ليلى عبد اللطيف: نسعى لتحقيق التناغم بين الإنسان واحتياجاته وتوازن الطبيعة

نشأت في أسرة تقدر الطبيعة مثلها مثل معظم الأسر الإماراتية، ليكون لهذا التقدير الأثر في تعلقها بالبيئة ووعيها بقيمة استدامتها.. هي ليلى مصطفى عبد اللطيف، المدير العام لجمعية الإمارات للطبيعة، ورئيس مجموعة آسيا والمحيط الهادئ الـ 25 التابعة للصندوق العالمي للطبيعة، التقيناها لنتعرف إلى مجال عملها وما يشغل تفكيرها فيما يتعلق بقضايا البيئة.

ليلى عبد اللطيف: نسعى لتحقيق التناغم بين الإنسان واحتياجاته وتوازن الطبيعة

دائماً ما تشكل مرحلة الطفولة مسار طريقنا نحو المستقبل، ما الذي تركته بداخلك وأسهم في تشكيل شخصيتك؟

نشأت في أسرة تقدر الطبيعة مثلها مثل معظم الأسر الإماراتية التي نشأت وهي تقدر قيمة النعمة التي حبانا بها الله عز وجل في هذه الدولة، إذ كنت أقضي معظم عطلاتي الأسبوعية مع الأسرة وسط الطبيعة، مما أتاح لي فرصة التواصل معها وكبر بداخلي حس ضرورة الحفاظ عليها، وأدركت حينها رغبتي القوية في أن ألعب دوراً مهماً في حماية هذا الكوكب، ليس أنا فقط بل رغبت في إشراك جميع الناس في ذلك، من خلال بناء منصة لحشد المجتمع بأكمله ليقوموا بدورهم الريادي تجاهها.

ليلى عبد اللطيف: نسعى لتحقيق التناغم بين الإنسان واحتياجاته وتوازن الطبيعة

هل سبق ارتباطك بالبيئة دراسة في هذا التخصص؟

نعم، إذ جاءت دراستي للعلوم البيئية في الجامعة الأمريكية بالشارقة لترسخ شغفي بالبيئة والاستدامة، لتأتي فرصة عملي في جمعية الإمارات للطبيعة لتساعدني في تحويل شغفي إلى مهنة وتحقيق مبادئي على أرض الواقع.

ليلى عبد اللطيف: نسعى لتحقيق التناغم بين الإنسان واحتياجاته وتوازن الطبيعة

تزيد مسيرتك المهنية في المجال البيئي عن 14 عاماً، هل لك أن تطلعينا على المحطات التي أهلتك لتولي مهامك كمديرة لجمعية الإمارات للطبيعة؟

انضممت إلى جمعية الإمارات للطبيعة بعد تخرجي مباشرة في 2009، وعملت ضمن فريق الاستدامة، وتنقلت بين عدة مشاريع وفرق مختلفة في الجمعية حتى اكتسبت العديد من الخبرات، إذ عملت على إدارة محفظة المناخ المرتبطة بتطوير السياسات القائمة على العلم، وانتقلت إلى إدارة محفظة الحفاظ على الحياة البرية والعمل مع المجتمعات المحلية، ومن ثم ترأست فريق الاستراتيجيات والتأثير خلال بضع سنوات ومنها إلى إدارة فريق التمويل وتطوير الأعمال ومنها إلى المدير العام للجمعية، وحالياً أيضاً أشغل منصب رئيس مجموعة آسيا والمحيط الهادئ الـ 25 التابعة للصندوق العالمي للطبيعة.

لدينا تحديات بيئية ونعمل جاهدين لتعزيز أجندة الاستدامة

ما أكثر التحديات المرتبطة بالطبيعة في الإمارات وتحتاج منكم كجمعية إلى مجهود مضاعف لإصلاحها؟

نواجه على المستوى المحلي مثل ما يواجهه الجميع على المستوى العالمي عدداً من التحديات البيئية، أبرزها تأثير التغير المناخي والاستخدام المفرط للطاقة، والأمن المائي والغذائي وفقدان الطبيعة والتنوع البيولوجي، وعملت الجمعية على مدار الـ 22 عاماً الماضية، وما زالت، على تنفيذ العديد من المبادرات والبرامج، التي تهدف إلى الحفاظ على البيئة والحد من التحديات التي تواجهها المنطقة، وبكل تأكيد لا نقوم بذلك بمفردنا إذ يتطلب العمل المناخي التكاتف والمشاركة الفعالة من جميع قطاعات المجتمع وكذلك الأفراد والشباب، لذلك نحن نعمل مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد لتعزيز أجندة الاستدامة لدولتنا الحبيبة.

