عذاري السركال: الشغف بالبحث والابتكار دليل المرأة في رحلة الحفاظ على البيئة
قضيّتها تنصبّ في رفع الوعي العام بقضايا الاستدامة، همّها الشاغل تعزيز ثقافة المجتمع البيئية، نالت درجة الماجستير في الإدارة الهندسية بتقدير امتياز في جامعة أبوظبي، وهي خريجة برنامج (رائدات) للاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة التابع لـ«مصدر».. هي المهندسة عذاري السركال، أول صانعة محتوى إماراتية مختصة بالاستدامة، وعضو مجلس الشباب العربي للتغيّر المناخي، التقيناها لنكشف جانباً من شغفها بالطبيعة وسبب ارتباطها بالبيئة.
لك طفولة مختلفة عززت بداخلك الارتباط بالطبيعة، هل لك أن تطلعينا على الأجواء التي تربيت فيها وأثّرت فيك؟
تعلقت بالبيئة منذ طفولتي، إذ ساعد حرص جدتي منذ صغري على تسمية النباتات التي كانت تزرعها في حديقة منزلنا بأسمائنا، على لفت انتباهنا إلى أهمية البيئة في حياتنا، ودفعني ذلك نحو التطلع والبحث في مجالات الزراعة منذ الصغر، ومع الوقت، اندفعت بقوة نحو هذا الشغف، وأردت أن أتخصّص في هذا المجال، وسأظل أدافع عن البيئة، وأشعر بمدى المسؤولية التي تقع عليّ تجاه بيئتنا.
تعبّرين عن نفسك بكونك «صوت البيئة»، ما أهم إسهاماتك تجاهها؟
حبي للطبيعة ولّد داخلي مسؤولية كبيرة تجاهها، ودفعني كصانعة محتوى متخصصة في مجال الاستدامة أن أقوم بنشر كل المعلومات الجديدة والعلمية بشكل مبسط لتوصيلها لكل شرائح المجتمع، بجانب اشتراكي في الكثير من مبادرات البيئة المتعلقة بزراعة الأشجار، وصون الطبيعة بشكل عام.
كما أنني نجحت في تسليط الضوء على الكثير من القضايا المرتبطة بالتغيرات المناخية وتأثيرها في صحة الإنسان، والمخاطر التي تهدد القارة الأإفريقية، وطالبت بالحد من الصيد الجائر للطيور المهاجرة وحمايتها، بجانب المشاركة في قمة المناخ «COP28» في نوفمبر الماضي، بالإمارات، كما تم اختياري سفيرة للعمل المناخي ضمن برنامج سفراء العمل المناخي لصنّاع ومؤثري التواصل الاجتماعي، واختياري أيضاً في منصة «زايد الملهم» ضمن فئة القيادات النسائية، قائمة الملهمين، وتم اختياري باعتباري «قصة ملهمة» تُروى للشباب، ونموذجاً لشابة إماراتية يحتذى بها في التفاني، والإخلاص، والجد، والاجتهاد، لتحقيق الطموحات والأهداف المرجوّة في خدمة الوطن.
هل تتلخّص مشكلة البيئة في نقص الوعي المجتمعي تجاهها، أم هناك أسباب أخرى تضرّ بها؟
الوعي المجتمعي تجاه البيئة هو الجزء الأكبر من المشكلة، ودورنا كأفراد ينصب في الاهتمام بالترشيد الذي يقودنا إلى إحداث تأثير إيجابي في البيئة، وكوني صانعة محتوى أسلط الضوء على هذه النقطة عبر صفحاتي على وسائل التواصل الاجتماعي، فالوعي البيئي ضرورة قصوى لكل أفراد المجتمع، من كل الأعمار، والشرائح، والطبقات الاجتماعية.
هل وجدت تفاعلاً اجتماعياً بينك وبين الجمهور منذ أن بدأت فكرتك في صنع المحتوى البيئي؟
نعم، وأعتبر الجمهور الوقود الذي يدفعني للأمام، إذ أحرص دوماً على أن يكون المحتوى الذي أقوم بمشاركته مع المتابعين تفاعلياً، ودائماً ما أتناقش معهم حول اهتماماتهم البيئية، حتى أتحدث عنها، وأقوم بتوفير معلومات تصب في هذا الجانب، فالـ«سوشيال ميديا» أداة مهمة لرفع وعي المجتمع من كل الفئات، والحمد لله استطعت من خلال المحتوى الذي أقدّمه تغيير نظرة العديد من المتابعين من كل الدول عن أهمية البيئة، والكثير منهم يتواصلون معي لفهم بعض القضايا والمصطلحات البيئية، وكيفية مساعدتهم في الحفاظ على البيئة، من خلال تقديم حلول وأفكار يطبقونها، وجعلها منهج حياة.