أثناء تحدثها في أحد المنتديات
أثناء تحدثها في أحد المنتديات

ما أكثر الأشياء التي تسبب إزعاجاً للطبيعة وتخل بتوازنها البيئي؟

نواجه حالياً خللاً في التوازن البيئي لأسباب مختلفة ولكن أرى أن أهمها هي الأنظمة الحالية للإنتاج والاستهلاك، فنحن نحتاج لإعادة صياغة علاقتنا مع الطبيعة وجعلها أكثر انسجاماً، وعلينا إعادة النظر وتغيير طريقتنا في الإنتاج والاستهلاك وجعلهما أكثر استدامة، وذلك عن طريق تبني الاقتصاد الدائري والذي بدوره سيجلب العديد من الوظائف الجديدة التي من شأنها رفد الاقتصاد والعمل على ازدهاره، ونحن في جمعية الإمارات للطبيعة نسعى في عملنا لتحقيق التناغم بين الإنسان واحتياجاته والطبيعة وتوازنها من خلال التركيز على 5 ركائز أساسية وهي الطبيعة والحياة الفطرية والاقتصاد الأخضر والعمل المناخي والأمن المائي والغذائي وحشد المجتمع المدني.

خلال افتتاح وادي شيص
خلال افتتاح وادي شيص

من خلال ملاحظاتكم للتطوع والمشاركة المجتمعية، هل تتلمسون وعياً لدى الشباب كونهم عماد المستقبل بأهمية الحفاظ على البيئة؟

الشباب هم سواعد الوطن القوية، ومستقبله الزاهر الواعد، بإمكانهم قيادة التأثير النوعي الذي نتطلع إليه، ونعمل مع شركائنا على تقديم مبادرات وبرامج من شأنها فتح المجال أمام الشباب والناشئة للانخراط في الجهود البيئية التي ترفع مستوى وعيهم بالاستدامة وتحفزهم على تبنيها لتصبح منهجاً لحياتهم اليومية، ولنا من الخبرة وقصص النجاح العديدة في العمل مع الشباب من خلال مختلف البرامج التي صممناها خصيصاً لتناسب فئاتهم المختلفة، فعلى سبيل المثال حركة «من الشباب للشباب» والتي تضمنت الدفعة الأولى لسفراء الطبيعة من الشباب قبل عامين، ونعمل على إطلاق الدفعة الثانية، ضمن استراتيجية إشراك الشباب في COP28، ونخطط لسلسلة من التدريبات والبرامج للشباب مع شركائنا بهدف تنشئة جيل متميز من قادة التغيير.

ليلى عبد اللطيف: نسعى لتحقيق التناغم بين الإنسان واحتياجاته وتوازن الطبيعة

برأيك كيف يعزز المجتمع المدني من دوره في حماية الطبيعة؟

بصفتنا جمعية نفع عام نؤمن بأن تمكين المجتمع هو عنصر أساسي لتحقيق الاستدامة، فالإنسان هو هدفنا الأول والأساسي ونعمل دوماً يداً بيد مع الجمهور لرفع مستوى وعيهم بمواضيع التنوع الحيوي والتغير المناخي، كما ونستمع إليهم وإلى خبراتهم ونستفيد منها، فالمجتمع تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة ففيه الأم التي تستطيع أن تكون أكثر استدامة داخل بيتها وفي حياتها اليومية وتساعد أسرتها على ذلك بل وتؤثر في مدارس أبنائها ليكونوا أكثر استدامة، وهناك الموظف والمدير والقائد وغيرهم ممن يمكنهم أن يطبقوا مبادئ الاستدامة داخل مكان عملهم وأيضاً داخل بيوتهم وفي محيط مجتمعهم، وبهذه الطريقة يمكنهم تحقيق تغيير كبير وعلى نطاق واسع.

"غرفة الهروب" فرصة لتجربة الجهود العلمية المبذولة للتكيف مع تغير المناخ

تم إطلاق «غرفة الهروب من التغير المناخي- نسخة القرم»، ما الذي تقدمه وتسعى لتحقيقه؟

تعد تلك الغرفة باكورة سلسلة فعاليات الطبيعة والمناخ للشباب، والتي طورتها جمعية الإمارات للطبيعة بالتعاون مع هيئة البيئة- أبوظبي، لتوسيع نطاق العمل المناخي بين مجتمع النشطاء في مجال البيئة والمشاركين في برامج علم المواطنة في الإمارات طوال عام الاستدامة، وتهدف هذه السلسلة إلى ضمان مشاركة الشباب وأفراد المجتمع وتوعيتهم بشأن برامج المحافظة على البيئة حتى بعد اختتام COP28، وتقدم غرفة الهروب «الهروب من التغير المناخي- نسخة القرم» فرصة لتجربة الجهود العلمية القائمة على الطبيعة المبذولة للتكيف مع تغير المناخ، الأمر الذي سيوفر للمجتمع بأكمله فرصة لفهم مدى تعقيد المرونة المناخية والعمل بطريقة بسيطة وتفاعلية.