كم يستغرق انطلاق فكرة وتكوينها وترجمتها على شكل محتوى مبسط يستوعبه الجمهور؟
هناك مراحل كثيرة قبل ظهور الفكرة في شكلها الأخير للمتابعين، ومن الممكن أن استغرق عدة أيام للبحث عن معلومة، وتوفير كل التفاصيل عنها، بجانب الوصول إلى مصادر المعلومة الصحيحة، ولا أبالغ لو قلت إنني أظل أياماً في الإعداد لأي محتوى، وأقوم بترجمة وقراءة الأوراق البحثية وتدقيقها قبل بلورتها في شكل محتوى رقمي، من منطلق إيماني بالمسؤولية، وبمدى الأمانة التي تقع على عاتقي لنقل مختلف المعلومات بشفافية كبيرة للجمهور.
التغيّر المناخي من أكبر التحديات التي تواجه العالم اليوم ومستقبلاً
كيف يؤثر التغيّر المناخي في نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية؟
يلقي تغيّر المناخ بظلاله المتشعّبة على مجمل نواحي الحياة، ويعتبر من أكبر التحديات التي تواجه العالم اليوم، ومستقبلاً، وتشمل التأثيرات الاقتصادية نواحي عدة، بينها الزراعة، والتجارة، والنقل والصناعات، أما النواحي الاجتماعية فتشمل التعليم الجيد، والصحة، وكلها أمور تؤثر فيها التغيّرات المناخية، بخاصة في الدول الفقيرة التي تعاني ضعف الإمكانات، وعدم التعامل بجدية مع هذا الملف، وجعله من أولويات الحكومات يُعد مشكلة كبيرة يدفع ثمنها الجميع.
من خلال اختراقك للكثير من القضايا البيئية، ما أصعبها وأكثرها تعقيداً؟
أصعب القضايا التي يجب على الجميع معالجتها، هي رفع مستوى الوعي المنخفض، لكونه هو أكبر المخاطر التي تواجه البيئة من قبل الإنسان، فالكثير من الممارسات التي يرتكبها البعض في حق بيئتنا وكوكبنا تأتي من عدم الوعي الشخصي تجاه أهمية الحفاظ عليها، وعلى مواردها الطبيعية، لذلك هدفي الأساسي هو زيادة الوعي وتثقيف المجتمع لحماية البيئة، فالإنسان بطبيعته يمثل جزءاً من النظام الإيكولوجي، وبالتالي فهو يؤثر من خلال أنشطته المختلفة في وظائف هذا النظام، وتسهم الممارسات البشرية الخاطئة في إحداث خلل في مرونته، لذلك يتوجب علينا رفع الوعي للحفاظ على كوكب الأرض ومواجهة مشاكلنا البيئية.
ماذا عن إسهامات المرأة في التوعية بأهمية البيئة، ودورها في نشر الثقافة الإيجابية تجاهها؟
إذا أردنا تسليط الضوء على عمل المرأة تجاه أي قضية، فيجب أن نتذكر مقولة المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، «لا شيء يسعدني أكثر من رؤية المرأة وهي تأخذ دورها المتميز في المجتمع، ويجب ألا يعيق تقدّمها شيء». وفي رأيي فإن للنساء دور ملموس في هذا المجال، فالشغف المستمر بالبحث والابتكار أجده دليل للمرأة في رحلتها لحماية البيئة، وكوني خريجة برنامج منصة «السيدات للاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة» Wiser، أعتبر أن هذا الوجود جزءاً من تعزيز مساهمة المرأة في بناء مستقبل مستدام، وإلهامها، وتحفيزها على الابتكار، ومنحها منصة لطرح آرائها حول قضايا الاستدامة. لقد ساهمت المنصة في تسليط الضوء على دعم المرأة لتكون مشاركاً فاعلاً في الجهود العالمية لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ.
ماذا عن طموحاتك في الفترة المقبلة؟
المساهمة في المسيرة التنموية للدولة، ووضع بصمة واضحة وبارزة فيها أهم طموحاتي، فهدفي في الحياة توعية المجتمع بأهمية المحافظة على البيئة، واستدامة الموارد فيها، وأن أسهم في مسيرة المرأة الإماراتية لبناء مستقبل مستدام، وملهم، ومبتكر.