ليلى عبد اللطيف: نسعى لتحقيق التناغم بين الإنسان واحتياجاته وتوازن الطبيعة

أطلقتم برنامج «قادة التغيير»، بهدف تصحيح مسار العلاقة بين الناس والكوكب، ما طبيعة الخدمات المقدمة وعدد المنتسبين إليه؟

يعد هذا البرنامج نهجاً جديداً ومبتكراً للحفاظ على البيئة، إذ يجمع الأفراد والقطاع الخاص والهيئات الحكومية في الدولة للمشاركة معاً في إحداث تأثير نوعي وحقيقي على نطاق واسع لصالح الناس والكوكب معاً، فهو حركة منفتحة على جميع جوانب المجتمع، من أجل وضع الطبيعة على قائمة أولوياتنا وترسيخ روح الحفاظ على الطبيعة والاستدامة بداخلنا جميعاً، والتكاتف لمواجهة المشكلات البيئية، والمشاركة في إيجاد الحلول لها، وتنفيذ أنشطة فعالة بين أحضان الطبيعة، وتتيح المنصة الرقمية المميزة الفرصة للمشاركين للاختيار من بين فرص عديدة موثوقة للتدريب والتطوير، والحوارات التي تبحث عن حلول والأنشطة الميدانية جنباً إلى جنب مع فريق خبراء الجمعية، ولقد تم رسم نهج الحفاظ على الطبيعة التعاوني الشامل هذا لتوحيد المجتمع المدني، والمساهمة الإيجابية في مخطط الحفاظ على الطبيعة في الإمارات للسنوات الخمسين القادمة، وحتى اليوم لدينا حوالي 4000 عضو في البرنامج.

انتخبت رئيس مجموعة آسيا والمحيط الهادي الـ 25، التابعة للصندوق العالمي للطبيعة، ما الدور المنوط بكم في هذا الملف؟

مجموعة آسيا والمحيط الهادي الـ 25، هي شبكة مؤلفة من 25 مكتباً من مكاتب الصندوق العالمي للطبيعة وتهدف إلى تمكين النمو وفرص الابتكار، التي تعزز نتائج جهود الحفاظ على الطبيعة، إذ ننتهج أحدث الأساليب العلمية للتصدي للتغير المناخي، والتخفيف من حدته والتكيف معه.

ليلى عبد اللطيف: نسعى لتحقيق التناغم بين الإنسان واحتياجاته وتوازن الطبيعة

يكمن الهدف من التحالف الدولي للصندوق العالمي للطبيعة من تمكين الدول للوصول إلى «اختفاء الانقراض»، ما المقومات التي تعتمدون عليها لتحقيق ذلك؟

استراتيجية «اختفاء الانقراض» تحدد وتحمي الأنواع الرئيسية من الانقراض من خلال عكس التهديدات كالتلوث البلاستيكي والنظام البيئي، وننتهج أحدث الأساليب العلمية للتصدي للتغير المناخي، وأهمها الحلول المستندة إلى الطبيعة، إذ تعمل الدول الـ 25 معاً بشكل تعاوني لمعالجة المشاكل الرئيسية حتى تتمكن الكائنات الحية من العيش في حدود إمكانات الكوكب، فهدفنا هو تعزيز واستعادة النظم البيئية الطبيعية مع التنوع البيولوجي، إلى جانب المنافع الاجتماعية والاقتصادية، ولذلك نعمل مع شركائنا على تنفيذ المشاريع التي تعزز تنفيذ الالتزامات العالمية فيما يخص التنوع البيولوجي، وتحقيق إجراءات قائمة على العلم لإدارة، وحماية واستعادة النظم البيئية الحيوية.

ليلى عبد اللطيف: نسعى لتحقيق التناغم بين الإنسان واحتياجاته وتوازن الطبيعة

حدثينا عن هواياتك وهل هناك ما هو مرتبط بمجال عملك كأن تكوني من هواة التأمل في الطبيعة؟

نعم بالفعل هواياتي مرتبطة كثيراً بمجال عملي، فأقرب الهوايات إلى قلبي هي قضاء الوقت في الطبيعة، واستكشافها والتعمق في معرفة أسرارها والاستماع إلى موسيقاها، كما أحب التخييم والغوص.

ما الذي تطمحين إلى تحقيقه ويصب في مصلحة البيئة؟

أمنيتي هي أننا جميعاً كمجتمع نفهم ونقدر ونحترم ونتحرك باتجاه حقيقة لا خلاف عليها، وهي أننا جميعاً نعتمد على الطبيعة لبقائنا وازدهارنا وصحتنا واقتصادنا وكل شيء، فنحن كبشر نحتاج معاً إلى تغيير الطريقة التي نحيا بها وعلينا أن نتبنى ممارسات أكثر استدامة تظهر احترامنا لكل مواردنا وكل ما نملك، وأتمنى رؤية مجتمعنا متحداً على قلب رجل واحد من أجل تحقيق التأثير النوعي الحقيقي لمصلحة الطبيعة والإنسانية، مجتمعاً قوياً لديه كل الإمكانات التي يحتاجها لإحداث التغيير المطلوب.